جاء تحديد مجلس الشورى جلسة 25 مايو لمناقشة قانون السلطة القضائية وهي الخطوة التي أدت إلى إرجاء مجلس القضاء الأعلى انعقاد مؤتمر العدالة الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي، ليعيد أزمة القضاة إلى نقطة الصفر مرة أخرى بعد أن كانت على وشك الانتهاء من خلال تعليق هذا المشروع . ويرى محللون أن إصرار نواب الجماعة والمتحالفين معها تحت قبة المجلس التشريعي على مناقشة تشريع القانون، كان بمثابة الاستفزاز الذي حرك ممثلي السلطة القضائية مجدداً ضد المجلس، ليصبح مؤتمر العدالة الذي كان مقرراً إقامته قبل نهاية الشهر الجاري على المحك. وقال المجلس الأعلى في بيان له أمس، إنه استعرض ما يدور في مجلس الشورى من استمرار عرض المقترحات الخاصة بتعديل السلطة القضائية وتحديد جلسة عاجلة لنظره، بما يتعارض مع مقتضيات انعقاد مؤتمر العدالة . وأوضح المجلس أن قراره تعليق الأعمال التحضيرية لمؤتمر العدالة جاء عقب اتصال تشاوري مع رؤساء الهيئات القضائية المختلفة، التي تضم المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية . دعوة للتنسيق وبعد هذه الاحداث دعا أيمن علي مستشار الرئيس لشئون الإعلام والمصريين في الخارج لضرورة إجراء تنسيق بين الرئاسة ومجلس الشورى لحل أزمة القضاة الحالية التي تفجرت بعد بدء مجلس الشورى مناقشة قانون القضاء. وأوضح علي في مقابلة خاصة مع قناة "الجزيرة" الفضائية بثت الليلة الماضية، أن حل هذا الموضوع يتمثل أولا في مراعاة مبدأ الفصل بين السلطات الذي نص عليه الدستور بحيث لا تتغول سلطة على أخرى. وأشار إلى أنه وفقا لهذا المبدأ تملك السلطة القضائية صلاحيات كاملة ومستقلة في أحكام القضاء، " ولكن القضاء منزه عن التشريع، ومن حق المجلس التشريعي أن يضطلع بدوره التشريعي حتى لو كان القانون متعلقا بقانون القضاء". ولفت إلى أن الرئيس إذا كان لا يمكنه أن يتدخل في عمل السلطة القضائية، فلايمكنه التدخل في عمل السلطة التشريعية، مضيفا أنه رغم أن السلطة التنفيذية هي إحدى السلطات الثلاث فدستوريا يكون الرئيس حكما بين السلطات لضمان استقرار النظام السياسي. كما أكد أن الرئيس محمد مرسي أكد التزامه برعاية مؤتمر العدالة الذي ستشارك فيه الجهات القضائية المحترمة والدفع بمشروع السلطة القضائية الذي ستعده لمجلس الشوري. وردا على سؤال بشأن وجود حساسيات بين الرئاسة والقضاء، قال مستشار الرئيس، إن الرئاسة انزعجت مثلها مثل غيرها من الوطنين من بعض الأحكام الصادرة من القضاء بالبراءة وغيرها، موضحا "إن هناك فرقا بين الانزعاج والتدخل، فالرئاسة لا تتدخل في عمل السلطة القضائية وغيرها من السلطات". ترحيب واسع وحول ردود الأفعال حول موقف مجلس القضاء الاعلى ، رحب نادي قضاة مصر بقرار إرجاء المؤتمر، وقال المتحدث باسم النادي المستشار محمود حلمي الشريف :"إن القرار يعد خطوة طيبة تأخرت كثيراً وكان يجب أن يقرر المجلس إلغاء المؤتمر نهائيا وإعلان عدم المشاركة فيه بشكل حاسم وقاطع حال انعقاده". ووصف ما ذهب إليه مجلس الشورى من مناقشة لمشروعات القوانين المقدمة بشأن السلطة القضائية وتحديد موعد لجلسة عامة، بأنه اعتداء سافر على السلطة القضائية ومحاولة خلق وافتعال أزمات بين السلطات حتى تسود حالة العداء بين السلطتين القضائية والتشريعية، التي تجلت في الفترة الأخيرة، متهماً مجلس الشورى ببث حالة الاحتقان بين سلطات الدولة . وأصدر نادي قضاة مصر بيانا أكد فيه أنه بينما بدأت الجهات المختصة الإعداد لمؤتمر العدالة الثاني وما صاحب ذلك من تطمينات بعدم مناقشة القوانين المقترحة للسلطة القضائية في مجلس الشورى، وعلى غير ما قطع من وعود رئاسية وغيرها فاجأ "الشورى" الجميع بمعاودة طرح مشروع القانون الذي وصفه النادي بالمشبوه مرة أخرى وحدد جلسة 25 مايو / أيار لعرضه على المجلس. وأكد النادي مقاطعته المؤتمر وعدم المشاركة في فعالياته حال انعقاده بأي صورة من الصور، داعياً وزارة العدل إلى الاستجابة لرغبة القضاة والامتناع عن المشاركة في أعمال المؤتمر. كما أثني حزب الوفد برئاسة الدكتور السيد البدوي علي موقف نادي قضاة مصر وأندية القضاة في المحافظات المختلفة، وكذلك نادي قضاة مجلس الدولة بعد إعلانه رسمياً عدم مشاركته في مؤتمر العدالة الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي لوضع حل للأزمة الدائرة حالياً بين السلطة القضائية والتشريعية المتمثلة في مجلس الشوري. وقال المهندس حسام الخولي سكرتير عام حزب الوفد :"إن ما قام به مجلس الشورى برئاسة الدكتور أحمد فهمي من التأكيد علي عودة مناقشات مشروع قانون السلطة القضائية مرة أخري قبل حل الإشكالية، واللغط الدائر بين مؤسسات الدولة، يعد اتجاه من الشورى والنظام لتفجير أزمة لا داعي لها، أن الرئيس " مرسي " بذلك يكون حنث بوعده لأنه وعد بألا يناقش المشروع إلا بعد انتهاء مؤتمر العدالة". ورداً علي تصريحات الدكتور " أحمد فهمي " رئيس مجلس الشورى، بأن المجلس لن يناقش التعديلات يوم 25 مايو، ولكنه سيعقد جلسة من حيث المبدأ للتصويت علي ما إذا كان النواب يرغبون في فتح باب المناقشة في الموضوع أو لا ، أكد الخولي في تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية " محيط " ، أن رئيس الشورى ينتمي لحزب يسيطر علي 90 % من مقاعد الشورى، وبالتالي ستكون نتيجة التصويت بعودة المناقشة، مشدداً علي أنه مجلس الشورى مطعون في شرعيته وليس خاصاً بالتشريع. انتهاك للسلطة من جانبه اعتبر حزب مصر القوية، برئاسة الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح تراجع مجلس الشورى عن موقفه بشأن مناقشة تعديلات قانون السلطة القضائية بعدما وعد الرئيس مرسى بعدم الخوض في مناقشته قبل انتهاء مؤتمر العدالة الذي يجرى الإعداد له، انتهاكاً للسلطة القضائية. وأكد محمد عثمان عضو مكتب الاتصال السياسي لحزب مصر القوية، أن التراجع الذي تم من قبل السلطة الحاكمة ومجلس الشورى، بشأن مناقشة المشروع يفجر الأزمة من جديد، ويزيد الأمور سوءً وتعقيداً، مشدداً على أن موقف أندية القضاة الرافض تجاه المؤتمر العام هو حق لهم. وأوضح فى تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية " محيط "، أن عزم مجلس الشورى على مناقشة مشروع القانون فى 25 من الشهر الجاري، يعد تعطيلاً لمؤتمر العدالة وانتهاكاً للسلطة القضائية وتعد عليها. وطالب عثمان الرئيس مرسى، بإنهاء حالة الاحتقان بين مؤسسات الدولة، واحتواء حالات الغضب، والغليان داخل المؤسسات . كما أكد عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر والمرشح الرئاسي السابق، تضامنه، ودعمه، لموقف قضاة مصر، وأندية القضاة، والمجلس الأعلى للقضاء، والسلطة القضائية، ضد مواجهة توغل السلطة التنفيذية، والتشريعية عليها. وشدد موسي، على احترامه لموقف قضاة مصر الرافض لحضور مؤتمر العدالة، الذي دعا إليه الرئيس " مرسى "، مستنكراً قيام إعلان مجلس الشورى عودة مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية، نهاية الشهر الجاري. وفى سياق متصل، أوضح الدكتور أحمد كامل المستشار الإعلامي للحزب أن ما يقوم به مجلس الشورى، من اعتداءات، وانتهاكات للسلطة القضائية، يؤكد تجاهل مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن موقف رجال القضاء مشرف قائلاً : "هؤلاء القضاة أدرى بأمور عملهم عن غيرهم ". وأضاف في تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية " محيط "، أن رئيس الجمهورية دائما ما يحنث بوعوده، موضحاً أنه اجتمع برجال القضاء الأعلى، والتزم أمامهم بعدم الخوض في مناقشات مشروع القانون، قبل انتهاء أعمال المؤتمر العام. استياء بالغ كما أعرب حزب الشعب الحر برئاسة المهندس ياسر قوره عن استياؤه البالغ، من التلاعب المعيب بالقضاة، والمراوغة الواضحة في حل أزمتهم، وقيام مجلس الشورى بمناقشة قانون السلطة القضائية، في ظل استمرار فعاليات مؤتمر العدالة، الذي بادر الرئيس بالدعوة إليه لكسب ود القضاة فقط. وأكد قوره رفضه التام، لتعجيل مجلس الشورى، بمناقشة قانون السلطة القضائية، مشيرا إلى أنه كان يجب على الحكومة، أن تعرض المشروع على أعضاء السلطة القضائية أنفسهم ممثلين في مجلسهم الأعلى للقضاء، وأن الدعوى لمؤتمر العدالة لن تكون حقيقية إلا إذا تم وقف مناقشة الشورى للقانون. وأوضح رئيس حزب الشعب الحر، أن قانون السلطة القضائية، يمثل استمراراً لسياسة الإخوان بالتلاعب، وعدم الالتزام بالوعود، والمقصود به أخونة القضاء، مشدداُ على عدم جواز انتماء القاضي إلى حزب أو جماعة معينة، ويجب أن يكون مستقلاً عن أى انتماء سياسي، وان يكون ولائه للشعب بأكمله. وكان قانون السلطة القضائية قد وصف بقانون "تدمير" السلطة القضائية لانه يقضي بتخفيض السن من 70 إلى 60 عاما فقط، وبناءً عليه لو تم إقرار ذلك فإنه سيؤدى إلى تقاعد حوالي 4500 قاض ، سواء في القضاء العادي أو مجلس الدولة وكل الهيئات القضائية، ويشمل ذلك مستشاري محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا، وهيئة قضايا الدولة ،وادي لازمة بين القضاء والرئاسة ومجلس الشورى وتيارات الإسلام السياسي. ويرى مراقبون انه إزاء هذه التطورات فإن المراقبين يؤكدون أنه حال عدم إدراك حزب الحرية والعدالة والمتحالفين معه لخطورة المرحلة الحالية وطبيعتها، فإنه أمر يمكن أن يؤزم المشهد بأكمله، في ظل التداخل السياسي على خط الأزمة القضائية.