العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لأعضاء هيئة التدريس حتى نهاية يوليو المقبل    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    التعليم العالى: الوزارة أنفقت أكثر من 10 مليارات جنيه على التحول الرقمى    رئيس مركز المناخ يحذر من التعرض لأشعة الشمس للحفاظ على السلامة الشخصية    وزارة المالية: العاملون بالدولة يبدأوون بصرف مرتبات يونيو اليوم الأحد    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    جيش الاحتلال: رصدنا سقوط طائرتين مسيرتين شمال الجولان أطلقتا من جنوب لبنان    تحذير أممي من انهيار النظام الصحي في السودان    سفير مصر الأسبق بإسرائيل: مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة يضع كل طرف أمام مسئوليته    الجامعة العربية تعقد اجتماعا تشاوريا حول منتديات التعاون العربي الإقليمي    لجنة تخطيط الأهلي تجتمع مع كولر عصر اليوم.. اعرف السبب    بيدري: الإصابة أصبحت من الماضي.. ودي لا فوينتي شجعني في الأوقات الصعبة    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    تشاهدون اليوم.. تونس فى ضيافة ناميبيا بتصفيات إفريقيا للمونديال وفرنسا تستعد لليورو بمواجهة كندا    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    رئيس بعثة الحج الرسمية يتفقد أماكن إقامة حجاج القرعة بمكة المكرمة    تموين المنيا يضبط 89 مخالفة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    السكة الحديد تفتح باب حجز التذاكر على قطارات العيد الإضافية اليوم    تجديد حبس شقيقين قتلا جارهما بالسلام    تضمنت قائمة بأدلة الثبوت.. إرسال قضية سفاح التجمع إلى النائب العام    أجندة قصور الثقافة.. عروض لفرق الأقاليم المسرحية واحتفالات بيوم البيئة العالمي    في يومه العالمي.. كيف كان أرشيف الحضارة المصرية القديمة وأين يحفظ؟    صدمة لجمهور أفلام عيد الأضحى.. الأطفال لن تشاهد تلك الأفلام (التفاصيل كاملة)    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    فى ذكرى رحيله.. عبدالله محمود شارك عمالقة الفن خلال رحلة فنية قصيرة    وزارة الصحة: نستهدف رفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    رفع 3 رايات على شواطئ الإسكندرية بسبب الأمواج اليوم.. اعرف التفاصيل    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الشركة القابضة المصرية الكويتية تعلن عودة الغاز إلى مصانع الأسمدة التابعة    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    حنان ترك تتصدر التريند بسبب ابنتها.. ما القصة؟    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التبرك بالأضرحة.. هوس المجاذيب وعدوى التشيع وتجارة الموالد


2850 مولدا يحضرها أكثر من نصف سكان مصر
213 ضريحا بمساجد الأوقاف المصرية
انتشار التسول وإعلانات الموالد في المساجد والأوقاف تتنصل من المسئولية
إذا كنتِ تعانين من عدم قدرتك على الإنجاب فعليكِ بزيارة "زين العابدين" , وإذا كان لديك مرض نفسي فعليك بزيارة أبو "الحسن الشاذلي" في البحر الأحمر ,وإذا كنت تجاوزت سن الزواج فزيارة واحدة لمولد "السيد البدوي" بطنطا تفك عقدتك وإذا كنت في حاجة للصفاء الذهني فالسيدة عائشة أو الحسين هما الملاذان الوحيدان أمامك.
أنها تلك البدع الملازمة لزوار الأضرحة في القاهرة أو في قرى الريف ونجوع الصعيد، حتى أنه أصبح من الطبيعي أن يعرف في كل قرية شيخ يتبركون به ويمجدونه ويتضرعون إليه بغية قضاء حوائجهم أو شفاء مرضاهم.
القائمون علي هذه الأضرحة يضعون النذور ويذبحون الذبائح في "المولد" المخصص له ويتوافدون إليه من كل مدينة, ولكل ضريح من تلك الأضرحة خادم يستقبل النذور ويكون مسئولا عن خدمة الضريح أو المقام وغالبا ما تكون له هيبة حيث يعتبره الناس خاصة في القرى واسطة قوية تقربهم من الولي فيناله نصيب من هذه النذور والذبائح والولائم رغم أننا لا نعلم أين تذهب تلك النذور وفي أي شيء يتم صرفها .
حاولت شبكة الإعلام العربية "محيط " كشف أسرار هذه الأماكن ومراجعة بعض الخبراء والمسئولين للوقوف على حقيقة بيزنس الأضرحة واستغلال حرمات الموتى.
ضريح السيدة زينب
يجتمع كل يوم عدد كبير من السيدات يحملن الأطعمة أمام المسجد في فترة الظهيرة حيث حرارة الجو المرتفعة ينتظرون لحظة انتهاء صلاة الظهر لفتح باب زيارة "المقام الزينبي" , ومقام خادمها "سيدي محمد العتريس ".
وبعد مرور 30 دقيقة تقريباً يفتح الباب , وتبدأ السيدات في الدخول، دخلنا معهم بحجة تأخر إحدانا في الزواج ورغبتها في التبرك بالمقام لعل العقدة تزاح والسر يباح ، فرأينا من يتمسح بالضريح ومن يسجد تبركاً بسجاد المسجد ومن يضع النقود في صناديق النذور ومن يخرج من المسجد بظهره خوفا من الاستدارة لأن ذلك يغضب آل البيت!.
قالت لنا إحدى المتواجدات بالضريح " اقرأي الفاتحة علي حاجه في قلبك وأول ما تخرجي من هنا هتحصل علي طول أنا مجربة الموضوع ده ولما ربنا يكرمها تجيبيلها حاجه هنا وأخري تدعي بصوت جهوري "والنبي يا ستنا زينب قولي لربنا يشفيني " .
والغريب هناك أنك تجد مقام "سيدي محمد العتريس" ملقي به الكثير من المال وكذلك الصور والورق وبسؤال أحد العاملين في المسجد عن هذا المقام أجاب "ده سيدك العتريس خدام ستك زينب " وأضاف أن من يرمي تلك الصور والورق ما هي إلا "خرافات " وأن لا أحد من الزائرين يصدق ذلك بل يظلوا يطوفون حول المقام ويرددون " يا سيدي عتريس هاتلي عريس"..وقال إنهم يلقون بكل هذه الصور والأوراق في القمامة ويأخذون النقود.وهذا ما أكده مؤذن مسجد السيدة زينب أنه يتم توعية الناس في الدروس الدينية بالمسجد ولكن دون جدوى - على حد تعبيره - مش همسك الناس وأضربهم علي أيديهم وأضاف " ادعي لله ثم آل البيت بس متمسحيش علي الضريح.
والمخجل في هذا الأمر أن هذا المؤذن وأحد العاملين في المسجد رأيناهم يرقون الأطفال الرقية الشرعية ويأخذون مقابل ذلك نقود مما يعني أن الأمر بالنسبة لهم كما يقولون " سبوبة " وعند خروجنا من المسجد تفاجئنا بإعلانات علي باب المسجد لموالد في شهر رجب والأشهر القادمة..فأين وزارة الأوقاف من تلك الإعلانات!
ضريح "زين العابدين"
ذهبنا لزيارة مسجد زين العابدين بحي زين العابدين بالقاهرة وجدنا أمام المسجد خيمة مكتوب عليها " خدمة أحباب آل البيت.. الشيخ محمد العربي الرفاعي وسيدات يجلسون بأواني الطبخ يطبخون الطعام علي صوت الذكر , وآخرون يلبسون ملابس غريبة , فكان مشهدا مثيرا للرعب .. دخلنا فوجدنا سيدة تطوي أوراقا مكتوبة وتحاول إدخالها داخل الضريح وهذا المشهد وتلك الأوراق لم تكن الأولي ولا الأخيرة داخل الضريح فكان هناك الكثير من الصور الشخصية والأوراق التي ربما تكون بها أدعية أو أماني البعض يريدون تحقيقها ,وبسؤال هذه السيدة عن سبب إلقائها الأوراق لم تجب في بادئ الأمر ثم نظرت لنا وقالت "كل واحد يخليه في شيخه, زوروا وإنتو ساكتين وروحوا " فهممنا للخروج من المسجد فاستوقفتنا إحدى العاملات وسألتنا "فين حلاوة بركة المكان؟ " ولم تتركنا إلا بعد أن أعطيناها النقود ثم انتبهنا للإعلانات المعلقة علي جدار المسجد عند خروجنا منه.
ضريح سيدنا الحسين
وعندما ذهبنا إلي الحسين وجدنا هناك حلقة ذكر لمجموعه من الرجال يهللون باسم " الحسين", والسيدات مندمجة مع الغناء وتصفق لهم ومنهم من يزغرد تعبيرا عن الفرحة. وكان هناك أشخاص من بلاد أخري مثل أفغانستان وباكستان.
وبالتحدث مع إحدى الجالسات قالت لنا إن الحسين في مكانة الرسول" مستشهدة بالحديث الشريف (أنا من الحسين والحسين مني ) وقالت أن من يدّعي أن التبرك بالحسين حرام فهو من "الخوارج" وقالت إنها تقضي كل يوم بضع ساعات في مسجد الحسين بالرغم من أنها من مدينة بعيدة " وقالت سيدة أخري أن لها ابناً مريضاً وأتت لكي تضع نذرا له كما نصحتها جارتها , وانتبهنا إلي طفلة صغيرة تمسح المبخرة وتنزل علي جسد أخيها الرضيع وتمسح جسده ,وطفلة أخري تدور علي السيدات توزع النذر من الطعام علي الجالسين.
تحذير القادم من اتخاذ القبور نذور
وبسؤال إحدى عاملات المسجد قالت إن كل هذه خرافات وهناك شيوخ من المسجد يقومون بتوعية الناس بذلك في دروس دينيه يومي "الأربعاء والخميس " وقالت أنها أيضا سمعت سيدة تقول "اشفيلي ابني يا حسين" فقالت لها إن الشافي هو الله ونصحتها أن تدعي لله .
وقالت أن وزارة الأوقاف تأتي كل أسبوع لتأخذ صندوق النذور بمساعدة وزارة الداخلية. وعندما طلبنا مقابلة إمام مسجد الحسين وسألناه عما يفعله المسجد لتوعية الناس بأن التبرك حرام شرعا وأنه قد يؤدي للشرك بالله ,جاء رده " مفيش حاجة اسمها شرك بالله ! وامتنع عن استكمال الحديث.
وأمام مسجد الحسين استوقفنا احدي السيدات وسألناها عن موضوع التبرك بالأضرحة قالت إنها بالفعل كانت تفعل هذه الأفعال قديماً , إلا أنها ذهبت ذات مرة لضريح "حسن الذوق " في شارع المعز وكان هناك شيخاً طلب منها أن تضئ شمعة وتضعها بالمقلوب وعندما يتحقق الأمر تخلع جزء من ملابسها وتكنس به مكان الضريح . وذهبت أيضاً للحسين ذات مرة لتعجيل زواج ابنتها ووضعت النذر و6 شمعات وقالت لي بالفعل أن ابنتها تزوجت. وأضافت أنها سافرت أيضا لمولد "السيد البدوي" في طنطا لتطلب شفاء ابنها المريض ، ولكنها بعدما سمعت فتاوى الأزهر في ذلك الأمر وبدأت في حفظ القرآن الكريم توقفت عن تلك الخرافات .
حقائق ومعلومات
وكشف وزير الأوقاف المصري في حوار سابق مع صحيفة(الأخبار) المصرية عن أن حصيلة "النذور" في الفترة من 1/7 /2005م إلى 30/6/2006م فقط بلغت 52 مليوناً و67 ألفاً و579 جنيها ، ولو أضفنا ما ينفقه المصريون خلال الموالد على اللهو والمأكولات؛ تتبين الضخامة المادية لعوائد الأضرحة والموالد.
هذا ما رصدناه من أضرحة ومقامات حقيقية مشهورة إلا أن هناك كثيرا من الأضرحة والمقامات الوهمية التي يصعب إحصاء دخلها والقائمين عليها فليس هناك إحصائيات واضحة عن كل الأضرحة الموجودة في مصر وإن كان معظم خبراء الآثار أكدوا أن 50 % منها على الأقل مزيف أو أن الحكايات عنها من ضرب الخيال.
الدراسة الوحيدة التي حاولت رصد عدد الأضرحة في مصر قام بها عالم الاجتماع د. "سيد عويس" والذي قال أن مصر تضم نحو 2850 ضريحا يقام لها موالد, يحضرها أكثر من نصف سكان الدولة لا يمنعهم بعد المسافات عن السفر والذهاب للتبرك بالأولياء الصالحين ولا يتقيد أهالي كل قرية ومدينة بوليهم المحلي، حيث أسقط المصريون حاجز المكان، بتوجه سكان أسوان إلى طنطا للاحتفال بمولد "السيد البدوي"، وبتوجه سكان الإسكندرية للاحتفال بمولد "سيدي أبو الحجاج" بالأقصر، وسكان حلوان للاحتفال بمولد القديسة دميانة بالبحيرة، وسكان البحيرة للاحتفال بمولد سيدي مار برسوم العريان بالقاهرة .
أما الإحصائيات الأخيرة والصادرة عن المجلس الأعلى للآثار فتقول أن هناك أكثر من 6 آلاف ضريح في مصر معظمها مزيف .
وقد أكدت دراسة علمية مصرية أن بعض المصريين الذين يؤمنون بالخرافات والدجل والكرامات وغيرها ينفقون قرابة 10 مليار جنية مصري (حوالي 2 مليار دولار) على الدجالين والمشعوذين الذين يلجأون إليهم بهدف إخراج جن أو "فك عمل" أو عمل "حجاب" يقي صاحبه شرا ما!
وقالت الدراسة التي أعدها الباحث محمد عبد العظيم بالمركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية والجنائية: إن هناك قرابة 300 ألف شخص يعملون في مجال الدجل والشعوذة في مصر نتيجة استمرار اعتقاد الكثير من الأسر المصرية في دور هؤلاء الدجالين في حل الكثير من المشاكل المستعصية مثل تأخر سن الزواج أو عدم الإنجاب والعقم أو وفك السحر والأعمال ، وأن كم الخرافات والخزعبلات التي تتحكم في سلوك المصريين يصل إلى 274 خرافة !
وتقول دراسة للباحث عمرو توفيق نشرت على موقع (الصوفية) عن البدع في هذه الموالد ، أن سر انتشار هذه الموالد والأضرحة وتبرك الناس بها يرجع - مع تقادم الزمن - لتخلِّي بعض العلماء عن مهمته؛ فانحرفت فئات من المسلمين عن جادة الطريق، وزيَّنت لهم شياطين الإنس والجن ما لم يُنزِل به الله من سلطان؛ مثل تقديس القبور والأضرحة واتخاذها واسطة للتقرُّب إلى الله عز وجل؛ وصرف صنوف من العبادة لها مثل: الذبح والاستغاثة والتوسل.
الأوقاف تتنصل من المسئولية
- صرح الشيخ محمد عيد الكيلاني مدير عام المساجد الحكومية بوزارة الأوقاف أن عدد الأضرحة علي مستوي الجمهورية والمسجلة بالوزارة يصل إلى 213 ضريحا، وقال إن صناديق النذور التي تأتي من تلك الأضرحة يتم فتحها بمعرفة الوزارة وفقاً لقانون وزاري ينظم هذا الأمر , وهذه الصناديق يتم فتحها بواسطة لجنة مشكلة من " إمام المسجد , كاتب النذور, مندوب مالي من الأوقاف , مندوب من الداخلية للتأمين , مندوب من التفتيش العام ,صراف من الخزينة " مع العلم أنه لا يجوز فتح هذه الصناديق إلا بحضور الأعضاء جميعاً , وتخصص نسبة 10% من حصيلة الصندوق بعد توزيعها كالآتي :
الإمام تصرف له مكافأة 300 جنيه مصري
العامل وكاتب النذور ومقيم الشعائر والقارئ 200 جنيه مصري
- كل من النجار أو السباك و أمين المكتبة أو أي موظف 150 جنيها
وهذه الحصص مقننة من الوزارة ويتم حرمان أي موظف من هذه المكافأة إذا وقع عليه إنذار أو تم خصم يوم له , مع العلم أن وظيفة الإمام وكاتب النذور وأمين المكتبة والمشرف لا تدم أكثر من 3 سنوات ويتم تغييرهم.
-وقد أكد الشيخ محمد أننا لا نستطيع أن ننكر منزلة أولياء الله الصالحين, فهم لكم كرامات والكرامة هي " أمر خارق للعادة يجريه الله علي يد عبد من عباده ليثبت به صدق ولايته" , فهناك أماكن يكون فيها الدعاء مستجاب ومباركة مستشهداً في هذا بالآية الكريمة ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .
وتعقيبا على تلقي مؤذن مسجد السيدة زينب أموالا مقابل الرقية الشرعية بأن هذا المؤذن يريد الانتفاع ويتاجر باسم الدين ولكنه مجرد فرد لا يمثل كل الأئمة فهناك أئمة كثيرة علي قدر من العلم. وبالنسبة للإعلانات المعلقة علي أبواب المساجد قال أن هذه الإعلانات يتم تعليقها بواسطة الأهالي وسكان المنطقة ووزارة الأوقاف يقتصر دورها علي الدعوة والتوعية , فالأوقاف تعمل جاهدة ولكن محورها تنويري وتوجيهي فقط . فلا نستطيع أن نجبر الناس علي شيء معين أو تصرف ما مستشهدا بالآية الكريمة ( وما عليك إلا البلاغ المبين). وبالنسبة للنصب والدجل والخرافات فهنا يكون دور الدولة , فدور الأوقاف يتمثل في الدروس الأسبوعية في العقيدة بالإضافة إلي خطبة الجمعة وخطب أخري تتناول أمور الحياة والمجتمع.
على صعيد آخر قال أحد المسئولين في الأوقاف رفض ذكر اسمه ومنصبه الأوقاف غير قادرة علي تحديد موقفها من موضوع التبرك بالأضرحة حيث أن الموضوع شائك بين الشيعة والسلفية والصوفية كما أن للموضوع له بعد سياسي إذ أنه يشغل الناس عما يحدث بالدولة.
حكم التبرك بالأضرحة
ما حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور؟ سؤال أجاب عنه فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم- مفتى الديار المصرية- قائلا:
" يوجد في مسجد عز الدين أيبك قبران ورد ذكرهما في الخطط التوفيقية وتقام الشعائر أمامهما وخلفهما وقد طلب رئيس خدم هذا المسجد دفنه في أحد هذين القبرين لأن جده الذي حدد بناء المسجد مدفون بأحدهما فما بيان الحكم الشرعي في ذلك.
وقد أجاب فضيلته بقوله: إنه قد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأنه لا يجوز أن يدفن في المسجد ميت لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره فان المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر.
وقال في فتوى أخرى " انه لا يجوز دفن ميت في مسجد فان كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا"
وذلك لأن الدفن في المسجد إخراج لجزء من المسجد عما جعل له من صلاة المكتوبات وتوابعها من النقل والذكر وتدريس العلم وذلك غير جائز شرعا ولأن اتخاذ قبر في المسجد على الوجه الوارد في السؤال يؤدى إلى الصلاة إلى هذا القبر أو عنده وقد وردت أحاديث كثيرة دالة على حظر ذلك.
أسباب نفسية واجتماعية
وعن الأسباب النفسية والاجتماعية لهذه الخرافة قال الدكتور أحمد عبد الله الخبير النفسي أن هذه العادة موجودة في جميع الثقافات في العالم وليست مصر فقط , فهؤلاء الناس لديهم جانب روحاني ,واعتقاد بقدرة أشخاص وامتلاكهم النفع والضرر, وأن هناك أحد يتحمل عنهم مسئوليتهم وتقريبهم من الله وهذا يريحهم من الناحية النفسية والروحية.
وأضاف أن في مصر البرمجة الاجتماعية السائدة تبرمج الإنسان على أنه لا حول له ولا قوة أمام الأقدار ,ويتربي الأطفال بشخصية ضعيفة هشة , بلا إرادة ، لا على أنهم مأمورون بالسعي وقادرون علي تغيير أمور كثيرة , ورفع البلاء والأقدار بالدعاء وأشار إلى أن الموضوع مركب جدا ومعقد فالموضوع متغلغل في نفوس الناس لأسباب كثيرة ولكي نتعامل معهم يجب أن نفهم تركيباته ويري د.أحمد أن الحل في إِشعارهم بالدعم والإنصات لأي جهة وأي نوع من التضامن الإنساني .
كما أوضحت الدكتورة إنشاد عز الدين أستاذ بقسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية أن التبرك بالأضرحة هي موروث ثقافي تتوارثه الأجيال , وأن الأضرحة الحقيقية هي التي من نسل الرسول (ص) مثل "الحسين" و "السيدة زينب" بينما الأضرحة الأخرى هي أضرحة وهمية مثل ضريح "الشيخة صباح" وضريح "أبو حصيرة" في البحيرة , فهو يعد مكانا مباركا لليهود وحاليا الحكومة تحاول هدمه ومنع الزيارات عنه ، كما أشارت إنشاد إلى أن السبب في ذلك هو ثقافة المجتمع , فالفرد عندما يجد أن الطب قد عجز عن تشخيص بعض الأمراض أو تواجهه الكثير من الصعوبات في حياته وسواء الأحوال الاقتصادية في المجتمع يلجأ إلي الغيبيات المتمثلة في زيارة الأضرحة , وتقديم النذور والقيام ببعض التصرفات الغريبة اعتقاداً منه أنه بذلك يحصل علي بركة الولي الذي يزوره.
وأشارت إلي أن الجهل والضلالة هما أحد الأسباب الأساسية فالبعض يتصرفون بدون عقلانية أو تفكير في الأمر لمجرد أنهم يريدون استرجاع حق ضائع لهم أو لديهم بعض المشاكل النفسية.
وبالنسبة للأطفال الذين شاهدناهم يمارسون تلك العادات علقت د.إنشاد أن الأطفال الذين يذهبون لهذه الأماكن ويقومون بالتمسح بالأضرحة لا يفقهون شيئاً مما يفعلوه , فهم يقومون بذلك تقليدا و محاكاة لما يفعل أهلهم لكن الواقع أنهم غير مدركين لحقيقة وحرمة ما يقومون به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.