الشعب الجمهوري يعقد اجتماعًا تنظيميًا لأمناء المرأة على مستوى محافظات الجمهورية    تعرف على جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2024..وضوابط دخول امتحانات التيرم الثاني    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    «التموين» تسدد 12 مليار جنيه مستحقات لمزارعي قصب السكر بموسم 2024    وزير التعليم العالي: اتخاذ خطوات جادة نحو التحول الرقمي    محافظ الغربية يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة نسب تنفيذ مشروعات المحافظة    الرئيس السيسي يعزي نظيره الإماراتي في وفاة الشيخ هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان    رئيس الوزراء: نبذل قصارى جهدنا للتوصل إلى اتفاق ينتهي بوقف إطلاق النار في غزة    إصابة 11 شخصا في انزلاق طائرة بمطار السنغال    حقيقة انتقال نجم بايرن ميونيخ إلى ريال مدريد    "تحرك جديد".. خطوة ذكية من الزمالك لحل أزمة خالد بوطيب وفك القيد    هل يقترب مدافع الوداد السابق من الانتقال للأهلي؟    الداخلية: ضبطت عصابتين و48 سلاحا ناريا و237 كيلو مخدرات خلال يوم واحد    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    محامي الشيبي يطالب بتعديل تهمة حسين الشحات: "من إهانة إلى ضرب"    أحمد عز وماجد الكدواني وريهام عبد الغفور أبرز الحاضرين لجنازة والدة كريم عبد العزيز    «ثورة الفلاحين» تستقبل الجمهور على مسرح المحلة الكبرى (صور)    بالتعاون مع المستشفى الجامعى.. قافلة طبية جديدة لدعم المرضى بمركزي الفيوم وسنورس    السياحة والآثار: لجان تفتيش بالمحافظات لرصد الكيانات غير الشرعية المزاولة لنشاط العمرة والحج    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    قرار جمهوري بإنشاء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.. تعرف على أعماله    موعد بدء أعمال مكتب تنسيق الجامعات 2024 لطلاب الثانوية العامة والشهادات المعادلة    بنك ناصر يرعى المؤتمر العلمي الدولي ال29 لكلية الإعلام جامعة القاهرة    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    إنشاء المركز المصري الإيطالي للوظائف والهجرة لتأهيل الشباب على العمل بالخارج    لليوم الرابع على التوالي.. إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام المساعدات لغزة    إيرادات فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بعد 4 أسابيع من طرحه بالسينمات    حسين فهمي ضيف شرف اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    رجعوا لبعض.. ابنة سامي العدل تفجر مفاجأة عن عودة العوضي وياسمين عبد العزيز    البيتي بيتي 2 .. طرد كريم محمود عبد العزيز وزوجته من الفيلا    دعاء الامتحان.. كلمات أوصى النبي بترديدها عند نسيان الإجابة    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    هل تصح الصلاة على النبي أثناء أداء الصلاة؟.. الإفتاء توضح    تجنبًا لإلغاء التخصيص|«الإسكان الاجتماعي» يطالب المُتعاقدين على وحدات متوسطي الدخل بضرورة دفع الأقساط المتأخرة    اكتشفوه في الصرف الصحي.. FLiRT متحور جديد من كورونا يثير مخاوف العالم| هذه أعراضه    أحمد عيد: سأعمل على تواجد غزل المحلة بالمربع الذهبي في الدوري الممتاز    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص يوضح حكم حج الرجل عن أخته المريضة    مفاجآت سارة ل5 أبراج خلال شهر مايو.. فرص لتحقيق مكاسب مالية    عاجل| مصدر أمنى رفيع المستوى يكشف تطورات جديدة في مفاوضات غزة    السكري- ما أعراض مرحلة ما قبل الإصابة؟    طلب إحاطة بتعديل مكافآت طلاب الامتياز ورفع مستوى تدريبهم    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    بوتين يحيي ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية    12 صورة بالمواعيد.. تشغيل قطارات المصيف إلى الإسكندرية ومرسى مطروح    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    دعاء الامتحانات مستجاب ومستحب.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    الحوثيون يستهدفون 3 سفن إسرائيلية في خليج عدن وبحر العرب    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه في مستهل أخر جلسات الأسبوع    رئيس جامعة حلوان يستقبل وفداً من جامعة 15 مايو    تعرف علي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي    بعد العاصفة الأخيرة.. تحذير شديد من الأرصاد السعودية بشأن طقس اليوم    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    احتفالات جنونية من لاعبي غزل المحلة مع الجماهير بعد الصعود للممتاز (فيديو وصور)    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد ضرب إسرائيل لحزب الله:
نشر في نهضة مصر يوم 01 - 08 - 2006

من تحت الركام والأنقاض، ومن وسط أهوال القصف والتدمير المجنون وفي ظل رفض أمريكي معلن وصريح لوقف إطلاق النار بشكل فوري بين اسرائيل وحزب الله، ازاحت وزيرة الخارجية الامريكية الستار عن لوحة إعلان مشروع الشرق الأوسط الجديد، المشروع كما يبدو من الكلمات المقتضبة التي دشنت بها وزيرة الخارجية حديثها تمهيدا لزيارتها للمنطقة، يتضمن الرؤية الأمريكية لاعادة صياغة مشكلات الشرق الاوسط وفقا لآلية جديدة لحل تلك المشكلات في اطار فرض حلول تتوافق بشكل اساسي مع الرؤية الاسرائيلية.
ولعلنا لم ننس بعد مبادرة "الشرق الاوسط الكبير" التي قدمتها الادارة الامريكية لقمة مجموعة الثماني في سي ايلاند بولاية جورجيا خلال الفترة من 8 الي 10 يونيو من عام 2004، ففي تلك المبادرة تبدت رغبة الولايات المتحدة في طرح العديد من المشروعات التي تستهدف الترويج للتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمنطقة برمتها، في ظل التغير الاستراتيجي الذي طرأ علي السياسة الامريكية تجاه منطقة الشرق الاوسط بعد احداث سبتمبر من عام 2001، لقد شكل ذلك التاريخ بداية تحول وزيادة تحريض الرأي العام الامريكي ضد العرب والمسلمين، حيث روجت الادارة الامريكية وادبياتها السياسية حينذاك لمقولة ان الخطر الجديد الذي تمثله جماعات وشبكات الارهاب، والذي يتجسد فيما اطلقت عليه اسم "الراديكالية الاسلامية"، إنما هو الخطر الاساسي الذي يواجه الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
ولم تكن العقلية والثقافة السياسية الاسرائيلية في هذه الاثناء وبعدها، بعيدة عن ذلك التعاطي، ولا نبالغ عندما نقول، بأن ثمة انطباقا كاملا في وجهتي النظر الامريكية والاسرائيلية، قد حدث بذلك الخصوص، الي الدرجة التي بتنا فيها نعرف وجهة نظر ايهما في اي شيء يخص منطقة الشرق الاوسط، لنتأكد من وجهة النظر الاخري في نفس الوقت وبنفس الكيفية.
في هذا السياق، يمكن ان نفسر غض الطرف الامريكي او التواطؤ الامريكي بمعني اصح، لاستعذاب اطالة امد الحرب ضد لبنان او حزب الله في لبنان بشكل اكثر تحديدا، الامر الذي يوحي بأن اسرائيل تحارب الآن بالوكالة عن امريكا، في ظل انكفاء وتخاذل الانظمة العربية الحاكمة، والتي بدا موقفها وكأنها تبارك هذه الحرب المجنونة، تلك الانظمة التي يبدو وكأنها انساقت وراء الزعم الامريكي الاسرائيلي بمحاربة الارهاب في لبنان وفلسطين والعراق، والتي كبلتها الضغوط الامريكية، فتوارت عن المسرح، وتعامت عن المذابح والتحفت بالصمت احيانا وبالمراوغة احيانا اخري، عبر البيانات الفاضحة والتفسيرات المخزية والتبريرات المثيرة للصدمة والاندهاش، ولذلك فنحن نميل الي التفسير الذي قدمه الاستاذ صلاح الدين حافظ في هذا الشأن والذي جاء بمقاله الوارد تحت عنوان "مواقف ومخازي هذا الصيف اللاهب" حيث قال: بأن الحرب المستعرة الآن علي الجبهات العربية الثلاث، لم تكن بهدف استعادة اسير او مطاردة ارهابي او معاقبة معارض هنا او هناك، لكنها حرب شاملة هدفها تصفية اوضاع مقلقة ومعادية للهيمنة والغطرسة الامريكية الاسرائيلية، حرب ضارية لاستئصال المقاومة كلمة وفكرة، معني ومبني، رمزا وشعارا وطنيا وقوميا، خانها للاسف كثيرون من أهلها ومن داخل بيتها العربي، قبل ان يهاجمها الغازي الاجنبي، فدمغوها تارة بالارهاب، وتارة اخري بالمروق والجنون وجلب المتاعب فأضاعوها وأضاعونا!! (الأهرام 19/7/2006).
علي اية حال، ولرغبتنا في قراءة وفهم الموقف الامريكي ازاء ما يدور الآن علي ساحة الحرب في لبنان، والذي ظهرت بشائره علي لسان وزيرة الخارجية الامريكية، في طرحها لمعالجة الملف اللبناني ووقف اطلاق النار المشروط بإجراء تعديلات جوهرية لمعادلة حزب الله في علاقته بالحكومة اللبنانية بعد تجريده من سلاحه او ابعاده عن الحدود، والتي تم ترجمتها في مشروع الشرق الاوسط الجديد، كطبعة جديدة او معدلة من مشروع الشرق الاوسط الكبير، فإن ذلك كله يتطلب منا ان نرجع البصر قليلا لتأمل معني وفحوي المشروعات الامريكية بخصوص الشرق الاوسط الكبير منذ عام 2004 وامتدادا بما هو مطروح الآن.. في الحقيقة تأتي المبادرات الامريكية بذلك الخصوص، لتؤكد علي وحدة الهدف الامريكي الاسرائيلي بشأنها، والذي يتمحور حول اعادة فك وتركيب وصياغة العلاقات السياسية الاقتصادية لدول المنطقة، لتتوافق تماما مع الرؤية والطموح الاسرائيلي الامريكي الواحد، فالتحديات التي تواجه الولايات المتحدة الامريكية، لا تختلف كثيرا عن التحديات التي تواجه اسرائيل، فالعدو في وجهة نظرهما معا واحد، كما ان استيعاب ذلك العدو، وتفويت الفرصة عليه، واجهاض مشروعه المقاوم للسياستين الامريكية والاسرائيلية واطماعهما في المنطقة، يمكن ان يتم من خلال فرض ما يسمي بنظرية السلام الديمقراطي "Democracy Peace" علي دول المنطقة
والتي تعد كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية من اهم المروجين لها، كما يعد "شيمون بيريز" اول من دعا في التسعينيات من القرن الماضي، الي قيام شرق اوسط جديد، تندمج في اطاره اسرائيل "في اطار الحديث عن النظام العالمي الجديد" وبدعم امريكي وغربي في تسوية دائمة للصراع العربي الاسرائيلي، مع الدول العربية، تقوم اساسا علي فكرة التنمية الشرق اوسطية، وبذلك يبدو ذلك المشروع المركب وقد تشابكت في تكوينه ابعاد ومفاهيم اقتصادية وجيو سياسية وامنية معا.
لقد تضمنت الدراسة الهامة التي اعدها د. سيد ابو ضيف، تحت عنوان "مشروع الشرق الاوسط الكبير والترويج" والتي نشرت في العدد الاخير من مجلة الديمقراطية، استعراضا لآراء انصار "نظرية السلام الديمقراطي" والتي وجدت بداياتها الاولي في مشروع "شيمون بيريز" الذي اشرنا اليه منذ قليل، والتي قد تتكرر في مشروع الشرق الاوسط الجديد، الذي بدأت الادارة الامريكية في الحديث عنه والترويج له الآن، حيث تضمنت تلك الآراء ما يلي:
? أولاً: أن الدول ذات النظام الديمقراطي تعيش عادة في علاقات سلمية دولية، او بعبارة اخري، ان الديمقراطيات لا تحارب بعضها البعض.
? ثانيًا: ان الدول الديمقراطية تتمتع بوجود هياكل وتنظيمات ومؤسسات منتخبة بها بشكل ديمقراطي، الامر الذي يحد من قدرة وفرص قادتها علي تعبئة مجتمعاتها للحرب او المغامرات العسكرية، حيث تفرض هذه المؤسسات قيودا علي عملية صنع القرار في اطار من التوازن والرقابة بين المؤسسات المختلفة في المجتمع الديمقراطي.
? ثالثًا: ان نمط القيم التي تسود في المجتمعات الديمقراطية، يجعل اساليب فض المنازعات فيها يعتمد علي الطرق السلمية، ويكون لذلك تأثير ايضا علي التعاملات الخارجية لحل منازعاتها مع الدول الاخري، خاصة وان نظرية الترويج للديمقراطية تلك، إنما تستند علي افتراض اقتصادي يؤكد علي اهمية التجارة في المساعدة علي الترويج للديمقراطية، حيث تساعد التجارة علي النمو الاقتصادي، كما ان التنمية الاقتصادية تؤدي إلي رفع مستوي التعليم، ومن ثم التغيير في الثقافة السياسية والمواقف السياسية ايضا.
? رابعًا: ان المجتمعات الديمقراطية تضع دائما حدودا لسلطة الدولة وسلطة الجيش، لكي تتمكن الحكومات من الاستجابة لارادة الشعوب بدلا من الاستجابة لارادة النخب او جماعات الضغط، كذلك فإن تلك المجتمعات تقوم علي حماية الحرية عبر التطبيق الكامل للقانون، بدلا من تطبيقه بصورة انتقالية لمعاقبة خصومها السياسيين، فضلا عن سماحها بقيام مؤسسات المجتمع المدني وبتشكيل الاحزاب السياسية والنقابات العمالية، وبوجود الصحف ووسائل الاعلام المستقلة فيها.
لكل ذلك فإننا لا نتصور ان نجد جديدا في الاطار العام او في تفاصيل المشروع الشرق اوسطي الجديد، والذي ستحمله وزيرة الخارجية الامريكية في حقيبتها الدبلوماسية، اذ ان رصد وتتبع التطورات والتحولات التي طرأت علي الاستراتيجية الامريكية تجاه منطقة الشرق الاوسط، يتيح لنا ان نقول بأن هذا المشروع ليس جديدا في الحقيقة، وإنما هو امتداد لفكر وثقافة او لاستراتيجية امريكية سوف يتم تنفيذها علي مدار السنوات القادمة، وذلك بالتعاون مع الحلفاء الاوروبيين، وفي نطاق جغرافي يمتد ليشمل جميع الدول العربية والاسلامية، وهو النطاق الذي يعد مصدر التهديد والخطر وفقا للعقيدة الامريكية والاسرائيلية معا.
الا ان ذلك لا يمنعنا من ادراك الاحتمالات الكبيرة لاخفاق مثل تلك المشروعات، وإن تدثرت بثياب الديمقراطية، او ان اظهرت خلاف ما تبطن، فالذي لا شك فيه ان الرهان الامريكي الاسرائيلي علي تغييب روح المقاومة وارادة الشعوب العربية لنيل حقوقها التي تغتصبها اسرائيل بمباركة امريكية، سوف يسقط الآن كما سقط من قبل، خصوصا بعد ان ساد اعتقاد شعبي ورأي عام عربي يري ان امريكا تدفع وتتبني قضية السلام الديمقراطي ليس لإيمان حقيقي بها، ولكن بهدف توفير غطاء للتدخل والتواجد بمنطقتنا العربية، ولمصلحة اسرائيل علي طول الخط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.