كن دائمًا يأتين من أكثر الفئات تهميشًا فى المجتمع نساء بائسات وأطفال صغيرات.. صورتهن النمطية..كما تصورها دائمًا الدراما.. إما غبيات دميمات أو بنات منفلتات والآن آن الأوان لتغيير هذه الصورة فالزمن تغير ولم يعد هناك سيد ومسود. الجميع سواسية فى وطن يطمح للعدالة والمساواة. الآن صار للعاملات فى البيوت نقابة تحمل اسم «نقابة العاملات بالأجر الشهرى».. وهذا وصفهم المعتمد رسميًا فيما بعد لذا يجب من الآن أن نشطب من قاموسنا المصرى وصف الخادمات. أخيرَا وبعد كفاح دشنت عاملات المنازل نقابة عمالية تحت عنوان «نقابة العاملات بالأجر الشهرى» وفقًا لاشتراط وزارة القوى العاملة والهجرة، وتعد أول نقابة عمالية لعاملات المنازل. وهى نقابة وليدة حديثة التأسيس، عدد أعضائها 250 سيدة أو عاملة منزل ولقد تم إنشاء تلك النقابة على أكتاف عدد من منظمات المجتمع المدنى المعنية بهذا الشأن والمعنية بفكرة عمل المرأة بشكل عام. خاصة أن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية هى التى تبنت المشروع منذ بدايته. وعن هذا المشروع تقول دكتورة عفاف مرعى، مدير الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية إن العمل الذى قامت به الجمعية تم من خلال مشروع عمره عامان وتم فى بدايته دراسة فئة عاملات المنازل وهى إحدى الفئات المهمشة فى المجتمع المصرى وتتعرض لإشكاليات عديدة ولا يوجد اهتمام كاف بهن كما أنهن محرومات من الحماية القانونية والتشريعية لذلك كان هذا المشروع من أجل حمايتهن ومساعدتهن وتمكينهن من الوصول لأول خطوة للحفاظ على حقوقهن فى المجتمع، وأشارت دكتورة عفاف إلى أن الجمعية قامت بعمل بحث فى خمس محافظات لفئات متعددة من عاملات المنازل مطبق عليهن استمارة البحث والوسيط وأسرة العاملة وأصحاب المنازل التى يعملن فيها وذلك لمعرفة أحلام وطموحات العاملة والخلفية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للعاملة والاشكاليات التى تتعرض لها وأيضا معرفة دور الوسيط فى تلك المهنة ودور الأسرة فى الظروف التى تخرج منها العاملة ولقد تم اكتشاف العديد من الأشياء المؤلمة أولها أن الظروف الاقتصادية التى تخرج منها العاملة هى ظروف اقتصادية صعبة للغاية فمعظمها أسر فقيرة جدا والأغلبية الساحقة منهن أميات وهناك عدد كبير منهن مطلقات وأرامل ومهجورات من أزواجهن وهى النسبة الأعلى نظرًا لإعالتهن لأسرهن. والسبب الأساسى لامتهان المهنة واللجوء اليها هو أن المهنة لا تتطلب تعليما ولا مهارات بل بالفطرة تعرفها وأشارت إلى أن مهنة عاملات المنازل فى الدول المتقدمة مهنة مثل أى مهنة أخرى ولها ما ينظمها من قوانين والعاملات والعاملون فى هذه المهنة لهم حقوق محمية بالقانون. وأوضحت دكتورة عفاف أن البحث وضح الإشكاليات والظروف التى تعمل من خلالها عاملات المنازل فهن يعملن ما لايقل عن 8 ساعات فى اليوم ولا يحصلن على ساعات راحة كما أن العاملة عند مرضها لا تساهم الأسرة التى تعمل لديها فى علاجها وعند غيابها عن العمل يتم خصم أجرها وإذا كانت عاملة مقيمة مع الأسرة فهى تعمل عدد ساعات لا حدود لها لأنها متاحة فى 24 ساعة دون راحة، لذلك فهن يعملن فى ظروف صعبة وأغلبهن يعانين من أمراض. وأضافت دكتورة عفاف أنه من خلال البحث الذى أجرته الجمعية اكتشفوا أن الوسيط ينتهى دوره تماما فور توصيل الخادم أو الخادمة للمنزل الذى سيعمل فيه ويحصل على الطرفين عمولة وتنتهى علاقتة بالطرفين ولا يهتم بها حتى إن لم تحصل على أجرها أو تم إيذاؤها وضربها. وأكدت مديرة الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية أنهم فى الجمعية درسوا نظرة العاملة لنفسها ونظرة المجتمع لها وأثبتت الدراسة أن هناك إشكالية فى تلك النقطة حيث أثبتت الدراسة أن هناك نظرة دونية من المجتمع لها بسبب وسائل الإعلام والأعمال الدرامية. وأكدت دكتورة عفاف ضرورة أن يكون هناك دور للإعلام فى تغيير تلك النظرة النمطية للعاملات لتغير نظرة المجتمع لها وأشارت إلى أن هناك عددًا من الحاصلات على مؤهلات متوسطة وجامعية يعملن فى المنازل، رغم إنكارهن طبيعة عملهن لخجلهن من نظرة المجتمع لهن، ولكنهن لجأن إلى العمل بهذه المهنة نتيجة الفقر والبطالة التى تقف حائلاً بينهن وبين العمل بمؤهلاتهن العلمية، ورغم ذلك لا توجد إحصائيات لحصر هؤلاء العاملات نتيجة لعدم وجود عقود عمل بين العاملات وصاحب العمل. أما عن الأسر التى تعمل عندها خادمات فكانت لهم طلبات وهذا ما أبرزه البحث الذى أجرته الجمعية كما عانى عدد منهما من السرقات. تصدير العاملات أما عن مشكلة تصدير العاملات بالمنازل إلى خارج مصر فقالت دكتورة عفاف إن تلك المشكلة ستتصدى لها النقابة وأوضحت أن النقابة سيكون لها عدد من الأدوار منها تدريب العاملات ليكون أداؤهن أفضل وبالتالى العائد يكون أفضل وأيضا الارتقاء بالمهنة وسيكون للنقابة دور آخر فى ضمان حقوقهن وتقديم خدمات صحية وثقافية ومعاش لهن، وذلك من خلال اشتراكات تدفعها العاملات شهرية أو سنوية. وأشارت دكتورة عفاف إلى أن الجمعية تساهم مع النقابة وتقف جنبا إلى جنب مع النقابة للمساعدة وحمايتهن من أى تهميش أو انتهاك لحقوقهن. أما عن العاملات الفلبنيات فقالت إنهن لا يحتجن إلى نقابة أو حماية قانونية حيث إن لديهن حماية قانونية من بلدهن وسفارة الفلبين على سبيل المثال تسجل كل بياناتها وبيانات الأسرة التى تعمل لديها .أما عن عمالة الأطفال فقالت دكتورة عفاف إن هناك 35 ألف طفل وطفلة تحت سن 15 عاما يعملون فى المنازل وهذا من خلال الدراسة التى أجرتها الجمعية وهذا نتيجة الفقر ومعظمهم تسربوا من التعليم. وأكدت أن هذا ما هو إلا اتجار بالبشر. وشددت دكتورة عفاف على دور الدولة فى التدخل لمساعدة الأسر الفقيرة لكى يستكمل آباؤهم التعليم الأساسى والقضاء على مشكلة التسرب من التعليم. أما عن الدستور القادم فقالت دكتورة عفاف إنه يجب أن يراعى كافة الفئات المهمشة ومراعاة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وطالبت البرلمان القادم بتطوير مشروع قانون عاملات المنازل. انتخاب النقيبة أما (الحاجة هناء مصطفى عبدالحكيم) فقد عبرت عن سعادتها من النقابة وهى رئيس نقابة عاملات المنازل بالانتخاب وتعمل فى أحد المنازل وقالت إن السبب فى إنشاء الجمعية هو أن هناك عددا كبيرا من العاملات فى المنازل ويعانون منذ فترة طويلة كما أن هناك عددا كبيرا منهن حاصل على دبلومات ولا يجدون فرصة للعمل وأضافت أن حقوقهن ضائعة وكل ما طالبت به هو عيشة كريمة. وأضافت أن أعضاء النقابة كلهن من السيدات وكل شهر يدفعن 10 جنيهات للنقابة. والجدير بالذكر أن الحاجة هناء تعانى من قصور فى القلب ولا تساهم الأسرة التى تعمل لديهما فى علاجها. أما عن مكاتب التخديم ودور الوسطاء فأوضحت الحاجة هناء وعن تجربة شخصية أن الوسيط أو المخدماتى ينهون حق العاملات والعاملين فى المنازل وينتهى دورهم بمجرد تسليمهم إلى صاحب المنزل ولا يتولون حمايتهم وأضافت الحاجة هناء أن النقابة تضم إليها فقط العاملات الإناث وليس الذكور. وأشارت إلى أن إنشاء نقابة هو حق من حقوقهن. خطوة مهمة ويقول عبدالمنعم منصور مدير مشروع الحماية القانونية لعاملات المنازل بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية إن محاولاتهم لتأسيس النقابة استمرت لأكثر من عام وأوضح أن هذه النقابة هى البداية لحصول الفئات الضعيفة والمهمشة على حقوقهن، واعتبرها خطوة على طريق الحريات النقابية، ونواة لمنظومة تشريعية تضم الفئات المستبعدة من قوانين العمل ومن بينهن عاملات المنازل. وأضاف أن موافقة السلطات المصرية على إشهار أول نقابة لتلك الفئة تمثل خطوة مهمة نحو حماية عاملات المنازل من الاستغلال والانتهاكات التى يتعرضن لها فى إطار العمل. وأشار عبد المنعم إلى أن النقابة قامت بتأسيسها 250 عاملة وحول أهداف النقابة قال إن الجمعية تتطالب بعقد عمل موثق بشكل رسمى بين العاملة وصاحب العمل وإصدار قانون خاص بعاملات المنازل وأوضح أنه فى انتظار البرلمان القادم لتقديم مشروع القانون لضمان حماية تلك الفئة المهمشة وحقوقها، خاصة أن منظمة العمل الدولية أجرت اتفاقية العمل اللائق للعاملين بالمنازل ولم توقع مصر على تلك الاتفاقية ولا أى دولة عربية أخرى.