إسرائيل تكثف قصفها الصاروخي والمدفعي غرب مدينة رفح الفلسطينية    الجيش الأمريكي يعلن تدمير 3 منصات إطلاق صواريخ للحوثيين    البنتاجون يحث على خفض التصعيد مع ازدياد التوتر بين إسرائيل ولبنان    «كولر» يطلب من لاعبي الأهلي حسم الدوري والسوبر الأفريقي    تصريحات صادمة ومفاجئة لمحامي دفاع سفاح التجمع (فيديو)    انهيار الهضبة في «قلم» مفاجئ| اشتعال السوشيال ميديا بسبب صفعة عمرو مجانص لأحد المعجبين    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    رد رسمي من الأهلي بشأن تفاصيل عقد مارسيل كولر    بوساطة عُمانية، إطلاق سراح فرنسي كان معتقلا في إيران    مصرع 4 أشخاص وإصابة 2 في حادث سير بالمنيا    رسميًا.. تعرف على مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024 بجميع محافظات الجمهورية (تفاصيل)    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوجه له رسالة شديدة اللهجة لنتنياهو    كيف رد هشام عاشور على لقب "جوز نيللي كريم" قبل انفصالهما؟    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    بث مباشر افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا واسكتلندا    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    مصدر يكشف مفاجأة بعد العثور على جثتي شاب وفتاة بكورنيش المعادي    الحج السياحي 2024.. وزارة السياحة والآثار توجه تحذيرا للشركات    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    اندلاع حريق كبير بمصفاة نفط في كردستان العراق    أرمينيا تعلن نيتها الانسحاب من معاهدة أمنية تقودها روسيا    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    لماذا امتنعت مصر عن شراء القمح الروسي في مناقصتين متتاليتين؟    عيد الأضحى 2024.. ما المستحب للمضحي فعله عند التضحية    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    صور.. دار الكتب تحتفل بمسار العائلة المقدسة    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    «الصحفيين» تعلن جوائز دورة هيكل الثانية في «تغطية النزاعات والحروب» (تفاصيل)    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    هيئة الدواء: توفير جميع الخدمات الدوائية خلال العيد.. وخط ساخن للاستفسارات    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    وكيل صحة سوهاج يعقد اجتماع لمناقشة خطة التأمين الطبي أثناء العيد    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام السياسى للدولة التنموية
نشر في محيط يوم 10 - 09 - 2015

لا يدرك عديد من الباحثين العلميين والناشطين السياسيين أننا نعيش بعد 25 يناير وعلى الأخص بعد 30 يونيو عصرا سياسيا جديداً لا علاقة له بالنظام السياسى قبل 25 يناير الذى أسقطته ثورة الشعب.
ولو شئنا أن نوصف بدقة هذا العصر السياسى الجديد لقلنا أننا نعيش فى الواقع فى مجتمع ما بعد الثورة. وهذا المجتمع قد قطع نهائيا مع دعاوى الإصلاح الديمقراطى التى كانت سائدة فى العشر السنوات الأخيرة من حكم «مبارك» بتأثير ضغوط الخارج ومطالب الداخل. وذلك لسبب بسيط أن الثورة وليس الإصلاح أصبحت هى الشعار، والثورة -بحسب التعريف- تعنى إعادة صياغة كاملة للنظام السياسى بمفرداته الأساسية. وأول هذه المفردات هى الدولة، وثانى هذه المفردات هى الأحزاب السياسية، وثالث هذه المفردات هى مؤسسات المجتمع المدنى.
ونحن نعرف من دراسات علم السياسة المقارنة أن العلاقات بين هذه المفردات تختلف اختلافات جوهرية فى النظم السياسية المختلفة وهى الشمولية والسلطوية والليبرالية. فى النظم الشمولية لا وجود تقريبا لمؤسسات المجتمع المدنى فى ظل الهيمنة المطلقة للدولة، وفى النظم السلطوية هناك حرية نسبية لمؤسسات المجتمع المدنى تحت الرقابة اللصيقة للدولة، وفى النظم الليبرالية هناك - نظرياً- حرية مطلقة لمؤسسات المجتمع المدنى.
ومعنى ذلك أنه بقيام 25 يناير والتى بدأت بانتفاضة شبابية من أجل الحرية وحقوق الإنسان وانتهت بثورة شعبية شارك فيها ملايين المصريين، كان المفروض أن يتبعها التجدد المؤسسى الكامل لمفردات النظام السياسى الذى سقط وهى الدولة والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى.
ولكن بعد فترة اضطراب عظمى فى الممارسة السياسية بين 25 يناير و30 يونيو لم يحدث فيها أى تجدد مؤسسى للنظام السياسى. غير أن التغيير الجذرى ظهر فى الواقع بعد 30 يونيو وخصوصا بعد وضع الدستور الجديد وانتخاب «عبدالفتاح السيسى» رئيسا للجمهورية. وسرعان - فى العام الأول لحكمه- ما عادت ما أطلقنا عليها «الدولة التنموية» والتى كان نموذجها البارز الدولة فى ظل ثورة 23 يوليو 1952 والتى قادها الزعيم «جمال عبدالناصر». وهذه الدولة هى التى رسمت الخريطة التنموية للبلاد، ليس ذلك فقط بل قامت هيئاتها - وخصوصا بعد التأميم والتمصير فى عام 1956- بالتنمية بواسطة شركات القطاع العام، بالإضافة إلى قوانين الإصلاح الزراعى التى غيرت الوضع الطبقى للفلاحين، والإصلاحات فى قانون العمل والتى نهضت بأوضاع العمال بصورة غير مسبوقة.
وقد رصدنا فى مقالنا الذى نشر فى الأهرام بتاريخ 27 أغسطس 2015 بعنوان «عودة الدولة التنموية» أهم ملمح من ملامح التجديد الجذرى فى وظيفة الدولة وهو قيامها مباشرة بالتنمية، وليس بالضرورة عن طريق رجال الأعمال الذين فتح لهم الرئيس «السادات» الباب ببداية «عصر الانفتاح» وترك لهم «مبارك» موارد الدولة وأراضيها كاملة لينهبوها باسم الاستثمار، مع أنه كان فى الأغلب الأعم شبكة فساد كبرى شارك فى جرائمها أهل السلطة ورجال الأعمال الذين كونوا ثروات خرافية على حساب طبقات الشعب الوسطى والدنيا المكافحة. وهكذا عادت فى بداية عهد «السيسى» الدولة التنموية لتلعب الدور الأساسى فى التنمية أقوى من عصر «عبدالناصر». ولأول مرة فى تاريخ رؤساء الجمهورية يقود «السيسى» مفاوضات التنمية والاستثمار مع قادة الدول الكبرى ومع كبار المديرين بها، إعلانا جهيرا على أن الدولة الجديدة بعد 30 يونيو مهمتها الأساسية هى التنمية، والقضاء على التخلف فى كل الميادين والتى تراكمت مشكلاته منذ عشرات السنين.
ومعنى ذلك أن الدولة وهى الطرف الأساسى فى أى نظام سياسى قد تجددت بعد ثورة 25 يناير وأصبحت مهمة التنمية القومية هى رسالتها الأساسية، وليس فى ذلك أى استبعاد لرجال الأعمال مصريين أو عربا أو أجانب، ولكن بشروط الدولة وتحت رقابتها وبدون الفساد الذى سبق أن نهب الثروة القومية.
ولكن يثور السؤال البالغ الأهمية: هل تجددت الأحزاب السياسية بعد الثورة وهل تجددت مؤسسات المجتمع المدنى؟
والإجابة القاطعة لا للأسف الشديد. لأن الأحزاب القديمة أو الجديدة تعيش فى «غيبوبة سياسية» ولا يدرك قادتها التغيرات الكبرى التى حدثت فى الممارسة السياسية فى دول العالم المختلفة. والدليل على ذلك أن هناك أزمة عالمية كبرى فى مجال الممارسة الديمقراطية وتتراكم سلبياتها منذ سنوات بعيدة.
ولا أجد بأسا من أن ألخص الأفكار الأساسية التى وردت فى مقال سابق لى نشر فى جريدة الحياة عنوانه «أزمة الديمقراطية العالمية» لأنها هى التى ستكشف عن المأزق الراهن للأحزاب السياسية المصرية والتى تلعب الآن لعبة «الكراسى الموسيقية» للفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان وفقا للسياسات البالية القديمة والممارسات المنحرفة التى تتمثل فى سيطرة رأس المال السياسى، وسيادة أثر العصبيات، ورشوة الناخبين، بالإضافة إلى نزعات التطرف الدينى الغوغائية والتى اتخذت صورة الأحزاب السلفية السياسية، وكأن الثورة ما غيرت شيئا من الممارسات السياسية القديمة.
ويمكن القول إن نظريات أزمة الديمقراطية ظهرت فى السبعينيات من القرن الماضى ويرد الباحثون هذه الأزمة إلى أسباب متعددة أهمها على الإطلاق الأزمات الاقتصادية التى لم تستطع الحكومات مواجهتها بسياسات فعالة. وكذلك التأثيرات السلبية للعولمة وأخطرها على الإطلاق تزايد ظاهرة عدم المساواة فى توزيع الثروة القومية.
فى ضوء الملاحظات ظهر اتجاه قوى فى عالم السياسة يقرر بلا مواربة أن عهد السياسة النيابية قد وصل إلى منتهاه بعد أن خيب آمال الجماهير التى وضعت ثقتها فى الأحزاب السياسية من اليمين أو الوسط أو اليسار، نتيجة فساد عملية االتمثيلب representation والتى تعنى أن عددا من النواب يتم انتخابهم وينوبون عن الجماهير ويعبرون عن مصالحها فى المجالس النيابية.
ولا نريد أن نناقش الآن النمط الجديد من «التشاركية الديمقراطية» ولا صورها المختلفة، لأننا ندعو إلى أن تجدد الأحزاب السياسية المصرية نفسها كما جددت الدولة أدوارها وأصبحت دولة تنموية. وفى تقديرنا أن الأحزاب السياسية المصرية القديمة والجديدة لابد أن تتجدد أولا مؤسسيا كما تجددت الأحزاب السياسية فى أوروبا فلم تعد هناك زعامات خالدة للأحزاب ولا قيادات تبقى مدى الحياة وتزيح القيادات الشابة من تولى القيادة. وأهم من ذلك فإن هذه الأحزاب السياسية مدعوة - كما فعل حزب الخضر فى ألمانيا- إلى تجديد أجندته السياسية حين أدخل موضوع البيئة والحفاظ عليها لتصبح هى دعوته السياسية الرئيسية التى يحشد حولها الجماهير.
ونحن ندعو الأحزاب السياسية المصرية - توافقا مع الدولة التنمية العائدة- أن يكون هدفها هو بكل قوة التنمية المستدامة تخطيطا وتنفيذا وتعبئة وحشدا. ونقصد من ذلك على وجه التحديد المشاركة الفعالة لها فى صياغة الرؤية الاستراتيجية للبلاد بالتعاون مع هيئات الدولة التنموية، والإسهام فى صياغة الخطط الاقتصادية، ورسم معالم الخريطة التنمية، والنزول إلى الشارع والتفاعل مع الجماهير من خلال الإسهام الفعال فى عملية التعليم والتدريب والتشغيل، وأهم من ذلك القيام -بالإضافة إلى مهمة المشاركة فى صناعة القرار التنموى- الرقابة على تنفيذ هذا القرار بواسطة مؤسسات مستحدثة لا علاقة لها بالممارسات الحزبية القديمة. هذه دعوة للتجدد المعرفى للمجتمع، وللتجدد المؤسسى للأحزاب السياسية.
نقلا عن " الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.