«رياضة النواب» تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 نادي شعبي في الإسكندرية.. والوزارة: «خاطبنا اللجنة الأولمبية»    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    «المشاط»: منصة «حَافِز» تعمل عى تعزيز القدرة التنافسية للشركات    جنوب أفريقيا ترحب بمطالبة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحرب غزة    بولونيا ضد يوفنتوس.. مونتيرو يعلن أول تشكيل مع اليوفى بالدورى الإيطالى    حارس آرسنال يحدد موقفه من البقاء    التحقيق مع الفنان عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين بالشيخ زايد    فيلم "السرب" يواصل تصدر شباك التذاكر    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    سيد جبيل: قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو وجالانت صدمة كبيرة لإسرائيل    وزارة الصحة تطلق 8 قوافل طبية مجانية بالمحافظات    الكشف على 929 مواطنا بحلايب وشلاتين ضمن قافلة جامعة المنصورة الطبية.. صور    لطلاب الامتحانات.. احذوا تناول مشروبات الطاقة لهذه الأسباب (فيديو)    رئيس مجلس الشيوخ: «مستقبل وطن» يسير على خطى القيادة السياسية في دعم وتمكين الشباب    مصرع شاب وإصابة 2 في حادث تصادم أعلى محور دار السلام بسوهاج    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات مركز الإختبارات الالكترونية    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    «تقدر في 10 أيام».. «حياة كريمة» تقدم نصائح لطلاب الثانوية العامة    السرب المصري الظافر    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    أزمة بين إسبانيا والأرجنتين بعد تصريحات لميلي ضد سانشيز    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    «سوميتومو» تستهدف صادرات سنوية بقيمة 500 مليون يورو من مصر    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    د. معتز القيعي يقدم نصائح حول الأنظمة الغذائية المنتشره بين الشباب    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    لاعبو المشروع القومي لرفع الأثقال يشاركون في بطولة العالم تحت 17 سنة    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    برنامج "لوريال - اليونسكو" يفتح باب التقدم للمرأة المصرية في مجال العلوم لعام 2024    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرعب متعة منشودة أم قسمة ونصيب؟!
نشر في صباح الخير يوم 29 - 08 - 2018

أن تقفز قطة مارقة كالسهم من أمامى عابرة فوق المجال الجوى للسلالم فأهتف بها من خوفى
- حاسبى!
ولأنها أخوف منى فقد تنتهب السلالم عدوا أو قد تأتى بسلوك أغرب فتموء وتتمسح بقدمى لأنها تتشهى رائحة خوفى!
... أن أرتعد عندما يفاجئنا سائق المينى باص بأنه ليس لديه «فرامل» ولذا فهو لن يتوقف فى محطاتنا وعلينا أن نستعد للوصول إلى المحطة الأخيرة «الموقف» على اختلاف وجهاتنا!
فيسجل سرعة اندفاع فائقة تستحق الذكر فى موسوعة جينيس!، وحين يحبس الركاب أنفاسهم وهم يرون المينى باص يتحول بقدرة قادر إلى عربة طائشة طائرة يتفاداها الجميع: المارة، وكل الكائنات الحية، والموتوسيكلات، والسيارات وعربات اليد، عندما تغدو احتمالات تحول المينى باص إلى كائن فضائى عابر للقارات لأنه بدون فرامل قد يصبح ذلك أمرًا مرعبًا وإذا كان كل ذلك من تفاصيل برنامجى اليومى أكون بحق قد استوفيت نصيبى من الرعب!
رعب ليس لى يد فيه لكنه رعب بالقسمة والنصيب!
أما الرعب الحقيقى فهو ذلك الذى تذهب إليه بقدميك كأن تذهب لمشاهدة فيلم سينمائى مرعب، أو تتحمس لرواية مرعبة!
الرعب متعة؟!
فهل صحيح أن الإحساس بالرعب متعة؟ وهل يحقق شعورًا داخليًا يصعب وصفه يسميه المتخصصون فى علم النفس «الشعور البديل» وهو أن تشعر بالخطر لكنك فى مأمن، أن تشعر به من بعيد لبعيد!
فتشحن قدرات الخيال لتواجه خطرًا حقيقيًا أو متخيلاً وبذا تحصل على تجربة حياتية مثيرة!
.. أفلام، ومسلسلات، وكتابات، وأدباء يقدمون إليك شيئًا من الخوف!!!
وفى السطور القادمة تستطيع عزيزى القارئ أن تجد تفسيرًا لمتعة الرعب! إذا كانت له متعة- وربما تحصل على نصيبك مثلى صدفة، بالقسمة والنصيب!
رعب نحبه، وخوف نكرهه!
إذا كنت من عشاق كتابات أجاثا كريستى الكاتبة البريطانية الشهيرة (1890- 1976)، والتى لاقت كتاباتها رواجًا كبيرًا، وترجمت إلى كثير من اللغات.
إذا كنت قد أحببت الفيلم المأخوذ عن روايتها «قطار الشرق السريع»، ومازلت تذكر المشاهد، والمحقق الذى لم يكن يأبه بالقبض على المتهم بقدر ما قام بالبحث عن ماهية العدالة.. إذا كنت من عشاق أدب الكاتب الأمريكى «إدجار آلان بو» (1809 - 1849)، وإذا كانت قصته «برنيس» لاتزال فى خيالك تثير فى داخلك قدرًا من الدهشة بأسئلة بطلها المعذب «كيف يمكن أن أستمد من الجمال نوعًا من القبح؟، من ميثاق السلام ابتسامة أسى؟، ألم يداخلك الرعب وأنت تقرأ أفكار بطلها الملتبسة والشائهة: «إن الأسى يولد من الفرح كما أن الشر فى الأخلاق ناتج عن الخير؟! فذكرى نعيم الماضى هى تعاسة اليوم وعذابات اليوم أصلها النشوة التى تمنينا أن نحققها ذات يوم هكذا يتحدث بطلها ليبرر إعجابه بأسنان برنيس البيضاء وجمالها الخيالى الذى يدفعه بشكل غامض وقاس لاقتناء اثنتين وثلاثين سنة صغيرة لبرنيس بعد إزهاق روحها!، هل ارتعدت وأنت تقرأ قصته «القط الأسود»؟ وأنت تتأمل كلمات بطلها وهو يعترف على نفسه:
اتقدت رغبة تلك الروح المشتاقة فى أن تعذب نفسها رغبة فى العنف- ضد طبيعتها- أو رغبة فى فعل الخطأ من أجل الخطأ ذاته وهى من دفعتنى إلى الاستمرار واستكمال الضرر الذى ألحقته بالحيوان البرىء»!!
ومن بعده إلحاق الأذى بقط آخر ثم بزوجة البطل نفسه!
.. هل هو الرعب الذى يجعلك تتأمل نزعات بشرية فتحبه؟! تحلل مشاعر مركبة هى التى دفعت قابيل يومًا ليقتل أخاه هابيل.. وأن تتعاطف مع الغراب الذى عرف كيف يوارى سوءة أخيه، ويواريه.
هل هو رعب نحبه أم نكرهه؟
هل للأمر علاقة بالشعور، أم بإعمال الفكر أم باكتساب مساحة جديدة من تأمل الغريب وغير المألوف؟!
أهم كتاب أدب الرعب
سألت د.شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق، وأستاذ علم الجمال والمتخصص فى علم النفس الإبداعى فقال:
«هناك كُتَّاب أبدعوا فى سبر الأغوار والأعماق اللاشعورية الموجودة بداخلنا، وذلك الرعب الزاحف أو المتصاعد عبر السرد (الأحداث المخيفة والمصادفات غير المتوقعة، وعالم الظل والظلام والأشباح وكائنات ما وراء الطبيعة والبيوت المسكونة والدمى الصناعية التى تتحرك وتتكلم) وسيد كُتَّاب الرعب كما يقول النقاد هو الكاتب والشاعر الأمريكى إدجار آلان بو، وهو من أهم الكُتَّاب الذين وجهوا الانتباه إلى الأعماق اللاشعورية الجحيمية تلك، وقد صوَّر فى كتاباته أنواعًا عديدة من الرعب، وبالطبع هناك كتاب آخرون أيضًا أبدعوا فى هذا المجال ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب الألمانى هوفمان، والفرنسى جى دى موباسان، وكذلك الكاتب الأمريكى ستيفن كنج والذى اعتمدت سينما الرعب كثيرًا على أعماله القصصية والروائية ومنها «لعبة جيرالد»، و«الشىء والبريق» و«كارى» وغيرها، وقد كتب أكثر من خمسين رواية ومئات القصص القصيرة وباع أكثر من 350 مليون نسخة من كتبه على مستوى العالم.
الشعور البديل
وسألته عن انتشار قراءة وكتابة هذا النوع من الأدب- أدب الرعب- بين الكُتّاب الشباب فقال: «ربما بتأثيرات من مشاهداتهم لأفلام الرعب على شاشات السينما والتليفزيون، ومواقع التواصل الاجتماعى، واليوتيوب وغيرها وذلك نتيجة لبحثهم عن كل ما هو جديد فى الكتابة، ربما بسبب ضيقهم وضجرهم من الكتابات القديمة أو الكلاسيكية أو الواقعية أو حتى السياسية الخاصة بكبار الكتاب، وهناك سبب آخر مهم وهو الفضول وحب الاستطلاع والرغبة فى الحصول على استثارة ما، ونقصد بها هنا تلك الحالة المرتبطة بالجهاز العصبى للإنسان والتى ترتبط بالتنبه الشديد فى عالم يبدو مهددًا للجميع بأشكال عدة من الخوف والرعب والملل أيضًا بسبب تكرار أحداث العنف، والحروب والإرهاب ومشاهدها التى تعرضها شاشات التليفزيون كل يوم بل كل لحظة، وقد زود جهازنا العصبى بطبيعته بنظام طوارئ يعتمد على المواجهة السريعة للخطر، الخطر الحقيقى أو المتخيل فنواجه الأول، أو نهرب من مواجهته، أما الخطر المتخيل فنحن غالبًا ما نستمتع به نواجهه خياليًا لأن ما يحدث خلاله من أحداث يحدث على مسافة منا، ونحن نكتفى بالمشاهدة والتخيل وربما الإشباع البديل الذى نظن خلاله أو نعتقد أن تلك الأخطار بعيدة عنا، إنها مجرد صور وأحداث تحدث على الشاشات وهو ما يحدث عندما يستمتع البعض بأفلام الرعب والمسرحيات التراجيدية وذلك من خلال ما يسمى بالخبرة البديلة ما يحدث لغيرنا ونحن على مسافة بعيدة منه ولذلك فنحن آمنون من الخطر، وينطبق هذا على مشاهدة أفلام الرعب ورواياته وكلها أساليب لمواجهة الضغوط النفسية ووسائل للترفيه والاستغراق فى الخيال أيضًا».
قيم فنية
سألته عن القيم الفنية التى يحققها أدب الرعب فقال: هناك قيم تتعلق بطبيعة المضمون، وكذلك قيم تتعلق بالشكل فهذا النوع من الأدب يستكشف العوالم الغامضة للخوف والرعب والقلق والموت والجرائم الغامضة، كما أنه يهتم بالدمى المتكلمة والأشباح، ويرصد هذا الأدب الطبيعة المفككة والعشوائية للشر والجريمة والموتى، وعالم الليل، ويصوِّر تكرار ظهور الأفكار والصور والانفعالات المتعلقة بأحداث كنا اعتقدنا أننا نسيناها وكبتناها فى اللاشعور لكنها تعود دائمًا من الماضى وقد تقض مضجعنا وتقلب حياتنا إلى جحيم!
أما من حيث الشكل فإن هذا النوع من الكتابة يقوم على أساس اضطراب التمييز بين الواقع والخيال، وكذلك الإيقاف المؤقت لحالات عدم التصديق بأن ما يحدث أو ما نقرأ عنه هو أمر يحدث فعلاً أو لا يحدث، وكذلك التصوير لحالات التردد والشك وفقدان اليقين داخل النص.
وإثارة القلق لدى القارئ هو عنصر أساسى فى تكوين هذا النوع من الكتابة شكلاً ومضمونًا والبعض يعتبر كتابات أجاثا كريستى ضمن هذا النوع من الكتابات، والبعض الآخر يربطها بالقصة البوليسية التى قد تحتوى على تشويق وغموض وألغاز يتم حلها تدريجيًا من خلال استثارتها لحالات الفضول وحب الاستطلاع والرغبة فى المعرفة.
بالعمل والحب والإبداع
ويستطرد د.شاكر عبدالحميد قائلاً: «الخوف عمومًا أحد الانفعالات الأساسية التى تؤثر علينا وقد تدفعنا لمواجهته من خلال البحث عن نقيضه وهو الأمن، ويكون ذلك من خلال العمل والحب والكتابة والفن والإبداع وكذلك بالعلاج النفسى إذا عجزنا عن مواجهته، والرعب انفعال مركب يحتوى بداخله على انفعالات أخرى ينبغى أن نقوم بتحليلها ونحن نتصدى للحديث عن كتابة وأفلام الرعب، وقد قال فرويد ذات مرة «أنه إذا كان الرعب يجعل الناس يرتعدون فإن الذعر يقوض دعائم عالمهم».
ويضع بعض النقاد أدب الرعب ضمن ما سمى من قبل باسم «الرعب القوطى» وهو نوع من الأدب يمزج بداخله عناصر من الرعب والانفعال القوى والخيال ومبتكره الكاتب الإنجليزى هوراس والبول خاصة فى روايته «قلعة أوترانتو» عام 1764 ثم جاء بعده كُتَّاب آخرون مثل تشارلز ماثيورين، ومارى شيلى، وستيفنسون مؤلف رواية «الحكاية الغريبة للدكتور جيكل ومستر هايد»، ولو فكرافت مؤلف رواية «دراكيولا» وامتد تراث هذه الكتابات حتى يصل إلى ذروته لدى كاتب قصص الرعب الأمريكى المعاصر «ستيفن كنج».
لا لتخويف بلا معنى!
ومع جيل جديد من كتاب «أدب الرعب» استطلعت وجهات نظرهم فى انتشار كتابة «أدب الرعب» وما يحققه لكاتبه ولقرائه يقول د.حسين السيد روائى وصدرت له عدة روايات من أدب الرعب: انتشر هذا الأدب بين الشباب ربما للانفتاح على ثقافات وسينمات أخرى أتاح للشباب متابعة أحداث الأفلام الأجنبية المرعبة، وربما يعود الأمر للمجهود الذى بذله الكاتب الراحل د.أحمد خالد توفيق فى سلسلته الرائعة «ما وراء الطبيعة» والتى ألهبت خيال القراء.
وهذا النوع من الأدب يحقق المتعة والإثارة وقد يرضى الرغبة الدفينة فى تجربة الرعب والأحاسيس المرتبطة به!، وأدب الرعب كأى نوع آخر من الأدب لابد أن يتناول فى إطار فنى محكم وإلا صار العمل قصة تخويف بلا معنى.
وقد أقبلت على كتابة هذا النوع من الأدب لأنى أجيده، ولأن عندى ما أقوله فيه. وكتابته فعل شاق ومرهق للغاية، والمتعة لا تأتى إلا بعد كلمة النهاية.
ومن أهم الكتاب الذين تأثرت بهم: إدجار آلان بو، ولافكرافت، وريتشارد ماتسيون، وكليف باركر.
أكتب لكى أتغلب على مخاوفى
محمد عصمت روائى- وصدرت له عدة روايات من أدب الرعب- يقول: «أقبلت على كتابة هذا النوع من الأدب كى أتحدى مخاوفى فأنا شخص يخاف الظلام و المهرجين للغاية! لذا لم أجد طريقة كى أتحدى خوفى وأتغلب عليه سوى بالكتابة، بسكب مخاوفى على الورق وبين السطور لأتخلص منها تمامًا ولأنقلها للقارئ.
ويحقق هذا النوع من الأدب متعة بالغة أنا شخصيًا أعشق كتابته، وأعشق التخيل وأتحدى نفسى بحكايات جديدة، وقصص جديدة، وأحب أن أسمع رأى القراء فى رواياتى، وبالنسبة لى فالإبحار بين حبكات الرعب والقصص الخيالية يحقق لى متعة كبيرة جدًا فهو يحقق لى أشياء لا أستطيع تحقيقها والقارئ أيضًا يحقق تجارب حياتية ومتعة لن يجدها سوى فى هذا النوع من الأدب، وهو قارئ يبحث عن الروايات والقصص التى تثير خياله وتحترم عقله فى الوقت نفسه، إن روايات الرعب بعضها خيالى للغاية إلا أنها تحترم عقل القارئ وتفكيره ونضجه.
وقد اشتهر بكتابة هذا النوع من الأدب عالميًا ستيفن كنج، وتشارلى هيغسون لكن كاتبى المفضل هو جون جريشام وهو لا يكتب رعبًا!
وفى مصر اشتهرت كتابات أحمد خالد توفيق، وحسن الجندى وحسين السيد.
رعب على الفيسبوك!
ويقول نهى صالح قاصة: «إقبالى على كتابة أدب الرعب كان على سبيل المصادفة فقد كتبت قصة على حسابى الشخصى على موقع الفيسبوك، وكانت تحتوى على فكرة مرعبة ثم أنهيت ما كتبت بشكل ساخر لكنى فوجئت برد فعل إيجابى جدًا لكل من قرأ القصة ومطالبة الكثيرين لى بكتابة هذا النوع من الأدب، وعما يحققه هذا النوع من الأدب من متعة فإن له جمهورا واسعا من جميع الأعمار، ويحقق متعة خاصة لكاتبه إذا كان يمتلك الأدوات التى تجعله يشعر القارئ ببعض الخوف!
وبالنسبة لى لم أكتب هذا النوع من الأدب تأثرًا بكتابات غربية بل على العكس تمامًا، اعتمد فيما أكتب على الحكايات الشعبية الموجودة فى تراثنا، ولدينا منها الكثير الذى يعتبر مخيفًا أكثر من أفلام الرعب الأمريكية التى تعتمد على الصورة والإبهار.
وتضيف نهى: «عندما كنت طفلة كانت أمى أو جدتى تحكى لنا قصة عن ظهور جنى فى قرية! أو ظهور روح شخص بعد قتله ولذا عادت روحه لتأخذ بثأرها!، وكنا نشعر بالخوف رغم أننا نعلم أنها من نسج الخيال».
وأجاثا كريستى هى كاتبتى المفضلة وقد كتبت أعمالاً مميزة فى هذا المجال.
الأدب يعيد التوازن للمجتمع
وسألت د. خالد أبو الليل أستاذ الأدب الشعبى بكلية الآداب - جامعة القاهرة عن فكرة وجود أدب مرعب أو حكايات مخيفة فى تراثنا الشعبى يعود إليها ويستلهمها بعض كتاب أدب الرعب فقال: «هذه مغالطة فالبعض يظن أن الصراع بين الخير والشر، ويفسره بأنه (رعب)!
والصراع فى الأساطير والملاحم والحكايات الشعبية هو صراع بين الخير والشر وينتهى بانتصار الخير وزوال رموز الخوف، وحتى فى حكاية «أمنا الغولة» - وهى فى الحكاية مصدر رعب وخوف تتحول إلى مساعدة لست الحسن والجمال، ومصدر للوقوف فى وجه الشر عندما تحسن ست الحسن معاملتها، وتدرك أمنا الغولة ما يُدبر لست الحسن من مكائد على يد زوجة أبيها فتتعاطف معها وتكسوها وتزينها بالذهب حتى رآها ابن الملك فى الحكاية وأراد أن يتزوجها، وأرسلت زوجة الأب ابنتها لأمنا الغولة لتحظى بمثل ذلك إلا أن الفتاة أساءت معاملة «أمنا الغولة» فألقت عليها الثعابين!
فهذا أدب يرسخ لقيم الخير والجمال، وهذا يعنى أن الرعب فى الأدب الشعبى وسيلة وليس غاية، وظيفته ردع قوى الشر التى تهدد استقرار المجتمع (فأمنا الغولة هنا أعادت التوازن للمجتمع) وأعادت الأمل لست الحُسن.
أما أدب الرعب الآن فهو غاية لا وسيلة ويؤثر على نفسية القارئ بالسلب. وإذا نظرنا إلى الأدب كمنتج اجتماعى وليد ظروف اجتماعية فهناك اتجاه للعنف اللفظى والجسدى تصوره الأفلام والمسلسلات التى تعرض على الناس، ويقول منتجوها أنهم يصورون مجتمعًا فأقول لهم لا هذه ليست قيمة الفن ولا وظيفته.
إن مسلسلات وأفلام الرعب أصبحت غاية لا وسيلة، وهى تضر بالمجتمع وتخلخل قيمه، والمبالغة فى تقديم مشاهد العنف قد تفقد من يشاهدها قدرته على المقاومة وتشعره بعجزه، وتقوى نزعة ممارس العنف فينزع للاستقواء على الآخرين، ويبدو هذا فى الدراما المقدمة عن طريق السينما مثل فيلم (إبراهيم الأبيض).
وبعض المسلسلات التى احتوت على مشاهد تخلخل من قيم المجتمع مثل مسلسل «الأسطورة» ولعل هذا يفسر انتشار أدب الرعب فكتابه يسايرون هذا العنف اللفظى، والجسدى فى السينما والتليفزيون بينما خلت سينما الخمسينيات من مثل هذا العنف وكان الجانب الرومانسى يغلب على دراما تلك الفترة».
••
«أدب الرعب... سيبقى منه ما يثير الخيال ويجعلنا نفتش فى أعماق النفس الإنسانية، أدب تراه فى أرفع مستوياته عندما يقول كاتبه إدجار آلان بو - فى إحدى قصصه: «إن لكل إنسان ذكرى لأشكال خيالية، لعيون بليغة مقدسة، لأصوات لها وقع موسيقى حزين، ذكرى لن نستطيع أبدا استبعادها، ذكرى تلازمنا كالظل، غامضة، متقلبة، أبدية، وغير مستقرة، وهى كالظل أيضًا فى استحالة التخلص منها طالما أشرقت الشمس على أرواحنا».
... أتراه كان يقصد هذا النصيب من الرعب؟!..، هذا الخوف الذى يطل برأسه فى لحظة تستعصى على الفهم أو التفسير، وتحتاج المزيد من الأدب ليفسرها؟!.. هل ستقول الآن: من الشجاعة أن آخذ نصيبى من الرعب لأحفز خيالى على المواجهة أم تكتفى مثلى برعب الصُدفة.. وترفض أن يكون الرعب متعة. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.