غنمت آمون حتشبسوت، والشهيرة ب(حتشبسوت)، أشهر الملكات اللاتى حكمن مصر، وأقواهن نفوذًا، فقد كان حكمها نقطة بارزة ليس فى تاريخ الأسرة الثامنة عشرة فحسب، بل فى تاريخ مصر القديم كله، وهى الخامسة ضمن تسلسل ملوك الأسرة الثامنة عشرة، ويعتبرها علماء المصريات واحدة من أنجح ملوك المصريين القدماء، ويعنى اسمها: خليلة آمون المفضلة على السيدات، أو خليلة آمون درة الأميرات. ولدت حتشبسوت فى عام 1508 قبل الميلاد، وهى الابنة الكبرى للملك (تحتمس الأول)، وحفيدة الملك (أحمس) ويعتبر الملك (أحمس الأول) صاحب الانتصار العظيم فى تحرير مصر من الهكسوس، هو الجد الأكبر لحتشبسوت، ومؤسس الأسرة الثامنة عشر الفرعونية التى تنتمى إليها تزوجت حتشبسوت من (تحتمس الثانى)، وأنجبت منه ابنا توفى وبنتين، اسمهما (نفرو رع)، و(مريت رع حتشبسوت). وقد أنجب زوجها (تحتمس الثانى)، ابنه (تحتمس الثالث)، من إحدى محظيات البلاط الملكى، والتى كانت تدعى (إيزة) وكان يريد أن يمنح ابنه (تحتمس الثالث)، حق تولى العرش من بعده. توفى تحتمس الثانى وقد كان عمر حتشبسوت فى ذلك الوقت أربعًا وثلاثين سنة، تم إعلان حتشبسوت فى عام 1404 قبل الميلاد، ملكًا على الصعيد والدلتا، وحكمت مصر وممتلكاتها فى الخارج وحدها كفرعون. ولقد كانت الخانات الملكية التى كتب اسم حتشبسوت فى داخلها، والتى تظهر على جدران الدير البحرى والكرنك قد أضيف بجوار اسمها (ملك الصعيد والدلتا، ابنة الشمس، صديقة آمون حتشبسوت، حورس الذهبى، مانحة السنين، إلهة الإشراقات، هازمة جميع البلاد، التى تحيى القلوب، السيدة القوية)، ويقدر المؤرخ المصرى القديم (مانيتون)، فترة حكمها ب21 سنة، وتسعة أشهر. وكانت تلبس ملابس تشبه ملابس من سبقها من الفراعنة الرجال فى الاحتفالات الرسمية، كما ظهرت فى بعض تماثيلها بذقن مستعارة كما هو المألوف فى تماثيل الفراعنة. وعلى الرغم من أن تحتمس الثالث لم يكن ابنها فقد عهدت إلى تربيته وتعليمه تربية عسكرية، وعلمته فنون إدارة الدولة، ليقود بعض الحملات العسكرية ضد الثائرين على الحكم المصرى خارج البلاد فى أواخر حكمها، وقد تولى الحكم بعد موتها، بعد زواجه من ابنتها (مريت رع حتشبسوت)، مما أعطى له شرعية الحكم، وقد كان من أقوى الفراعنة المحاربين الذين حكموا مصر، وكون أول وأقوى إمبراطورية مصرية عرفها التاريخ. اتسمت فترة حكم حتشبسوت بالسلام والرفاهية، وتميز عهدها بقوة الجيش ونشاط البناء والرحلات البحرية العظيمة التى أرسلتها للتجارة مع بلاد الجوار، وأعادت استخدام قناة تربط بين النيل عند نهاية الدلتا بالبحر الأحمر، حيث قامت بتنظيف هذه القناة بعد أن حفرها المصريون أيام الدولة الوسطى، وذلك لتسيير أسطول مصر البحرى بها ليخرج إلى خليج السويس وبعدها إلى مياه البحر الأحمر, وأعادت فتح المحاجر والمناجم التى أهملت لفترة طويلة، وخاصةً مناجم النحاس والملاخيت فى شبة جزيرة سيناء، ومازلنا نجد فى سيناء لوحة عليها كتابة توثق هذا العمل، وتمجد ما فعلته.