القيادة المركزية الأمريكية تعلن عن تدمير ثلاث منصات لإطلاق صواريخ كروز للحوثيين في اليمن    «القاهرة الإخبارية»: حماس تعلن تعاملها بإيجابية في مفاوضات وقف العدوان على غزة    وزراء دفاع الناتو يجتمعون في بروكسل لمناقشة خطة لدعم أوكرانيا    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    الأرصاد: اليوم طقس شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 40    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    موعد مباراة إنجلترا وصربيا في أمم أوروبا "يورو 2024" والقنوات الناقلة    عقوبات صارمة.. ما مصير أصحاب تأشيرات الحج غير النظامية؟    «آخرساعة» كانت معهم| الحُجاج المصريين بخير.. وكل الأمور ميسرة    الوكيل: تركيب مصيدة قلب مفاعل الوحدة النووية ال3 و4 بالضبعة في 6 أكتوبر و19 نوفمبر    العراق.. استمرار حريق مصفاة نفط ببلدة "الكوير" جنوب غرب أربيل    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    مفاجأة.. لماذا تم رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب؟    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    رابطة الأندية تكشف حقيقة مقترح إلغاء الدوري بسبب ضغط المُباريات    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    "القاهرة الإخبارية": توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي غرب رفح الفلسطينية باتجاه الطريق الساحلي وسط إطلاق نار مكثف    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    حزب الله ينفذ 19 عملية نوعية ضد إسرائيل ومئات الصواريخ تسقط على شمالها    المفاجآت في قضية سفاح التجمع تتوالى| ارتكب جرائمه ببث مباشر عبر «الإنترنت المظلم»    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    بنك "بريكس" فى مصر    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    عماد خليل: تشكيل الحكومات يأخذ فترة من المشاورات لانتقاء أفضل العناصر    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    اليوم.. النطق بالحكم على 16 متهمًا لاتهامهم بتهريب المهاجرين إلى أمريكا    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كباريه مصر السياسي


حتي لا يلتهم (غول الإعلام) عقل البلد
الطوارئ والفساد والغلاء والأجور والمصريون في الكويت
هل لديك قليل من الصبر .. للدقة بعض كثير منه ؟.. أنا أتعشم في ذلك .. لأنه لو لم يكن لديك منه .. فلن تقرأ هذا المقال حتي نهايته .. وربما تملّ من احتوائه علي كثير من الوقائع.
كان يمكنني أن أقسمه .. أو أن أتناول الموضوعات المختلفة في مقالات متنوعة علي مدي أيام طويلة في الجريدة اليومية .. لقد كان هذا اختيارا لطيفا وغير مرهق .. يوزع الجهد علي عدة أيام .. لاسيما أن بعض القراء يتصور أن الكاتب (لا) يمكنه أن يجد يوميا ما يطالع به قارئه .. وهي مشكلة لا أعاني منها والحمد لله .. ليس لتميزي ولكن لأن في مصر تخمة من الملفات والقضايا التي تداهم أي كاتب يوميا .
لقد اتفقت مع السيد وزير الخارجية أن أجري معه حوارا مطولا .. وذهبت إلي مكتبه يوم السبت الماضي .. فيما كنت قد بدأت في عمود (.. ولكن) منذ يوم الأحد سلسلة مطولة اسمها (ارفع رأسك) .. لعلك كنت تتابعها بالفعل في الصفحة الأخيرة من روزاليوسف اليومية .. وفي مثل هذه الحالة كان إذا ألح علي أمر ما أريد أن أكتب فيه .. فإنني أبادر إلي ذلك في الصفحة الأولي .. لكنني كنت قد بدأت بالفعل في نشر حلقتي حوار الوزير .. بينما تنهمر الوقائع التي تستوجب التعليق والتحليل .. وكان أن تبلور هذا المقال من أجل المجلة.
من بقايا الأسبوع قبل الماضي كانت هناك الواقعة الإعلامية الصاخبة في حلقة (مصر النهارده) بين مرتضي منصور وأحمد شوبير .. ومالبث الأمر أن استدعي قرارا من وزير الإعلام بالتحقيق فيه .. ثم مناقشة ساخنة في مجلس الشوري. ومع بداية الأسبوع الماضي تفجرت واقعة ترحيل عدد من المصريين في الكويت بسبب تجمع لهم يؤيد المرشح (الافتراضي)، أو المغترب العائد، محمد البرادعي .. الذي يملأ فراغ أيامه باجتماعات ليس فيها جديد وتدوينات علي موقع تويتر .. ووعود بجولات .. بينما يعاني من خلافات من حوله لدرجة أنه قال لأدباء قابلوه : (لقد زهقت).
وصادفت بالمرة حديثا غريبا جدا يطعن في سمعة المشير عبدالحكيم عامر في برنامج تليفزيوني .. ويتجاهل أن القائد العسكري الراحل أيا ماكانت ملاحظتنا عليه كان أحد أهم ضباط ثورة يوليو .. ومن ثم قابلت موظفا من شركة (أمنيستو).. واحدا من بين الذين اعتصموا أياما طويلة، افتراشا للرصيف بجانب مجلس الشعب.. وكان يتساءل: لماذا لم يتم تنفيذ الاتفاق الذي وقعوه معنا لفض الاعتصام .. لقد مضي أربعون يوما ؟
وكان أن عقدت هيئة مكتب الحزب الوطني اجتماعا مهما مساء يوم الأحد الماضي .. وناقشت أمورا متنوعة .. ومهمة .. وتقرر أن تعقد قيادات الحزب اجتماعا مع رئيس الوزراء لكي تناقش معه مستويات الأجور .. وطالبوا الحكومة بأن ترد علي ما يثار في وسائل الإعلام .. بينما الحكومة في نفس اليوم كانت منشغلة في أمور مختلفة من بينها تنميه سياحة اليخوت (!)
وفي الطريق قرأت مقالا للكاتب يوسف القعيد تحت عنوان (هيكل وعز) في الزميلة «الأهرام»، وجدته يتطرق لأمر يتعلق بي .. ويقحمني في المقال دون أن يذكر اسمي بالطبع .. ثم عاد محمد البرادعي ليطل من جديد علي موقع تويتر مطالبا بأن يكون (الحلم صاحي).. كما لو أنه قد نام فجأة .. أي الحلم الذي يقصده .
أمسكت بورقة في منتصف الأسبوع، ووجدت أن أمامي علي الأقل عشرة رءوس موضوعات .. لو وضعت كلها علي جدول أعمال كاتب ولم يستبعد منها شيئا لاحتاجت إلي ما لا يقل عن أسبوعين من الكتابة اليومية المتواصلة .. ناهيك عما سوف يستجد .. وكان أن حضرت اجتماعا ثريا لأمانة الإعلام في الحزب الوطني مساء يوم الاثنين .. حيث تفجرت مجموعة إضافية من الموضوعات التي تستوجب نقاشا .
الاهتمام = صفر
في مساء يوم الأحد سألت قيادة سياسية، يدها علي نبض الشارع، فعلا وقولا، لدي صاحبها آليات حقيقية تمكنه من أن يتابع اتجاهات الناس .. قلت له : إلي أي مدي تجد صدي لما يدور من صخب بين النخبة والصحف ووسائل الإعلام في القاهرة بين الناخبين في الشارع؟.. فأجاب: «بكل ثقة معدلات الاهتمام تكاد تكون صفرا .. الواقع فيما بين الناس مختلف تماما والقضايا والأسماء المطروحة علي الناس في الدوائر ليست هي تلك التي يدور بينها الجدل صباحا في الصحف ومساء في البرامج».
كلامه صحيح . هذه قناعتي . لكن إجابته أكدتها لي . العامل الذي كان يكلمني علي أحد المقاهي في شارع قصر العيني بخصوص عدم تنفيذ اتفاق (أمنيستو) .. وهو من شبين القناطر .. لم يناقشني في أي شيء له علاقة بالإصلاح السياسي وتعديل الدستور .. وهو لا يعرف ما يدور علي شبكة «الفيس بووك» بين المتنافسين السياسيين .. فقط يريد أن أدعم مطالبه هو وزملائه بخصوص تنفيذ الاتفاق .. الذي مر عليه أربعون يوما.
وفي مصر من يحلل الأمر علي أننا بصدد فئة قليلة من الناس .. نختلف أو نتفق علي حجمها وعددها .. ربما كانت خمسة آلاف شخص .. وربما كانت ضعف هذا الرقم .. ولكنها في رأيي لاتزيد علي ذلك .. هذه الفئة هي التي تقود المزاج العام .. وهي التي تختلق إحساسا بين الناس بهول الأوضاع .. وبأن مصر مقبلة علي كارثة .. ولكن هؤلاء ليسوا علي تواصل مع الناس .. وليس بينهم وبين الشارع قنوات تنظيمية أو تفاعل حقيقي .. وقد يتابعهم الناس عبر الشاشات .. ولكنهم ليسوا علي استعداد لأن يستجيبوا لهم .. أو يقبلوا التحفيز بالتحرك الذي يدعونهم إليه .. ولذا من حين لآخر تجد بعضا من تلك الفئة القليلة يتساءل في إحباط: لماذا لايثور الناس؟.. لماذا لايتحرك المصريون؟
والفئة التي أعنيها تضم قائمة متنوعة من النخبة بكل تياراتها وما حولها .. مجموعة من المثقفين .. مجموعة من السياسيين .. مجموعة من الدعاة .. عددا من أعضاء مجلسي الشعب والشوري .. عددا من قيادات الأحزاب .. عددا من الكتاب والصحفيين .. عددا من المنتسبين لحركات الاحتجاج .. عدداً من الفنانين .. عدداً من الأدباء .. عددا من رجال الأعمال .. عددا من الحقوقيين .. عددا من قيادات المنظمات غير الحكومية .. وبالتأكيد عددا من الإخوان والسلفيين .. وكثيرا من المحامين .. وما شابه ذلك .
لا أريد أن أعود بك إلي حديث قديم تناولته من قبل حول الأمراض السقيمة للنخبة في مصر .. والفجوة الهائلة بينها وبين ما يدور بين الناس .. ولكنني أريد أن أخلص إلي أننا بصدد (كباريه سياسي) مصري كبير يتسع لكل هؤلاء.. لم يرتق لأن يكون مسرحا .. كل منهم يدخل إلي الخشبة لكي يقوم بأداء دور ما .. وفق ما يتراءي له .. ليس هناك نص يلتزم به .. كل لاعب يؤدي موقفا كتبه هو أو كتبه له آخرون من داخل أو خارج مصر .. لا يستمع لغيره .. وإن تحالف مع آخرين وتصارع مع غيرهم .. نص ليس له مخرج يديره .. والجميع يتصارع علي قدر الإضاءة التي يريدها .. ويريد أن ينال تصفيق الجمهور أو علي الأقل لفت أنظاره .. أو أن يصبح هو مخرج العرض وقائده.
ومن ثم تري في هذا المشهد العبثي: خناقة بين اثنين من البلطجية .. سياسيا يلقي «مونولوج بايت» .. آخر يلعب دور راقصة .. مغنيا هابطا يمتدح الحشيش .. عابر سبيل ينقط مطربا درجة ثالثة .. عراكا يؤدي إلي تحطيم بعض الزجاجات.. روائح تزكم الأنوف تشير إلي تفاعلات كيميائية عطنة .. شلة من الأثرياء الجدد يسهرون استمتاعا بتشجيع كل هذا التدني .. بل وداعية يدخل الكباريه لكي ينصح كل هؤلاء .. لكنه يشارك مَنْ فيه ما يفعلون (!)
والجمهور مهتم . ولكنه فقط يتفرج . لايشارك في اللعبة . يتابع فعلا .. ويتأثر مزاجه العام .. لكنه ليس مستعدا لأن يترك مقاعد المتفرجين .. مهما جري بين اللاعبين من أحداث قد تكون قاسية وشرسة.. فهو في النهاية كباريه وليس مسرحا .. وفي أحيان كثيرة تختلط علي الجمهور الأمور .. فيخرج من القاعة ثم يعود لكي يجد أن اللهو لم يزل دائرا.. ذلك أنه يعمل بلا توقف .. لا الممثلون ولا الراقصات ولا المنولوجيست يملون .. ولا هم يدرون إلي أي نهاية درامية يذهبون .. ولا الجمهور يتوقع أن تنتهي الأحداث.
لوبي البرادعي في الكويت
بالمقياس السياسي، نحن أمام حالة غريبة جدا وليس لها نظير .. فيها الكثير من الإعلام والتمثيل .. والقليل جدا من السياسة .. السياسة تتجسد حين يكون هناك تفاعل بين ما يدور علي «المسرح المحترم» وبين المتفرجين .. حين يكون المسرح المحترم بعرض البلد .. يتميز برقي القيم .. وحين يكون المتفرج فاعلا .. وصاحب دور .. وليس مجرد متابع .. ولكن لا أحد استحثه لكي يشارك عمليا .. ولا الموضوع الذي يتابعه يتعلق بمصالحه.. ومعضلته أنه متورط معنويا فيما يدور من خلال المتابعة.
بل إن (اللا أخلاقي) في المسألة برمتها أنه يتم في كل الأحيان استخدام المتفرجين لصالح تحقيق فوائد لأعضاء الفئة القليلة .. ومن أجل تحقيق نفع نوعي ومؤقت لهذا اللاعب أو ذاك . مثلا، في مسألة اعتصام عمال (أمنيستو)، نام المعتصمون علي الرصيف أياما طويلة، كانت الكاميرات تستخدمهم لملء مساحات متنوعة علي الشاشات في برامج المساء لأكثر من أسبوعين .. ومن المدهش أنهم كانوا يرتاحون «العمال» علي المقاهي ليلا لمتابعة ما نقل من مشاهد تصورهم .. ثم يعودون للنوم علي الرصيف .. ودق الطبول في الصباح .
وتداخل في الأمر عدد من أعضاء مجلسي الشعب والشوري علي سبيل المزايدات الانتخابية .. ولتحقيق فوائد سياسية .. ولما تم التوصل لاتفاق يقضي بفض الاعتصام مقابل صرف تعويضات للعمال من بنك مصر الذي يدين له المستثمر السوري الهارب عادل الأغا.. كان أن نسي الجميع الأمر .. الجميع.. ولم يتابع أحد تنفيذ الاتفاق وبقي العمال بعيدا عن المشهد .. لأن أغلبهم من خارج القاهرة.. ولأن الكاميرات لا تذهب إلي هناك.. ولأن الفئة المسرحية بحثت عن أمر آخر يشغلها في «الكباريه» ليس فيه تحقيق مصالح العمال .. فقد كانوا مجرد لعبة مؤقتة في المسرحية.
لماذا نذهب بعيدا؟.. انظر إلي ما جري في الكويت .. حيث تم ترحيل مجموعة من المصريين كانوا يجهزون لتشكيل ما وصف بأنه جمعية لتأييد البرادعي .. وهي مسألة تحتاج إلي نظرة متعمقة في الأمر.
في الكويت ما يفوق نصف المليون مصري .. لا يوجد لدي أحد رقم دقيق .. ربما كان الرقم أكبر من هذا .. وهي عمالة تتميز بالتنوع من حيث كونها تضم أيدي عاملة عادية تعيش في مناطق «خيطان» و«حولي» و«الجهراء».. وفئات مهنية واحترافية مميزة يؤجرون أفخم الشقق في السالمية والشويخ وما شابه من أحياء راقية.. عمال مقاولات ونظافة ومدرسون ومحاسبون وأطباء ومهندسون وقضاة .. خيرة من أبناء مصر الذين يتمتعون بالاستقرار المالي والذين توجد فيهم نسبة غير قليلة من المقيمين منذ سنوات بعيدة جدا.
وفي الكويت، ربما أكثر من غيرها من دول الخليج، باستثناء السعودية، تنوع رهيب في الجنسيات التي تعمل علي أرضها من بلدان مختلفة .. ويقتضي الأمر من السلطات الكويتية أن تحافظ علي توازن دقيق فيما بين هؤلاء جميعا .. وفيما بين المجتمع الكويتي الذي يموج أصلا بتفاعلات شديدة الصخب .. علي خلفية المناخ الديموقراطي المثير الذي تعيشه الدولة الشقيقة.
هذه التركيبة الاجتماعية تقتضي من السلطات الكويتية، وبدون وازع من أحد سوي مصالحها، أن تحرص علي المتابعة الأمنية في مختلف الاتجاهات لما يدور بين الجنسيات المتعددة التي تعيش علي أرضها .. فهي مثلا لم تسمح بأن تؤثر التقاطعات السياسية اللبنانية علي من يعيش علي أرضها من اللبنانيين وهم كثر .. وهي لديها خطوط تماس بين المذاهب والعقائد .. سواء فيما بين مواطنيها أو ما بين من يقيمون علي أرضها (لديها شيعة وسنة وكاثوليك وأرثوذكس وإنجيليون وهندوس وبوذيون وبشر لايعرفون الدين).. وهي علي مرمي حجر من العراق وإيران .. وقد عانت من قبل من وضعيتها الجغرافية حين غزاها صدام حسين وحين اضطرت إلي إبعاد عدد مهول من الفلسطينيين كان أن ساندوا في سنه 1990 قوات الغزو العراقي .
ماذا يريد (البرادعيون) من العبث في هذه التركيبة ؟.. هل مثلا انتهوا من حشد كل المصريين في داخل البلد ومن ثم فرغوا لكي يتوجهوا للخارج بحثا عن تأييد بين المصريين العاملين في دول الخليج .. هل تخيلوا مثلا أنهم بافتتاح مقر في الكويت سوف يحشدون المصريين هناك وراء مطالبهم، بينما هم في الأصل لم يتمكنوا من أن يفعّلوا أي فرع للجمعية داخل مصر ؟.. إلي أي مدي يمكن أن يفيدهم (لوبي) من بضعة أشخاص في الكويت ؟.. ألم يكن هذا كله سوي استخدام من قبل المحيطين بالبرادعي لعدد من الأبرياء الساذجين الذين لم يعرفوا أنهم يخالفون قواعد الدولة التي يعملون فيها ؟.. ثم هل كانت هناك أصلا جمعية تتأسس في الكويت .. أم مجرد اجتماع في مقهي مركز سلطانة (مول تجاري يشبه مول كارفور في المعادي وإن كان علي ضفاف الخليج)؟
لا يوجد موضوع سياسي .. ولكن انتهازية إعلامية .. ومجرد فرقعة .. زاد من حجمها أن السلطات الكويتية أرادت أن تقول أنها لا تقبل هذه الممارسات في أرضها .. وأنها ليست مضطرة لأن تنقل الصخب المصري بين المصريين العاملين علي أرضها .. وبعد استثمار الأمر إعلاميا فإن المصريين (الغلابة) الذين عادوا من الكويت لن يتبقي لهم إلا عبارة عابرة قالها البرادعي علي موقع (تويتر) لا تسمن ولا تغني من جوع .. قال فيها (ترحيل المصريين الذين اجتمعوا في الكويت بطريقة سلمية هو أمر جائر .. أدعو إلي عودتهم بطريقة سلمية).
ماذا بعد أن دعا إلي عودتهم؟.. لا شيء .. من استجاب له؟ لا أحد .. ولماذا أصلا يستجاب له؟.. وماذا بعد أن تحدثت الصحف الخاصة عن الأمر ؟.. لاشيء .. بل إن عددا من المنابر الإعلامية الخاصة وفي معرض غيها وتعاملها الانتهازي مع المسألة راحت توجه انتقادات إلي الدولة الشقيقة دون تفهم لمبرراتها .. وبما يضر بالعلاقة الوطيدة بين البلدين.
تري كيف سيكون الحال في دولة عربية أخري ؟ .. هل كان يمكن للمحبذ علي هذه الفعالية البرادعية - أي المذيع السابق حمدي قنديل - أن يدعو لأمر مماثل في سوريا؟ .. هل يمكن أن يدعو له في ليبيا؟ .. هل يمكن أن يدعو له في العراق؟ .. هل يمكن أن يدعو له بين المصريين في الجزائر ؟ وهل يضمن البرادعي ومن حوله لهؤلاء المبعدين وغيرهم فرص عمل بديلة مقابل تأييد مطالبه ؟.. إنه من الأصل لم يطرح علي المجتمع تصورا لحل مشكلة البطالة .. فكيف به يزيد عدد العاطلين ببضعة أشخاص وقد كانوا يعملون ولديهم دخل ثابت.
الانتباه لايعني الاهتمام
واقعيا لم تحقق هذه (العبثية البرادعية) فائدة سياسية له أو لمن معه .. مجرد مجموعة من الأخبار استفاد بها في الترويج لنفسه .. وإن خسر الآخرون .. الغلابة .. تم استخدامهم وانتهي الأمر .. سطر من 140 حرفا علي موقع (تويتر).
في جانب آخر، كان أن تفجرت في المجتمع كله تقريبا حالة صخب مهولة بشأن (مهزلة مرتضي وشوبير)، تلك التي وصفها وزير الإعلام نفسه في اجتماع خاص في بداية الأسبوع مع فريق برنامج (مصر النهارده) وعدد من مسئولي الإعلام بأنها (فضيحة بكل المقاييس) .. حيث وجّه لوما عنيفا لكل المشاركين فيها .. وهو الأمر الذي أصبح فيما بعد موضوعا للانتقاد الحاد في مناقشات مجلس الشوري يوم الاثنين الماضي.
موضوع آخر انشغل به وله المجتمع.. ناتج من صناعة الإعلام .. وليس من صناعة تفاعل حقيقي في المجتمع .. والفضيحة الأخيرة لم تكن سوي فصل الذروة في المسرحية .. فمن قبل برنامج (مصر النهارده) كانت مجموعة ضخمة من البرامج والصحف قد تناولت الأمر .. وفتحت المساحات للطرفين (مرتضي وشوبير) .. وبما فيها المساحة الخاصة بشوبير نفسه في قناة الحياة .. قبل أن يتركها .. وتم تبادل الشتائم والاتهامات .. وتحول الأمر إلي مأساة بكل المقاييس بدون ضابط أو رابط.
تحليل الموضوع، وصولا إلي فضيحة (مصر النهارده) يقود إلي أمور مختلفة .. يقود مثلا إلي أن الإعلام كله - عام وخاص - يضلل المجتمع .. فهو يعطي وقتا وجهدا وجدلا لأمور ليست لها قيمة حقيقية .. ويستمرئ هذا .. إلي أن تنفجر البالونات في وجهه .. ولو تم حساب التكلفات التي أنفقت علي هذا الموضوع إعلاميا لتبين أنها طائلة في حين أن الموضوع لا قيمة له علي أجندة المجتمع .. اللهم إلا إذا كان نوعا من التسليات والنميمة .. التي جرفت في طريقها قواعد المهنية وأصول الأخلاق وسمعة أحكام القضاء وسيرة أعضاء في مجلس الشعب وأعراض الناس.
والإعلام، باعتباره (غول) يبحث عما يسد معدته الهائلة كل ليلة، بحثا عن المال (حجم سوق الإعلانات 5.2 مليار جنيه) وبحثا عن الشهرة ولفت أنظار الناس، لا تعنيه هنا مهنية ولا أخلاقيات، ولا أي اتباع لأي معايير،(حالة تسابق) أشار إليها مجلس الشوري .. وبالتحديد رئيسه بينما كان يطالب بميثاق شرف جديد للإعلام ينهي هذا التسابق بين الفضائيات . غير أني أضيف أن التسابق ليس مقصورا فقط علي القنوات وإنما أيضا بين الصحف .. وهي بدورها تحتاج إلي ميثاق شرف .. تكون له مصداقية وتفرض آلياته وتطبق .. فلا يكون مجرد حبر علي ورق.
الإعلام، بحالته كلها، ووسائله كلها، ليس لديه مانع من أن يرسخ حالة الكباريه، لا فرق لديه بين مرتضي منصور وبين محمد البرادعي، بين أحمد شوبير وبين أيمن نور، المهم أن يكون هناك موضوع مطروح يعتمر بالسخونة وقادر علي تحقيق الجاذبية .. ولولا أن ثقافة المجتمع تمنع هذا، لكنا قد شهدنا علي تلك الشاشات المتصارعة والصحف المتطاحنة عريا وغير ذلك.
إن هذا هو ماحصدناه من حالة الحراك السياسي والإتاحة التي سمحت بكل الحريات الدستورية .. فأخذنا فقط منها (حرية التعبير) في أسوأ صورها .. وتناسي المجتمع، وتجاهلت ذلك النخبة المسرحية في الكباريه، أن الحراك يعني تطوير السياسة والتنافس بين السياسات .. لكن السياسة مرهقة .. عمل وتعب واجتهاد .. وحرية التعبير ليست سوي عروض من الكلام.
وقد تفجر واقعة (مرتضي وشوبير) ملاحظة مهمة جدا .. وهي أن المجتمع كله رفض ما جري في برنامج (مصر النهارده) .. تلك التي قضت علي سمعته بينما عمر البرنامج لا يزيد علي شهر .. ولكن جميع فئات المجتمع لم تحول المؤشر عن القناة الثانية التي كانت تذيع الحوار المقيت .. الكل تأفف .. لكنه تفرج .. الكل غضب .. لكنه شاهد .. وهو ما يطرح علينا تساؤلا جوهريا حول ما إذا كان التعبير عن الانتباه يعني اهتماما فعليا وقبولا حقيقيا بالفعل أم أنه لا يعني ذلك علي الإطلاق .. وليس هذا بعيدا مثلا عما يقال أنه انتباه بحالة البرادعي .. هو شخصيا يري أن لديه 200 ألف مهتم علي موقع الفيس بووك .. فهل هذا يعني اهتماما به ؟!
نفس الواقعة (مرتضي وشوبير)، أظهرت نتيجة مهمة للغاية من خلال تعليقات المواطنين العاديين .. وهي أنهم لاينتظرون هذه البضاعة الإعلامية الغثة من تليفزيون الدولة .. وقد قال لي كثيرون، وأظن غيري سمع هذا، أن ذلك العبث يصلح أكثر للقنوات الخاصة .. ما يعني أنه رغم انخفاض نسبة المشاهدة للقنوات الحكومية إلا أن المشاهد لم يزل ينتظر منها ألا تنجرف إلي قيم القنوات الخاصة .. ومن ثم فإن عليها أن تقود هي الساحة بدلا من أن تجري وراء ما فيها . أن تكون رائدة وقائدة. وهو ما يعني أيضا أن المشاهد لا يعطي درجة عالية من المصداقية لما يدور في القنوات الخاصة .. ويري فيها عبثا .. حتي وإن تابع .. حتي وإن انتبه .. لكن هذا لا يعبر عن اهتمام حقيقي.
وذات (المهزلة) كشفت أن المهنية هي الحصن الأول .. وإن تجاهلها، عمدا أو عن عدم قدرة، قد يتم التغاضي عنه.. وقد تغطيه (الفهلوة).. ولكن هناك لحظة تحين في أي وقت .. تنكشف فيها المستويات الضعيفة .. وتكون هي سبب الكارثة .. ويدرك الجميع أنهم كانوا أسري نماذج إعلامية تعتمد علي الثقافة الشفوية .. خاوية .. هشة .. حين واجهت «تلك النماذج» موقفا عصيبا كان أن فرت.. وتسببت في مأساة تحدث عنها المجتمع كله .. وتبين له أن المشكلة لم تكن في الكلام المتداول علي الشاشة .. بقدر ما كان في المذيع الذي لا يدري ماذا يفعل .. وهذا مثله علي الساحة عشرات من الفارغين وإن كانوا يتراقصون علي المسرح.
شهود يجب ألا يشهدوا
وفي الكباريه تدوس الأقدام كل شيء .. وأي شيء .. فاللاعبون ليسوا سوي مجموعة من الأنانيين .. الذين يعاني أغلبهم من نرجسية مذهلة .. وكما يتم تحويل عمال «أمنيستو» إلي مجرد وقود في ماكينة اللغو الليلي إلي أن يتم استنفاد عظامهم بحثا عن غيرهم .. وكما تم التهام أعراض الناس في حلقة برنامج «مصر النهارده» .. فإن الشخصيات التاريخية تجد نفسها منتهكة من قبل من لا يجوز لهم التقييم.
الإعلام أيضا هو الذي جعل موضوع المشير عبدالحكيم عامر، وزير الحربية إبان هزيمة 1967، مطروحا للنقاش، وليت هذا من خلال مناقشة تقييمية علمية لدوره في الحرب .. وإنما من خلال تناول سيرته الشخصية .. ومن علي تلك المنصة يتم تحميله بكل ويلات الهزيمة .. كما لو أن عبدالحكيم عامر كان هو الهزيمة وحده ولم تكن هزيمة نظام .. وكما لو أنه كان هو الخاسر فقط .. وكما لو أنه لم يكن أحد أبرز الضباط الأحرار الذين شاركوا في صنع الثورة .. لولا نهايات صراع الحكم.
المنتج الفني المعروف ممدوح الليثي، علي سبيل المثال، أجري مداخلة تليفونية علي برنامج كان ضيفه هو ابن عبدالحكيم عامر، ولم يكن الليثي مقدرا لملاحظات ابن المشير، ومن ثم راح يمارس نغزا شخصيا في أبيه، كما لو أنه ليس من حق الابن أن يدافع عن سيرة والده .. وكما لو أن جميع سير كل البشر تخلو من نقصان ومثالب الجميع يعرفها .. وكما لو أنه قد صدر قرار سينمائي بتحويل عبدالحكيم عامر إلي كبش فداء متجدد .. ويكون هذا هو حكم الإعلام علي ما جري في 1967 .
وليس ما قاله الليثي ببعيد عما قاله محمد حسنين هيكل، في قناة الجزيرة قبل أسابيع حول المشير وسيرته، ومن وقتها كان أن انجرفت مجموعة من الصحف المتحركة بتوجيه من هيكل في ذات الاتجاه .. وكان أن وجدت أسرة عامر نفسها بصدد الدفاع عن سمعتها .. المنتمية لسمعة المشير الراحل .. الذي امتنع عن الحكم عليه في ضوء أن الحقائق المتاحة ناقصة بالتأكيد، وهي لم ترو إلا من جانب أبواق الرئيس عبدالناصر حين كان حيا وبعد أن مات.
وحالة هيكل نفسها مسئولة عما يجري في ساحة الإعلام في مصر .. هو نفسه وعلي مدي السنوات الماضية خلق مناخا سلبيا بمجموعة من الترهات السياسية التي طرحها وجمع حولها مجموعات من الناس .. وراحوا يلوكون فيها .. إلي أن جاء محمد البرادعي لكي يسحب منه البساط مؤقتا .. وفي هذا السياق من اللافت جدا إصراره علي إخلاء الساحة للبرادعي .. وعدم تعليقه علي فعاليات الأخير .. كما لو أنه لا يريد أن يقاطعه.. يترك له فرصة إلقاء المونولوج.. إن البرادعي هو إحدي نتائج صناعات الكاتب الشفوي محمد حسنين هيكل.. ولكن هيكل لن يطيق صبرا علي هذا الاستعراض المنفرد .. وسوف يظهر لكي يقاطعه ويقول إنه موجود .. حتي وإن بدا مؤيدا له.
و(حالة هيكل) ليست سياسة، هي (حالة كلام)، أو (حالة ثأر وتأليب)، استمرار لنهج التضليل الذي مارسه منذ بداية الستينيات .. وقد دونت في ذلك المعني الكثير .. بدوافع شخصية .. وبدون أن تكون وراء ذلك أية مبررات أيديولوجية .. ولم يكن هناك غيري يفعل ذلك طيلة ثلاثة أعوام .. قبل أن يظهر عدد من المعلقين علي الساحة - كانوا يهاجمونني لأنني أنتقد هيكل - ثم راحوا ينتقدونه.
وبالتالي فإن مقال يوسف القعيد (هيكل وعز) في الأهرام يوم الاثنين الماضي، كان نوعا من الثأر لصالح هيكل في اتجاه الحزب الوطني متجسدا في شخص أحمد عز، إذ تصور الكاتب أن ما كنت أكتبه ولم أزل أومن به، كان بتوجيه من الحزب الوطني الذي أنتمي إليه .. وبمنتهي الالتباس الذي لا يجوز لكاتب في سن يوسف القعيد أن يسوقه فإنه راح يطلب من أحمد عز أن يعتذر بداية لهيكل عما كتبه رموز من الحزب ضد هيكل قبل أن ينقل استشهادا عنه في مقال نشر لأحمد عز في الزميلة أخبار اليوم .
هذا المشهد، لايعنيني الانشغال به لأسباب شخصية فحسب، ولكن لأنه يقود إلي معانٍ تخص الحالة المسرحية العامة .. إذ عبر يوسف القعيد عن نوع من المتواجدين في بعض زوايا المسرح.. كومبارس بين المجموعات.. وتكون وظيفتهم التصفيق والتهليل بالتقديس لعدد من اللاعبين في المقدمة .. ومن المدهش أنه قال أنه لايجوز أن يقرن لقب الأستاذ إلا باسم محمد حسنين هيكل .. وأنه حين يقال الأستاذ، فإنه لابد أن تكون الكلمة تعني هيكل وحده.
(الصَّيِّيتَة)، الذين يخلقون هالة صوتية حول بعض الأسماء مثل هيكل، مرض سقيم في مسرح مصر .. يمارس نوعا من ال(غلوشه) علي المشاهدين لكي لا يقيموا الفعل المرئي بالطريقة الواجبة .. بالضبط مثل الحاوي الذي تحيطه لعوبات يحمن من حوله حتي لا ينتبه النظارة إلي الأساليب التي يتبعها في ممارسة ألاعيبه .
وفي ذات الواقعة ما يشير إلي واحدة من الملاهي التي تمارس علي المسرح تلفيقا .. فالمقال الذي كتبه يوسف القعيد هو جزء من حملة تراكمية متتابعة يتعرض لها أحمد عز لأنه وقف في لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشعب وقال إن مصر لن تخوض حروبا ولن تتنازل عن سلامها مع إسرائيل .. وأن عليها أن تجسد مبدأ مصر أولا بمعنيين .. الأول أن تحقق مصالحها الوطنية .. والثاني أن تكون في الصدارة حين تكون هناك حرب بشرط أن يشارك فيها كل الأشقاء العرب كل بقدره وليس أن تحارب وحدها .. وفيما بعد في مقاله هذا في «أخبار اليوم» كان أن دافع عن مبدأ أن قوة مصر الاقتصادية سوف تكون أكبر سند للقضية الفلسطينية.
أما مربط الفرس في تلك الملهاة فهو أن المنسوب لأمين التنظيم في الحزب الوطني وتسبب في الحملة عليه هي الادعاء بأنه قال إن مصر لن تحارب إلا إذا دفع الأشقاء العرب لها .. وهذا ما قاله تقرير إخباري خاطئ .. بنيت عليه الحملة كلها .. مرة أخري تطل عمليات التضليل واللا مهنية إلي الساحة .. فهي ضيف مقيم.
حالة الطوارئ .. والصَّيِّيتَة
و(الصَّيِّيتَة) لهم دور آخر في المسرح، يتجاوز حدود لعب دور صدي الصوت وراء بعض الأشخاص .. إلي أن يكونوا مسوقي أفكارهم .. يرددونها كالأغاني .. أحيانا دون أن يدروا .. فتتحول بعض الشعارات في الشارع كما لو أنها أغاني (أبوالليف) التي ضربت في سباق الأغاني .. وكما يعرف الجميع فإن (أبوالليف) لم يكن الظاهرة الأولي من نوعها في عالم الأغاني التي تحطم الآفاق فجأة في مصر لكنها لا تعبر عن ذوق حقيقي .. قبله كان شعبان عبدالرحيم .. وسبقه عبدالباسط حمودة .. وحسن الأسمر .. وقد دخل هؤلاء المسرح دون أن يدروا .. ثم خرج أغلبهم دون أن يعرف السبب أيضا.
(الصَّيِّيتَة)، في مسرح يتميز بكثير من الإعلام الصاخب وقليل من السياسة .. إن لم تكن نادرة، يقومون الآن بإقناع النظارة، المواطنين، أن معضلة المجتمع سوف تنتهي حين يتم تعديل الدستور .. وحين تتغير المادة 76 وحين تتبدل المادة 77 .. وحين يتم رفع حالة الطوارئ. هذه مطالب يجوز أن نتجادل فيها .. ولكن إلي متي ؟.. سوف يتمسك كل طرف بوجهة نظره .. ومن ثم لايكون هناك حل إلا اتباع الوسائل القانونية للحسم .. والمضي عبر الآليات المفترضة .. ولكن لأن الجميع يلجأ إلي الإعلام وليس إلي السياسة .. وأصبحت الصحف بديلا للأحزاب .. والمحطات الفضائية عوضا عن المؤتمرات الجماهيرية .. فإن الكثير من المتراصين في الكباريه يعتقدون أنه يمكن اصطناع القرار من خلال التظاهر فوق الخشبة .. وإيهام المشاهدين أن هذا الذي يدور فوق هو الذي يجب أن ينشغل به من هم تحت .. ولا داعي - بالتالي ووفق المنطق المغلوط - إلي اللجوء للآليات القانونية.
الفئة القليلة - ليتها نخبة حقيقية - لا يمكن لغالبيتها أن تقوي علي اختبار آليات القانون .. ليس لأنه قاسٍ وصعب .. ولكن لأنهم لا يمتلكون المقومات .. ولأن العنب البعيد حصرم .. فإن هذه الآليات توصف بأنها (جائرة) .. ويفر منها غير القادرين بأن يدعوا أنها غير معترف بها .. لعبة خطرة .. لو استمرت فإن هدفها هو هدر مصداقية القانون .. وإنهاء قيمته .. ليس لأنه يستأهل ذلك .. وإنما لأن هؤلاء يريدون أن يفرضوا (شرعية الكباريه).
لن أخوض في تفصيلات واعتراضات علي تعديل الدستور .. ولكني سوف أذهب إلي القبول بمنطق وجوب التعديل .. وأن البلد سوف يشرق غدا كله علي أسعار منخفضة لو تم تعديل المادة 76 .. وأن الطائفية سوف تنقضي حين يكون ممكنا تأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار .. وأن زحام مرور القاهرة سوف يذوب فورا حين يتم تعديل المادة 77 .. سوف أفترض هذا استجابة لفعاليات المسرح وما يردده (الصَّيِّيتَة).. إذن كيف تتم التعديلات .. هل بمجرد أن يطالب بذلك بضعة آلاف من الأشخاص .. أيا كان من يقودهم .. كيف يتعدل الدستور ببضع مئات من التوقيعات الإلكترونية في بلد ترتفع فيه نسبة الأمية .. ومن الذي يضمن موثوقية هذه التوقيعات .. هل يكون دستورنا ابن التنافس بين الممثلين علي المسرح .. أي لهو هذا !
ومن المدهش في هذا الصخب أن تجد صوتا، لا هو من (الصَّيِّيتَة) ولا هو من النظارة ولا يفترض فيه أن يكون بين اللاهين علي المسرح، فجأة يخرج بين الناس لكي يطالب بالاستجابة لبعض ما يردد اللاهون علي المسرح .. لكي يهدأ المتصاخبون .. وينال النظارة إعجابهم .. توهما منه أن علينا أن نستجيب لمحترفي الصخب .. وأن علينا أن ننال رضاهم .. في حين أن عليهم هم أن يجتهدوا لكي ينالوا إعجاب الناس وليس العكس .. إنها حالة نشأت بين بعض أصحاب العقول المترددة .. الذين توهموا أن ضجيج الإعلام هو فعل السياسة في حين أنه ليس أكثر من صخب. في هذا السياق تدهشني جدا الدعوات المتسرعة والمطالبة بإنهاء حالة الطوارئ فورا وقبل أن يتم سن قانون مكافحة الإرهاب .. وتصوير تحقيق هذا الأمر كما لو أنه سوف يقضي علي صخب المسرح .. وكما لو أن الحياة كلها سوف تتغير حين يعلن فورا عن إنهاء حالة الطوارئ .. وربما انخفض سعر كيلو اللحم!
لا أريد أن أصف هذا بأنه نوع من المزايدة الممقوتة .. ولا يعني موقفي هذا أنني أؤيد استمرار حالة الطوارئ .. أو أنني أجد في بقائها منذ سنوات طويلة ميزة .. بالعكس هي غير مرضية حتي لمن اضطروا إليها تحت ضغط الإرهاب .. ولكني أدعو إلي تريث حقيقي قبل اتخاذ قرار تحت ضغط الصخب .. نريد إنهاء لحالة الطوارئ بطريقة تضمن الأمن .. وتحفظ الاستقرار .. وقانونا لمكافحة الإرهاب لايقيد الحريات .. يوازن مابين حرية الشخص ومقومات حماية الأمن .. إذ لا حرية لشخص غير آمن علي نفسه من الإرهاب .
وإذا كان البعض يقول إن هذا هو أحد بنود البرنامج الانتخابي للرئيس، فإن علينا ألا ننسي أنه لم يزل هناك وقت طويل في اتجاه السقف الزمني للمحاسبة علي تنفيذ البرنامج الذي تحققت أغلب بنوده حتي الآن .. إذ يمتد المدي الزمني للبرنامج الانتخابي إلي منتصف صيف 2011 .. وليس في نوفمبر 2010.. والأخير هو موعد انتخابات مجلس الشعب وليس موعد انتخابات الرئاسة.
تعديل الدستور وسعر اللحمة
فلنعد إلي لب المسألة .. للدقة المعضلة .. وتشخيصها أنه علي الرغم من أن كل المؤشرات تشير إلي أن الجمهور العام لا علاقة حقيقية له بما يجري علي المسرح أو في الكباريه .. وأن تركيبة المجتمع معقدة جدا .. بما يفوق السذاجة المفرطة بين اللاهين أمامه .. وأن الناخبين لديهم حسابات أخري بعيدة تماما عن هوس الفئة القليلة بمجموعة محددة من المطالب .. إلا أن الحالة المزاجية العامة لدي الجمهور تتأثر تأكيدا بما يجري علي مسرح الكباريه.
ينتقل إلي الجمهور الشعور بالإحباط.. والإحساس بالسوداوية.. والقلق علي الغد.. والخوف من الفوضي .. والريبة في ضمان الاستقرار.. وانشغال العقول بأولويات أخري غير تلك التي يجب أن توجه لها طاقة المجتمع .
يمكننا أن نفاضل بين عشرات من الأولويات .. تعديل الدستور أم تحسين الأجور .. تغيير المادة 76 أم مواجهة الزيادة السكانية .. إطلاق تأسيس الأحزاب أم تطوير التعليم .. السماح بالأحزاب الدينية أم حماية مدنية المجتمع .. حقوق الإنسان السياسية فقط أم حقوق الإنسان بمعناها الشامل اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا وسياسيا .. تقوية الاقتصاد أم التوقيع علي توكيلات البرادعي .. الجدل في تطوير الخطاب الديني ومواجهة التطرف أم الانشغال بمهزلة شوبير ومرتضي ومحمود سعد .. مواجهة التحديات الإقليمية أم فرط عقد المجتمع داخليا .. مواجهة الإرهاب أم رفع حالة الطوارئ.. توفير فرص العمل أم تسريح بضعة أفراد قالوا في الكويت إنهم سوف يتفرغون لتأييد البرادعي .. .. عشرات من التفضيلات .
الإعلام، في غيبة السياسة، يضلل الناس، يقودهم إلي أجندة غير صالحة، مضطربة وتسبب ارتباكا حقيقيا وتهز النفوس وتضرم النار في العقول .. ومادامت المسألة قد صارت محسوسة إلي هذا الحد الذي نعانيه جميعا .. فإن وقفة ضرورية مع ما يجري علي المسرح باستخدام الإعلام صارت واجبة .. هذه الوقفة لا يمكن أن تكون هي ممارسة أي تقييد للإعلام ولحرية التعبير.
الإعلام يملأ الفراغ الشاغر من السياسة .. ولا يمكن أن يترك مهمة وضع الأجندة المجتمعية إلا إذا كانت الأجندة قد فرضت علي الجميع .. هذا الغول يجب ألا تكتم أنفاسه لكن يجب أن يروّض .. أن تحدد له مواعيد الوجبات.. وأن تقرر له نوعياتها .. من خلال القائمة في كل وقت بما يجعله منشغلا بموضوعات حقيقية .. تلبي أولويات البلد والناس.
الغول ليس كله شرا .. لكنه يجب ألا يكون برّيا منطلقا في الفيافي .. يأكل الأخضر واليابس .. بل إن الحرية التي صنعته لابد أن تزايد به .. وبكونه موجودا .. هذا التنوع كما كرر علي وزير الخارجية هو دليل قوة .. وتعبير عن حيوية المجتمع .. وهذا معني لابد أن يظل مسوقا علي مدار الساعة .. والتأكيد علي أنه من فعل الدولة .. وليس رغما عنها .. فالدولة هي التي فتحت الباب للحراك .. ولكنها لم تفتح الباب للفوضي.
غير أن عملية ترويض الغول لن تكون يسيرة .. فقد اعتاد التهور واستمرأ النهم.. وحين خرج من قفصه لم يتعلم المهنية ولم يخضع لقاعدة .. وسوف يقاوم .. ولن يكون إخضاعه لصالح المجتمع أمرا سهلا .. والقانون النائم أمامه لابد أن يستيقظ .. فإن لم يكن يمتلك الآليات فإنها يجب أن تخلق .. وإلا فإن القانون سوف يموت أمام طغيان الإعلام وطيشه وشراهته.
وأفضل وسائل الترويض أن يقوم اللاعب السياسي الأهم والأقدر بملء الساحة بشكل مستمر.. أي المؤسسات صانعة الأخبار والقرار.. والحزب الذي يملك القدرة علي ممارسة السياسة .. ولست أقبل بأفكار كانت موجودة فيما قبل عام 2002 حين كان حزب الأغلبية يؤمن بأنه ليس عليه أن يبقي الإيقاع ساخنا طوال الوقت .. وأن فعاليات البلد لا تقوي علي احتمال هذا .. هذا فكر قديم يناقض الفكر الجديد بعد 2002 .. والإيقاع صار ملتهبا طوال الوقت .. ولا ينتظر أحدا .. وبالتالي علي القادرين في هذا المجتمع أن يكونوا هم المتحكمون في الإيقاع .. ليس بإخماده وتبريده.. فهذا لن يحدث.. وإنما بتوجيهه.. وضبطه.. وأيضا تسريعه لكي نلبي المزاج العام للأجيال الجديدة اللاهثة.
إجابات لا تعاني الملل
إن المعضلة الحقيقية فيما يجري في هذا الكباريه تكمن في أن الجمهور يتابع ويتسلي ولكنه لا يهتم حقا .. غير أن هذا لا يعني أنه (لا يتاثر) .. بل إنه يعاني دون أن يدري .. تهتز نفسه ويرتبك وجدانه .. ويتم إقناعه بأنه (غير سعيد) وأن (حياته سيئة) و(واقعه مزعج وغير مقبول) .. وحين تختبر هذه الانطباعات مع المواطنين العاديين من خلال مناقشات هادئة فإنهم يكتشفون أن ما يرددونه ليس هو قناعاتهم .
وتلك الحالة المزاجية مؤثرة سياسيا بالتأكيد .. تجعل هناك مقاومة لكل فعل حكومي وهو دائما في صالح الناس .. القرار الحكومي أصبح مدانا إلي أن يثبت العكس .. وغالبا لا يثبت .. فتكون هناك فجوة بين أي قرار وبين المستفيدين منه .. وتكون هذه فرصة لإقناع الناس بأن القرار .. أي قرار .. إنما هو يخدم مصالح فئة ما .. في حين أنه لصالح عملية تنموية واسعة.
لا أتكلم عن حكومة بريئة .. طاهرة من أي سوء .. ولكن لا يمكن أن تكون القناعة المباعة للناس من المتراقصين في الكباريه هي أن كل شيء خطأ.. وقبل أن نطالب الجمهور بأن يمعن النظر .. وأن يعمل عقله .. وألا يعطل ماكينة المنطق .. فإن علي الدولة أن تساعده علي ذلك .. مشكلتها أنها تتركه وحيدا .. يتلقي النوع الغث الوحيد من البضاعة السائدة .. لا تطرح عليه رؤيتها .. ولا تقدم له البديل .. وهذه مهمة لا يقوم بها الإعلام وحده - إذا افترضنا نجاح عملية الترويض المقترحة - وإنما تقوم بالأساس علي النشاط السياسي الذي يسوق السياسات وأهدافها بشكل مستمر.
والتسويق ليس عليه أن «يزهق».. أو أن «يمل».. بل إن يكون دائما.. ومقنعا.. يملأ الفراغ.. ولا يتواني عن التكرار.. ذلك أن أهم صفات «الغول» أنه يواصل احتلاله لعقول الناس بالتضليل علي مدار الساعة.
إن الحكومة لديها قدر من الملل وربما الإحباط .. لأنها بالفعل تقوم بأعمال تحقق قدرا ملموسا من التقدم .. ولأن محاولاتها للشرح والإقناع تبوء غالبا بالفشل .. وربما لأن عددا من الوزرءا فقدوا حيويتهم المطلوبة .. ولكن هذا الملل والإحباط يجب أن ينحي جانبا .. وأن تظل وتيرة تقديم وجهة نظر الدولة والحزب مطروحة بشكل مستمر .. في ظل مزاج عام اعتاد علي منهج (تقاطع النيران) .. أي يريد أن يتمتع بتنوع الرؤي في مجتمعه .. ويريد أن يسمع الرأي والرأي الآخر .. لكنه الآن لايسمع سوي رأي واحد.
ولكي تفرض الحكومة والحزب إيقاعهما مبدئيا فإن عليهما أن يبادرا بالإجابة عن الأسئلة الأعرض في المجتمع .. أو تلك التي يبني عليها (غول الإعلام) اكتساحه لذهنية الناس .. واجتذابه انتباه الجمهور للكباريه .. ومنها سؤال الفساد .. وقواعد الشفافية والمحاسبة .. هل هذه الدولة هي مجموعات من العصابات التي يتم التستر عليها؟ .. وما هو حجم الفساد في المجتمع؟ .. تلك قضية أملك إجابة بالطبع عنها .. ولكن الإجابة يجب أن تأتي من الحكومة ومن الحزب .. ويجب أن تكون هناك منهجية متواصلة في إقناع الناس بحقائق حولها.
وهناك سؤال الغلاء .. ومن ثم سؤال الأجور .. الوفرة المتحققة في المجتمع لا تلبي إحساس الناس بتلبية الاحتياج .. وحتي الآن لم يزل المواطن المصري علي قناعة بأنه لابد أن يقبض أجرا يكفي احتياجه وليس ثمن وقيمة العمل الذي يؤديه .. والحكومة التي توقفت عن تعيين الخريجين تلقائيا .. وتحاول جاهدة أن تحل مشكلة البطالة .. ينبغي أن تنظر في مجموعة قوانين العمل لكي تنهي حالة الاعتصامات المتكررة .. كما أن الحزب صاحب الأغلبية لابد له أن ينظر في الوضعية النقابية التي تؤدي إلي هذه الظواهر .. ومن ثم يمكن بعدها تسويق مفاهيم بين الناس تشرح لهم أن (العمل) في حد ذاته سلعة تخضع للعرض والطلب .. ولابد من تجويدها لكي يحصل من يقدمه علي أجر أعلي.
وبالطبع، وحتي لو كان سؤال تعديل الدستور لا يتعلق بمصالح مباشرة للناس، فإن الحزب ومن ثم الحكومة ينبغي ألا يعتبرا أن مهمتهما في التوضيح حول هذه النقطة قد انتهت بإقرار التعديلات في 2007 .. الرأي العام متعطش لأن يسمع دائما .. ويجد أن الدولة تنشغل بأن تدلله .. الصمت بالنسبة له نوع من التجاهل .. والدفاع أمامه هو إقرار بحقيقة وجوده وتأثيره .. ولا يوجد في المزاج العام الجديد من يمكن أن يقول إن هناك ملفا قد أغلق .. فمادام الأمر مطروحا لابد من التعامل معه .. وإلا فإن الكباريه هو الذي سيكون بديلا للحياة السياسية .. ولن يمكن الخروج من حالته إلا بعمليات شديدة الصعوبة.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة على موقعه الشخصى
www.abkamal.net
www.rosaonline.net
أو على المدونة على العنوان التالى: http//alsiasy.blospot.com
Email:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.