رئيس جامعة العريش يناقش خطة الأنشطة الطلابية الصيفية ويكرم المتميزين    تعرف علي أهم 3 سلع تستوردها مصر من الأردن .. تفاصيل    مساعد وزير السياحة يكشف عن موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    عودة للانخفاض.. سعر الدولار اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 (آخر تحديث)    الهلال الأحمر: استشهاد 6 فلسطينيين على الأقل برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة    تصفيات كأس العالم - غياب تاو.. جنوب إفريقيا تهزم زيمبابوي واشتعال القمة    رونالدو يقود تشكيل منتخب البرتغال أمام أيرلندا استعدادًا ل«يورو 2024»    ميندي يترقب مصيره مع ريال مدريد    قبل أن تضرب الموسم السياحي.. تحرك برلماني بخصوص أسماك القرش فى الغردقة    خراف نافقة في البحر الأحمر.. رئيس جهاز شئون البيئة يكشف تفاصيل الواقعة المثيرة    «لو مبقاش أحسن مني أزعل».. خالد النبوي يوجه رسالة لابنه نور.. ماذا قال؟    "المطيلي": الدورة الحالية من المعرض العام تحتفي بتجارب التشكيليين وعطائهم    بعد سحل عروسه في قاعة الفرح.. عريس كفر صقر: «معمولى سحر أسود» (فيديو)    كاتبة أردنية: كلمة الرئيس السيسي في قمة اليوم مكاشفة وكلها مدعومة بالحقائق والوثائق    أمين الفتوى لقناة الناس: هذا هو السبيل لتحقيق السعادة فى الدنيا.. فيديو    أمين الفتوى: ليس من حق الوالدين إجبار الأبناء على التنازل عن حقوقهم    مسئول بنقابة الصيادلة: الدواء المصري الأرخص في العالم.. وهذا واقع مرير    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    «الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    مباشر الآن تويتر HD.. مشاهدة الشوط الأول مباراة السعودية والأردن في تصفيات كأس العالم    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    الداخلية تواصل مبادرة "مأموري أقسام ومراكز الشرطة" لتوزيع عبوات غذائية على محدودي الدخل    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    حقوق إنسان الشيوخ تتفقد مركز الإدمان والتعاطى بإمبابة    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    الأمين العام للناتو: لاتفيا تمثل قدوة لدول الحلفاء    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زلزال يضرب التنظيم الدولى للإخوان
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 14 - 10 - 2021

«اشتعال الأزمة بين قادة الإخوان فى تركيا ولندن»، عبارة يدور حولها الجميع الآن، بعد قرار مجموعة محمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة، الأربعاء 13 أكتوبر، من العام الجاري، بإقالة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير، ردا على قرار سابق لمنير بإحالتهم للتحقيق!
عن الجدل الدائر بين أجنحة الإخوان فى الخارج، تختلف التفسيرات فى محاولة لفهم ما يحدث، هل هو صراع بين الصقور والحمائم، أو الإصلاحيين والمحافظين؟ هل هو صراع بين الداعمين للسلمية، فى محاولة لتسهيل عودة جيل جديد من تنظيم الإخوان إلى المشهد العالمى، وبين تيار آخر يدعم فكرة استمرار المواجهة!
تلك التساؤلات هى ما يريد تنظيم الإخوان أن تشغل الجميع، غير أن الحقيقة التى لا شك فيها أن المسألة لا تتجاوز صراع على خزينة أموال الجماعة، والحق فى الإدارة، ولمن السلطة اليوم فى إدارة تنظيم الإخوان!
اللافت للانتباه الجدل الدائر ليس وليد اللحظة؛ بمعنى أنها ليست المرة الأولى التى تشتعل فيها المواجهة بين أعضاء مكتب الإرشاد، ومجلس شورى الجماعة؛ فقبل سنوات حدث جدل بين قادة الجماعة، الممثلة فى المجموعة المنتمية لعضو مكتب الإرشاد، محمد كمال، والذى قتل فى مواجهات مع الشرطة عام 2016، والمسؤول عن العمليات الإرهابية التى نفذتها جماعات «حسم»، و«لواء الثورة»، التابعة للتنظيم بين أعوام 2013 وحتى عام 2019، وبين مجموعة محمود عزت ورفيقيه محمود حسين وإبراهيم منير، الرافضون للعنف المسلح على حد زعمهم!
شباب الإخوان أنفسهم ردوا على الإدعاء القائل أن الصراع بين السلمية وعدم السلمية، فخرج عصام تليمة، مدير مكتب القرضاوى سابقًا، فى إصدار صوتى قال فيه: « كل من يحدثكم عن أن الخلاف داخل الإخوان سببه السلمية أو العمل المسلح فهو كاذب، يريد صرف أنظار الناس عن الأسباب الحقيقية للخلاف، وهى: الخلاف على المواقع والمناصب الإدارية، وصلاحيات هذه المواقع وأصحابها. ومن يقول لكم عكس ذلك اطلبوا منه إخراج المراسلات التى كانت بين محمد كمال ومحمود عزت ومحمد عبدالرحمن المرسى. والخلاف حول اللجنة الإدارية العليا الأولى والثانية، كله خلاف إدارى فقط، ولْيُخرِجْ إخوان الخارج محاضر جلسات مجلس الشورى؛ لن تجدوا حرفًا واحدًا ولا جلسة واحدة فيها للنقاش حول هذه القضايا أو غيرها.. كل النقاشات فى الداخل والخارج كانت بشأن خلافات إدارية ومالية فقط».

الصقور والحمائم.. صراع «أبناء البنا» على خزائن أموال الجماعة
واقع مأزوم بالفعل بات يفرض نفسه على جماعة الإخوان؛ لكنها أزمة لا تتعلق بالدعوة والخلافة واستخدام العنف فى سبيل الوصول للسيطرة على المنطقة العربية، فهى مسائل يتفق جميع أبناء حسن البنا عليها، بل هى أزمة صراع حول المليارات التى لا نهاية لها، ومن يكون صاحب سلطة التحكم فيها. واقع اشتد بعد القبض على القائم بأعمال المرشد محمود عزت، الرجل الأخطر داخل التنظيم، فى أغسطس 2020، أعقب ذلك حل مكتب شورى الجماعة وتأسيس لجنة لإدارة التنظيم، تحت مسئولية إبراهيم منير، القائم الحالى بأعمال المرشد.
منذ اللحظة الأولى للحديث عن أعضاء تلك اللجنة دبّت الخلافات داخل التنظيم، بين ما عُرف بالقيادات التاريخية للجماعة، والقيادات الشابة، وكانت اللبنة الأولى فى ذلك الخلاف طرح اسم القيادى الإخوانى حلمى الجزار، نائبًا للمرشد، بجوار محمود حسين، الأمين العام السابق فى المكتب المنحل، والمتتبع لتاريخ الجماعة منذ التأسيس الثانى لها، فى السبعينيات من القرن الماضي، لن يبذل جهدًا لإدراك سبب الخلاف.
الصقور والحمائم
انقسم الإخوان بعد مقتل حسن البنّا،بحسب أدبيات الجماعة، إلى تيارين؛ أحدهما يشكل خط البنّا ذاته؛ أى التيار الوسطي. والتيار المتشدد المعروف بالتيار القطبي، نسبة إلى سيد قطب، وهو ينظر نظرة تكفيرية إلى الدولة والمجتمع باعتبارهما جاهلية.
ارتبط التيار القطبى بعد إعدام سيد قطب، بالمرشد مصطفى مشهور، وصولًا إلى المرشد محمد مهدى عاكف، والمرشد محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، ومحمود عزت، وصولًا إلى القائم بأعمال المرشد الحالى إبراهيم منير، أما أبرز ممثلى التيار الوسطى فكان المرشدان حسن الهضيبى وعمر التلمسانى.
يرى البعض أن مفهومى الإصلاحيين والمحافظين لا يختلفان إلا فى الأساليب والتكتيكات؛ اصطدم أنصار كل تيار بالآخر خلال العقود الأخيرة عدة مرات، صدام بدأ بعد رحيل البنا نفسه، بين حسن الهضيبى مرشد الإخوان بعد رحيل البنا، وعبد الرحمن السندى مسئول النظام الخاص المسلح داخل التنظيم، وانتهى الصدام ظاهريا بانتصار جبهة حسن الهضيبي، وهى مسألة يجب أن تشير إلى انتصار سلمية الهضيبى فى مواجهة عنف السندي، غير أن ما حدث عكس ذلك، بعد محاولة فاشلة لاغتيال الزعيم الراحل جمال عبدالناصر نفذها الإخوانى محمود عبد اللطيف وتبرأت منها الجماعة، ثم محاولات اغراق مصر عام عن طريق تفجير القناطر الخيرية 1964، بتخطيط من سيد قطب ورجالات الإخوان وتبرأت منها الجماعة أيضا!
اختلاف تكتيكى
أخطر تلك الصدامات ما حدث عام 2009؛ فبعد وفاة أحد أكبر أعضاء مكتب الإرشاد، وهو محمد هلال عن 90 عامًا، كان يُفترض، كما هو متّبع عرفًا، أن يتم تصعيد عصام العريان كى يحل محله، باعتباره الأحق وفقًا لنظام اللائحة الداخلية للجماعة، بيد أنّ التيار القطبى رفض ذلك متعللًا بعدم قانونية هذا الإجراء، وبعدم الحاجة إليه حينها لأنّ ثمة انتخابات جديدة لمكتب الإرشاد بعد ثلاثة أشهر.
على نفس النسق، تجددت أزمة مشابهة عام 2020، بعد طرح اسم حلمى الجزار نائبًا للمرشد، وهو محسوب على التيار الإصلاحى، فهو مرفوض من التيار القطبى الذى بات مسيطرًا على كل شىء داخل التنظيم، منذ بيعة المرشد الخامس للإخوان، مصطفى مشهور العام 1996.
بحسب دراسة للباحث هيثم مزاحم، ضمن كتاب «الإخوان وإيران توظيف الدين لمعركة السياسة» الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، يبدو التمييز بين «الإصلاحيين» و«المحافظين» ضبابيًا: يرى البعض أن مفهومي«الإصلاحيين» و«المحافظين» لا يختلفان فى الأساس إلا فى الأساليب والتكتيكات، فبينما يسعى «الإصلاحيون» إلى المشاركة السياسية المباشرة ويرغبون فى الانخراط مع غير الإسلاميين لتوسيع قاعدتهم، فإنّ «المحافظين» يخشون من أنّ هذا النهج سيقلل من المصداقية الإسلامية للجماعة ومن ثم سيقوّض تكاملها التنظيمي».
ويضيف الباحث مع ذلك يشترك كلا الاتجاهين فى الرؤية الأيديولوجية نفسها، فهم يسعون إلى أسلمة المجتمع كخطوة أولى نحو تأسيس الدولة الإسلامية، وفى النهاية تكوين «دولة إسلامية عالمية»، وفقًا لما ذكره نائب المرشد العام خيرت الشاطر».
عرف اسم الجزار بين أوساط جماعات الإسلام السياسى منذ السبعينيات، بداية من انخراطه ضمن طلبة الجماعة الإسلامية، فى الجامعات المصرية، وتولّيه مسؤولية أمير أمراء الجماعة فى مصر، مرورًا بإعلان انضمامه لجماعة الإخوان، العام 1979، بعد 7 سنوات من الانخراط سريًا فى الإخوان، وعدم الإفصاح لبقية أمراء الجماعة الإسلامية عن ذلك.
وزامله فى الانخراط داخل الإخوان من أمراء الجماعة الإسلامية سابقًا، عصام العريان، وعبد المنعم أبو الفتوح، ومنذ اللحظة الأولى ظهر أنّ تكتيكًا معينًا يتبعه من عُرفوا بالإصلاحيين، يعتمد على التّقية، وعدم المواجهة، وصولًا إلى التمكين المنشود، عكس ما يؤمن به أنصار التيار القطبى، القائم على تجهيل المجتمع وتكفيره، والمواجهة المباشرة.
العنف مسار الجماعة
مسألة وجود تيارين فى الجماعة، غير مقنعة، الواقع يؤكد أنّ كلا التيارين غير مختلفين فى المنطلقات الفكرية، لكن تصدر الجماعة أنّ هناك مسارين، الأول ينتهج العنف، والثانى رافض له.
فكرة اللجوء إلى القوة عند البنّا واستخدامها واضحة جدًا، ووضع لها ضوابط وشروطًا معينة، والدليل العملى على أنّ جبهة عزت لم ترفض مسار محمد كمال، الذى انتهج العنف بعد خلع الإخوان من حكم مصر، لم يكن رفضًا استراتيجيًا، أو مبنيًا على موقف فكرى أو شرعى رافض للعنف، لكن كان عبارة عن موقف تكتيكى، يتحرك حسب مصلحة الجماعة.
المسألة ليست انتماء طرف للتيار الإصلاحى وآخر للتيار القطبى؛ المسألة هى رغبة كل طرف فى ضم من يستطيعون السيطرة عليه، ورفض من هم خارجون عن السيطرة، مثلًا أعضاء الجماعة المحسوبون على الإصلاحيين هم أنفسهم من انتموا لجبهة محمد كمال التى انثبق عنها تيار العنف المسلح، وأصبح تيار القطبين ظاهريا رافض للعنف، السؤال هنا، هل رفض العنف من عدمه نابع من موقف فكرى يرفضه بشكل مطلق؟.
اللافت للانتباه أيضا أن مجموعة محمود حسين ومحمود عزت التى اعترضت ظاهريا على العمل المسلح عام 2014، وقدمت نفسها على أنها تيار إصلاح يرفض ما انتهجه تيار عضو مكتب الإرشاد محمد كمال، وذراعه اليمنى يحيى موسى، المتحدث السابق لوزارة الصحة فى حكومة الإخوان، هى نفسها المجموعة التى قدمها الإخوان على أنها تمثل التيار القطبى قبل عام 2011، على اعتبار أن محمود حسين ومحمود عزت ومعهم محمد بديع وخيرت الشاطر هم رجال مرشد الإخوان الخامس، مصطفى مشهور، الرجل الذى أحيا التنظيم المسلح للإخوان فى عهد المرشد الثالث عمر التلمسانى، واعتبره محللون المرشد السرى للتنظيم فى عهد التلمساني، ومسألة المرشد السرى فى حد ذاتها تشكك فى كل ما يحدث، وتشكك فى حقيقة اعتبار إبراهيم منير قائما بعمل المرشد من الأساس!
طرح اسم إبراهيم منير مسئولا عن الإخوان، عام 2020، تسبب فى صدام منذ لحظاته الأولى، بين مؤيد ومعارض، حينها ظهرت أحاديث ردّدها قادة سابقون بالإخوان، تشير إلى أنّ منير مجرّد واجهة للتنظيم، يتم استهلاكها إعلاميًا، وأنّ هناك هيكلًا سرّيًا هو الذى يدير التنظيم بالفعل.
الظهور الإعلامى الكثيف لمسؤول التنظيم الدولى فى الجماعة، إبراهيم منير، شكّك فى حقيقة مسئوليته عن الجماعة، لما عُرف عن التنظيم منذ التأسيس الأول من اعتبار العمل السرّى جزءًا لا يتجزأ من عقيدة عمل الإخوان، بداية من تأسيس النظام الخاص، مرورًا بتعيين مرشد سرّى للجماعة فى السبعينيات من القرن الماضي، يُدعى حلمى عبدالمجيد، ثمّ سيطرة الجناح القطبى على الجماعة فعليًا منذ الثمانينيات من القرن الماضي.
فى السياق نفسه، أفضى منير فى لقاءاته الفضائية بالعديد من الأسرار الخطيرة عن التنظيم، دون أدنى تحفظات يفرضها العمل السرّي، والتى تشير إلى صدق فرضية أنه مجرّد واجهة للتنظيم، يتمّ استهلاكها إعلاميًا فقط، منها اعترافه صراحة بتبعية «حسم»، و«لواء الثورة»، وجميع التنظيمات الإخوانية المسلحة، التى ظهرت بعد ثورة يونيو 2013 فى القاهرة، لجماعة الإخوان، وقد وصفهم منير بالشباب الوطنى الغاضب، ثمّ أكد قطع علاقة الجماعة بهم نتيجة استخدامهم للعنف!
مرشد الإخوان السرى
تدلّ وقائع التاريخ أنّ جماعة الإخوان المسلمين سقطت فى شرك العمل السرى 4 مرات حتى اليوم، تلك المراحل ذكرها عضو جماعة الإخوان المنشق، الدكتور عبد الستار المليجي، فى كتابه «آخر العمليات الفاشلة للتنظيم السريّ»؛ أشار المليجى فى كتابه إلى أنّ المرّة الأولى التى تشكّل فيها التنظيم السرّى كانت بقرار من المرشد العام حسن البنا، العام 1941، ووضع على رأسه محمود عبد الحليم المهندس الزراعى السكندري، لكنّه استقال لظروف خاصة، ثم حلّ محلّه موظف بوزارة الزراعة يُدعى عبد الرحمن السندى.
يضيف المليجى أنّ التنظيم السرّى الثانى شكّله حسن الهضيبى لمواجهة بقايا تنظيم عبد الرحمن السندى، أمّا التنظيم السرّى الثالث، فقد بدأت فكرته نهاية الخمسينيات، وتشكّل فى بداية الستينيات بقيادة تاجر حبوب من دمياط، يدعى الشيخ عبدالفتاح إسماعيل، ومعاونه المهندس الزراعى محمد الشريف، وحدّد هدفه فى قتل عبد الناصر ومعاونيه، وقلب نظام الحكم بالقوة، وانتهى التنظيم بالقبض على أعضائه وإعدام رئيس التنظيم، ومعه سيد قطب ومحمد يوسف هواش.
عبد الفتاح إسماعيل هو أيضًا الأستاذ والمعلم المباشر لعضو مكتب الإرشاد ممدوح الحسينى، أقوى الأسماء المطروحة الآن مرشدًا سرّيًا للجماعة، على اعتبار أنّ إدارة الإخوان لم تخرج من مصر طوال فترة عمل التنظيم، وهو من جانب آخر أحد أذرع الإخوان التى قادت النظام الخاص مع محمود عزت وخيرت الشاطر منذ الثمانينيات من القرن الماضى.
اعتناق العمل السرّى هو عقيدة داخل الإخوان، استدعاها بقايا الإخوان المفرج عنهم فى السبعينيات من القرن الماضي، بعد عقدين من وضعهم فى أقبية السجون المصرية، فترة حكم الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر؛ أدرك الإخوان أنّ التصريح بشخصية المرشد سيمثل خطورة على عمل الجماعة، فظلّ المرشد سرّيًا لسنوات، حتى تمّ إعلان عمر التلمسانى مرشدًا، وقد ذكر قادة الإخوان المنشقون أنّ المرشد السرّى فى تلك الفترة كان عضو الجماعة حلمى عبد المجيد.
ازدواجية القيادة أكدها المحامى المصري، والقيادى السابق بالجماعة، مختار نوح، فى كتاباته المختلفة، التى أشار فيها إلى أنه مع تولّى مصطفى مشهور مكتب الإرشاد، ظهرت على السطح من جديد مبادئ سيد قطب، ومبادئ سرّية التنظيم وعلنية الدعوة، ومسألة أننا نعيش فى مجتمع جاهلى تحوّلت إلى سلوك عملي، فلا نخرج المال لشخص جاهلي؛ بل نعطيه لشخص مسلم.
ممدوح الحسينى، المرشح مرشدًا سرّيًا للتنظيم، تربى على يد عبدالفتاح إسماعيل، ضمن مجموعة الإخوان فى حى مصر الجديدة، ومع ذلك لم يعتقل الحسينى فى تنظيم 1965؛ لأنه ابتعد فى تلك الفترة قبل حملة الاعتقالات التى طالت الإخوان، لذلك فهو يُحسب على التيار القطبي.
الحسينى تشبّع بأفكار شكرى مصطفى، مؤسس «جماعة المسلمين»، المشهورة إعلاميًا بجماعة «التكفير والهجرة»، وكان من ضمن المخططين لعملية اغتيال الشيخ الذهبي، إلى جانب التخطيط لمجموعة من العمليات الأخرى، منها السيطرة على التلفزيون، وإعلان بيان الدولة الإسلامية.
وجود ممدوح الحسينى كضابط احتياط فى الجيش المصرى فى تلك الفترة، أنقذه فعليًا من الاعتقالات التى طالت جماعة شكرى مصطفى، وعندما أنهى فترة تجنيده فى الجيش التقى الإخوان واستقطبه فى أثناء عمله بالسعودية مصطفى مشهور، وهو من جنّده فعليًا داخل الجماعة، لذلك يُعتبر بشكل مباشر من تلاميذ مصطفى مشهور أيضًا.
بالتالى حديث الجبهات المتصارعة داخل الإخوان عن اللائحة، وضرورة احترام أدبيات الجماعة، وعدم شق الصف، جميعها معانى يوظفها المتصارعون على السلطة، وسبب شدة الصراع فى الساعات الأخيرة هو الأحاديث الإعلامية المتناثرة مؤخرا عن عودة الإخوان بشكل جديد، أو ما يعرف بالإخوان الجدد فى الغرب، الذين يتحكمون فعليا فى أيديولجية الجماعة حاليا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.