شهد البيت الفلسطيني بدارة الفنون التابعة لمؤسسة خالد شومان أول معرض على نطاق واسع لصور فوتوغرافيّة لكريمة عبّود (18 نوفمبر/تشرين الثاني 1896 - 1940) أول مصورة عربيّة وفلسطينيّة تنشئ ستوديو تصوير لها في بدايات القرن العشرين في فلسطين. وتعود الصور إلى مجموعة الباحث أحمد مروّات، والتي خرجت للعلن العام 2006. وتضم المجموعة التي لم يتم أرشفتها ولم تؤرّخ جميعها صوراً التقطتها كريمة عبّود لمظاهر الحياة في مدن وقرى فلسطين، الطبيعة والبيوت والأحياء والأسر والعائلات. وفي مدخل المعرض الذي يأتي في إطار البرنامج الفني والثقافي للعام الفلسطيني المخصص من قبل دارة الفنون ل "فلسطين الحضارة عبر التاريخ،" كان ثمة برواز يضم ورقة صفراء حمل الإعلان الذي نشرته عبود في جريدة "الكرمل" التي كانت تصدر في عشرينيات القرن الماضي. هي المصورة الوحيدة في فلسطين. تعلمت هذا الفن الجميل عند أحد مشاهير المصورين وتخصصت في خدمة السيدات والعائلات بأسعار متهاودة وبغاية الاتقان، تلبي دعوة السيدات اللواتي يفضلن التصوير في منازلهن يوميا ما عدا نهار الأحد. إضافة لذلك ضم المعرض صورا من ألبوم عائلتها، والمقربين منها مثل صور لشقيقتها الصغرى ليديا وقريبتها متيل التي تظهر في عدد من صور كريمة، كما أن هناك صورة شخصيّة لكريمة نفسها، إلى جانب العديد من الألبومات والبورتريهات والرسائل وكاميرتها. تشكّل الصور الشخصيّة والمشاهد الاجتماعيّة سجلّاً تاريخيّاً مهمّاً للحياة في فلسطين في عشرينيّات وثلاثينيّات القرن الماضي. كما يُعرض أيضاً فيلم وثائقيّ حول حياة وعمل المصوّرة أخرجته محاسن ناصر الدين، أكدت فيه أن عبود هي التي نشرت الإعلان بجريدة الكرمل وحاولت تفسير الأسباب وراء كلمة "وطنية"، وقالت إن عبود كان لدىها القدرة على الانتقال من مكان إلى آخر، وتركت مجموعة من الصور ليس فقط للأماكن الطبيعية والتاريخية، ولكن أيضا للمجتمع الفلسطيني في ذلك الوقت. يقول الكاتب عصام نصّار عن المعرض وصاحبه "برزت كريمة عبّود - المولودة في بيت لحم العام 1839 - كمصوّرة فريدة من نوعها في فلسطين. فلم تكن فقط أول مصورة محترفة، بل كانت من أوائل المصورات والمصورين في المنطقة الذين وضعوا التقاليد الأوروبيّة في فن التصوير الشخصي والتصوير الفوتوغرافي جانباً. وبفضل صورها الشخصيّة، يلتقط المشاهد لمحة عن هالة مختلفة في صورها. هذه هي الهالة الطبيعيّة لأشخاص يظهرون في أفضل حالاتهم، لكن في سياق الطبقة الوسطى. يعكس مظهرهم هذا أحلامهم وتطلعاتهم، إذ تكمن تطلعاتهم في أن يكونوا طبيعيين. لم يكن هؤلاء الأشخاص حكّاماً بارزين، أو قادة عسكريين، باشوات أو رجال دين. كما لا يشبهون المشاهد التوراتيّة أو هوس المشاهد الأوروبي بالإثنوغرافيا (علم الأجناس البشريّة). بفضل هذه المصوّرة الرائدة نستطيع النّظر إلى وجوه الفلسطينيين قبل النكبة وهم يُظهرون طبيتهم وبساطتهم وطمأنينتهم". ويضيف أن كريمة كانت تعي ما الذي يمكن أن تقدّمه مقابل ما يعجز عنه زملاؤها المصوّرون: إذ أنّها "تخصّصت لخدمة السيّدات والعائلات"، وأنّها تلبّي "دعوة السيّدات اللواتي يفضّلن التصوير في منازلهن". ويرى أنه بينما التقط مصوّرو الصور الشخصيّة في فلسطين صور مواضيعهم في استوديوهاتهم حيث كانت الإعدادات المضبوطة بعناية في متناول اليد، التقطت كريمة صور زبوناتها في بيوتهن. وباستخدام الخلفيّات والإعدادات المؤقّتة، جلست مواضيع صورها أمام الكاميرا على طبيعتهن". ويذكر أن عبود شرعت في ممارسة المهنة منذ عام 1913. وكان والدها أهداها آلة تصوير فتعلقت بها وراحت تلتقط الصور للمدن والأماكن الطبيعية والمعالم التاريخية، ولأبناء عائلتها والأصدقاء. ثم افتتحت استوديو لتصوير النساء في بيت لحم، وكان من شأن هذا الاستوديو أن أتاح للعائلات المحافظة تصوير النساء بلا حرج. ثم افتتحت مشغلاً لتلوين الصور وإكسابها لمعاناً وبريقاً. وفي تلك الأثناء كانت تلتقط الصور المختلفة للمدن الفلسطينية الخمس: بيت لحم وطبرية والناصرة وحيفا وقيسارية. وانتشرت صورها بالتدريج في منازل العائلات المترفة في دمشق والسلط وبيروت والشويفات. وأمكن العثور على مجموعة ثانية لها تعود إلى سنة 1913، وهي تتألف من صور التقطت داخل الاستوديو لنساء بأزيائهن الجميلة.