وزير الرى يلتقى أمين عام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية    رئيس الوزراء: الجامعات التكنولوجية تسهم في تطوير قطاع الصناعة    اتصالات النواب: حوادث النقل الذكي مرفوضة وقراراتنا واجبة النفاذ خلال 48 ساعة    ما هي التهم الموجهة إلى نتنياهو في محكمة العدل الدولية؟    الزمالك يحدد طبيعة إصابة محمد شحاتة    رمال وأتربة وتحذير خطير.. هل هذه آخر موجة حارة في فصل الربيع؟    كلية العلوم بجامعة أسيوط تعقد ورشة عمل حول "تقييم التنوع الحيوي"    مجلس النواب يوافق نهائياً على مشروع قانون «التأمين الموحد»    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    إصابة 8 أشخاص في تصادم ميكروباص وربع نقل بأسوان    طارق الإبياري يكشف عن وصية سمير غانم له قبل رحيله: «أخرج لي آخر مسرحية»    الحياة على المريخ ورحلة إلى المركز الاستكشافي للعلوم.. فعاليات علمية في كل من مكتبتي المستقبل مصر الجديدة للطفل    إلهام شاهين تحيي ذكرى سمير غانم: «أجمل فنان اشتغلت معه»    إيرادات الأفلام تواصل التراجع.. 1.2 مليون جنيه في يوم واحد    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    صحة مطروح: تقديم خدمات طبية لأكثر من 370 مواطنا بالنجيلة من خلال قافلة طبية مجانية    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    ڤودافون مصر توقع اتفاقية تعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لدعم الأمن السيبراني    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    بعد طائرة الرئيس الإيراني.. هل تحققت جميع تنبؤات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف؟‬    حجز استئناف أحمد عز على إلزامه بدفع 23 ألف جنيه إسترليني لتوأم زينة    انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    6 نصائح لمواجهة الطقس الحار.. تعرف عليها    البنك الأهلي المصري يتلقى 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل الاستدامة    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    العثور على طفل حديث الولادة بالعاشر من رمضان    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    المؤشر الرئيسي للبورصة يتراجع مع نهاية تعاملات اليوم الاثنين    الليجا الإسبانية: مباريات الجولة الأخيرة لن تقام في توقيت واحد    استبدال إيدرسون في قائمة البرازيل لكوبا أمريكا 2024.. وإضافة 3 لاعبين    مدرب الزمالك يغادر إلى إنجلترا بعد التتويج بالكونفيدرالية    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    افتتاح دورة إعداد الدعاة والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية بمطروح    «صحة الشرقية» تناقش الإجراءات النهائية لاعتماد مستشفى الصدر ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    نائب جامعة أسيوط التكنولوجية يستعرض برامج الجامعة أمام تعليم النواب    الرئيس الجزائري: فقدت بوفاة الرئيس الإيراني أخا وشريكا    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    شكرى: الاحتياجات ‬الإنسانية ‬للأشقاء ‬الفلسطينيين ‬فى غزة ‬على رأس أولويات مصر    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين فى قرغيزستان    في طلب إحاطة.. برلماني يحذر من تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    فيلم شقو يحصد 291 ألف جنيه إيرادات في ليلة أمس الأحد    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    مجلس الوزراء الإيراني يعقد جلسة طارئة في أعقاب تحطم طائرة الرئيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء «هونج كونج» العرب.. بين أحلام التنمية ومطالب الأمن
نشر في محيط يوم 29 - 10 - 2012

أ.ش.أ: لم تكن مقولة رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين بأن المشروع القومي لتنمية سيناء وتوطين ثلاثة ملايين مصري فيها أقوى من الأسلحة النووية الاسرائيلية، إلا مؤشرا خطيرا على الأهمية الإستراتيجية القصوى لتلك البقعة الغالية من أرض مصر، سواء على الصعيد الإقتصادي والتنموي أو الصعيد الأمني والعسكر.

ويبدو أن تلك المخاوف من الجارة الشرقية لمصر، عززت مخاوف أشد منها لدى القيادة المصرية السابقة من تداعيات تنفيذ مخطط تنمية سيناء والإستفادة من ثرواتها، ومن ثم إطلاق الطاقات المصرية الراغبة في تعظيم كنوز سيناء المدفونة.

وفيما تم الإعلان عن البدء في تنفيذ مشروع تنمية شاملة لمحافظة شمال سيناء، منذ بداية تسعينيات القرن الماضى، وبتكلفة إجمالية تبلغ نحو 5ر8 مليار جنيه بأسعار تلك الفترة، إلا أنه لم يتحقق على السنوات الماضية سوى 10 % من أهداف المشروع القومي لتنمية سيناء.

ولم يكتف القائمون على مشاريع تنمية سيناء بتأجيل معظم المخططات التنموية فقط، إنما جعلوا كل محاور التنمية يستأثر بها محور السياحة في جنوب سيناء فقط علي الرغم من أن محور الصناعة والزراعة في الشمال والوسط هما السبيل لتنمية حقيقية داعمة للأمن القومي المصري ، بالاضافة إلى عوائد غير مسبوقة على الاقتصاد المصري.

وعلى الرغم من وجود دراسات متعددة تصب في خانة التنمية الشاملة لسيناء، إلا أن تلك الدراسات لم تجد آذانا تصغى ، وأياد تبني وتنفذ الأفكار التي كان يمكن أن تجعل من سيناء أحد أهم المعابر التجارية في العالم على غرار "هونج كونج ".

ويقول الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي الخبير بالأمم المتحدة في دراسة أعدها لتحويل سيناء إلى "هونج كونج " العرب، إن سيناء بها من الإمكانيات ما يفوق بمرات عديدة إمكانيات هونج كونج ، حيث تتميز بالإضافة إلى الموقع الجغرافي الذي ليس له مثيل بالعالم ، بوجود ثروات معدنية وآثار وإمكانيات التربة بالإضافة إلى الموارد المائية.

وتؤكد الدراسة، أن مشروع تحويل سيناء إلى " هونج كونج" عربية سوف يحقق أهدافا عظيمة ، فتحويل الحدود الشرقية لمصر إلى منطقة حرة تستثمر فيها كل الدول، يؤمن هذه الحدود من أي عمل عسكري طائش قد تقوم به إسرائيل.

فيما تشير الدراسة إلى أن مشروعات التنمية المرتبطة بالمنطقة سوف توفر ملايين فرص العمل ، بالإضافة إلى العائد المادي العالي الذي سوف يدفعه المستثمرون مقابل إستثمار الموارد التعدينية والسياحية والتخزينية، ناهيك عن زيادة عوائد قناة السويس.

وتقدم الدراسة تصميما مبدئيا لمد سيناء بترعة تأخذ مياهها من ترعة الإسماعيلية ، لتعبر قناة السويس بواسطة " سيفون" عند منطقة المنايف بالإسماعيلية ، وذلك لري مساحة 400 فدان في منطقة المغارة عن طريق الوسط عند وادي الخريق، حيث تم تصنيف تلك التربة بأنها تصل إلى درجة الإمتياز.

وتوضح الدراسة، أن الترعة الجديدة التي يمكن توصيل مياه النيل من خلالها إلى سيناء سوف تتفادى أخطاء شق ترعة السلام التي تم حفرها بطول 87 كم غرب قناة السويس عند الكيلو 219 على فرع دمياط، والتي تتجه شرقا فجنوبا ثم شرقا حتى قناة السويس، ثم تعبر أسفل قناة السويس وتمتد شرقا حتى وادي العريش (شرق القناة)، لتسمى ترعة الشيخ جابر بطول 175 كم، وإقامة 3 محطات من عدد 9 محطات لخلط ورفع المياه على طول القناة.

ويشير الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي الخبير بالأمم المتحدة في دراسته عن تنمية سيناء الى أن إقامة مجتمع زراعي مصري هناك، هو دعامة قوية جدا في الحفاظ على أمن هذه البقعة الغالية من أرض مصر ، كما أن هذا المجتمع الجديد سيكون خط الدفاع الأول والقوي ضد أي مغتصب.

وتنصح الدراسة بتميلك هذه الأراضي الزراعية الناشئة للمجندين الذين تنتهي مدة خدمتهم بالقوات المسلحة، على أن يظلوا يتدربون على فنون القتال، بإعتبارهم خط الدفاع الأول لأي هجوم غادر محتمل.

كما تقدم الدراسة خريطة كاملة بما تم إكتشافه من موارد مائية محلية بسيناء تكفي لزراعة آلاف الأفدنة، وهو ما يكفل بحد ذاته إقامة قرى دفاعية تؤمن الحدود الشرقية ، بالإضافة إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي من الغذاء للمستثمرين والسياح.

وتلفت الدراسة الإنتباه إلى الآبار التي قامت شركات إستكشاف البترول بحفرها في هذه المناطق التي لم يتم العثور على بترول بها، وهى تحوي مياها جوفية عميقة، حيث أن بروتوكولات حفر آبار البترول تنص على أن أي بئر لايعثر فيه على بترول ولكن على ماء، يكون من حق مصر أن تقوم بتشغيل هذه الآبار بدون أي مقابل للشركة التي قامت بحفره.

وتقول الدراسة أنه بعد تقدير كميات المياه التي تسيل في الوديان بسبب السيول ، بالإضافة إلى المياه الموجودة بالآبار والطبقات الجوفية الموجودة بالوديان وعند سفوح الجبال ، فإنه يتم تقدير مياه النيل التي يجب ضخها إلى تلك المنطقة للاستفادة منها في الزراعة، ويمكن تسعير المياه الزائدة لتمثل مصدر دخل جيد.

وتؤكد الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي الخبير بالأمم المتحدة، وجود كميات هائلة من الثروات المعدنية ، وأن ما يتم إستخدامه من تلك الثروات يعتبر نسبة بسيطة جدا، خاصة في ظل وجود معادن نادرة، ناهيك عن وجود اليورانيوم بكميات هائلة .

ويقول الدكتور الشناوي، أن هذا المشروع الشامل لايقل أهمية عن مشروع ممر التنمية المقترح من العالم المصري الدكتور فاروق الباز والذي مازال في طور الدراسة لمعرفة مدى جدواه إقتصاديا.

وتربط الدراسة بين إمكانيات هونج كونج الفقيرة، وتلك المنطقة الغنية بالثروات وإمكانية تنميتها بشكل يشمل جميع النواحي والمشروعات الاقتصادية المتمثلة في الزراعة والصناعة والتعدين والسياحة وإقامة المجتمعات العمرانية الجديدة وما يتبعها من مشاريع خدمية والانطلاق من ضيق الدلتا والوادي وتكدس السكان إلى رحابة سيناء، التي تمتد على مساحة 60088 كيلو مترا مربعا تمثل 6\% من مساحة مصر، حيث تمثل شبه جزيرة سيناء منطقة جذب للسكان والاستثمار.

وتوضح الدراسة إمكانية الاستفادة من تجربة هونج كونج في تنمية الصادرات وفتح المزيد من الأسواق العالمية أمام المنتجات الوطنية ، وذلك من خلال السياسة التجارية التي تتبعها هونج كونج للنهوض باقتصادها رغم صغر مساحتها ومواردها الطبيعية، حيث أن سياسة الانفتاح الاقتصادي والسوق الحرة التي تنتهجها هونج كونج واعتمادها الكبير على التجارة والتمويل الدوليين أدت إلى أن تتعاظم قيمة تجارة السلع والخدمات بما في ذلك حصة مساهمة السلع المعاد تصديرها ، لتصل إلى أكثر من أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي.

يشار إلى أنه رغم قلة مساحة هونج كونج وقلة مواردها الطبيعية والمائية إلا أنها استطاعت تحقيق تنمية كبيرة في النشاط الصناعي والتجاري والسياحي والمصرفي بفضل توجهها نحو الخارج واتباعها لسياسة التصدير مما اتاح نمو صادراتها وتبوء مكانة متقدمة في التجارة العالمية والذي انعكس بدوره على مستوى معيشة الأفراد.

فيما أدى الموقع الجغرافي المتميز وتحويل الجزيرة إلى مركز لسحب الأموال من العالم الخارجي والإقليم الآسيوي والمتاجرة فيها بالإضافة الى العلاقة مع الدولة الأم الصين إلى نجاح تجربة هونج كونج.

وإذا كانت الأوضاع الأمنية في سيناء ما زلت تمثل عامل قلق كبير يعزز المخاوف لدى المستثمرين ، إلا أن تعظيم حوافز الإستثمار في تلك المنطقة الغنية بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع التنمية الإستراتيجي، يمكن أن يسهم في جذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية.

حيث تؤكد المصادر التاريخية أنه منذ القرن التاسع عشر كانت هونج كونج مركزا لتصنيع وإعادة تصدير المخدرات ، التي تدخل اليها من المثلث الذهبي " بورما ولاوس وتايلاند" بما يقدر بخمسين طنا من الافيون وعشرة أطنان من المورفين كل عام، وكان فيها أكثر من 80 ألف مدمن مخدرات.

وعندما تسلمت الصين الجزيرة من بريطانيا، ورغم محاولتها الحفاظ على إسلوب الإدارة البريطاني للجزيرة، إلا أن أيديولوجية الصين الشيوعية، وظهور الجندي الصيني المدجج بالسلاح أخاف الكثير من المستثمرين مما دفعهم إلى تصفية أعمالهم، وبالتالي إنخفضت السياحة بشكل كبير وفقدت الجزيرة مكانتها الإقتصادية .

إلا أن هونج كونج تحولت من الاعتماد كليا على مينائها البحري وتجارتها البسيطة والمنحصرة في الصناعات الخفيفة إلى الصناعات الموجهة نحو التصدير وإعادة التصدير والصناعات الرأسمالية ذات التكنولوجيا العالية، فضلا عن إستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها نظرا لموقعها ولمختلف الحوافز والإعفاءات الخاصة برؤوس الأموال الأجنبية.

كما عملت هونج كونج على بناء هياكل البنية الأساسية في الوقت الذي اتبعت سياسة مالية ونقدية حافظت على قدر معقول من الاستقرار النقدي والسعري في السبعينات والثمانينات كما عملت على بناء مؤسسي متماسك.. شكل إطارا تنظيما داعما للنمو الاقتصادي في مختلف القطاعات.

ومن هذا المنطلق ومع ما تتمتع به سيناء من إمكانيات فائقة، فإنه يجب أن نضع مشروع تنمية سيناء في المقام الأول لتحقيق الانطلاقة الكبري لمصر الثورة، وهو ما يجعلنا نقترب من تحقيق الهدفين الإستراتيجيين في هذه المرحلة وهما التنمية والأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.