الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحرية التعبير والرأى جزء من التشريعات المحلية والدستور والقانون ويجب أن تحترمها مصر ولا يمكن أن نتنصل منها وهو ما نصت المادة 93 من دستور 2014 والتى أكدت على التزام الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر واعبرتها جزءًا من القانون المصري. هكذا بدأ الدكتور مفيد شهاب أستاذ القانون الدولى حديثه خلال الندوة التى حملت عنوان حرية التعبير بين حقوق الإنسان ومقتضيات الأمن القومى"، والتى نظمتها الجمعية المصرية للقانون الدولى. وأعتبر شهاب أن حرية التعبير عن الرأى سواء كانت بالفكر أو الكلمة أو بالصوت وبالصورة وكل أشكال التعبير تعتبر أهم الأسس التى تشكل النظام القانونى لحقوق الإنسان ولهذا جاءت فى طليعة مواثيق الإقليمية والعالمية لحقوق الإنسان،و أن هناك نصوص صريحة عن حرية الفكر والرأى فى المواثيق العالمية والاقليمية وتؤكد على أن حرية التعبير فى مقدمة حقوق الإنسان. وخلال الندوة عرضت الدكتورة منى الحديدى، أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة وعميد الاعلام الاسبق، ورقة بحث حول حرية الرأى والتعبير بين حقوق الإنسان دومقتضيات الأمن القومى"، والتى ناقشت فيها مفهوم حرية التعبير والأمن القومى ومعرفة الحدود الفاصلة بين كل مفهوم منهما مع التأكيد على أن حرية التعبير والأمن القومى هام وواجب التنفيذ بل امتدد إلى أكثر من هذا من قضايا الحريات فى مجتمعنا وحرية الصحافة عمومًا والأعلام ومختلف حقوق الانسان المرتبطة بحرية التعبير وانتهت ورقة البحث بمطالبتها بإنشاء محاكم متخصصة لقضايا حرية التعبير تضم قضاة متخصصين بما يضمن تمتعهم بحنكة الفصل فى مثل هذه القضايا لمزيد من سرعة البت فيها، مثلما تم إنشاء المحاكم الاقتصادية ومحاكم الأسرة. وذكرت الحديدى أن أهم الانتقادات لمجمل الوضع الإعلامى المصرى والتى تتضمنت تأخر إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة للتنظيم الذاتى للإعلام بما يضمن جهة مستقلة تكون بمثابة الحد الفاصل بين حرية التعبير وانتهاك الامن القومى، وترسم الحدود الفاصلة وذلك بالتشاور مع مختلف الاطراف، لأنه لا يجوز أن تكون هذه المهمة فى يد الإعلام أو الأمن القومى فقط . وقال مفيد شهاب:"إن البعض تصور أن حرية التعبير وجدت مع قيام المنظمات الدولية وأن لم يكن هناك حديث عن حقوق الإنسان إلا مع ظهور المنظمات الدولية والحقيقة أن حقوق الإنسان بشكل عام وحرية التعبير فى مقدمتها إنما هى أسبق من نشات المنظمات الدولية أيا كان نوعها سواء عالمية أو إقليمية". شهاب أشار إلى أن الثورة الفرنسية فى عام 1789 عندما تحدثت عن الحرية والمساواة فإنها حرصت على التداول الحر للأفكار والاراء وأعتبرتها أحد اهم حقوق الإنسان، وأن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى ديسمبر عام 1948 أشار فى مادته ال19 إلى أن لكل شخصًا حق التمتع بحرية الرأى والتعبير، كذلك الحال فى اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 نجد الحديث الصريح لكل إنسان الحق فى حرية التعبير. واستند شهاب إلى عدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية والاقليمية التى وقعت عليها مصر والتى تحدثت صراحةً عن حرية التعبير والرأى منها الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان والتى نصت صراحةً على أن لكل فرد الحق فى حرية التعبير، كما استند إلى الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان واتفاقية حقوق الطفل التى اقرتها الجمعية العامة لعام 1990، والميثاق الافريقى لحقوق الإنسان والشعوب، والميثاق العربى لحقوق الانسان والشعوب. أستاذ القانون الدولى أكد على أن الدساتير عبرت عن حرية التعبير واعتبرتها حق من حقوق الإنسان وفى مقدمة هذه الحقوق، منها ما جاء فى حق حرية التعبير فى دستور 2014 مادتين هامتين وهما المادة 72 تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها بما يكفل حيادها وتعبير عن كل الاراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، والمادة 65 أيضًا من هذا الدستور حرية الفكر والرأى مكفولة ولكل إنسان الحق فى التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير. وقال شهاب إن المواثيق العالمية والإقليمة تكمن أهميها عندما يتم التصديق عليها تصبح جزء من التشريع المحلي فجميع الاتفاقيات الدولية التى ابرمتها مصر وصادقت عليها أصبحت جزءً من القانون المصري ويجب أن نحترمها ولا يمكن أن نتنصل من تطبيقها، وهو ما أكدته المادة 93 من دستور 2014 بإلتزام الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون، فمصر انضمت إلى كل هذه الاتفاقيات وفقًا للقواعد القضاة المصري، مصر ملزمة بكل هذه الاحكام التى وردت سواء فى المواثيق العالمية أو فى الدستور المصري وأن قضية تعرض عليه متعلق بحرية الرأى والتعبير وبحقوق الإنسان لأبد أن تأخذ فى الاعتبار. شهاب قال إن قضية حرية الرأى والتعبير وحقوق الإنسان قضية مهمة ولكن ما يجعل فيها اشكاليه أن المواثيق والدستور والقوانين اجازوا استثنائًا أنه أذا كانت هناك اعتبارات تقتضى تقيد هذه الحرية فهذا أمرًا ممكن دون أن يكون أمرًا مسموح بيه على الإطلاق فهو أمرًا ممكن بصيغة الاستثنائية وفى حدود ضيقة وبشروط مقيدة فاعتبارات الأمن القومى لا يمكن أن نقول أنها ليس لها قيمة وتاتى هنا الاشكلية بين حقوق واجبة الاحترام والالتزام وبين مقتضيات أمن قومى لأبد أن تدخل فى الاعتبار. وتظهر المشاكل كلها عند التطبيق والواقع العملى عندما ننطلق إلى مرحلة التنفيذ والتطبيق فهناك من يتجاهل اعتبارات الأمن القومى ولا يعلى إلا حقوق الانسان وهناك ايضًا من يعلى اعتبارات حقوق الإنسان لوحدها دون الاخذ فى الاعتبار اعتبارات الامن القومى وفى الحالتين هناك تجاوزات.