في إطار المقالات السابقة التي كتبتها عن القرية ومشروع الريف المصري الجديد، تلقيت رسالة هي في مجملها عبارة عن دراسة مصغرة تمثل رؤية مبدئية لإمكانيات مصر في تنمية السياحة الريفية، بحيث يمكن من خلالها زيادة روافد السياحة المصرية التي تعتمد في مجملها على السياحة الترفيهية والشواطئ، والسياحة التاريخية والدينية، وربما سياحة المؤتمرات، وفي حالة التخطيط الجيد لقرى الريف المصري الجديد، يمكن إضافة البعد السياحي لها، وهو ما شرحته الدراسة التي أعدها الدكتور حاتم أبو عاليا، الباحث بالمركز القومي للبحوث الزراعية، وخلال السطور التالية سأعرض أهم الأفكار التي قدمها الباحث المصري لتنمية السياحة الريفية في مصر، ونشأتها على مستوى العالم. ربما يستفيد منها المخططون لمشروع الريف المصري الجديد. يقول الدكتور حاتم في مقدمة البحث:" ظهرت السياحة الريفية فى أمريكا وأوروبا منذ أكثر من مائة عام، كما اتخذت الحكومات فى نيوزيلاندا وأيرلندا واليمن وفرنسا وإنجلترا وألمانياوالصين السياحة الريفية كوسيلة هامة لاستقرار القرى وعدم هجرة القرويين إلى المدن، وفى اسكتلندا تشكل السياحية الريفية 20% من النشاط الاقتصادى، وقد أعطت هذه الدول للسياحة الريفية تأييدا سياسياً ومالياً كبيراً، وفى المقابل حصلت على مردودات وافرة من هذه السياحة، وفى المنتدى العالمى للجنة التعاون الاقتصادى والتنمية العالمية، والتى انعدمت بمقاطعة قويتشو الصينية انقضت الآراء على أن السياحة الريفية فى الصين يجب أن تشمل العادات والتقاليد الريفية والثقافة القومية الفريدة كروح للسياحة الريفية، كما حدد وى شياو- الباحث الاجتماعى الصينى- أن مواقع السياحة الريفية الصينية فى ضواحى المدن الكبيرة وبساتين الزراعة ذات العلوم والتكنولوجيا العالية والقرى الحديثة المتطورة اقتصادياً، والتى أصبحت مقاصد للتنزه عبر التنمية والقرى القديمة بعد تنميتها، والمناظر الزراعية الفريدة والمشهورة مثل حقول لوتغ شينغ المدرجة بمنطقة قوى لين، وحقول يوان يانغ المدرجة فى مقاطعة يوان نان الصينية، فالسياحة الريفية نشاط متعدد المظاهر، فهى تشمل إجازات ذوى الاهتمامات الخاصة، وأنشطة التجول، وركوب الدراجات، والسياحة الرياضية، والصيد والفنادق البيئية، وسياحة المزارع التى يرجع بداية نشأتها فى بريطانيا- والتى قامت لها منظمات تنموية- مثل مكتب إجازات المزارع وجمعية القرى الريفية لإجازات نهاية الأسبوع ووكالة التنمية الريفية، وسياحة المزارع فى أمريكا ترجع إلى ما تتمتع به من مقومات ترفيهية مثل مهرجانات الحصاد، والأنهار والبحيرات، والمنشآت الثقافية، وهدوء الريف وطبيعته الخلابة؛ مما ساعد على تحسين الاقتصاد المتذبذب فى عدد كثير من مناطق الزراعة الأمريكية.. وقد أجريت دراسة على مزارع الإجازات فى جنوبألمانيا عام 1996 فتبين من الدراسة أن مديرى المزارع يقومون بأنشطة ترفيهية ريفية، كالصيد وركوب الخيل والمسابقات الرياضة. أما فى مصر فمصطلح السياحة الريفية مازال غائبا عن أذهان الجميع، والتى من الممكن وجودها بسهولة فى المجتمعات الجديدة، التى تم استصلاح أراضيها حديثا، فيمكن تخصيص قرى فيها للسياحة الريفية على طراز قرى الحدائق التى أنشأها العالم البريطانى فى هاورد عام 1898 ، ويتم التخطيط لكافة الخدمات الصحية والترفيهية والثقافية، وذلك فى مزارع طريق القاهرةالإسكندرية الصحراوى، ومشروعات ترعة السلام ومشرعات تنمية جنوب الوادى، كما يوجد بمصر بحيرات، كقارون بالفيوم، والتمساح بالإسماعيلية، وادكو بالبحيرة، والبردويل بشمال سيناء، والبرلس بكفر الشيخ، وناصر بأسوان، ومريوط بالإسكندرية، والمنزلة بالدقهلية، والمرة بالإسماعيلية، وأيضا توجد كنوز مخفية فى الصحارى المصرية، مثل: نباتات الفرو البرية التى تزيد على 200 نوع، وتنتشر عبر الصحارى والواحات والحقول المصرية، موفرة مصادر متجددة من الغذاء والدواء لكل من الإنسان والحيوان، ولكنها حتى الآن لم تستغل الاستغلال الأمثل، بل إن كثيراً منها مهدد بالانقراض. وفي المقال القادم أستعرض معكم جوانب أخرى أكثر تفصيلا وردت بالبحث.