استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    بنك مصر يشارك في 26 عملية تمويلية ب246.7 مليار جنيه خلال 2023    الاتحاد من أجل المتوسط: مؤتمر الاستجابة لغزة عكس مواقف مصر نحو القضية الفلسطينية    وزير الخارجية الأمريكي: لن نسمح لحماس بتقرير مصير غزة بعد انتهاء الحرب    بعد غياب 34 يوما| الأهلي جاهز لعودة الدوري بمواجهة فاركو غداً    رغم أزمته مع لجنة الحكام، قمر الدولة يحكم مباراة الحدود ومنتخب السويس    اتحاد الكرة يرد على تصريحات رئيس إنبي    "يورو 2024".. بطولة تحطيم الأرقام القياسية    أخبار مصر.. تأجيل محاكمة سفاح التجمع الخامس ل16 يوليو فى جلسة سرية    تسلل ليلًا إلى شقتها.. ضبط المتهم بقتل عجوز شبرا لسرقة ذهبها وأموالها    سفير مصر بالكويت: حالة المصاب المصرى جراء حريق عقار مستقرة    محمد الشرنوبي يطرح أغنيته الجديدة "استغنينا" (فيديو)    وزارة الصحة تتابع مشروع تطوير مستشفى معهد ناصر وتوجه بتسريع وتيرة العمل    جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى العالم    البنك الأهلي يحصل على شهادة ISO 9001 في الامداد اللوجيستي من المواصفات البريطانية    يورو 2024| ألمانيا يبدأ المغامرة وصراع ثلاثي لخطف وصافة المجموعة الأولى.. فيديوجراف    إجازة المشاهير| «وفاء» هتحضر أكلة شهية و«نبيلة» هتفرق العيدية    السبت أم الأحد..الإفتاء تحدد موعد وقفة عرفة رسميًا    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    ندوة مركز بحوث الشرطة لمواجهة الأفكار الهدامة توصى بنشر الوعي والتصدي بقوة للشائعات    مجدي البدوي: «التنسيقية» نجحت في وضع قواعد جديدة للعمل السياسي    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    المدارس المصرية اليابانية: تحديد موعد المقابلات الشخصية خلال أيام    أبو الغيط: استمرار الصراع فى السودان سيؤدى إلى انهيار الدولة    حملات مكثفة بالإسكندرية لمنع إقامة شوادر لذبح الأضاحي في الشوارع    7 نصائح للوقاية من مشاكل الهضم في الطقس الحار    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    "سيبوني أشوف حالي".. شوبير يكشف قرارا صادما ضد محترف الأهلي    10 آلاف طن يوميًا.. ملياردير أسترالي يقترح خطة لإدخال المساعدات إلى غزة (فيديو)    مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح: إسرائيل تواصل تعنتها وتمنع دخول المساعدات لغزة    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    وفاة الطفل يحي: قصة ونصائح للوقاية    القوات المسلحة تنظم مراسم تسليم الأطراف التعويضية لعدد من ضحايا الألغام ومخلفات الحروب السابقة    إصابة 3 طلاب في الثانوية العامة بكفرالشيخ بارتفاع في درجة الحرارة والإغماء    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    أيمن عاشور: مصر تسعى لتعزيز التعاون مع دول البريكس في مجال التعليم العالي والبحث العلمي    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخوان فى خدمة العسكرى
نشر في كلمتنا يوم 19 - 09 - 2011

الجيش يصر علي الاحتفاظ بمركزه «المميز» دستوريًا لكن بعيداً عن مشاكل الحكم المباشر
تأييد المجلس العسكري للديمقراطية جاء فاترًا حيث قدم 7 آلاف مدون وصحفي ومتظاهر للمحاكمات العسكرية
الحكومة المنتخبة ستتحمل وحدها الاستياء العام من البطالة والتخضم والجريمة والاضطرابات العمالية
الشعب سيصبح أقل استعدادًا لقبول تدخل الجيش بالسياسة إذا لم يرتق التحول الديمقراطي لمطالب الثوار
العديد من الصور المميزة للثورة المصرية، التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية، وساهمت في كسب تعاطف العالم كله، كانت تلك الصور التي ترصد أفراد الجيش المصري يدعمون الثورة في ميدان التحرير، فقد تعهد الجيش بأن يحمي الثورة، ويقود مصر نحو تحقيق الديمقراطية، وتعهد المجلس الأعلي للقوات المسلحة، بعد يوم من رحيل مبارك، بضمان الانتقال السلمي للسلطة، في إطار نظام حر وديمقراطي، يسمح للسلطة المدنية المنتخبة بتولي المسئولية.
لكن محاولات المجلس العسكري للحد من جموح "المعارضة" وشباب الثورة، ألقت بالكثير من الشكوك حول نواياه الحقيقية، وإذا ما كان سيلتزم بوعده في دعم الديمقراطية؟ أم إنه سوف يسعي إلي استبدال حكم مبارك "العسكري"، بحكم الجيش نفسه؟، وهي أسئلة لم تعد مطروحة داخل مصر وحدها، وإنما في العالم كله، فقد جاءت الكلمات السابقة في مقدمة تقرير مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، تحت عنوان "القيادة الديمقراطية في مصر ومحاولة الجيش لإدارة المستقبل".
وذكرت المجلة في التقرير، أن الأدلة تشير حتي الآن، إلي أن المجلس العسكري لا يريد الاستمرار في حكم البلاد، بعد الانتخابات البرلمانية في مصر، مع خريف هذا العام، كما أنه لا يرغب في عودة البلاد إلي نظام الحزب الواحد، وهي مؤشرات من المفترض أن تسهم في تهدئة الذين يأملون في رؤية مصر تتحول إلي دولة ديمقراطية، يخضع فيها الجيش إلي الحكم المدني.
ويشير التقرير إلي أنه "قبل كل شيء، يصمم المجلس العسكري علي الحفاظ علي الاستقرار، وفي نفس الوقت، حماية المركز المميز له، فهو يدرك أن حكم البلاد بشكل مباشر يهدد مركزه، وقد يترتب عليه حالة محتملة من عدم الاستقرار، ويعرضه للنقد العام، وقد يؤدي إلي تقسيم صفوفه، كما يريد أن يتجنب التعرض للوم المباشر علي مشاكل مصر الاقتصادية والاجتماعية، مثل معدلات التضخم والبطالة، واستمرار الاضطرابات العمالية، وارتفاع معدلات الجريمة، ونتيجة لذلك، يحرص المجلس العسكري علي تسليم السلطة لحكومة منتخبة، ولكن مع ضمان حماية سلطاته ومميزاته".
ويعتبر التقرير أن "تأييد المجلس العسكري للديمقراطية، كان تأييدا فاترا في أفضل الأحوال، فمنذ الثورة، تمت محاكمة 7 آلاف شخص من بينهم مدونون وصحفيون ومتظاهرون، في محاكمات عسكرية"، وفي مايو الماضي، صرح اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري، بأنه يجب منح نوع من التأمين للجيش، بموجب الدستور المصري الجديد، حتي لا يخضع لأهواء الرئيس، وأصر علي أن الجيش لا يجب أن يخضع للرقابة البرلمانية، وفي يوليو، أعلن الجيش أنه سوف يتبني المبادئ الحاكمة للدستور، والتي قد تعطي الأساس القانوني للتدخل في السياسة المصرية، تحت مظلة العديد من الظروف، ومنها حماية الطبيعة العلمانية للدولة".
وبحسب التقرير، فإن هذه المقدمات السابقة تشير إلي أن رجال الجيش لا يسعون من أجل نظام سياسي مفتوح، وممثل لمصر، ولكن يسعون إلي نظام يمكنهم من الاحتفاظ بالكلمة الأخيرة في سياسة الدولة الخارجية وتجنب الرقابة المدنية، ومن وجهة نظرهم سوف تتحمل الحكومة المنتخبة مسئولية الحكم يوما بيوم، كما ستتحمل العبء الأكبر من أي استياء عام.
ويعتقد رجال الجيش أنه فور تأسيس دولة ديمقراطية، سيكون من الصعب التحكم فيها، وفي حالة إجراء انتخابات، قد يسعي الرئيس أو البرلمان لكبح جماح الجيش، وربما ينجح أن يتغلب عليه في النهاية، وإذا لم ترتق عملية التحول الديمقراطي لما يطالب به الثوار، فإن الشعب المصري قد يصبح أقل استعدادا لتقبل تدخل الجيش في الشئون السياسية.
ويري التحليل الأمريكي، أن الولايات المتحدة عليها التدخل من أجل مساعدة القوي الليبرالية في مصر، من خلال استغلال انشغال الجيش بالحفاظ علي صورته، والضغط علي قادة الجيش علنا لتبني الديمقراطية.
وتحت عنوان الجيش المصري يريد الحفاظ علي قوته، أشارت "فورين أفيرز" إلي أن الكثير من المصريين فوجئوا عندما أعلن الجيش في البداية أنه لن يتدخل في الثورة، ثم أجبر مبارك علي التنحي عن منصبه، فمنذ ثورة 1952، يأتي رئيس مصر من صفوف الجيش، ويعتمد علي دعمه، ومقابل ولاء الجيش للرئيس، يستمتع رجاله بالعديد من المزايا، دون أن يفكر أحد أن رجال الجيش سوف يخاطرون بمصالحهم من أجل دعم المتظاهرين، ولكن الفجوة التي وقعت بين مبارك والجيش لم تكن مفاجأة، فعلي مدار العقد الماضي، بدأ النظام السابق في إعادة التوازن بين اعتماده علي القوات المسلحة، وبين دعم فئة من رجال الأعمال الرأسماليين، وهو ما جعل رجال الجيش يشعرون أن نفوذهم يتقلص، مع تجاهل مبارك لمصالحهم الاقتصادية، وتجاهل نصائحهم بشأن التعيينات الوزارية، مع تنظيم حملة لتوريث السلطة لابنه ضد رغباتهم. وتقول المجلة الأمريكية إنه رغم عدم سعي الجيش للإطاحة بمبارك، إلا أن المظاهرات التي خرجت في بداية هذا العام، أعطت له الفرصة من أجل استعادة مكانته المركزية، فمنذ الإطاحة بالرئيس السابق، نجح المجلس العسكري بذكاء في توجيه الغضب نحو الفساد، والذين تربحوا من السلطة، مثل رجال الأعمال المقربين من مبارك، وأعضاء الحزب الوطني الحاكم.
واليوم، يأمل رجال الجيش في إنشاء نظام دقيق من المؤسسات الديمقراطية، التي تحافظ علي سلطته، وتقلل من قدرة أي جماعة سياسية علي تحديهم، لذلك تعتبر المجلة أن المفهوم من قرار المجلس العسكري بإضفاء الشرعية علي القوي السياسية المحظورة، وعلي رأسها جماعة الإخوان المسلمين، توزيع السلطة السياسية، وهو الأمر الذي يصب بوضوح في صالحه، وفي مثال آخر علي هذا الاتجاه، فقد تحرك المجلس ببطء لتقديم مبارك ومعاونيه للمحاكمة، بينما تحرك بقوة في استهداف أعضاء من نخبة رجال الأعمال، مثل أحمد عز قطب الحديد الصلب، والقيادي البارز في الحزب الوطني المنحل، الذي حقق أرباحا ضخمة من نظام الخصخصة، وكان يعتبر تهديدًا للوضع السياسي للجيش، بحسب المجلة.
وفي نفس الوقت، يدرك الجيش أنه لا يمكن التصرف كأن مصر لم تشهد ثورة، كما يدرك الجيش خطر وقوع مزيد من الاضطرابات، إذا فشل في تلبية بعض مطالب المحتجين، وهكذا وضع حدودا للفترات الرئاسية، وقرر تعزيز الرقابة القضائية للانتخابات، وإنشاء عملية أكثر شفافية لتسجيل الأحزاب السياسية، كما وعد بعدم ترشيح أحد أعضائه في انتخابات الرئاسة، والحفاظ علي سياسة طويلة الأمد، وهي امتناع أفراد الجيش والشرطة الذين يصل عددهم إلي 1.5 مليون نسمة، عن التصويت، ورغم هذه الخطوات، تري المجلة أن الجيش لا يريد حكومة تهدد مكانته، ولذلك يحاول بناء نظام أكثر ديمقراطية من عهد مبارك، ولكن مع الحفاظ علي مصالحه، وهو يراهن في الوقت نفسه علي أن الرغبة في الاستقرار سوف تدفع العديد من المصريين لقبول حل وسط.
وأشارت المجلة إلي أن الجيش قاد بعناية، عملية الانتقال في مصر، بدعم القوي السياسية التي لا تعارض نفوذ الجيش، أو القوي التي لا تتسم بالقوة اللازمة من أجل محاولة معارضته، فقد اعتمد علي اثنين من الشركاء الرئيسيين، هما الأحزاب المعارضة، مثل الوفد، الذي انتقد الجيش علي سياسات معينة، لكنه أظهر الولاء بعدم التشكيك في حقه في الحكم، والإسلاميين، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، الذين يشتركون مع المجلس العسكري في رغبة الحد من نمو القوي الليبرالية، مع اختلاف الأسباب.
وتضيف المجلة أن إصرار الجيش علي أن تجري الانتخابات البرلمانية في الخريف المقبل، بعد أقل من عام من الاطاحة بالرئيس مبارك، يبدو أوضح مؤشر حتي الآن، علي أنه يعتزم العمل مع الوفد والإسلاميين، لتشكيل مستقبل مصر، ورغم أن رجال الجيش أعلنوا أنه كلما أجريت الانتخابات بسرعة، تمكنوا من العودة للثكنات بسرعة، إلا أنهم وضعوا جدولا زمنيًا مضغوطا، يجعل من الصعب علي القوي السياسية الجديدة العمل علي أرض الواقع، ويشير التقرير إلي أن الأمر الأكثر خطورة هو قانون الانتخابات الجديد، الذي وضعه المجلس العسكري، هو قانون اعتبرته المجلة يضر بالديمقراطية المصرية.
ولفت تقرير "فورين أفيرز" إلي أن الجيش يعمل علي تأمين نفوذه في البرلمان، بالإبقاء علي الحكم الذي يحجز نصف مقاعد مجلس النواب في البرلمان، للعمال والفلاحين، وهو القانون نفسه الذي اعتمده الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر، كوسيلة لتمكين الجماهير من المشاركة النيابية، وفي نهاية المطاف، أصبح وسيلة تمكن الضباط المتقاعدين من دخول الحكومة، بترشيح أنفسهم كمزارعين أو عمال، فقد اعترف عمرو موسي المرشح المحتمل للرئاسة، الذي خدم كوزير للخارجية، وكأمين عام لجامعة الدول العربية، أن 90 % من المزارعين هم من الضباط السابقين، وفور دخولهم البرلمان، ينضمون إلي لجنة الدفاع والأمن الوطني، وهي الجهة الوحيدة التي يحق لها الإشراف علي الميزانية العسكرية، ولو بالاسم، حسبما تشير المجلة.
ويري التقرير أنه منذ قيام الثورة، سعي قادة الجيش للحفاظ علي السيطرة علي الأدوات الرئيسية للسلطة، خاصة الحكم المحلي، لاستكمال السيطرة من أعلي إلي أسفل، فقد تم تعيين المحافظين من قبل النظام، والإشراف علي جميع مشاريع التنمية المحلية، ففي عهد مبارك، جاء ما يقرب من ثلاثة أرباع المحافظين من الجيش أو الداخلية أو المخابرات، وبعد الثورة، توقع الكثيرون أن يزيد المجلس العسكري من عدد المحافظين المدنيين، ولكن ما حدث كان العكس تماما، وفي مواجهة الانتقادات الشعبية، يدرس الجيش حاليا السماح بانتخاب المحافظين، لكنه لم يتخذ قرارا نهائيا.
ولم يهدر المجلس العسكري أي فرصة لتبرير استمرار الدولة البوليسية، فقد لعب علي نشر الذعر من تهديد "الثورة المضادة"، بحسب المجلة، وعلي ما قال إنه جهود مفترضة لخلق انقسامات بين الشعب والجيش، واحتمال وجود أياد أجنبية للتدخل في الشئون الداخلية لمصر، وذلك بعد مقتل 15 شخصا، وتعرض كنيستين للحرق في أعمال عنف طائفي شهدتها القاهرة في مايو الماضي، فقد حذر المجلس العسكري وقتها من أن أمن مصر والمشاكل الاقتصادية، ناتجة عن أعداء في الداخل والخارج، يسعون لخلق الشقاق بين الجيش والشعب، وخلق انقسامات داخل القوات المسلحة نفسها.
وقالت المجلة إن المجلس العسكري استمر في إشعال المخاوف من المؤامرات الأجنبية، والتي وصلت ذروتها بإلقاء القبض علي مواطن إسرائيلي ولد في أمريكا، هو جرابيل إيلان، الذي اتهمته مصر بالتجسس والتحريض علي العنف الطائفي، وحث المتظاهرين علي استخدام العنف ضد قوات الأمن، ووجد المجلس حلفاء له في وسائل الإعلام، طرحوا أسئلة عما إذا كانت "الأيدي الهشة" للقادة المدنيين يمكن لها فرض القانون والنظام في مثل هذه الأوقات غير المستقرة، وتري المجلة أنه رغم أن بعض هذه المخاوف الأمنية مشروعة، فإن هذه التغطية منحت العامة شعورا بأن وصول مدني لقيادة البلاد، قد يهدد بزعزعة الاستقرار.
وتناولت المجلة أيضا علاقة الإخوان المسلمين بالجيش، مشيرة إلي أن الجماعة قدمت المساعدة لرجال الجيش في جهودهم الرامية للحفاظ علي السيطرة علي مصر، بمساعدتهم في حشد دعم للاستفتاء علي التعديلات الدستورية، التي قبلها الإسلاميون، وهاجمها الليبراليون واليساريون، وقال المجلس العسكري فيما بعد إنه استفتاء علي شرعيته!.
وعلي سبيل المثال، عندما تعرضت الشرطة العسكرية لانتقادات بسبب استخدامها الذخيرة الحية في 8 أبريل الماضي، لإخلاء ميدان التحرير من المتظاهرين، رد المجلس العسكري بأن الرصاصات أتت من عناصر "الثورة المضادة" الساعية للوقيعة بين الجيش والشعب، وهو ما أيده د.محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، وأعرب عن إدانته لما قال إنها محاولات لإحداث فرقة أو فتنة بين الشعب والجيش، كما أعرب الإخوان عن تأييدهم للمجلس العسكري بوصف بعض المظاهرات المعارضة له بأنها غير شرعية.
وفي المقابل، يري المجلس العسكري أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل شريكا جذابا، حسبما تقوم المجلة، ليس لوجود تقارب إيديولوجي، ولكن لأن الجماعة تتمتع بشعبية كبيرة، وفي الوقت نفسه تتسم بالضعف من الناحية القانونية، فمن ناحية تمكن الإخوان من تحريك الناس لصالح المبادرات الحكومية، مثل الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، فيما يدرك المجلس أن الخوف من سيطرة الإخوان التي قد تؤدي لمحاولة القضاء عليها، لا يعني عدم الاستفادة منها، فالمجلس العسكري يمكن له استهداف حزب الجماعة، علي اعتبار أن قانون الانتخابات ينص علي أن الأحزاب السياسية في مصر يجب ألا تقوم علي أساس ديني.
ومن جانبهم، يفهم قادة جماعة الإخوان المسلمين، أن تدعيم مكانة الجماعة في السياسة المصرية، يتطلب إقناع الجيش بأنهم لا يشكلون أي تهديد للنظام، وهو ما يجعل الجماعة حريصة علي إثبات ولائهم، ولكن التحالف غير الرسمي بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين، قد يشكل خطورة علي رجال الجيش علي المدي الطويل، بحسب التقرير، وفي مقابل ما تقدمه الجماعة من دعم، أصبح لها صوت في الحياة السياسية، ولكنها تبقي رغم ذلك الشريك الأصغر في العلاقة، وفي نهاية المطاف، يري التقرير أن سعي جماعة الإخوان المسلمين لقدر أكبر من السلطة في شئون البلاد، قد يؤدي إلي حدوث مواجهة مع الجيش.
ويؤكد التقرير أن الجيش لا يخاف من انقلاب إخواني علي النمط الإيراني، بقدر قلقه من نمو الجماعة إلي قوة سياسية علي غرار حزب العدالة والتنمية في تركيا، والذي تمكن تدريجيا من انتزاع السلطة من القوات المسلحة.
وأشارت المجلة في نهاية التقرير، تحت عنوان "مسابقة الصورة"، إلي أن المجلس العسكري المسلح بتحالفاته مع الأحزاب الراسخة، و جماعة الإخوان المسلمين، حتي الآن، لن يسمح بتحول ديمقراطي كامل في مصر، حتي إذا تداعت هذه الترتيبات، فمن المحتمل أن يمسك بزمام السلطة بما يكفي، لتحجيم المعارضين في الداخل والخارج، وطرحت المجلة سؤالا "كيف يمكن للمصريين الليبراليين والمجتمع الدولي، إقناع المجلس العسكري بتبني الديمقراطية؟".
ويري التقرير في إجابتهم عن السؤال السابق، أن الولايات المتحدة، علي وجه الخصوص، يمكن أن تمارس قدرا كبيرا من النفوذ علي الجيش، فنفوذها الأكثر وضوحا يتمثل في 1.3 مليار دولار، تقدم لها في شكل معونة عسكرية سنويا، بالإضافة إلي محاولة تعزيز مصر في تعثرها الاقتصاد، فقد عرض البيت الأبيض إلغاء مليار دولار من الديون الأمريكية، مع تقديم مبلغ ملياري دولار في صورة استثمارات للقطاع الخاص، ومساعدة مصر علي جذب معونات دولية، وفي مايو، تمكنت إدارة أوباما من إقناع مجموعة دول الثماني الصناعية الكبري، بتخصيص مليارات الدولارات للتنمية في مصر، وتعتبر المجلة أن كل هذه المساعدات يمكن للولايات المتحدة أن تستخدمها للضغط علي المجلس العسكري، بالتهديد بحجب أي من هذه المساعدات.
ويعتبر التقرير أن قدرة الولايات المتحدة علي دعم الديمقراطية في مصر، تظل محدودة رغم ذلك، لأن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة يمكن أن تتداخل مع الآمال في الإصلاح، فالولايات المتحدة تعمل بشكل وثيق مع مصر للحفاظ علي الأمن الإقليمي، لأنها تعتمد علي قناة السويس كممر آمن لقواتها العسكرية في الشرق الأوسط، وهو ما يجبرها علي أن تحافظ علي علاقات جيدة مع المجلس العسكري، يضمن استمرار التعاون بينهما، فمن المؤكد أن المجلس العسكري لن يقدر للولايات المتحدة ممارسة ضغوط عليه، بحسب التقرير، حتي لو دعت الولايات المتحدة بشكل علني من أجل الديمقراطية، فأن قدراتها ستظل محدودة، فالمعونة الأمريكية التي تقدر ب1.3 مليار دولار، ينظر إليها كنتيجة للحفاظ علي السلام مع إسرائيل، وهو واقع لا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل الكثير من أجل تغييره، لكن يري التقرير أن الولايات المتحدة يمكن لها تدعيم الديمقراطية في مصر، عن طريق استغلال خوف الجيش علي صورته، فقد أعجب الثوار بالدور الذي لعبته القوات المسلحة أثناء الثورة، وتمتعت بسمعة جيدة في المجتمع المصري، كرمز للوحدة وحماية الشعب، وهو ما منحها شعبية لم يسبق لها مثيل. ويعتبر تقرير "فورين أفيرز" أن هذه الشعبية العارمة، جعلت الجيش يشعر بالحساسية تجاه النقد الموجه له، سواء قبل الثورة أو بعدها، ولذلك يمكن للولايات المتحدة الاستفادة من حرص الجيش الكبير علي سمعته، مما يستدعي أن تقوم واشنطن بالثناء علنا علي المجلس العسكري، عند تعزيز الإصلاح الديمقراطي، وعند اتخاذ تدابير في مارس الماضي لتعزيز الرقابة القضائية للانتخابات، ومرة أخري في يونيو، عن تأييد استقلال السلطة القضائية، بدعم قرار المحاكم الخاص بحل المجالس المحلية، فبتأييد مثل هذه الجهود، تعطي الولايات المتحدة نموذجا لشكل الدعم الدولي الذي يمكن أن يحصل عليه الجيش في حالة دعم الديمقراطية، ولكن عندما يقف المجلس العسكري في طريق التحول الديمقراطي، ينبغي علي الولايات المتحدة الإعراب عن خيبة أملها في البداية سرا، لكن إذا كانت هناك حاجة، يمكن أن تقوم بذلك علنا.
ويري التقرير أن الولايات المتحدة سيكون عليها أيضا، أن تمنع المجلس العسكري من استغلال علاقته مع واشنطن، فعلي سبيل المثال، عندما أصر اللواء شاهين علي أن يحصل الجيش علي الحماية الخاصة تحت الدستور الجديد، برر موقفه بالقول إن الجيش الأمريكي يحصل علي نفس الامتيازات بموجب قانون الولايات المتحدة، وهو أمر ليس صحيحا، بحسب المجلة، وكان ينبغي علي إدارة أوباما وقتها أن تطعن علنا في ذلك، بالإشارة إلي أن الولايات المتحدة يتم فيها الإعلان عن الميزانيات العسكرية، وتخضع قضايا الأمن القومي للرقابة البرلمانية، والأهم من ذلك، أن الجيش ينفذ سياسة الأمن القومي، ولا يقررها.
وتشير المجلة إلي أن مثل هذه الأساليب في التعامل مع المجلس العسكري، قد تكون محفوفة بالمخاطر بالنسبة للولايات المتحدة، فإحدي النقاط القليلة التي تحظي اليوم باتفاق واسع النطاق في مصر، هي النقطة الخاصة بأن البلاد يجب أن تؤكد استقلالها عن واشنطن، ولذلك يمكن أن يفسر الشعب المصري انتقادات الولايات المتحدة، بأنه محاولة للتدخل في الشئون المصرية، مما قد يؤدي لإثارة رد فعل عنيف، بالإضافة إلي أن فشل الضغوط الأمريكية سوف يعرض مصداقية الولايات المتحدة للخطر، ويهدد بتقويض التعاون بين البلدين.
وتوجه المجلة النصح إلي إدارة أوباما بأن تتجنب المطبات المحتملة في العلاقة مع المجلس العسكري، بدلا من إلقاء محاضرات علي رجال الجيش حول ما يجب أن يفعلوه، فيمكن للبيت الأبيض أن يسأل عما إذا كانوا سيحافظون علي التزاماتهم المعلنة بنشر الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.