امتلىء احد الملوك غضبا من انتشار الشر فى مملكته فلم يعد يسمع الا عن القتل و السرقات و هجرت الكلمات الطيبه اذناه فقرر ان يخصص مكافاءه مئة دينار لكل من يعمل خيرا او يسمع منه كلمات طيبه وحاول الكثيرون ادعاء الصلاح و التظاهر بالخير لكنه كان يعلم حقيقتهم و انهم كاذبون مراؤن و بعد ايام تقابل عند اطراف مملكته مع عجوز لا يقل عمره عن تسعين عاما و كان يزرع نباته فساله الملك ماذا تزرع ؟ فاجاب شجرة زيتون فابتسم الملك بسخريه و ساله ثانيه لكن عفوا يا والدى فان شجرة الزيتون لا تات بثمر قبل عشرين عام و انت شيخ فرفع العجوز عيناه نحو الملك وقال واثقا ...تعبت اجيال قبلنا و جئنا على تعبهم و برغم رحيلهم لازال ثمر ما زرعوه باق و انا لست اقل منهم فاعلم انى سازرع ما ستحصده الاجيال الاتيه ووقتها قد يذكرنى احدهم بالخير و ان لم يتذكرنى احد فسيكافئنى الله على عمل الخير و ذاك سيكون افضل و انفع لى من اى كلمة شكر زائله ...فسر الملك من كلمات العجوز و امر رجاله ان يعطوه المئة دينار التى لم يكن يعلم عنها العجوز شيئا فتهلل الرجل و لولا شيخوخته كان سيقفز فتعجب الملك و ساله عن سر تهلله ؟فاجابه بان شجرة الزيتون تات بثمرها بعد عشرين عاما ولكن كلماته جاءت بثمرها بعد دقائق فسر الملك و امر رجاله ان يمنحوه مئة دينار اخرى فتهلل الرجل اكثر و اكثر فساله الملك ؟فاجابه بان شجرة الزيتون تطرح مره واحده كل عشرين عام وطرحت كلماتى مرتين قبل ان ينتهى اليوم فسر الملك ومنحه مئة دينار اخرى و بعدها اختفى من امام العجوز هاربا قبل ان يلمح على وجهه اى تعبير او يسمع منه شيئا فساله رجاله لما تركت الرجل الذى بحثت عنه زمنا يا مولانا؟فاجاب لو تركت نفسى لذاك الحكيم ساصير مع الوقت مثله لانى ساهبه كل ثروتى و اخسر المملكه ...فاختار الملك ان يعود لواقعه بكل القبح و الشر لان اغراء السلطه له بريقه فبعد دقائق انتبه لما يمكن ان يتنازل عنه لو اقنعه العجوز بكلماته فقرران يتناسى شجرة الزيتون ...فدائما ما تبدا الامور بالنوايا الحسنه و المبادىء الرفيعه و التفاؤل فمنذ ثلاث اعوام كان هناك لدى الكثيرين امال عريضه فى ان تطرح شجرة الزيتون و لكن الحقيقه لم تكن بحجم كل تلك الامال لانه دائما ما تكون هناك وراء الكواليس حقائق قبيحه و اطماع و تبادل مصالح و اغراءت و مخاوف والنوايا الحسنه لا تصنع مستقبل الشعوب فكان هناك يومارجلا استطاع ان يغرس فى العصر الحديث شجرة زيتون فى بلاد العم سام كان اسمه وليم بين واساءه جدا وهو رجل متدين ان يقتل كل يوم الهنود الحمر رجالا من البيض و ان يرد عليهم الطرف الثانى بالقتل ايضا فاشار على اصحابه ان يعقدوا صلحا مع الهنود و لكنهم رفضوا التعاون مع هؤلاء الهمج البدائيون و لكنه كان مصرا على ان يغرس شجرة الزيتون فجاذف بحياته و توجه الى الهنود الذين بدؤا فى حمل الرماح عندما لمحوه فاشار اليهم من بعيد بانه متجرد من اى سلاح و عندما اقترب اليهم التفوا حوله فى دائره فبدء حديثه بالود و اننا جميعا اخوه و اقنعهم بعقد معاهدة صلح تقضى بعقوبات متساويه للطرفين اذا تعدى احدهما على الاخر و العجيب انهم وافقوا ووقعوا على شروط المعاهده و عاشت تلك المقاطعه فى سلام وسط المقاطعات التى لم تهجرها رائحه الدماء و اطلقوا عليها اسم بن تكريما له و حرفت بعد ذلك لتصير بنسلفانيا اى غابات بن و استمر الحال هكذا اربعين عاما بلا دماء و لكن بعدها هبت الحرب الاهليه بوجهها القبيح و العنصريه و التى لاتبعد كثيرا عن ما نحياه من ارهاب و عنف و اهدار لكل الطاقات الايجابيه الخلاقه التى كانت ستكون يوماشجرة زيتون... منى عوض كاتبة روائية وباحثة فى التاريخ