ماعت تُنهي الدورة التدريبية التعريفية بالآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان    السياحة تكشف آخر تطورات أزمة إفلاس شركة FTI (فيديو)    مصدر رفيع المستوى: الوفد الأمني المصري يكثف اتصالاته عقب رد حماس    الإمارات والبحرين يكتفيان بالتعادل 1/1 في تصفيات كأس العالم    قبول دفعة جديدة من أبناء الفيوم بالمدرسة الفنية لمياه الشرب بالجيزة    محمد علي رزق: محمود ياسين قال لي أنت حكاية كبيرة وهتبقى نجم    نقابة الصيادلة تكشف مفاجأة سارة بشأن أسعار الأدوية    "موان" ينفذ عددًا من المبادرات في قطاع إدارة النفايات بموسم الحج    استعدادًا لعيد الأضحى.. حملات مكثفة لمراقبة الأسواق وإنذار 7 مطاعم بالغلق في مطروح    رئيس جهاز شئون البيئة يكشف تفاصيل ضبط خراف نافقة في البحر الأحمر    منتخب الكويت يتأهل لكأس آسيا 2027 والتصفيات النهائية لمونديال 2026    عالم أزهرى يكشف لقناة الناس لماذا لا يصوم الحجاج يوم عرفة.. فيديو    أول رد من عريس الشرقية بعد فيديو ضرب عروسه في الفرح: «غصب عني»    دي بروين يوجه صدمة مدوية لجماهير الاتحاد    كاتبة أردنية: كلمة الرئيس السيسي في قمة اليوم مكاشفة وكلها مدعومة بالحقائق والوثائق    «الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأضحية لا تجزئ عن الأسرة كلها في حالة واحدة    رسالة جديدة من «الهجرة» للمصريين في دول النزاعات بشأن مبادرة استيراد السيارات    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    مفاجأة.. بيراميدز مهدد بعدم المشاركة في البطولات الإفريقية    مباشر الآن تويتر HD.. مشاهدة الشوط الأول مباراة السعودية والأردن في تصفيات كأس العالم    مصدر بمكافحة المنشطات: إمكانية رفع الإيقاف عن رمضان صبحى لحين عقد جلسة استماع ثانية    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    الأمين العام للناتو: لاتفيا تمثل قدوة لدول الحلفاء    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    رئيس جامعة الأقصر يشارك في الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالناصر «حبيب الغلابة»
نشر في صباح الخير يوم 18 - 07 - 2018


كتبت: فريدة الشوباشى

هذا فى رأيى ومن واقع تجربتى، أقرب وصف للزعيم الخالد جمال عبدالناصر. وتبدأ حكايتى مع ثورة يوليو بإحدى أهم ذكرياتى، وهى زغرودة أمى رحمة الله عليها، عندما قررت الثورة إلغاء الألقاب..ولم أكن أفهم بالضبط معنى الألقاب، سوى أنها تعنى مثلا منعى من السير فوق رصيف بيت أحد الباشاوات فى مدينة حلوان.
كنت أشعر بالقهر وأنا أتمرد على هذا المنع، فيلاحقنى أحد الحراس بعصاه وحمدًا لله أننى كنت أسرع منه فى الجرى.. وكانت ردة الفعل الأولى عندى أن مشيت وببطء شديد، فوق رصيف بيت الباشا وأنا أشعر برد اعتبار لإنسانيتى، رغم أننى كنت فى الرابعة عشرة من العمر.
وكشف عبدالناصر عن انحيازه للغلابة، خاصة الفلاحين والعمال فتوالت الإجراءات التى نقلتهم إلى حياة كريمة، يكون التقدير فيها حسب ما يقدمه المرء من عمل والتزامه بالقيم والمعايير الأخلاقية.
لا يبرح أذنى صوت عبدالناصر يوم تأميم قناة السويس وكذلك خطابه فى الأزهر الشريف إبان العدوان الثلاثى.. وأتوقف هنا عند نقطة أراها فى غاية الأهمية، فعندما أقسم عبدالناصر أننا لن نستسلم قائلا: لقد فُرض علينا القتال ولكن لن يوجد من يفرض علينا الاستسلام.. وبصوت جهورى أكد: سنقاتل..وفور انتهاء الخطاب انفجرت جميع أنابيب النفط من الظهران بالسعودية إلى طرابلس الغرب فى ليبيا.
كان هذا الحادث الجلل الذى أصاب المعتدين وحلفاءهم فى المنطقة بالهلع، علامة فارقة فى التعجيل بعدوان يونيو 1967، فعبدالناصر لم يهدد ولم يكن محتلًا للدول النفطية، إنما كانت قوته تكمن فى حب الجماهير العربية له وإيمانهم بقيادته النزيهة.
بعد انتصارنا فى بور سعيد، اقترنت بزوجى الكاتب والصحفى والمحامى الراحل على الشوباشى، وقبل مرور سنة على زواجنا تم اعتقاله لانتمائه إلى حزب يسارى سرى.. كان اعتقال على عاملًا هامًا فى ابتعادى عاطفيا عن عبدالناصر، لا سيما أن زوجى كان ممنوعًا من العمل منذ خروجه من السجن فى منتصف الستينيات.
رزقنا بابننا نبيل فى نهاية عام 65، ثم حملت فى طفل ثان وكنت فى أوائل الشهر السابع عندما وقع العدوان، مساء التاسع من يونيو، ونحن فى انتظار كلمة عبدالناصر كنت أتنقل بين إذاعتى تل أبيب وصوت أمريكا، وشعرت وكأن نفس المذيع بالمحطتين، نفس الكراهية والغل، وصيحات الانتصار على الديكتاتور جمال عبدالناصر، التفت لعلى وأنا أقول له: إن أمريكا وإسرائيل أعدائى، وبما أن أعدائى يكرهونه إلى هذا الحد فهو إذن حبيبى..لن أنسى مشهد وجه على وعينيه المغرورقتين بالدموع وهو يقول لى نفس سيناريو محمد على بيتكرر.
حان موعد الخطاب وأعلن عبدالناصر، أنه يتحمل المسئولية كاملة وأنه يتنحى عن الحكم..صرخت وأنا أعدو نحو باب الخروج، جذبنى على وهو يسألنى عن أين أذهب، صرخت بكل قوتى الشارع ما يمشيش! وكأننى اتخذت قرارًا، أيقنت بعد دقائق أنه كان قرارًا شعبيًا، حيث نزلت الملايين تهدر بأروع تحليل لعلاقة شعب بزعيم آمن به.. «مكتوب على قلوبنا عبدالناصر محبوبنا»، «مكتوب على سلاحنا عبدالناصر كفاحنا»، ولكن أروع هتاف كان «إحنا الشعب أصحاب الحق، لأول مرة نقول لك لأ».
منذ صباح العاشر من يونيو، شعرت بفخر، بأننا هزمنا الهزيمة، حيث لم تحقق الهزيمة العسكرية ما توقعه المعتدون وكان مساء 9 يونيو فى رأيى، أول خطوة فى طريق حرب الاستنزاف المجيدة والعبور العظيم.
أصبحت واحدة من الملايين التى تضع عبدالناصر فى مكانة خاصة واكتشفت صحة مقولته «إذا لقيتوا أمريكا راضية عنى، اعرفوا أنى ماشى فى الطريق الخطأ».. ويحضرنى بالمناسبة حوار دار بينى وبين إقطاعى من أقارب زوجى، فقد صب جام غضبه على عبدالناصر «ابن البوسطجى!!» الذى جعل للفلاح سعرًا، فقد كنا نربط الفلاح فى شجرة ونطلق عليه الرصاص ويموت مثل القط!! ولا أحد يقول لنا، تلت التلاتة كام...أجبته بعصبية واضحة وأنا أحاول ألا تفر دموعى: تصور يا عم فلان، إن السبب الذى من أجله تكره عبدالناصر، هو تحديدا السبب الذى من أجله أنا، والملايين معى، نحبه، وهو أنه جعل للفلاح سعرًا.
ولم أحزن فى حياتى كما حزنت يوم الرحيل، وكان عملى فى فرنسا فرصة كبيرة جعلتنى أطلع على تفاصيل كثيرة تتعلق بكراهية أعداء مصر لجمال عبدالناصر والمؤامرات العديدة التى حاكوها ضده بهدف التخلص منه، وهو ما يفسر إلى حد كبير، ظاهرة استمرار الهجوم عليه وكأنه لا يزال فى الحكم، ويطرح سؤالاً ملحًا.. هل مات عبدالناصر أم أنه سيبقى حيا فى قلوبنا لنظل نهتف مع الخال الجميل عبدالرحمن الأبنودى: يعيش جمال عبدالناصر حتى فى موته.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.