بمجرد عرض أي فيلم للزعيم عادل إمام في السينما تجد نفسك متحمسا لحضوره، ليس فقط لأنك ستضحك وتنسي هموم الحياة، ولكن لأنك ستري الزعيم صاحب الأداء السهل الممتنع وهو يقدم لنا شخصية جديدة لم يقدمها من قبل، ولأنه أكثر ممثل متجدد في اختياراته.. فلا تجد له شخصية تتشابه مع الأخري.. كما أنه يختار بذكاء شديد الشخصية التي تتناسب مع كل مرحلة عمرية يمر بها، وهذا العام يقدم لنا فيلمه الجديد «زهايمر».. ذلك الفيلم الذي قد يبدو في مشاهده الأولي وكأنه يتعرض لأزمة مرض الزهايمر الذي يصيب كبار السن، وذلك من خلال إيهام الجمهور أن البطل «محمود شعيب» - عادل إمام - يعاني من هذا المرض لدرجة أنك تصدقه بكل جوارحك وتتألم عندما تتخيل أنك قد تقع فريسة لهذا المرض اللعين في يوم من الأيام، فتدعو الله في سرك أن يرحمنا ويكفينا شر هذا البلاء.. فتتفاعل مع أبطال الفيلم خاصة في المشهد الذي جمع بين الفنان سعيد صالح - في ظهور خاص ومتميز - والزعيم عادل إمام - فبطل الفيلم «محمود شعيب» في محاولة للنجاة من وهمه بأنه مريض الزهايمر، تذّكر أن له صديقا قديما، وعندما سأل عنه عرف أنه في مصحة لعلاجه من هذا الوحش. وعندما ذهب لزيارته وجده، وقد أصبح شخصا لا يتذكر سوي بعض الأحداث أيام ثورة ,1952. ومن خلال حديث محمود شعيب مع سعيد صالح تجد أن أبناءه قد هجروه ولم يسألوا عنه الأمر الذي جعل محمود شعيب يشعر بأنه سيعيش نفس السيناريو، ولكن هذه المرة سيكون البطل .. كان مشهدا يحمل في طياته العديد من المشاعر الإنسانية المختلفة ما بين الحنين إلي صداقة العمر ممتزجا بحسرة وشفقة علي الحال الذي آل إليه صديقه، وربما نظرة مستقبلية للحالة التي سيكون عليها بطل الفيلم، ويكون مجرد جسد تائه في الحياة، وقد ترجمت جميع هذه الأحاسيس في دموع الزعيم، وهو ينظر إلي صديقه من خلف الأسوار وهو يمضي قدما لملاقاة مصيره.. إنها نظرة عميقة كانت أصدق تعبيرا عن الألم الذي يمكن أن يشعر به إنسان وهو يري نصب عينيه مصيره المحتوم. ويحسب إلي الفنان عادل إمام حرصه علي استقدام الوجوه الشابة لمشاركته في أفلامه، وكانت تلك المرة الفرصة كبيرة، حيث دفع بأربعة منهم كل واحد يستطيع أن يتحمل بطولة فيلم بمفرده وهم «فتحي عبد الوهاب» و«أحمد رزق» و«نيللي كريم» و«رانيا يوسف».. كما أنه منح فرصة ذهبية للعديد من الوجوه الأخري أمثال إيمان السيد في دور إجلال التي أدت دورها بعفوية وتلقائية ولم تشعر بالرهبة ، كذلك لا نستطيع أن نغفل الأداء المتميز لكل من «يوسف عيد» في دور السباك وضياء الميرغني في دور «حامد». كذلك المشاركة المتميزة للموسيقار عمر خيرت الذي أثرت موسيقاه في العمل وأضفت عليه طابعا شجيا.. الفيلم يناقش قضية ليست بجديدة علينا في السينما وهي جحود الأبناء تجاه والدهم الذي بذل الكثير وأعطي الكثير حتي ينجح أولاده ويحققون أحلامهم.. ولكن قوبل هذا العطاء بالنكران والطمع ومحاولة سلب الأبناء لأموال والدهم برفع قضية حجر عليه طاعنين في سلامة قواه العقلية وإيهام المحكمة بأنه مريض بالزهايمر.. ولكن استطاع بطل الفيلم «محمود شعيب» أن يتحايل علي أبنائه لإفساد كل مخططاتهم ولغاية أخري هي إعادة تربيتهم من جديد. وكنت أتمني أن تدور الفكرة الرئيسية للفيلم حول مرض الزهايمر.. فالعديد من المشاهدين دخلوا الفيلم علي هذا الأساس.. فكنا نحتاج أن نعرف العوامل المسببة للمرض.. فأنا كمشاهدة توقعت أن أري الفنان عادل إمام، وهو يقدم دور مريض الزهايمر، وكان يمكن فعل ذلك بالخروج من إطار الكوميديا حتي لا يتم تسخيف القضية المطروحة.