انتعاش تجارة الأضاحي في مصر ينعش ركود الأسوق    ضربات أمريكية بريطانية على مجمع حكومي وإذاعة للحوثيين قرب صنعاء، ووقوع إصابات    «القاهرة الإخبارية»: قوات الاحتلال تعتقل شابا بعد إطلاق النار عليه بمدينة جنين    تفاصيل تعديلات حماس على مقترح صفقة تبادل الأسرى.. هدنة مستدامة    بريطانيا تقدم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 309 ملايين دولار    «حسام حسن بالنسبة ل محمد صلاح أسطورة».. رد ناري من نجم الأهلي السابق على منتقدي العميد    موعد مباراة بيراميدز وسموحة في الدوري المصري والقناة الناقلة وطاقم التحكيم    يورو 2024| أغلى لاعب في كل منتخب ببطولة الأمم الأوروبية    الأرصاد: اليوم طقس شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 40    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: جحيم تحت الشمس ودرجة الحرارة «استثنائية».. مفاجأة في حيثيات رفع اسم «أبو تريكة» وآخرين من قوائم الإرهاب (مستندات)    حجاج القرعة: الخدمات المتميزة المقدمة لنا.. تؤكد انحياز الرئيس السيسي للمواطن البسيط    متى موعد عيد الأضحى 2024/1445 وكم عدد أيام الإجازة في الدول العربية؟    حظك اليوم برج العذراء الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    محمد ياسين يكتب: شرخ الهضبة    حامد عز الدين يكتب: لا عذاب ولا ثواب بلا حساب!    عقوبات صارمة.. ما مصير أصحاب تأشيرات الحج غير النظامية؟    العراق.. استمرار حريق مصفاة نفط ببلدة "الكوير" جنوب غرب أربيل    الوكيل: تركيب مصيدة قلب مفاعل الوحدة النووية ال3 و4 بالضبعة في 6 أكتوبر و19 نوفمبر    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    رابطة الأندية تكشف حقيقة مقترح إلغاء الدوري بسبب ضغط المُباريات    حزب الله ينفذ 19 عملية نوعية ضد إسرائيل ومئات الصواريخ تسقط على شمالها    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    بنك "بريكس" فى مصر    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    اليوم.. النطق بالحكم على 16 متهمًا لاتهامهم بتهريب المهاجرين إلى أمريكا    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    "لا تذاكر للدرجة الثانية" الأهلي يكشف تفاصيل الحضور الجماهيري لمباراة القمة    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إحسان الإنسان كما رآه ورسمه كبار الرسامين
نشر في صباح الخير يوم 05 - 01 - 2010

إحسان عبدالقدوس الصحفى والأديب الذى سطر اسمه فى عالم الصحافة والأدب بحروف من نور، ولد فى 13 ديسمبر 9191، الساعة الثانية عشرة ليلاً، وتوفى فى 11 يناير 0991، ونحن فى ذكراه نقترب من صومعته التى أبدع فيها أجمل ما كتب.
مكتبه فى البيت، حيث إن المسافة بين مكتب إحسان عبدالقدوس وغرفة نومه لا تبعد كثيراً، فهى لا تستغرق غير الممر الموجود بشقته، والمحاط بكل البورتريهات التى رسمها له كبار الفنانين، واعتاد إحسان أن يذهب إلى مكتبه الساعة العاشرة صباحاً، ويستمر بالمكتب حتى الثانية والنصف ظهراً، ثم يذهب إلى الغداء الذى كانت تعده له زوجته لولا.
وفى بداية هذا الممر تجد بعض الكلمات الجميلة التى كتبها صلاح جاهين فى 24 /8 / 1955 إذ قال:
الكاتب المصرى صحَّى شعبنا النعسان
وعلّمه كلمة الحرية والإنسان
وكلمة الثورة أهداها لكل إنسان
عاشت بلادنا وعاش الكاتب المصرى
وعشت للشعب كاتب مصرى يا إحسان
ونحن هذه الأيام نحتفى بالصحفى والأديب إحسان عبدالقدوس، والاحتفاء به لم يكن بالمهمة الصعبة، فقراؤه ومحبوه يحتفون حتى الآن بكتاباته ورواياته، ولكن المهمة الصعبة بحق كانت فى اختراق المكان الذى أبدع فيه إحسان كل هذه الكتابات لنعرف كيف كان يدون أفكاره الفريدة على الورق، إلى ما كان ينظر فى لحظات تأمله، وما هى الهدايا والتذكارات التى كان يعتز بها، ويضعها على جدران مكتبه الخاص، الذى زارته صباح الخير لتجده كما كان لم يتغير، ولم تؤثر فيه الأيام، بل زادته بهاء وجاذبية، كما يحدث بالضبط مع كتابات صاحب المكتب، فمكتب إحسان المتواضع خرجت منه حملته على الأسلحة الفاسدة، والجمعية السرية التى تحكم مصر، وغيرها من المقالات الكثيرة التى كانت تحمل فكر إحسان فقال: إنى عندما أكتب فإنى لا أستطيع أن أتقيد بحدود، وكل المصائب التى عايشتها وتحملتها وقعت فوق رأسى، لأن هذا القلم لا يستطيع أن يقيد نفسه بحدود تفرض عليه، إنه كالطفل المدلل الذى يُصر على أن يفرض إرادته على الكبار، لأنه لا يراهم كباراً، فكان قلم إحسان عبدالقدوس سر شقائه، وأيضاً سر قوته وهى التى انتصرت.
*بورتريهات نادرة
قبل الدخول إلى المكتب يوجد ممر طويل يصل بين غرفة المكتب والغرف الأخرى، وهذا الممر يَضُم عددا كبيرا من البورتريهات الجميلة والنادرة لإحسان عبدالقدوس، بريشة فنانى صباح الخير وكبار الفنانين، حيث يوجد بورتريه كاتب الحب بريشة بهجت عثمان، وبورتريه آخر باسم كاتب الحب والسياسة، بريشة عبدالسميع، وبورتريهات أخرى بريشة رجائى ونيس، إيهاب، جمال كامل، جورج البهجورى، حجازى، ناجى، طوغان، عادل القطان، صلاح طاهر، ومن الأشياء الجميلة بورتريه لإحسان عبدالقدوس رسمه رسام فرنسى اسمه mardar، رسمه لشخصية عربية من محبى إحسان عبدالقدوس، وقدمه الرجل العربى هدية لإحسان، وهذا البورتريه على شكل أبو الهول، ولكن بوجه إحسان، وهو يمسك بقلمه وكأنه يوجه نصائحه لكل صاحب رأى فى الأجيال التالية، فكانت أهم نصائحه أن مهمة الصحفى تتيح له دائماً أن يعاشر الوزراء وأصحاب النفوذ وتتيح له أحياناً أن يرفع الكلفة بينه وبينهم، ولكن الصحفى الذى يحترم نفسه يجب ألا يكون سمساراً ويجب أن يقصر اتصالاته على واجبات مهنته، ويجب أن يكون ناقداً لا متملقاً.. فهذه واحدة من أهم النصائح التى وجهها إحسان إلى تلاميذه الذين تعلموا منه فى مدرسة الحرية.
* قبلة الوداع
وعندما تصل إلى غرفة المكتب الكبيرة، تجد أرضية المكتب مصنوعة من خشب الباركيه، وعلى الجدران بعض الصور له، وللسيدة روزاليوسف، وعندما تنظر خلف الكرسى الذى كان يجلس عليه إحسان عبدالقدوس تجد لوحة ضخمة بريشة جمال كامل، واللوحة تُمثل عذاب المثقفين فى العصر الحديث، كما أن الكرسى الموجود هو نفس الكرسى الذى جلس عليه إحسان من سنة 0691حتى 1990 دون تغيير، وتحتوى المكتبة على جميع القصص والروايات التى كتبها، وهذه النسخ عبارة عن النسخة الأولى من كل كتب إحسان عبدالقدوس، وهذه الكتب تم تجليدها، بل كانت تُعطى لإحسان عبدالقدوس مُجَلَدة، ومنها أين عمرى والوسادة الخالية وعقلى وقلبى وفى بيتنا رجل وأنف وثلاثة عيون والطريق المسدود وبقية رواياته، كما يحتوى المكتب على تمثال لإحسان عبدالقدوس نحته الفنان فتحى محمود عام 4591، وعلى المكتب توجد صورتان لإحسان إحداهما مع سيدة الصحافة والدته فاطمة اليوسف، وهى تقبله القبلة الأخيرة، أو كما أطلق عليها قبلة الوداع، وبعدها توفيت السيدة فاطمة اليوسف بفترة قصيرة، والأخرى مع محمد عبدالقدوس الأب، وتحتوى على قبلة حنان من الأب إلى ابنه فى عيد ميلاده الأربعين، هذا إلى جانب عدة صور أخرى لإحسان مع أبنائه محمد وأحمد فى عيد ميلاده الأربعين أيضاً، وبعض الصور مع أحفاده.
* بصمات القلم
من أثمن المقتنيات التى تحتوى عليها حجرة المكتب، صورة ليد إحسان عبدالقدوس، اليد التى أمسكت بالقلم الذى خط لنا به أجمل القصص والروايات التى عبرت عن فكر أمة تسعى إلى الحرية والخروج من القيود، فهى إحدى الصور الموجودة فى المكتبة، والموضوعة إلى جوار كتبه، فكانت اليد بمثابة الشجرة اليانعة المورقة، وحولها ثمارها الناضجة، التى نهلت منها كل الأجيال فقرأت وسمعت وشاهدت قصصه ورواياته فشكلت ذوق جيل كامل عاش مع سطور إحسان عبدالقدوس، وأجيال أخرى تالية تشكل وجدانها من كتاباته، فيد إحسان عبدالقدوس عبرت عن عقله وفكره عندما تحركت بالقلم فخطت كل ما كتب، وهناك لوحة أخرى للسيدة فاطمة اليوسف، تُمثل المدرسة التى تعلم فيها إحسان مهنة الصحافة.
*شرود الإبداع
تميز إحسان عبدالقدوس بالشرود الدائم، كأنما يبحث عن أفكاره فى الأشياء الصغيرة التى يذهب إليها فى شروده، وكان إحسان يذهب إلى مكتبه فى روزا، الأخبار، أو الأهرام فى مراحل عمله بهذه المؤسسات فى الساعة العاشرة صباحاً، ويخرج منها فى الثانية والنصف ظهراً دون تأخير، ويرجع إلى المكتب فى الساعة السابعة مساءً ويظل فى المكتب يكتب مقالاته ورواياته وقصصه حتى الخامسة فجراً، فجاءت معظم كتابات إحسان عبدالقدوس ليلاً، حتى يذهب بها إلى الجمع فى الصباح، وعندما يعود يجد البروفة قد جمعت فيقوم بتصحيحها، ونظراً لعمله الدائم فى مكتبه فى روزا، اعتاد على ممارسة الكتابة فى منزله بنفس الطقوس، فكان يرتدى ملابسه كاملة، وكان لا يدخل عليه المكتب الموجود فى المنزل غير حفيده محمد محمد إحسان عبدالقدوس، وكان لا يشرب غير القهوة، فكان كل عشر دقائق يشرب فنجان قهوة، ويذكر أنه لم يتناول فنجان القهوة كاملاً، وكان يشرب السجاير، ولكن عندما طلب منه الطبيب الامتناع عن شرب السجاير تركها وشرب السيجار.
* قراءة إحسان
وكان إحسان عبدالقدوس يقرأ قبل النوم، أو عندما يستيقظ من نومه، وكانت قراءته فى السرير بغرفة النوم، وكان يبدأ يومه بقراءة الجرائد ثم يرتدى ملابسه كاملة ويجلس للإفطار، ثم ينتقل إلى المكتب ليستمع إلى إذاعة B.B.C، واعتاد فى فترة الظهيرة أن ينام لمدة ساعتين ولم يكن أحد يجرؤ على أن يفتح الباب عليه أثناء الكتابة أو النوم.
* إحسان الإنسان
وفى مكتبه فى روزاليوسف كان عندما ينتهى من الكتابة يخرج من المكتب ذاهباً إلى مكتب السيدة روزاليوسف ثم بعد ذلك يذهب إلى غرف الرسامين والمحررين ويجلس معهم بعض الوقت.
ويذكر أنه عندما عُيِنَ هيكل رئيساً لمجلس إدارة دار أخبار اليوم طلب من إحسان عبدالقدوس أن يتولى رئاسة تحرير أخبار اليوم وآخر ساعة، فاعتذر إحسان عبدالقدوس عن تولى رئاسة المطبوعتين، ولكنه تولى رئاسة جورنال أخبار اليوم، وقال عايز أجرب نفسى فى جورنال، وجاء بيوسف السباعى رئيساً لتحرير مجلة آخر ساعة.
ومن اللمحات الإنسانية التى تذكر لإحسان عبدالقدوس أنه لم يتقاض مكافآت من المؤسسات الصحفية التى عمل بها طوال حياته، بل كانت المكافآت يتم توزيعها على البسطاء والعمال، وصغار المحررين مساندة من إحسان لهؤلاء.
ومن الجدير بالذكر أن محمد عبدالقدوس الابن بعد الزواج عاش معه فى نفس المنزل، ورفض تغيير أى شىء فى البيت حتى اسم إحسان الموضوع بجوار جرس الباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.