مرة أخرى تتفجر الخلافات وتشتعل بين القوى السياسية الليبرالية والثورية من جانب.. والقوى الدينية السياسية التى تندرج تحت عباءتها الإخوان والجهاديون والسلفيون وغيرهم من جانب آخر وذلك بسبب معركة الدستور أولاً.. والتى عادت إلى السطح من جديد بعد إعلان د. على السلمى نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية بإعلان مبادئ حاكمة فوق دستورية تصدر قبل الانتخابات التشريعية.. وهو الأمر الذى كنا نطالب به وننحاز له وكذلك القوى الليبرالية الثورية التى تسعى إلى بناء كيان الدولة المدنية وخطورة أن يترك وضع وصياغة دستور جديد للبلاد فى يد فصيل سياسى أو دينى معين. المعركة اشتعلت وتفجرت بالطبع بعد أن هاج السلفيون وماجوا رافضين أى محاولة لوضع مبادئ فوق دستورية أو إعلان دستورى جديد مؤكدين على ضرورة إجراء الانتخابات قبل الدستور.. ولكن الجديد الذى فجر ثورة الإخوان والسلفيين هذه المرة هو موقف المجلس العسكرى من هذه المبادئ الحاكمة وتصريح اللواء ممدوح شاهين بقرب إصدار إعلان دستورى توافقى بين كل القوى السياسية فى مصر قبل إجراء الانتخابات. الموقف الجديد من المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو موقف إيجابى بكل تأكيد يؤكد إصرار الجيش على الدولة المدنية بل ومحاربته لهذه الدولة.. وهو أيضاً موقفه السابق والمعارض لإجراء الانتخابات بعد الدستور خاصة بعد صدور الإعلان الدستورى فى 19 مارس والذى تضمن التعديلات الدستورية.. ولعل الموقف الجديد للجيش يثبت كذب الادعاءات السابقة بأنه كان هناك اتفاق ما بين الجيش والإسلاميين بصفة عامة بضرورة إجراء الانتخابات أولاً.. وهى إحدى الأوراق التى كانت تلعب بها القوى الدينية.. وتحاول استعراض قوتها عن طريق التلاعب والتحكم بمليونيات الميدان فى مغازلات مكشوفة للمجلس العسكرى. الموقف الجديد الإيجابى للقوات المسلحة فجر ثورة الغضب داخل القوى الدينية سلفية وإخوان وجهاديين.. وأعلن عن انتهاء شهر العسل المزعوم بين هذه القوى وبين المجلس العسكرى الذى أكد على الانحياز الكامل للديمقراطية والدولة المدنية.. وتحالف القوى الثورية.. وهو الأمر الذى أزعج بشدة الجماعات السياسية الدينية فكشفت عن وجهها القبيح.. وأخذت تتوعد وتهدد.. وأيضاً الدعوة إلى مؤتمرات وتحالفات لرفض هذه المبادرة التى أعلنها د. على السلمى والتى من المؤكد أنها ستكون من أفضل الإيجابيات التى تجنيها ثورة يناير منذ إسقاط حكم مبارك فى 11 فبراير الماضى.. والتى أنهت فيه حقبة طويلة من الفساد السياسى. إن ما حدث ويحدث من الإخوان والسلفيين والأحزاب الممثلة لهما تجاه المبادئ الحاكمة فوق الدستورية يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ديكتاتورية الجماعة السلفية والمحاولات المكشوفة للانفراد بالحكم.. ويؤكد أيضاً أننا تخلصنا من ديكتاتورية الحزب الوطنى الحاكم أيام مبارك.. واستبدلنا به حزب الإخوان والسلفيين والجهاديين والذين لا يقلون ديكتاتورية واستئثاراً بالسلطة عن الحزب الوطنى المنحل.. وللأسف إذا نجحوا فيما يرمون إليه من رفض الإعلان الدستورى الجديد وسيطروا على البرلمان.. فإننا سنكون قد استبدلنا ديكتاتوراً بديكتاتور أشد ديكتاتورية ونكون قد استبدلنا حزباً مكروهاً بحزب آخر سنكون أشد كراهية له.. ووقتها ستكون الثورة قد فشلت فى تحقيق أول أهدافها وهى الدولة المدنية وإقامة الحياة الديمقراطية السليمة. جانب من مظاهرات السلفيين والاخوان المبادرة الإيجابية التى تبناها د. أحمد الطيب شيخ الأزهر والذى دعا فيها القوى السياسية الفاعلة ومرشحى الرئاسة للتشاور حول أعتماد وثيقة الأزهر لتكون صيغة توافقية يتفق عليها الجميع.. فى محاولة منه لرأب الصدع والخلاف بين القوى السياسية فى مصر حول الوثيقة الحاكمة.. هذه المبادرة لم تسلم أيضا من الرفض من الجبهتين.. فالليبراليون تمسكوا بالوثيقة الحاكمة.. أما السلفيون والإخوان فاعتبروا وثيقة الأزهر استرشادية لا أكثر ولا أقل رافضين أى وصاية من أى نوع. إن الإرهاب الذى تمارسه القوى الدينية سواء تحت عباءة الإخوان أو السلفيين أو الجهاديين لهو أخطر أنواع الإرهاب ولتروا جميعا ما يحدث فى سيناء.. ولتروا محاولات تشكيل إمارات إسلامية.. وحكم ذاتى.. ومحاكم عرفية.. وغيرها من محاولات تشتيت الدولة والتى وراءها فقط هذه القوى التى تحاول أن تمزق أكثر من محاولتها للم شمل الدولة. إن الإبقاء على العسكر فى السياسة سيكون أفضل ألف مرة من ديمقراطية الإخوان والسلفيين المزعومة والتى يحاولون أن يجرونا إليها ويرفضون أى محاولات لوجود قوى ثورية ليبرالية أخرى بجوارهم.. هم يريدون أن يستأثروا بالحكم.. ويريدون أن يستأثروا بالثورة ويريدون أن يستأثروا بمصر فاحذروا. نقطة نظام قرار المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة بوقف البث التليفزيونى لمحاكمات مبارك ونجليه والعادلى ومساعديه ابتداء من جلسة 5 سبتمبر القادم هو أفضل قرار اتخذته المحكمة للرد العملى على الفوضى والهرجلة والمهازل التى حدثت فى أول وثانى جلسات المحاكمة والتى أظهرتنا بصورة سيئة للغاية أمام العالم كله بعد تكالب طالبى الشهرة والتصوير على المحاكمة وأتت بكل من هب ودب فى المحكمة. برافو سيادة المستشار.. ضربة معلم.