حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    10 سنوات إنجازات.. 3 مدن جديدة و10 آلاف وحدة سكنية لأهالي قنا    خبير اقتصادي يتوقع خفض الفايدة 2% في اجتماع لجنة السياسة النقدية سبتمبر القادم    حماس تطالب أمريكا بالضغط على إسرائيل للتوصل إلى وقف القتال في غزة    مجلس الأمن يعتزم التصويت اليوم على وقف حصار الدعم السريع لمدينة ‬الفاشر السودانية    أرمينيا تعلن نيتها الانسحاب من معاهدة أمنية تقودها روسيا    اندلاع حريق كبير بمصفاة نفط في كردستان العراق    الفيفا يصدم اتحاد الكرة في أزمة إيقاف الشيبي    "تحذير وانتقاد".. بيراميدز يصدر بيانا بخصوص أزمة رمضان صبحي (صورة)    "دوري مصري ونهائي السلة".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    بث مباشر افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا واسكتلندا    عاجل.. تصريح مفاجئ من ضياء السيد حول انتقال يزن النعيمات إلى الأهلي    مصرع 4 أشخاص وإصابة اثنين في حادث تصادم ميكروباص بسيارة ملاكي بصحراوي المنيا    مصرع وأصابة 6 أشخاص فى حادث تصادم بالمنيا    الحج السياحي 2024.. وزارة السياحة والآثار توجه تحذيرا للشركات    هشام عاشور:"نيللي كريم عمرها ما رشحتني لدور وزواجي منها كان معجزة".. فيديو    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    أستاذ تراث ب«افتح باب قلبك»: العيد في مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر في عاداتنا وتقاليدنا    عيد الأضحى 2024.. ما المستحب للمضحي فعله عند التضحية    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    عاجل.. صدمة مدوية ل "اتحاد الكرة" وراء رفع إيقاف الشيبي    «نط من فوق السور».. محمد عبد الوهاب يكشف كواليس مثيرة بشأن تعاقد الأهلي مع نجم الإسماعيلي    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    إعلام فلسطيني: ارتفاع أعداد ضحايا العدوان على منزل في النصيرات إلى 3 شهداء    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    «الإدارية العليا» ترفض مجازاة مدير اختصامه جهة عمله.. وتؤكد: «اجتهد ولم يرتكب مخالفات»    المشدد 10 سنوات وغرامة 3 ملايين جنيه ل«مسؤول سابق بالجمارك»    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    صواريخ «حزب الله» تدك أهدافًا عسكرية ومدنية في إسرائيل (فيديو)    اعتقال شخصين في السويد على خلفية إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    صور.. دار الكتب تحتفل بمسار العائلة المقدسة    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    «الصحفيين» تعلن جوائز دورة هيكل الثانية في «تغطية النزاعات والحروب» (تفاصيل)    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    هيئة الدواء: توفير جميع الخدمات الدوائية خلال العيد.. وخط ساخن للاستفسارات    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    خزين العيد.. أطعمة يجب شرائها قبل يوم الوقفة    وكيل صحة سوهاج يعقد اجتماع لمناقشة خطة التأمين الطبي أثناء العيد    صاحبة فيديو جرعة العلاج الكيماوي تكشف تفاصيل الواقعة    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    المزاد على لوحة سيارة " أ م ى- 1" المميزة يتخطى 3 ملايين جنيه    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد الحب فى فرنسا.. نظرة خاصة
نشر في صباح الخير يوم 10 - 02 - 2015

الحب فى فرنسا هو «أكسجين» الحياة، كما يقول المخرج الفرنسى الكبير الراحل فرانسوا تروفو، مخرج فيلم «جول وجيم» بطولة جان مورو، الذى أحب النساء، وكرس لهن كل أفلامه، وفى كل مرة كان يقع فى غرام بطلة الفيلم!
الحب فى فرنسا هو الهواء الذى يستنشقه الفرنسيون، فى البلد الذى يعتبر أعظم قطب سياحى فى العالم. أكثر من 10 ملايين سائح كل سنة.
ولا تجذب فرنسا السياح إليها فقط بآثارها، ومتاحفها، وتاريخها العريق فحسب، بل تجذبهم أيضا إليها بأسلوب حياة الفرنسيين، وطريقة عيشهم، وبفلاسفتهم «جان جاك روسو» وأدبائهم «فيكتور هوجو»، بعد أن جعلت من الحب فى بلاد أراجون وديكارات وفولتير أسلوب حياتها، وسكة على الطريق الصاعد إلى الجبل، حيث تكون هى الغبطة المتصلة، والحكمة، والذى سلكه كل الواصلين.
ويدخل عندى فى خانة الحب بعض أصناف الطعام الفرنسية الشهيرة مثل الجبن الفرنسى والنبيذ والخبز الفرنسى «الباجيت» وفن الطهى عموما، لكن كيف يستطيع المرء أن يكتب عن الحب فى فرنسا، وعيده.. عيد القديس سان فالنتين الذى يحتفل به فى الرابع عشر من شهر فبراير كل عام، هكذا تساءلت حين يكون قد عاش مثلى وسط الفرنسيين ويعرف أنه من فرط حبهم للحب، يمارسونه فى كل وقت ولحظة، ولا يبالون حتى بأن يكون له عيد، فى الاحتفال بعيد الحب.
يحتفل المواطنون الفرنسيون بعيد الحب - سان فالنتين- «SAINT VALENTIN» بتبادل بطاقات التهنئة التى يرسلها كل حبيب إلى حبيبته إلى زوجته، وبتبادل الهدايا من زهور وعطور وشيكولاتة، وفى كل سنة تأخذ الهدية شكلا جديدا، فمرة تكون دعوة للعشاء فى مطعم ليلى معلق فى قمة برج إيفل، ومرة ثانية تكون رحلة نهرية فى نهر السين، أو «غداء على العشب» فى حدائق التويلرى مع جان رينوار، صاحب فيلم «قواعد اللعبة» الأب الروحى للسينما الفرنسية، الذى خلد فقط مجد الحب فى كل أفلامه.. غير أنى لاحظت من طول العيش مع الفرنسيين أنهم حولوا الاحتفال بالحب وعيد القديس فالنتين إلى فرصة للتنافس على كتابة الشعر، وتدبيج القصائد الغرامية، والنهل من التراث الشعرى والغنائى الفرنسى فى الحب فى فرنسا واقتباسه، من عند شعراء التروبادور النبلاء الفرسان فى العصور الوسطى، وارتباط شعر الحب فى فرنسا ب «الفروسية»، ومرورا بالشعراء السرياليين الذين شارك بعضهم فى حركة تحرير فرنسا ضد الاحتلال النازى، ولم تلههم تلك المشاركة، عن أن يبدعوا فى مديح الحب، أجمل القصائد.
يكتب أحد شعراء التروبادور الفرنسيين المجهولين لحبيبته قصيدة على شكل رسالة، تستلمها وتفتحها وتروح تقرأ:
«.. هذى ثمار، وأزهار ، وأوراق، وأغصان ، ثم هذا قلبى الذى لايخفق إلا لك.
لا تمزقيه بيديك البيضاوين، ولتحل الهدية الصغيرة فى عينيك الفالنتين.
هاأنذا أقبل، ولايزال الندى يغمرنى..
الندى الذى جمدته ريح الصباح على جبينى.
اسمحى أن يستريح تعبى عند قدميك،
فيحلم باللحظات الغالية التى تسرى عنه.
دعى رأسى يتقلب على صدرك الريّان..
رأسى الذى مازال يدوى بقبلاتك الأخيرة.
دعيه من فضلك يستريح من العاصفة الرهيبة
وأنام قليلا مادمت تهجعين.
ويكتب الشاعر الفرنسى العظيم جيوم أبولونير( 1880 - 1918 ) إلى حبيبته فيقول لها: «إن حبى كالعنقاء، إن مات ذات مساء، ولد من جديد فى الصباح».
وكان أبولينير، واسمه الحقيقى هو جيوم أبولينير كوستروفسكى من أصل بولندى وولد عام 1880 تطوع فى الحرب العالمية الأولى، وجرح جرحا خطيرا فى رأسه، وأجريت له عملية «تربنة»، وظهر مقاله الشهير «الروح الجديدة والشعراء» فى سنة 1918 وكان له أثر كبير على الشعر الحديث، ويعد أبولينير رائدا للشعر الحديث فى فرنسا.
ينشد أبولينير فى قصيدته الفرنسية الشهيرة «المهان»:
«.. وداعا أيها الحب الكاذب، يا حب المرأة التى فقدتها فى العام الماضى فى ألمانيا..
ولن أراها بعد اليوم.
أيتها المجرة، أيتها الأخت الناصعة للجداول البيضاء فى كنعان
ولأجساد المحبين البيضاء،
أنتبع نحن السبّاحين الموتى فى خشوع،
طريقك إلى أفلاك أخرى فى الضباب؟
مازلت أذكر سنة أخرى.
كل صباح يوم من أيام إبريل،
غنيت فرحتى الحبيبة..
غنيت للحب بصوت الرجال،
فى زمن الحب من ذلك العام.
ومن أجمل «قصائد الحب» فى فرنسا، القصيدة التى كتبها الشاعر الفرنسى الكبير بول إيلوار (1895- 1952) الذى نتذكر له قصيدته الرائعة عن الحرية «اكتب اسمك»، ويصف فيها حبيبته العاشقة.. و«العاشقة» هو عنوان تلك القصيدة، ويقول فيها:
«.. تقف على جفوني
وشعرها فى شعري
لها شكل يدي
لها لون عينى،
تغوص فى ظلي
كحجر على السماء
عيناها مفتوحتان أبدا
ولا تتركنى أنام
أحلامها فى الضوء
تجعل الشموع تتبخر
تجعلنى أضحك، أبكى، أضحك
أتكلم دون أن أعرف ما أقول
عاشقة تلوذين بالسر خلف ابتسامتك
عندما تكشف كلمات الحب العارية
عن نهديك وعنقك
وأردافك وجفونك
تكتشف الضمات جميعا
لكى لا تبين القبلات فى عينيك
أحدا سواك .. بكليتك».
من ذلك التراث الشعرى والغنائى الفرنسى الرائع ينهل الفرنسيون حين يشرعون فى كتابة بطاقاتهم إلى الحبيبة فى «عيد الحب» فهو بمثابة مخزن أو منجم ذهب من الذكريات وخلاصات لتجارب فى الحب، حين يلخص بول إيلوار تجربته بخبطة قلم فيقول لحبيبته: «إننى أسمع صوتك.. بين كل ضجيج العالم»!
ويكتب الشاعر الفرنسى الكبير فيكتور هوجو مؤلف رواية «البؤساء» إلى حبيبته: «.. سوف أنتظرك هذا المساء حبيبتى بكل ما أوتيت من صبر وجلد، وحين أستمع إلى دقات قلبى المتسارعة، وأنا فى انتظارك، يخيّل إليّ أنها تريد أن تجعل بندول الساعة يدور كى تصلى بسرعة»!
وفى باريس حوارى وشوارع مخصوصة للحب، وبخاصة فى ذلك المربع الذى يحتل الضفة لليسرى لنهر السين من عند حديقة لوكسمبورغ وأنت قادم محطة من بورت رويال وتسير فى اتجاه حى السان ميشيل الذى تتواجد فيه جامعة السوربون، ويطلق عليه «الحى اللاتينى»، ويوجد به أكبر تجمع للشباب من الطلبة والدارسين ومقاهى المثقفين، ومن هناك وبعد تجوال فى حوارى الحى التاريخى العريق، تستطيع أن تعبر الجسر الصغير الموصل إلى كاتدرائية نوتردام دو بارى، وتهبط السلالم إلى رصيف النهر، حيث يتجمع العشاق هنا فى الليل مع الصعاليك والسياح والمشردين من كل أرض.
فى باريس تحب.. وتفعل ما تشاء.. فليس هناك فى الحب - وبخاصة فى تلك المدينة التى كتب عنها الروائى الأمريكى آرنست هيمنجواى يقول إنها «عيد دائم» - ما يجرح المشاعر أو يثير الإحساس بالغيرة، إذ تفتح المدينة ذراعيها للقادمين إليها من كل حدب وصوب وتطبع على جبهاتهم قبلة، وتروح بجمال معمارها وحسنها كأعظم متحف فى الهواء الطلق فى العالم تبسط لهم حواريها وشوارعها للتريض والنزهة والتجوال والصعلكة والحب.
ولا توجد صعلكة ألذ من الصعلكة والفرجة فى باريس، فهذه مدينة خلقت للعشاق والمشاءين الكبار بميادينها الواسعة فى أحياء الكونكورد، حيث توجد المسلة المصرية، وفى الباستيل والشانزليزيه ولاريبوبليك «الجمهورية»، وحدائقها الغنّاء التى ترد الروح ولا تشبع أبدا منها. لا توجد صعلكة ألذ من الصعلكة فى باريس مع صديق أو حبيبة، والتجوال فى شوارع باريس والتردد على حدائقها ومسارحها العريقة، وربط كل ذلك بحركة الشارع اللاهث فى المدينة.. على أنغام وإيقاعات موسيقى الجاز..
والجميل أن الفرنسيين كما لاحظت بسبب إقامتى الطويلة ومنذ زمن فى البلاد، جعلوا من الاحتفال بالحب، فرصة للاحتفال أيضا بقيمة الحرية.
الحب عند الفرنسيين هو عشق الحرية، فى إطار احترام الآخر، ومد يد إلى الجار، والمشاركة فى الاحتفال الإنسانى ببهجة الحياة، والتواصل مع كل الكائنات والمخلوقات، بعيدا عن تلك المدن الأسفلتية الموحشة، مدن الاستهلاك الكبرى المركانتيلية العملاقة، فوقها دخان، وتحتها بالوعات، وأحد فى زحامها، لا يود أن يكون سحابة.
الحب فى فرنسا هو «إنى أكتب اسمك» فى قصيدة للشاعر بول إيلوار. وكل تلك القوارب التى تعبر نهر السين، فإذا دخل الليل، أخذت تسلط كشافاتها على العشاق الذين يتبادلون القبل وهم يتهادون على حافة النهر، ولا يعبئون بالبرد أو المطر.
الاحتفال بالحب فى باريس، هو سيناريو فيلم «أطفال الفردوس» السيناريو الذى كتبه شاعر الشعب جاك بريفير، أعظم كتاب السيناريو فى تاريخ السينما الفرنسية، وجعل من فيلم «أطفال الفردوس» من إخراج مارسيل كارنيه أحد أعظم عشرة أفلام فى العالم، وهو أيضا عندى صورة تلك القبلة. القبلة التى التقطتها عدسة المصور الفرنسى روبير دوانو عند دار العمدة فى قلب باريس، لتقول المجد لذلك «القلب» الإنسانى داخلنا. ذلك القلب الذى يجعل الاحتفال بالحب فى فرنسا الحرية والعدالة والمساواة، شعار الجمهورية، يجعل منه يقينا احتفالا بعالم أصيل.. من الرقة.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.