سيناء.. وصفحات النصر المشرقة ممدوح شعبان مما لا شك فيه أن يوم الخامس والعشرين من أبريل عام1982 يعتبر من الأيام الخالدة في تاريخ مصر الحديث, حيث شهد رفع راية مصر فوق سيناء بعد غياب استمر خمسة عشر عاما تحت الاحتلال الاسرائيلي, لهذا فإن ذكري تحرير سيناء تعد من المناسبات الغالية علي كل مصري, حيث تعيدنا الي أيام النصر العظيم الذي تمكن فيه رجال قواتنا المسلحة من إنهاء الاحتلال الاسرائيلي واستعادة سيادتنا علي أراضينا بعد أن حطم رجالنا أكذوبة العدو الاسرائيلي بأن جيشه لا يقهر.. وفرضوا علي العالم واقعا جديدا وهو احترام مصر وقواتها المسلحة.. لتأتي.. بعد هذا النصر العظيم مرحلة جديدة قوامها احترام العالم والعدو لإرادة المنتصر والموافقة عي اللجوء للتحكيم لحل مشكلة طابا التي كان العدو يطمع في الاحتفاظ بها, متذرعا بحجج واهية, فيري نفسه وقد اصطدم بقوة المفاوض المصري وخبرته التي أقنعت هيئة التحكيم الدولية بأن طابا جزء غال من أرضنا.. ثم ما لبث أن صدر الحكم التاريخي في29 سبتمبر1988 بأحقية مصر في فرض سيادتها علي كامل ترابها الوطني ويتحدد يوم15 مارس1989 موعدا للانسحاب الاسرائيلي من طابا ليرتفع العلم المصري مزهوا بالنصر في19 مارس1989 مؤكدا فرض السيادة المصرية فوق كل شبر في سيناء.. وليرسل للعالم رسالة جديدة أن قوة مصر الدبلوماسية والسياسية والقانونية في المحافل الدولية لا تقل أبدا عن قوتها العسكرية التي حققها انتصار اكتوبر1973. إن هذه الذكري الغالية تعيد الي ذاكرتنا التجهيزات والمنشآت التي تركتها إسرائيل في سيناء من محطات مياه وطرق ومطار مما يؤكد أنهم كانوا يخططون للبقاء في سيناء التي تحتل في الفكر اليهودي والصهيوني مكانة كبيرة.. كما أن نظرية الأمن التي صاغها ديفيد بن جوريون القائد العسكري الذي قاد عملية قيام الدولة الاسرائيلية في15 مايو1948 والتي تعتمد علي شعار كل الشعب جيش وأن الحدود التي وصلت إليها إسرائيل هي أنسب الحدود للدفاع عن الدولة.. من هنا فقد كان تحدي نظرية الأمن الإسرائيلي وإهدار الأسس التي قامت عليها يمثلان أحد الأهداف الرئيسية لنصر اكتوبر المجيد. نستعيد من ذاكرتنا كذلك بطولات رجالنا وشهدائنا التي جعلت موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في حرب اكتوبر يقول في تصريحات لرؤساء تحرير الصحف الإسرائيلية وهو ما رفضه الرقيب العسكري الإسرائيلي وأعطي تعليمات صارمة بعدم نشر أي كلمة قالها ديان إن الأهم بالنسبة للإسرائيليين والعالم الاعتراف بأننا لسنا أقوي من المصريين, وأن نظرية التفوق العسكري الإسرائيلي قد زالت وانتهت الي الأبد. إننا ونحن نحتفل بذكري تحرير سيناء كل عام إنما نقدم لشبابنا صفحة مشرقة من تاريخ آبائهم وأجدادهم ليعرفوا التضحيات والبطولات التي قاموا بها من أجل صنع مجد تاريخ بلدهم العظيم مصر. في هذه الذكري الغالية ومن قبيل الوفاء والتقدير نقدم تحية عرفان الي صاحب قرار الحرب والسلام الرئيس الراحل أنور السادات والي أبطال قواتنا المسلحة وشهدائها الأبرار الذي حققوا انتصارات اكتوبر.. والي الرئيس مبارك الذي قاد معركة الدبلوماسية المصرية لاستعادة طابا, ومتشددا في عدم التفريض بحبة رمل واحدة.. وعندما سئل في أحد المؤتمرات الصحفية هل تقبل الحل الوسط في طابا؟ كانت إجابته حاسمة حيث قال للصحفي هل تقبل أن تتنازل عن أحد أبنائك.. فتحية لشعب سيناء الذي بذل الغالي والنفيس من دماء أبطاله حتي عادت سيناء الي حضن الأم الغالية مصر. عن صحيفة الاهرام المصرية 24/4/2008