عندما عبر «يوسف إسماعيل» المدير السابق للمسرح القومى عن سعادته باقتراب إيرادات عرض مسرحية «ليلة من ألف ليلة» من ال2 مليون جنيه. علق النجم الكبير «يحيى الفخرانى - متحدثا بلسان الفنانين المشاركين فى العرض قائلا: «نحن لسنا سعداء بال2 مليون جنيه لأن دى فلوس الحكومة مفيش حاجة بتدخل جيبنا، نحن سعداء بأعداد المتفرجين الذين نأمل أن يصلوا إلى 2 مليون متفرج، لأن هذا هو ما يحيينا ويسعدنا». خشبة المسرح القومى وغيره من مسارح الدولة شهدت عشرات الأعمال المسرحية الجادة فى السنوات الأخيرة وخاصة تلك السنوات التى كانت عجافًا على مسرح القطاع الخاص، الذى أمسى متدنيًا فى مستوى أعماله عامًا وراء الآخر.. مكتفيًا فى السنين الأخيرة بالكوميديا البحتة، الخالية من أى مضمون. والتى لا تهدف إلا للضحك اللحظى الذى ينسى مع انتهاء صوت الضحكة، لكن يظل منتج القطاع الخاص المسرحى هو الأكثر لمعانًا وبريقًا بسبب الإمكانيات المادية التى توفر له الشكل المبهر والدعاية الكبيرة، فى حين تظل مسرحيات الدولة تعانى من القصور المادى والدعاية الباهتة رغم النصوص الجيدة، والتى تنقص المسرح الخاص. فى الآونة الأخيرة بدأ المسرح الخاص يستقطب النصوص الجيدة هو الآخر، من خلال تمصير عرض «جريمة فى المعادى»، «غزل البنات» و«خيبتنا» على مسرح مدينة سنبل، والاستعداد لعرض «الملك لير» ضمن عروض «كايرو شو» فى محاولة للوصول للكمال شكلاً ومضمونًا.. خاصة أن مسرحية مثل «الملك لير» للنجم «يحيى الفخرانى»، قدمت من قبل فى ليالٍ كثيرة على خشبة المسرح القومى.. فكيف سيواجه مسرح الدولة هذه المنافسة وذاك التحدى؟ كايرو شو كشف الكاتب والإعلامى «محمد هانى» الشريك المؤسس ل«كايرو شو» أن هذا الصرح هو كيان مصرى لصناعة العروض المسرحية الحية، فقال: «الكيان أسسه ويديره مجموعة من المهنيين المصريين هم المنتج والمخرج «مجدى الهوارى» والمنتج والموزع «وليد صبرى» وأحد أهم خبراء تقنيات العروض المسرحية «حمادة عرفة»، هذا بالإضافة إلى شخصى.. وأهداف «كايرو شو» كثيرة وعديدة، منها أننا نملك رؤية معينة ولسنا بصدد إنتاج عروض مسرحية الهدف منها استثمار الربح المادى فقط، ولكن ما نراه الآن على الساحة من طاقات إبداعية شبابية متواجدة فى مصر منذ عشر سنوات ماضية من كتاب ومخرجين وممثلين وفرق مسرحية مستقلة ومطربين، كل هذا الزخم الكبير جعلنا ننتبه أننا بصدد تفعيل دور رئيسى وحيوى لظهور هذه الطاقات عبر منفذ قوى وكبير، فى الوقت الذى شهدت فيه الحركة المسرحية تراجعًا كبيرًا منذ عشرين عامًا باستثناء مجهودات قليلة جدًا سواء كانت على مسرح الدولة الذى رغم الظروف الصعبة ساهم بشكل كبير فى إنتاج عروض مسرحية سواء على مسارح الدولة أو من خلال مركز الإبداع، ولكن هذه المواصفات كانت تفعّل وفقا لمعايير مسرح الدولة، بالإضافة إلى المسرح الخاص الذى توقف عند مجهودات النجم «محمد صبحى» الذى أصر طوال الوقت على تواجد المسرح وبالفعل قام بعرض مسرحيتين هما «غزل البنات» و«خيبتنا» ولقى العرضان نجاحًا كبيرًا، بالإضافة إلى تجربة «مسرح مصر» ل«أشرف عبدالباقى».. ولكن بالنسبة لمسرح «كايرو شو» فالعروض المسرحية منتظمة على مدار السنة، وفى أكثر من موقع مسرحى، لنجد لقاءً بين كل الأجيال والمواهب الفنية سواء نجوم لامعة أو مواهب جديدة، ويتم ذلك إما فى عرض واحد أو عروض متنوعة». واستنكر «هانى» مسمى «المسرح التجارى» ورفض أن يصنف مسرح «كايرو شو» بهذا، حيث يرى أنهم قطاع جماهيرى بإنتاج خاص، يقدم عروضًا تصل لأكبر عدد من الناس بعد دراسة كبيرة للجمهور المصرى وطبيعة السوق. ويضيف: «الجمهور المصرى أصبح لديه دراية كبيرة من النضج والوعى وقبول الجديد، كما أن ذوق الجمهور أصبح متنوعًا على عكس ما كان يقال قبل عشرين عامًا بأن الجمهور يقدم على أعمال بعينها، وينصرف عن الأخرى. فما نراه الآن من العروض الموسيقية والسينمائية والدرامية يؤكد أن الجمهور يتقبل كل ما هو جديد إذا توافرت مواصفات الجودة الفنية وتواجد الرؤية الحقيقية والمختلفة». لذلك أكد «هانى» أن «كايرو شو» ليسوا أسرى للقطاع الخاص بمفهومه القديم، الذى كان يحمل شعار (الجمهور عايز كده)، ولكنهم كيان يقدم حالة فنية مسرحية متنوعة.. وعروض «كايرو شو» سوف تمتد من القاهرة إلى العديد من العواصم العربية بداية من المملكة العربية السعودية بعرضى «3 أيام فى الساحل» و«الملك لير» والتى قال عنها: «بدأنا فى تجهيزات عرض «الملك لير» منذ ما يقرب من شهرين بداية من (بروفات الترابيزة) واختيار فريق العمل والآن تتم بروفات الحركة بمسرح كايرو شو بالتجمع الخامس لنجد على خشبة المسرح كلاً من النجم «يحيى الفخرانى» و«فاروق الفيشاوى» فى أول لقاء لهما على خشبة المسرح و«رانيا فريد شوقى» و«ريهام عبدالغفور» و«محمد فراج» ومن إخراج «تامر كرم» وهو مخرج شاب موهوب لقى حفاوة كبيرة من د. «يحيى» ليقدم رؤية إخراجية مختلفة، هذا بالإضافة إلى مؤلف الموسيقى «مصطفى الحلوانى» ومصمم الديكور «كريم مهدى» والذى يقدم رؤية بصرية ممتازة، وأخيرًا المبدعة مصممة الأزياء د.«نيفين رأفت» والتى تقدم ملابس تتناسب مع حقبة العصر الذى تتحدث عنه المسرحية ما بين عامى 1303 و1306 لتؤكد كل هذه العناصر على تقديم عرض قوى وكبير. وردًا على التساؤلات التى تم طرحها حول قيام المسرح الخاص بتقديم عرض كلاسيكى؟ قال: «سيحدث مع «كايرو شو» التى تهدف فى المقام الأول إلى عودة صناعة المسرح الذى يليق بمصر.. كما أننا نسعى لتقديم ثلاثة أو أربعة عروض هذا العام بين عروض لنجوم كبار وأخرى لمواهب شابة سوف تظهر لأول مرة، سواء من حيث التأليف أو الإخراج أو التمثيل فلدينا ثلاثة مسارح الآن، وسيتم افتتاح الرابع آخر العام.. وسوف نقدم عروضًا مسرحية غنائية وعرضًا للأطفال من إخراج «محمد الصغير» وتأليف «محمود جمال حدينى» وكل نجومه من المواهب الصغيرة التى ستقدم لأول مرة على خشبة المسرح». محاولة إحياء القومى مع وجود قيادة جديدة لأكبر مسارح الدولة - المسرح القومى - وهو الفنان «أحمد شاكر» الذى تولى إدارة القومى منذ فترة قصيرة.. والذى كشف لنا أنه منذ توليه هذا المنصب الكبير أصبح لديه مسئولية كبيرة ومهمة تجاه هذا الصرح العظيم، حيث يحاول بشتى الطرق وبمساعدة كل القائمين من عمال وفنانين ومخرجين ومؤلفين تقديم عروض متميزة وخطط وأحلام تليق بهذا المكان الكبير والسعى لتنفيذها. وأضاف أنه بالفعل يتم الآن لتحضير عرضين مسرحيين هما: «كانديب»، المأخوذة عن رواية إنسانية للكاتب الفرنسى «فولتير» وهى مسرحية تدعو للتفاؤل، وهذا ما يهدف له «شاكر» فهو يريد أن يقدم أعمالاً كوميدية، ولكنها تحمل فكرًا فى مضمونها. أما العرض الثانى فهو «كل ده كان ليه» وهو كوميديا سياسية من تأليف «محمد بغدادى»، وإخراج «عاصم نجاتى». وحول عرض «الملك لير» على مسرح «كايرو شو» قال: «قانونًا، مسرحية «الملك لير» انتهت علاقتها بالمسرح القومى مادام قد مر خمس سنوات على عرضها، ولكنى سعدت وحزنت بعد أن علمت أنها ستعرض فى مكان آخر. فحزنى لأن هذا العمل هو إنتاج وإبداع المسرح القومى، وكنت أتمنى أن يظل يعرض بداخله، وسعدت بسبب استثمار القطاع الخاص للأعمال الثقافية الكبيرة وسعيد أيضا للنجم «يحيى الفخرانى» بتلك التجربة، فهو نجم كبير ساهم فى إحياء المسرح القومى من جديد ووقف بجانبه قلبًا وقالبًا رغم أن العائد المادى كان ضعيفًا، ولكن إصراره على عودة هذا الصرح كان أكبر من أى عائد مادى». الكلمة الأخيرة المخرج المسرحى الكبير «سمير العصفورى»، عبر عن استيائه الشديد مما يحدث ووصف المسرح القومى بالكتلة المنهارة، حيث قال: «إن نص كلاسيكى مثل مسرحية «الملك لير» ل«وليم شكسبير» سبق أن قدمت فى التسعينيات وعرضت على مدار 9 سنوات على خشبة المسرح القومى وحققت نجاحًا كبيرًا وقتها بسبب توافر كل عناصر النجاح بداية من نص «شكسبير» وفرقة مسرحية كبيرة ونجم متألق بحجم «يحيى الفخرانى». ومنذ تلك الفترة والمسرح القومى متوقف عن تقديم أى حالة فنية كبرى تحدث ضجة، ولم يتم الترحيب مرة أخرى ب«شكسبير» وكأن المسرح القومى اكتشف فجأة أن «شكسبير» غير قادر على التأليف، ليقدموا بعد ذلك كمًا من الأعمال الرديئة والمتوسطة وقليلة القيمة لتستمر هذه الحالة لسنوات طويلة، ويظل الحراك المسرحى كما هو عليه إلى أن فجر مسرح «كايرو شو» قنبلته بعرض «الملك لير» وهى مسرحية مؤلمة وجادة وبكائية هنا ننتظر كيف سيستقبل جمهور القطاع الخاص هذا العمل.. وهو جمهور يختلف من حقبة لأخرى، وأصبح الآن يتذوق الفن، وفى تقديرى الشخصى أن جمهور هذه الفئة هو القادر على شراء تذكرة غالية لمشاهدة عمل فنى، وعلينا أن نعى أن هذه التجربة هى مغامرة واختبار فى تقديم مسرح جاد لجمهور القطاع الخاص الذى نتحدث عنه دائمًا بأنه ينجذب للعروض الكوميدية الفكاهية، ولكن هناك احتمالًا كبيرًا وقويًا على نجاح التجربة خاصة أن منتج القطاع الخاص لن يقدم على تجربة كتلك إلا إذا كانت هناك دراسة مسبقة بأنها سوف تحقق أرباحًا فوق تكلفتها وأكثر، ويضاف لتلك التجربة أن يكون لدينا إبداع وإنتاج كبير وفاخر يعرض بدول الخليج». أما فيما يتعلق بقدرة مسرح القطاع الخاص على سحب البساط من مسرح الدولة قال: «أستنكر مثل هذه الهلاوس، لأننى أعتقد أن تولى «أحمد شاكر» إدارة المسرح القومى سيحدث نقلة نوعية فى تاريخ المسرح، فهو فنان عنيد وصاحب رأى، ومن خلال تجربتى معه أستطيع أن أقول أنه سيحدث حراكًا وتغييرًا حقيقيًا بعد حالة الاسترخاء التى استمرت أربع سنوات والتى حلت بكارثة على المسرح القومى فلم يقدم فيها سوى أربعة عروض ضعيفة، أقواهما كان «ليلة من ألف ليلة» وليس لقوة العرض وإنما لقوة نجمه «يحيى الفخرانى».. فمسرح الدولة كان ينتج عشر مسرحيات قوية كل عام، ولكن فى الوقت الراهن هناك حالة من الفقر والضعف والتراخى.. وبعد تولى «أحمد» لهذا المنصب أعتقد أن هذه الحالة ستزول لما يمتلكه من رؤية وأيضًا التفاف كل رواد الحركة المسرحية حوله للنهوض بالمسرح القومى مرة أخرى».