أصبحت «المنصات الرقمية» سوقًا جديدة للمنافسة الدرامية تزامنًا مع ماراثون رمضان، مؤخرًا قام المنتجون والمخرجون بطرح أعمالهم الدرامية عبر تلك المنصات، وحققت نجاحًا ملموسًا، مما فرض وجودها بقوة، وشارك فيها نخبة من النجوم الكبار ومشاهير الساحة الفنية، ومعهم كوكبة من الوجوه الشابة الصاعدة. مجلة «صباح الخير» ترصد أهم عوامل رواج هذا السوق الموازية، ومدى إمكانية استمرارها؟
محمد شوقى
أعمال درامية جديدة أنهى المخرجون تصويرها، وتم عرضها على مواقع التواصل الاجتماعى، وامتدت لشاشات التليفزيون، قبل البدء فى السباق الرمضانى الجديد لهذا العام، ولاقت هذه الأعمال الجديدة نسب مشاهدات مرتفعة، وأحدثت ضجة كبيرة دلت على قوتها. ومع تطور الزمن، فبعد أن كان المشاهدون ينتظرون مواعيد الفوازير، والكاميرا الخفية، وغيرهما من البرامج، إلى جانب بعض من الأعمال الفنية الجديدة، تحولوا إلى الدراما التى فرضت مكانتها فى رمضان، حيث تعود محبو الدراما انتظار كل ما هو جديد فى ماراثون العرض، ثم تطور الوضع مرة أخرى بشكل أكبر وأصبحت المنافسة قبل الشهر الكريم. تطور الزمن قالت السيناريست سحر غريب، عضو اتحاد الكتَّاب، إن معطيات كل عصر تختلف عن سابقيه ليواكب التطور، ففى القدم كان هناك عدد قليل من القنوات التليفزيونية، إلى أن أصبح هناك قمر صناعى وقنوات عابرة للحدود، وأحدث الصيحات هى المنصات التى ظهرت بقوة مع التحول الرقمى، وأوضحت أنها سوق موازية لما توفره من ميزات كثيرة يصعب توفيرها على الشاشة الصغيرة. وأضافت إن ما تتم مشاهدته من برامج أو دراما أو أفلام عبر القنوات التليفزيونية، فجميعها تعرض بشكل تلقائى ومنتقاة، من قبل صنَّاع قرار القنوات الفضائية ومديريها، أى أنه أمر مفروض على المشاهد وليس له دخل فى الاختيار، وهذا على اختلاف ما يعرض على المنصات الإلكترونية عبر السوشيال ميديا، التى يتمتع فيها الفرد بحرية الاختيار، ووقت العرض، والتحكم فى مشاهدة الإعلانات.
سحر غريب
وأشارت إلى أهمية المنصات الرقمية، التى تفتح سوقًا جديدة للأعمال الدرامية والأفلام، حيث تختلف فى تمويلها وخلق فرص جديدة للشباب، مؤكدة أنها المستقبل وتستطيع فرض مكانة أكبر لنفسها من خلال جمهورها، وما تقدمه من أعمال تحمل أفكارًا جديدة، وهو ما يجعلها خطًا موازيًا للدراما الرمضانية، ويفرز زيادة فى أعداد المخرجين والمنتجين والفنانين. وأشارت إلى تعرض عدد من الأعمال القوية للتحدى أثناء عرضها خلال الموسم الرمضانى، بسبب كثرة الدراما المعروضة وصعوبة متابعتها، وهذا على عكس عرضها خارج الماراثون على مدار العام، وأكدت أن هناك أعمالًا ناجحة يقدمها شباب الفنانين دون وجود ممثلين معروفين، وتعطى فرصًا جديدة لغيرهم لدخول المجال، وهى من إيجابيات تلك المنصات، مشيرة إلى أن هناك إبداعًا وتنوعًا فى الأفكار، وكثافة فى إنتاج الأعمال الدرامية.
الفكرة والهدف وأكد محمد شوقى، الناقد الفنى، أهمية الأفكار والأهداف التى تطرح من خلال الأعمال الدرامية، مشيرًا إلى أن ما عرض مؤخرا من الدراما الرقمية، يثبت أن أهمية فكرة العمل المطروح أهم من البطولات الفنية نفسها، وخاصة أن هناك الكثيرين من صناع الدراما الذين يعتقدون أن نجاح وقوة العمل تأتى من ثقل الفنان، فى حين أن المنصات أثبتت عكس ذلك، من خلال عرض أعمال درامية جيدة أبطالها من الشباب الصاعد، وكانت هناك بطولات جماعية، ورغم ذلك حققت نجاحًا وتركت صدى مع الجمهور، ومنها ما أحدث حراكًا مجتمعيًا، مما يدل على مدى تأثيرها وقوتها. وأكد شوقى، أن أهم ما يميز الدراما الرقمية الناجحة هى وضوح الفكرة، ووجودها المستمر على السوشيال ميديا، وهذا ما جعل عددًا كبيرًا من كبار الفنانين، والنقاد وغيرهم، يشيدون بأداء هذه الأعمال الدرامية التى تعرض على المنصات، وخاصة أن مدة عرضها قصيرة، ويصل عدد حلقات العرض إلى 15 حلقة، وتعرض خارج السباق الموسمى، مؤكدًا أن فكرة الموضوع هى نجم العمل، التى تفرض وجودها على الساحة المجتمعية. وأشار إلى أن هذا النجاح جذب عددًا من الأسماء المعروفة على الساحة الفنية، ممن يتنافسون على عرض أعمالهم فى رمضان، لخوض هذه التجربة الرقمية، مؤكدا أنها مستقبل الدراما فى مصر، بل والعديد من البرامج المتنوعة سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو ساخرة، وغيرها، موضحًا أن المنصات تحرر هذه الأعمال من القيود التى تفرض على الفضائيات المختلفة. وقال إن ظهور تلك النوافذ بدأ بقوة خلال عامى 2022 و 2023، كما أنها تولد جيلا جديدًا مختلفًا، يناقش العديد من القضايا بحرية، وهذا ما يبحث عنه نسبة كبيرة من المشاهدين، وخاصة أن الشباب هو القاعدة العريضة من الجمهور الذى يشاهد هذه المنصات، ويرون أنها تعبر عنهم.
وأشار الناقد الفنى، إلى العودة لكلاسيكيات الأعمال الدرامية، قائلا إن عدد حلقات الدراما قديما كانت تتراوح بين 10 و 15 حلقة، وكانت المسلسلات الدينية هى التى تتميز بوصول حلقاتها إلى 30، مشيرا إلى أن القيود التى كانت تلزم المؤلف والشركة المنتجة ومجموعة العمل، تتلاشى مع المنصات، حيث أصبحت تسير الأمور بشكل أسهل، فليس من الضرورى الالتزام بعدد كبير من الحلقات، أو موسم واحد، أو وجود كبار نجوم الفن للقيام بالبطولة، وغيرها.