وزارة العمل : ملتقى توظيف "لذوي الهمم" بالتعاون مع 9 شركات قطاع خاص بالأسكندرية    رئيس جامعة كفر الشيخ: يجب تعظيم الاستفادة من الأجهزة والمعامل البحثية بالكليات والوحدات    «التعليم»: فتح باب التحويلات بين المدارس أول يوليو.. تعرف على الضوابط    تفعيل الأنشطة الصيفية بمدارس القاهرة للعام الدراسي 2024    «وكيل صحة الشيوخ» يطالب الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق    التموين تنتهي من صرف مقررات يونيو بنسبة 60%    رئيس معهد النمو الاقتصادى بالهند يشيد بتوقيت انعقاد ملتقى بنك التنمية الجديد فى مصر    «الضرائب»: نتواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي لتحفيز بيئة الاستثمار محليًا    العاهل الأردني: لا يوجد مكان آمن في غزة.. والمساعدات غير كافية    المستشار الألماني يطالب بمزيد من الدفاع الجوي لأوكرانيا    معتز زدام يعود للمصري بعد انتهاء مهمته مع متتخب تونس    بعد دي يونج.. منتخب هولندا يعلن استبعاد نجم جديد من يورو 2024    «السياحة» تعلن الطوارئ القصوى استعداداً لبدء مناسك حج 2024    مواصفات امتحان الاقتصاد والإحصاء للثانوية العامة 2024.. اطلع على الأسئلة المهمة    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    كان عايز يديله التحية.. القصة الكاملة لخناقة شقيق كهرباء ورضا البحراوي    عزاء الفنانة مها عطية الخميس فى مسجد عمر مكرم بميدان التحرير    مجد القاسم يكشف تفاصيل ألبوم بشواتي ومواعيد طرحه    هيئة الدواء: مصر الأولى أفريقيا في تصدير الدواء.. وإجراء مهم لصفحات البيع المخالفة    محافظ بني سويف يوافق على تجهيز وحدة عناية مركزة للأطفال بمستشفى الصدر    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    تقرير يكشف مسارات الهجرة السرية من المغرب إلى أوروبا    محافظ مطروح يشدد على استمرار الجهود لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    من 15 إلى 20 يونيو إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    تقارير: تشيزني على بعد خطوات من الانضمام للنصر    القباج تؤكد دور الفن التشكيلي في دعم التنمية المستدامة وتمكين المرأة    «العقرب» لا يعرف كلمة آسف.. رجال هذه الأبراج الفلكية يرفضون الاعتذار    هل على الغنى الذى لا يضحى عقوبة؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    يورو 2024| سلوفاكيا يبحث عن إنجاز أبعد من دور ال16.. إنفوجراف    الري: تجربة حديثة لتحليل بيانات الأقمار الاصطناعية لتحديد التراكيب المحصولية    «الدفاع الروسية»: بدء المرحلة الثانية من مناورات القوات النووية غير الاستراتيجية    «صحة المنيا» تقدم الخدمات العلاجية ل 1473 مواطنا في قافلة طبية مجانية    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 11-6-2024في المنيا    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    الداخلية تواصل جهود مكافحة جرائم الاتجار فى المواد المخدرة والأسلحة ب3 محافظات    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    التشكيل الوزاري الجديد يتصدر محركات البحث.. أسماء تردد والحكومة تنفي    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    لطلاب الثانوية العامة.. احذر 6 عادات قاتلة تسبب هبوط الدورة الدموية    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    صلاح لحسام حسن: شيلنا من دماغك.. محدش جه جنبك    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    سيد معوض: حسام حسن يجب أن يركز على الأداء في كأس العالم والتأهل ليس إنجازًا    حازم خميس يكشف كواليس التحقيق مع رمضان صبحي في منظمة مكافحة المنشطات    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة فى ظل سيادة الاستبداد واحتكار الدين:
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 11 - 08 - 2012

كثيراً ما يتردد أن عقوبة الردة تهدف إلى الحفاظ على المجتمع وصيانة أركانه وإقامة هيبة للدين وسلطاته على النفوس حتى لا يتطاول أصحاب العقول السقيمة والقلوب المريضة على الدين وينالون من قدسيته وهيبته فى النفوس.

ونسأل هل صحيح أن هيبة الدين يمكن أن تهتز بردة شخص؟ وهل تدين المسلمين بهذا الضعف بحيث يمكن لنفر من المرتدين أن يكونوا مصدرا للتشكيك فى الإسلام؟


وحد الردة هو من الحدود التى وضعها الفقهاء لتكون رادعاً لكل من تسول له نفسه أن يعتنق الدين الإسلامى ثم يرتد عنه إلى دين آخر، ومذهبهم فى ذلك مبنى على أن معتنق الدين الإسلامى لم يجبره أحد على اعتناقه ومن ثم فلا يجوز له أن يخرج منه بإرادته، وهذا هو رأيهم الذى يبنى عليه حد الردة.

والحديث الذى يحتج به كل من يدعو لتطبيق حد الردة «عن عكرمة قال: أتى على بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهى رسول الله عن ذلك؟ ولقتلتهم لقول رسول الله: من بدل دينه فاقتلوه» والحديث من أحاديث الآحاد أى رواه راوٍ واحد هو عكرمة وهو تلميذ لابن عباس، وفى الطبقات الكبرى لابن سعد قيل كان عكرمة كثير الحديث ولا يحتج بحديثه، وفى تذكرة الحفاظ للذهبى جاء أنه كان من المعارضين لعلى بن أبى طالب وكان يميل لرأى الخوارج وروايته مريبة لا يعتد بها، وفى ميزان الاعتدال للذهبى أن مالك ابن أنس كان يصنف الأحاديث المروية عنه على أنها ضعيفة واهية، هذا ما قيل عن راوى الحديث الذى تتوقف عليه حياة من يتم اتهامهم بالردة.

وما يقال عن وجوب قتل المسلم إذا اعتنق دينا آخر أو اختار الإلحاد فهو يخالف القرآن الكريم الذى ليس فيه حد للردة وهو الحد الذى وضعه الفقهاء استناداً إلى القول المنسوب إلى النبى عليه الصلاة والسلام «من بدل دينه فاقتلوه»، مع ملاحظة عدم وجود أى واقعة فى زمنه تشير إلى قيامه عليه الصلاة والسلام بتطبيق عقوبة دنيوية ضد من يغيرون دينهم مع ثبوت ردة الكثيرين عن الإسلام فى عهده ومعرفته بهم.

ونقرأ قوله تعالى: «كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدى القوم الظالمين» آل عمران 86وقوله تعالى: «إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا» النساء، والآيتان ليس فيهما حد للردة.

كما أن القرآن الكريم لم يشر تصريحاً أو تلميحاً إلى ضرورة إكراه المرتد على العودة إلى الإسلام أو قتله إذا امتنع، وأن حرية الاعتقاد مقصد مهم من مقاصد الشريعة فى الإسلام، فعندما يعلن شخص ما ارتداده عن الإسلام لا يصح أن نعتبر أن الدين قد تمت إهانته ولا أن نعتبر أن الفرد حر فى دخول الإسلام ثم يفقد حريته بعد ذلك فلا مجال للتراجع والخروج من الدين، فأى قيمة تلك التى ستعود على الإسلام والمسلمين من شخص منافق تم الضغط عليه ليبقى بالقهر فى دين لا يريده؟


ولفظ «حد» لم يرد بمعنى العقوبة وإنما ورد بمعنى الشرع كما ورد من خلال مشتق له هو حدود والذى تكرر فى القرآن الكريم 14 مرة، حيث جاء فى الصيام فى البقرة 187وأربع مرات فى آية واحدة على الطلاق فى البقرة 229 ومرتين فى الميراث فى النساء13-14 وغيرها من الآيات والتى نجد أن لفظ حد فيها يعنى شرع الله ولا يعنى العقوبة مثل عقوبات السرقة والزنى والقتل وغيرها، والتى لم يطلق على أى منها لفظ حد.

أما لفظ ردة بمعنى الرجوع عن الإيمان فلم يرد بلفظه ولكن ورد من خلال مشتقاته فى القرآن الكريم 4 مرات وهى «يردوكم، يرتدد، يرتد، ارتدوا» حيث جاء مرتين فى القتال فى الشهر الحرام فى آية واحدة فى البقرة 217 ومرة فى التحذير من الارتداد بعد الإيمان فى المائدة 54ومرة فى الارتداد من بعد تبين الهدى فى محمد 25والآيات تشير إلى أن من يرتد عن دينه بعد الإيمان ليس له عقوبة دنيوية، وإنما حسابه ومرجعه إلى الله تعالى.


وحد الردة بالمعنى المعروف يعنى قتل المرتد عن الدين إذا ما تمت استتابته ولم يتب، وفى أحيان كثيرة لا يكون هذا المرتد قد ترك الإسلام ولم يفارق الدين وإنما لمجرد أنه قال برأى أو فكر مخالف أو جاء بمفهوم جديد لما تم الاصطلاح عليه بالمعلوم من الدين بالضرورة.

ولكن القرآن الكريم يثبت لنا أن التعامل مع المخالفين لا يكون بالقتل حتى وإن كانوا كفارا ومشركين، فما بالنا بمن هم على نفس الدين ونفس العقيدة؟!

إن الله تعالى أعطى الناس الحرية فى الإيمان أو الكفر وفى المقابل سيحاسبهم تعالى على اختيارهم يوم القيامة: «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..» «الكهف: 29». إن الله تعالى هو مشرع الدين ومالك يوم الدين وهو وحده الذى يحكم على البشر إن أحسنوا فى العقيدة أو أساءوا، ولم يعط الله تعالى أحدا من البشر الحكم على الآخرين بالكفر، بل أمر بالحوار بالحكمة والموعظة الحسنة مع تأجيل الحكم إلى الله تعالى يوم القيامة.


وقد كان البعض يسارع إلى إعلان الكفر ويحزن النبى عليه الصلاة والسلام لذلك ولكن لم يكن له أن يحاكمهم، يقول تعالى: «يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم» «المائدة: 41»، والله تعالى يقول للنبى عليه الصلاة والسلام: «ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون» «آل عمران: 128».

وفى قوله تعالى: «.. أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» «المائدة: 32»، أى ليس هناك مبرر لقتل النفس إلا إذا قتلت نفسا أو فى القصاص، وجاء تشريع القصاص فى القواعد الأساسية للقتال فى قوله تعالى: «الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين» «البقرة: 194»، هذا هو تشريع القتال مع العدو فما بالنا بالتعامل مع الإنسان الذى لا يرفع سلاحا فلا مبرر لقتله.


والله تعالى جعلها قاعدة تشريعية: «ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون» «الأنعام: 151»، وسنة النبى عليه الصلاة والسلام هى التطبيق العملى لتشريع القرآن ولا تتناقض معه، وذلك ما طبقه فى تعامله مع المنافقين وغيرهم.


وقد ضرب لنا تعالى المثل فى حواره جل وعلا مع إبليس حين عصى أمره تعالى فى السجود لآدم، وإرجاء أمر إبليس إلى يوم القيامة: «ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين. قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين. قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين. قال أنظرنى إلى يوم يبعثون. قال إنك من المنظرين» «الأعراف: 11- 15».

إن الذين يظنون أنه عليه الصلاة والسلام كان يميل إلى التفتيش فى الضمائر، لنتدبر قوله تعالى: «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك..» «آل عمران: 159»، وقوله تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم»، «القلم: 4»، فالخطاب المبنى على التراث الفقهى يرفض الاعتراف بحق الإنسان فى تغيير دينه عندما يكون مسلما، ولكنه يرحب بهذا الحق ويدافع عنه عندما يصدر عن غير المسلم.

فأصحاب الفكر الدينى المتشدد ينكرون دور العقل لأنهم يريدون أن يفرضوا سيطرتهم على مفاهيم النصوص الدينية وأن يفرضوا تفسيراتهم على الجميع معتمدين على أساليب الوصاية العقلية بالترهيب والتهديد، فتكون النتيجة أن من يحاول أن يجتهد لينتج فهما جديدا للنصوص الدينية بناء على منهج منطقى يتفق مع تطور الواقع المعاش، فإنه يتهم بالكفر.

لقد أساء فقهاء التكفير للإسلام من حيث أرادوا الانتصار له، فأصبح الإسلام أمام العالم دين التفتيش فى ضمائر الناس للحكم بإيمانهم أو كفرهم، وحد الردة يناقض ما أعطاه الله تعالى من حق للإنسان فى حرية الاعتقاد والتى تتضمن حرية الإنسان فى الإيمان أو الكفر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.