رئيس جامعة العريش يناقش خطة الأنشطة الطلابية الصيفية ويكرم المتميزين    تعرف علي أهم 3 سلع تستوردها مصر من الأردن .. تفاصيل    مساعد وزير السياحة يكشف عن موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    عودة للانخفاض.. سعر الدولار اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 (آخر تحديث)    الهلال الأحمر: استشهاد 6 فلسطينيين على الأقل برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة    تصفيات كأس العالم - غياب تاو.. جنوب إفريقيا تهزم زيمبابوي واشتعال القمة    رونالدو يقود تشكيل منتخب البرتغال أمام أيرلندا استعدادًا ل«يورو 2024»    ميندي يترقب مصيره مع ريال مدريد    قبل أن تضرب الموسم السياحي.. تحرك برلماني بخصوص أسماك القرش فى الغردقة    خراف نافقة في البحر الأحمر.. رئيس جهاز شئون البيئة يكشف تفاصيل الواقعة المثيرة    «لو مبقاش أحسن مني أزعل».. خالد النبوي يوجه رسالة لابنه نور.. ماذا قال؟    "المطيلي": الدورة الحالية من المعرض العام تحتفي بتجارب التشكيليين وعطائهم    بعد سحل عروسه في قاعة الفرح.. عريس كفر صقر: «معمولى سحر أسود» (فيديو)    كاتبة أردنية: كلمة الرئيس السيسي في قمة اليوم مكاشفة وكلها مدعومة بالحقائق والوثائق    أمين الفتوى لقناة الناس: هذا هو السبيل لتحقيق السعادة فى الدنيا.. فيديو    أمين الفتوى: ليس من حق الوالدين إجبار الأبناء على التنازل عن حقوقهم    مسئول بنقابة الصيادلة: الدواء المصري الأرخص في العالم.. وهذا واقع مرير    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    «الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    مباشر الآن تويتر HD.. مشاهدة الشوط الأول مباراة السعودية والأردن في تصفيات كأس العالم    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    الداخلية تواصل مبادرة "مأموري أقسام ومراكز الشرطة" لتوزيع عبوات غذائية على محدودي الدخل    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    حقوق إنسان الشيوخ تتفقد مركز الإدمان والتعاطى بإمبابة    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    الأمين العام للناتو: لاتفيا تمثل قدوة لدول الحلفاء    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل جربت طعم الموت.. صرخة تضامن مع منكوبي غزة
نشر في محيط يوم 18 - 01 - 2009

صرخة تضامن بكل لغات العالم مع منكوبي غزة

القاهرة محيط عادل عبد الرحيم وشيماء عيسى

الطفل محمود
"أبدا لم أكن أتصور أن يأتي اليوم الذي أشاهد فيه الموت وأنا على قيد الحياة، فكل شيء يدل على بشاعة ما حدث، أجساد طار نصفها، عظام ذابت بفعل الأسلحة المحرمة، إنه الجحيم الذي قضى على كل ما هو حي في غزة"..
بهذه الكلمات بدأت "جولي" 23 سنة من آيسلندا حديثها وهي تتذكر اللحظات العصيبة التي مرت عليها وهي تتنقل من سرير لآخر بمستشفى استقبلت عدد من ضحايا العدوان الإسرائيلي الإجرامي على أهالي قطاع غزة.

وتواصل جولي بمرارة لا تخفى على أحد سرد الفظائع التي شاهدتها قائلة: "قمنا بتكوين وفد رمزي يضم أناسا ينتمون لجاليات أجنبية مختلفة تقيم على أرض مصر، فكان من بيننا أمريكيات وباكستانيات وهنديات وبريطانيات واسكوتلنديات.
وقررنا عمل شيء ما لضحايا محرقة غزة، وحاولنا في البداية الوصول للعريش لكن الأمن قطع علينا مسيرتنا، فجئنا إلى مستشفيات أخرى نشاهد الجرحى الفلسطينيين الذين تم نقلهم إلى القاهرة ضحايا آلة الحرب الإسرائيلية.

وتستطرد جولي: "يجب أن يبدأ حديث من يتكلم عن ما فعلته إسرائيل من هنا، نعم فهنا أشباح تسكن المستشفى، فكل دقيقة يفارق أحد الضحايا الحياة، بعد أن تزهق أرواحهم بفعل الأسلحة المحرمة دوليا، وهنا يستوي الجميع في مشاعر الألم والحزن، فلا تمييز بين أصحاب ديانة وأخرى، فالكل يتألم لما يشاهده".
قصص إنسانية حية
صبي بين الأشلاء
الطفل محمود
في السرير الأخير من غرفة العناية المركزة كان طفل صغير يرقد ، وقد اختفى وجهه خلف قطع سميكة من الشاش الأبيض ، بينما كان جسده تحت الغطاء . كان من الواضح أنه شبه فاقد للوعي ، وبجواره قابلنا عمه . وددنا معرفة القصص الإنسانية وراء كل حالة وصلت للمستشفيات المصرية وكيف تتذكر مشاهد القصف والقتلى الفلسطينيين والجرحى قبل أن يغادروا مستشفيات فلسطين الوطنية .. وراعنا جميعا ما شاهدنا وما سمعنا أيضا .
عم الطفل البالغ من العمر 14 سنة والذي يدعى " محمود " ذكر لنا أنهم يقطنون في مخيم جباليا ، وأنهم سمعوا صوت صاروخ إسرائيلي قصف المسجد المجاور لمنزل عائلتهم ، وبالمناسبة كثير من الفلسطينيين يعيشون في منازل كبيرة تضم أفراد العائلة .
كان محمود بصحبة مجموعة من الصبية الفلسطينيين ، وبعد انتهاء صوت القصف شاهد وشاهدوا معه أشلاء طفلين تعلقت بحوائط المنازل . ثم ضرب صاروخ إسرائيلي ثاني وسط المدنيين الفلسطينيين الذين تجمعوا حول الشهداء والجرحى لإسعافهم ، ليزداد عدد المصابين بالطبع بعدها ! وصاروخ ثالث سمع دويه الصاخب واستشهد على إثره وحده سبعة فلسطينيين . بالطبع محمود رأى وهو مصاب كل ذلك ودخل وهو على الأرض في إغماءة ، فاق منها على صوت صراخ عالي وشاهد الطفل أجساد بدون رأس ودماء تغرق الأرض .
يعاني الطفل – حسب التقرير الطبي – من نزيف في المخ وكسر بالجمجمة وتدهور لدرجة الوعي نتجت عن إصابات المخ ، والأخطر أنه فقد عينيه وثقبت أذنيه . عمه يطلب منا نحن الإعلاميين أن نرفع صورته على البيت الأبيض ونكتب تحتها عبارة " هذا هو صنع أمريكا " ، في إشارة لأن الصواريخ التي لا تزال تقصف مدنيي غزة هي أمريكية الصنع وجاءت كمساعدات عسكرية أمريكية لإسرائيل ، حسبما قال عم الطفل .
أما عن حياته قبل القصف ، فقد كان يتعلم بالصف الثالث الإعدادي ، وعرف أنه حبه للمدرسة . له ثلاث أخوة صبيان وأخت بنت تدرس بالجامعة ، ويعاني أبوه من مشكلات صحية الأمر الذي منعه من مرافقة ولده في رحلته للقاهرة .
سألناه عما قاله وقت أصابه الصاروخ ، فقال أن الصبي نطق ب " الشهادتين" ، وتذكر أيضا حينما نقلوه لمستشفى الشفاء بغزة أنه وجد العشرات من الجرحى على الأرض ودمائهم تسيل بانتظار أي طبيب يسعفهم . وفي الطريق كانت الطائرات تقصف سيارات الإسعاف واستشهد خلالها سائق إحدى السيارات التي كانت تقل محمود ، وكانت تابعة للصليب الأحمر الدولي .
محمود فقد عينيه وكسرت جمجمته
وأضاف العم أن الصواريخ الإسرائيلية تجعل الضغط المحيط بالجسم صفرا ، وبذا تخرج العين من محجرها ويفقد المحيطون عيونهم من ضغط الهواء الشديد ، كما تصاب أجسادهم بأعداد كبيرة جدا من الشظايا .
تحدثنا معه عن الحياة في غزة تحت القصف ، وقال أي حياة بلا كهرباء ولا ماء ولا وقود ولا طعام في الأسواق ولا أمان بالطبع وسط هذا الموت ! وساند حركة المقاومة الإسلامية " حماس " فيما تقوم به من دفاع عن الأبرياء العزل الذين تضربهم إسرائيل ليل نهار ، وأكد كذلك على أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ماهرة للغاية في تضليل الرأي العام العالمي ؛ إذ تصور أن كل عدوانها ما هو إلا رد على صواريخ حماس التي تستهدف مدنييها !! و" هذا كذب وافتراء " ، قالها الرجل . ورغم ذلك قال : " أنا مع الله مش مع حماس ولا فتح " .
قابلنا الطفل عوض مسمح بابتسامة ، رغم آلامه ، وكان يرقد في الغرفة المقابلة لغرفة محمود ، هو طفل يدرس أيضا بالصف الثالث الإعدادي بمدرسة عبدالله بن رواحة ، ويسكن منطقة دير البلح بغزة . كل خطأه أنه ذهب لحمل بعض المصابين في قصف الطائرات ، فأصيب هو الآخر . والغريب أن الطفل نفسه يقول أنه يرغب بالعودة لغزة وطنه ثانية ، ويتمنى أن يصير مهندسا معماريا يبني للبلاد .. أمر جيد .
شاب بلا ساقين
قبانبل فسفورية فى غزة
" أخي الآن بدون ساقين " هكذا بدأ محمود الحسنات شرح حالة أخيه محمد الشاب الفلسطيني البالغ من العمر 26 عاماً والذي يعمل كهربائي ، ويقطن مع أخيه وعائلته بحي الزيتون ، وهو أيضا رب لأسرة بها أربعة أطفال وزوجة . وكان محمد ضحية صاروخ من إحدى طائرات الإستطلاع الإسرائيلية ؛ حيث فقد أسنانه وأصيب بكسور وحروق بأطرافه ، إلى جانب فقد ساقيه . ليس هذه المصيبة فحسب ؛ فالعائلة فقدت منزلها وجميعهم يعيشون في منزل أخي الوالدة ( الخال ) .
يروي محمود بجلد واضح تفاصيل ما جرى قائلا : في البداية ظننا جميعا أن محمد استشهد ؛ إذ شاهدنا جسده غارقا بالدماء بالطريق ، حتى أنه حضر قبر أخيه مع مجموعة من أصحابه استعدادا لتوديع الشهيد ، إلا أن قدر محمد أن يحيا ولكنه حاليا في حالة خطرة ، حسب ما أبلغت به العائلة من قبل مستشفى " الشفاء " .
ويقول أخو المصاب أن مقاتلي حماس لم يتواجدوا يوما في منطقتهم ليتم قصفها بطائرات إسرائيلية قال أنها " تدعي اجتثاث معاقل الحركة المقاومة " ولكنها تضرب عمدا بالمدنيين ومنازلهم ، ونفى أن يكون المقاومون يحتمون بالأحياء السكنية أو منازل المدنيين العزل ، وأكبر دليل على " تلفيق " مسألة ضرب حماس ، هو أن الطائرات الإسرائيلية قصفت مقر وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة " الأنروا " والذي يحوي مخازن الدواء والمؤن الغذائية للفلسطينيين ، وقصفت مدرستين دوليتين أيضا تابعتين لها ، وراح ضحية ذلك عشرات من الأطفال في لحظات قليلة .
اما عن الأحوال المعيشية ، فقال أننا عشنا منذ أسبوعين بلا كهرباء ولا ماء ولا غاز نهائيا ، كنا نرى الظلام يلف غزة حولنا ولا ينيرها إلا الطائرات الإسرائيلية في السماء والتي ترمي بالصواريخ على الأبرياء ، مشيرا لأن مسألة انقطاع الكهرباء دامت فترة الحصار ولكنها كانت أخف وطأة قليلا .
وأشار محمود لنقطة خطيرة ، وهي ما ذكره الأطباء الذين كانوا موفدين من قبل اتحاد الأطباء العرب ، من وجود أسلحة محرمة دوليا " قنابل فسفورية" تلقى بكثافة على غزة ، وتصيب المدنيين بحروق بالغة ، وعلى حد وصفه " يسيح الجلد والعظم معها " . ورغم كل ذلك أكد لنا محمود أنه سيعود بأخيه لغزة ثانية .
صدمة أب
من أصعب الحكايات الإنسانية التي صادفناها ، تلك التي روى فيها أب مكلوم على إبنه تامر ، الشاب الفلسطيني البالغ من العمر 18 عاما ، وهو يعاني من إصابات سببها صاروخ إسرائيلي أيضا ، تمثلت إصابات تامر في بتر بالقدم و كسر بالرأس خرج المخ بسببه إلى خارج الرأس ، وأصيب نصف المخ المتبقي بالرأس بشظيات كثيرة . وصل الحال لأن دعا الجميع لولده بأن " يرتاح ويستشهد ولا يعيش بهذه الإعاقة القاسية " ، والأب لا يدري كيف يرد عليهم ، هل يؤمن على الدعاء ام يتعلق بأمل نجاة ولده ؟! .
قال الأب أن إبنه في يوم إصابته كان عائدا من منزل صديقه ، حيث اعتادوا المذاكرة سويا في حي الزيتون . الجيران أخبروا الأب " شحتة " أن ولده استشهد ولكنه بحث طويلا في " ثلاجات الموتى " بالمستشفيات العامة وفي أسرة الجرحى ، إلا أن اكتشف أن إبنه يرقد بغرفة العناية المركزة في حالة حرجة للغاية ويعيش على جهاز التنفس الصناعي ، وبالطبع دخل في غيبوبة طويلة لم يفق منها للآن . الأب له خمسة بنات شقيقات لتامر و ثلاث صبية ، وقال أن كل من كان يخرج للطريق خارج بيته كانت الطائرات تضربه ، وعلا صوته وبدت دموعه وهو يقول " إسرائيل تهاجم مدنيي غزة العزل وكأنها في حرب مع دولة عظمى ! " .
وعبر عن مبدأه ومبدأ كل الفلسطينيين المتمثل في المقاومة حتى النفس الأخير ، وضرب مثلا بالقطة التي يريد وحش إيذاءها حتما ستحاول خربشته على الأقل دفاعا عن نفسها ، وقال : " نحن لا نريد شيئا سوى أن نعيش في سلام ، نأكل ونشرب ونحيا في أمان ، وإسرائيل في كل يوم تستقبل أسلحة جديدة من أمريكا لسحق المقاومة " ، وأكد كذلك أن لا يعقد أي أمل على الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما في حل أزمة الفلسطينيين .
مصباح فقد ابنته
ابنتي المحبوبة .. وداعاً
انتقلنا للفلسطيني مصباح والذي روى لنا قصة شهادة إبنته " الغالية " نادية ، كما يصفها ، وإصابة نجل شقيقه " ضياء " الطفل الصغير والذي يرقد بمستشفى مصري حاليا كنا في زيارته . تذكر الرجل حينما جلست العائلة تتناول الطعام في منزلهم – وكان قليلا للغاية بسبب ظروف الحرب – وبعدها سمعوا أصواتا مفزعة لصواريخ تضرب بالمنزل الكائن بمنطقة القبة بغزة .
حاول الأب قدر جهده تجميعهم بحيث لا يكون هناك في السطح أي أحد وأمرهم بالإستتار تحت الأثاث ولكن لكثرة العدد ووجود كبار سن بالبيت مثل والدته ، لم يتذكر نادية ابنته والتي كانت غارقة بالفعل ساعتها في دمائها فوق السطح الذي ساقها قدرها للوجود به . حاول ابنه صدام أن يصعد رغم استمرار القصف لإنقاذ نادية ولكنها كانت تفارق الحياة ، وهنا بكى الأب حزينا عليها قائلا : " أفتقدك يا ابنتي ، أصبر على أي فراق أي أحد إلا أنت " ، تذكر أن "نادية" كانت بشوشة وتحبه كثيرا واحتسبها الآن شهيدة عند الله .
الطفل ضياء أصيب بأسفل رأسه وذراعه
روى أيضا عن ضياء وإصابته المتمثلة في تهتك بعظام الذراع الأيمن و شظية بالقلب خرجت من الصدر وفي الفخذ وخلف الأذن برأسه . تحدث لنا ضياء قائلا انه يتمنى أن يصبح طبيبا مثل والده .. أمل مشروع بالطبع .
العم واصل مشكلات اهالي غزة في انعدام الغذاء وغلاء أسعاره منذ الحصار لأسعار خيالية ، فكيس الطحين ( الدقيق ) يساوي 170 شيكل ، في الوقت الذي تستهلك الأسرة المتوسطة نحو خمسة منه شهريا ،هذا فقط عن الدقيق فماذا عن الباقي ، في الوقت الذي يغرق الجميع في مديوناتهم التي لن تنتهي أيضا .
أما ياسر فكان يسير برفقة أصحابه في غزة ، وشاهدوا طيارة إسرائيلية محلقة فجروا فزعا من القاذفات التي تهبط منها وأصواتها العالية ، حتى سقط صاروخ فوقهم ، فنقله ذويه لمستشفى "الأقصى" بدير البلح ومنها ل " الشفاء" ومنها حولوه لمصر ؛ حيث أصيب في رجله وعينه وبطنه وينتظر عملية جراحية لسحب المياه من عينه .
فلسطينية تعالج بمصر لانعدام الدواء بغزة
شعب الصمود بحق
الحالة الأخيرة التي وصلت جولتنا بين الضحايا لها ، هي لفلسطينية تدعى رحاب ، عمرها 37 سنة وهي من القاطنين برفح القريبة من الحدود المصرية . رحاب لم تصاب في القصف وإنما فقدت أي مصدر للدواء بعد الحصار ، وللعلم فهي مصابة بمشكلات صحية تهدد القلب والرئتين .
وقالت والدتها الحاجة نعيمة أن الحصار خنقنا " فلا دواء ولا طعام ولا وقود وكل شيء أسعاره نار " ، وقالت أن منزلهم لا يصلح لأن يسكنه أحد بعد أن دمر تقريبا بسبب القصف ، مما جعل البيت آيلا للسقوط فوقهم ، ودعا الأولاد للنوم في خيمة مع شدة البرودة ليلا هناك ، كما أن هؤلاء الأطفال لا يمكنهم الذهاب للمدرسة حالهم حال جميع أطفال غزة وشبابها الجامعيين .
تروي رحاب ما تشاهده هي وأطفالها من مشاهد مروعة بالشوارع ، جثث ملقاة هكذا على الطريق وبعضها مشوه وأنات لجرحى لم تصبهم سيارات الإسعاف بعد ، وهكذا يمكن تصور المشهد جيدا ، ولكن أكدت أن الفلسطينيين يعلمون أن قضيتهم قضية مصيرية وأن قدرهم العيش في نضال ، واستنكرت بالطبع موقف الحكام العرب المتخاذل للغاية رغم وحشية ما ترتكبه إسرائيل في أبنائهم ، ورغم أن بأيديهم الكثير لصنعه لهم .
الحاجة سميرة
أمها تلتقط طرف الحديث وتقول بنبرة جازمة " القضية لن تموت .. لو عاش أبناء العالم مليون سنة فنحن شعب الصمود " .
كانت بجوارها امرأة هادئة تبكي ، قالت لنا رحاب أنها لن تتمكن من رواية ما جرى لها ؛ إذ أن شقيقتها تهدم منزلها بصاروخ استشهد فيه ثلاثة من صغارها ، وهي أيضا تسكن في رفح الفلسطينية . الأولاد الشهداء طاروا خارج المنزل بفعل الصاروخ ووجد كل منهم جثة هامدة في أماكن متفرقة بالخارج ، ثالثهم عثر عليه في حي مجاور من قوة إندفاعه بفعل الصاروخ ، والغريب كذلك أنهم عثر عليهم " ملفوفين بأغطيتهم التي كانت تغطيهم وهم نائمين بالمنزل " ، أمام عفاف شقيقتها وأم الشهداء فقد أصيبت في رأسها وظهرها إصابات بالغة .
تطرقت رحاب لنقطة التفرقة في توصيل المساعدات للفلسطينيين المحسوبين على حركة " فتح " مثلها ، عن المنتمين لحركة المقاومة " حماس " لصالح الجانب الثاني ، حيث أن حماس تتسلم الكثير من المعونات وتسيطر على قطاع غزة ، وهي لم تعمم ما جرى ولكنها تستنكر حدوثه من بعض أعضاء الحركة ، وهي أيضا لم تنكر أنهم بواسل يقدمون الشهداء في كل يوم .
ملحوظة .. أم رحاب كانت تقرأ في كتاب الشيخ عائض القرني " لا تحزن " .. فأي شعب هذا ؟ !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.