ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات الإثنين 3 يونيو    انخفاض مبشر في أسعار الفراخ اليوم 3 يونيو.. والبيض يقفز فجأة    حدث ليلا.. هجوم عنيف على سوريا وحرائق في إسرائيل وأزمة جديدة بتل أبيب    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    حريق هائل يخلف خسائر كبيرة بمؤسسة اتصالات الجزائر جنوب شرق البلاد    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    تفاصيل الحالة الجوية اليوم 3 يونيو.. الأرصاد تكشف الجديد عن الموجة الحارة    هل يجوز حلق الشعر في العشر الأوائل من ذى الحجة؟.. الإفتاء تجيب    تراجع أسعار النفط رغم تمديد أوبك+ خفض الإنتاج    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 3 يونيو    بينهم 3 أطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بخان يونس    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    لإنتاج الخبز.. التموين: توفير الدقيق المدعم ل30 ألف مخبز يوميًا    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    "لقاءات أوروبية ومنافسة عربية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    السكك الحديد: تشغل عدد من القطارات الإضافية بالعيد وهذه مواعيدها    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب "إيشيكاوا" اليابانية    «مبيدافعش بنص جنيه».. تعليق صادم من خالد الغندور بشأن مستوى زيزو    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    أفشة ابن الناس الطيبين، 7 تصريحات لا تفوتك لنجم الأهلي (فيديو)    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق الستر .. بقلم : د. عادل عامر
نشر في الإسماعيلية برس يوم 04 - 02 - 2012

إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد :
فإن الستر أحد المبادئ التي جاءت بها الشريعة الغراء وحرصت عليها وتبعا لذلك نطالب النظام الإجرائي المصري على استمداد هذا المبدأ والأمر به وتطبيقه لذلك كان لابد من تأصيل لهذا المبدأ وبيان مفهومه والنظر في ضوابطه فإن الاقتصار به على محال النصوص نزعة ظاهرية والانحلال في اعتبار ذلك خرق لا يرقع والاقتصار فيه على بعض المحال دون بعض تحكم يأباه المعقول والمنقول لذلك كان لابد من وجه يقصد نحوه في المسألة حتى يتبين ذلك بحول الله وقوته .
ونستطيع أن نستخلص النتائج التالية :
1- أن الستر أحد المبادئ التي جاءت بها الشريعة الغراء والذي ينبغي النظر إليه في تقديم إطار درء المفاسد على جلب المصالح.
2- أن المراد بالستر هو : التجاوز عمن وقع منه هفوة أوزلة والعفو عن عقوبته مراعاة لعدم فضيحته واستصلاحا له.
3- أن من يملك حق الستر على من قارف ذنبا هو ولي الأمر أو من نصت الأنظمة على تفويض ولي الأمر إياه بتلك الصلاحية ... فقد قال تعالى: ﴿ لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ (سورة النساء: الآية 148) فكل ما كان سيئًا من القول فالجهر به لا يحبه الله عز وجل لأن هذا فيه نشر للرذيلة بين العباد فإذا أذنب شخص ذنبًا أو ارتكب كبيرة كأن قتل نفسًا بغير حق أو زنا أو سرق فباب التوبة مفتوح للعبد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:) إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.
حث الإسلام على الستر على المسلمين:
لقد كثرت النصوص التي تحث على ستر المسلم وتحذر من تتبع عوراته وزلاته ليفضح بين الناس من ذلك:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة.
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر عورةَ أخيه المسلم ستر الله عورته يومَ القيامة ومن كشفَ عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته.
وقد روي عن بعض السلف أنه قال: أدركت قومًا لم يكن لهم عيوب فذكروا عيوب الناس فذكر الناس عيوبًا وأدركت قومًا كانت لهم عيوب فكفُّوا عن عيوب الناس فنُسيت عيوبهم.
وشاهد هذا حديث أبي بَرْزَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عثرات أخيه المسلم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.
ومعنى الستر هنا عام لا يتقيد بالستر البدني فقط أو الستر المعنوي فقط بل يشملهما جميعا فمن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة.. ستر بدنه كأن رأى منه عورة مكشوفة فسترها.. أو رأت امرأة شيئا من جسد أختها مكشوفا غير منتبهة إليه فغطته.
وستره معنويا فلم يظهر عيبه فلم يسمح لأحد أن يغتابه ولا أن يذمه من فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة فلم يفضحه بإظهار عيوبه وذنوبه.
بل بلغت عناية الإسلام بهذا الجانب الاجتماعي الراقي إلى الحث على أن يستر المظلوم على الظالم جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: «قَال الْعُلَمَاءُ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتُرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ إِذَا سَأَلَهُ عَنْهُ إِنْسَانٌ ظَالِمٌ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ أَخْذَ مَالِهِ ظُلْمًا وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ وَدِيعَةٌ وَسَأَل عَنْهَا ظَالِمٌ يُرِيدُ أَخْذَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سِتْرُهَا وَإِخْفَاؤُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ بِإِخْفَاءِ ذَلِكَ وَلَوِ اسْتَحْلَفَهُ عَلَيْهَا لَزِمَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَلَكِنَّ الْأَحْوَطَ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُوَرِّيَ وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ وَأَطْلَقَ عِبَارَةَ الْكَذِبِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ فِي هَذِهِ الْحَالِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِجَوَازِ الْكَذِبِ فِي هَذِهِ الْحَال بِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول : لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُول خَيْرًا.
الله ستير يحب الستر:
والله سبحانه وتعالى (ستير) يحب الستر والصون على عباده قال السيوطي رحمه الله: «يعني أن الله تعالى تارك للقبائح ساتر العيوب والفضائح» وقال الطيبي رحمه الله: «يعني أن الله تبارك وتعالى تارك للقبائح ساتر للعيوب والفضائح يحب الحياء والتستر من العبد لأنهما خصلتان تفضيان به إلى التخلق بأخلاق الله تعالى».
وهو أول معافاة الله عز وجل بعبده كما أخرج أبو نعيم عن بلال بن يحيى العبسي الكوفي مرسلا قال: «إن معافاة الله العبد في الدنيا أن يستر عليه سيئاته».
قديماً في زمن خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. يروي لنا الإمام مالك في الموطأ عن واقعة حصلت في ذلك الزمان : "أن رجلاً خطب إلى رجل أخته فذكر أنها قد كانت أحدثت– قال الإمام الطاهر بن عاشور في كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ كتاب النكاح/ جامع النكاح: أي زنت -فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فضربه أو كاد يضربه.. ثم قال: ما لك وللخبر؟".
قال الإمام ابن عبد البر (في الاستذكار /كتاب النكاح / باب جامع النكاح): قد روي هذا المعنى عن عمر من وجوه ومعناه عندي - والله أعلم - في من تابت وأقلعت عن غيها فإذا كان ذلك حرم الخبر بالسوء عنها وحرم رميها بالزنا ووجب الحد على من قذفها إذا لم يقم البينة عليها. ثم روى الإمام ابن عبد البر( في الاستذكار/كتاب النكاح/ باب جامع النكاح) بسنده عن الشعبي أن رجلا أتى عمر بن الخطاب فقال: إن ابنة لي ولدت في الجاهلية وأسلمت فأصابت حدا وعمدت إلى الشفرة فذبحت نفسها فأدركتها وقد قطعت بعض أوداجها بزاويتها فبرئت ثم مسكت وأقبلت على القرآن وهي تُخطب فأخبر من شأنها بالذي كان؟ فقال عمر: أتعمد إلى ستر ستره الله فتكشفه لئن بلغني أنك ذكرت شيئاً من أمرها لأجعلنك نكالا لأهل الأمصار بل أنكحها نكاح العفيفة المسلمة.
القضية التي وقف فيها سيدنا عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- هذا الموقف القوي الذي يرقى إلى العقوبة أو التهديد بها في حق من يفضح ستر من زنت ثم تابت إذا ما خطبها خاطب هي قضية تلتبس على العقول وتتداخل فيها الحقوق ظاهراً فهناك حق الستر لمن تابت وهناك حق الخاطب في أن لا يخدع بالزواج ممن يظنها لم يمسها غيره لكن الملهم سيدنا عمر –رضي الله عنه- يجعل الستر حقا لا يعارضه حق غيره بل ويسقط ما قد يُتوهم من حق للخاطب في إعلامه بحال مخطوبته قبل توبتها.
تعريف الستر:
السَّتْرُ لُغَةً: تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ وَسَتَرَ الشَّيْءَ يَسْتُرُهُ سَتْرًا أَيْ أَخْفَاهُ وَتَسَتَّرَ أَيْ تَغَطَّى وَفِي الْحَدِيثِ: ) إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ ( أَيْ مِنْ شَأْنِهِ وَإِرَادَتِهِ حُبُّ السَّتْرِ وَالصَّوْنِ لِعِبَادِهِ. وَيُقَال: رَجُلٌ مستُورٌ وَسِتِّيرٌ أَيْ عَفِيفٌ.
الستر اصطلاحا:
ستر المسلم هو تغطية عيوبه وإخفاء هناته .. وعرفه ابن حجر رحمه الله عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلما قائلا: «أي رآه على قبيح فلم يظهره أي للناس وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكر عليه ونصحه فلم ينته عن قبيح فعله ثم جاهر به كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء فلو توجه إلى الحاكم وأقر لم يمتنع ذلك والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد انقضت والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها فيجب الإنكار عليه وإلا رفعه إلى الحاكم وليس من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة» وعرفه النووي رحمه الله بأنه: «الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس هو معروفا بالأذى والفساد».
الستر هو إخفاء ما يظهر من زلات الناس وعيوبهم.
و الستر من صفات الله سبحانه : فالله سِتِّير يحب الستر ويستر عباده في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله من زلات الناس وعيوبهم و الستر من صفات الله سبحانه (يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم .. فيقرره ثم يقول: إني سترتُ عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) (البخاري) وقال النبى : من زلات الناس وعيوبهم و الستر من صفات الله سبحانه (إنَّ الله عز وجل حَيِي ستِّير يحب الحياء والستر) [أبو داود والنسائي وأحمد]. و جعل الله جزاء الستر في الدنيا ستراً أعظم منه في الآخرة, فإن الله تعالى يستره في موقف هو أشد ما يكون احتياجا إلى الستر والعفو حين تجتمع الخلائق للعرض والحساب فقال (لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) [مسلم] وقال: (من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة) [ابن ماجه] عن الحسن البصري أنه قال: من زلات الناس وعيوبهم و الستر من صفات الله سبحانه من كان بينه وبين أخيه ستر فلا يكشفه.
أنواع الستر:
الستر له أنواع كثيرة منها:
1- ستر العورات: المسلم يستر عورته ولا يكشفها لأحد لا يحل له أن يراها.
قال النبي (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة) (رواه مسلم).
2- الستر عند الاغتسال:وقد قال صلى الله عليه وسلم.
(إن الله -عز وجل- حيي ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر).
3- ستر أسرار الزوجية: قال صلى الله عليه وسلم (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفْضِي إلى امرأته وتُفْضِي إليه ثم يَنْشُرُ سرها) (رواه مسلم).
4- ستر الصدقة: المسلم لا يبتغي بصدقته إلا وجه الله سبحانه لذا فهو يسترها ويخفيها حتى لا يراها أحد سوى الله عز وجل.
شروط الستر:
إذا أراد المسلم أن يستر أخاه فإن هناك شروطًا لابد أن يراعيها عند ستره حتى يحقق الستر الغرض المقصود منه ومنها:
1- ألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه.
2- ألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}.
3- الستر مرهون برد المظالم فإذا لم ترد فالساتر شريك للمستور عليه في ضياع حق الغير.
4- إذا كان المستور ممن يُصِرُّ على الوقوع في المعصية وممن يفسد في الأرض فهنا يجب عدم ستره حتى لا يترتب على الستر ضرر يجعله يتمادى في المعصية.
كيفية التخلق بالستر:
1- استشعار فضل الستر وأن الله يستر من ستر عبداً مذنباً.
2- بتطبيق خلق الإيثار, بأن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك.
3- تذكر عاقبة من تتبع عورة أخيه, فمن تجرأ على فضح أخيه تكفل الله بفضحه وكشف ستره عنه. وقال النبي: (ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته) [ابن ماجه].
فإن الستر يطفئ نار الفساد ويشيع المحبة في الناس ويورث الساتر سعادة وسترا في الدنيا والآخرة كما أنه يثمر حسن الظن بالله تعالى وبالناس وكتم الأسرار نوع من الستر يُحمَدُ عليها صاحبها من الخالق والمخلوق فاستعن بالله على التحلي بهذه الفضيلة فهي أغلى من الجوهرة النفيسة.
الستر والعدل :
ويشرح لنا الإمام الطاهر ابن عاشور ذلك –في كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ كتاب النكاح/ جامع النكاح- فيقول: "ووجه الفقه في ذلك كله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بستر المسلم فيما زل فيه من المعاصي فقال في الحديث الصحيح: "من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة".. فحَصُل العلم بأن من مقاصد الشريعة الستر في المعاصي ما لم يخش ضر على الأمة لأن في الستر مصالح كثيرة منها: إبعاد المقترف عن استخفاف الناس به وكراهيتهم له ومنها أن من حصلت منه المعصية على وجه الفلتة إذا ستر أمره بقي له وقاية من مروءته فلعله لا يعاود تلك المعصية فإذا افتضح زال ذلك الاتقاء فقال: أنا الغريق فما خوفي من البلل فلأجل ذلك كله وغيره أدّب عمر –رضي الله عنه- من شهر بأخته لأن تلك المقاصد التي ذكرناها هي أقوى وأكد في جانب الأقارب بله الأخوة وليس هنالك ما يعارض إذ لا منفعة للخاطب في إعلامه بما أحدثته خطوبته فإنه ذنب مضى وليس هو عيبا في الخلقة يجب الإعلام به لتجنب الغرور بالخاطب كعيوب الأبدان والأخلاق من مرض أو جنون أو حماقة قوية تمنع حسن المعاشرة على أن الإخبار بمثل ذلك يوجب انكفاف الرجال عن تزوج المرأة ولذلك قال له عمر: "مالك وللخبر" يعني لا داعي إلى ذلك الخبر ولا فائدة فإن الاستفهام في قوله "مالك" استفهام إنكاري هو في معنى النفي أي : ليس لك مع هذا الخبر اتصال واختصاص يجوز الستر عليه إذا لم يكن من أهل التهاون بالمعاصي ولم يعرف عنه كثرة اقتراف الذنوب وارتكاب المحرمات ففي هذه الحالة ينصحه ويخوفه ويحذره من العودة إليها. أما إن كان صاحب عادة وفسوق فلا تبرأ ذِمَّته حتى يرفع بأمره إلى من يعاقبه بما ينزجر به. أما إن كانت المعصية فيها حق لآدمي -كأن يراه يسرق من بيت أو دكان أو رآه يزني بامرأة فلان- فلا يجوز الستر عليه؛ لما فيه من إهدار حق الآدمي وإفساد فراشه وخيانة المسلم. وكذا لو علم أنه القاتل أو الجارح لمسلم فلا يستره ويضيّع حق مسلم؛ بل يشهد عليه عند الجهات بأخذ الحقوق.
حق المجتمع في الستر :
البعض يتخذ من أعراض الناس نوعا من اللهو والتسلية وإضحاك الآخرين فلا يطيب لهم الحديث إلا بذكر عيوب الناس وتلفيق التهم إليهم ولا يبالون بما يقولون‏..‏ ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن هناك بعض ضعاف النفوس ممن يستغل قيام بعض المجرمين بتصوير جرائمهم الأخلاقية على أشرطة فيديو فيقومون بترويجها ونشرها؟؟. غير عابئين بما يرتكبونه من جرم‏..‏ فلا خوف من الله يردعهم‏, ولا حياء يمنعهم‏..‏ ولو نظر الإنسان إلى نفسه ما خاض في أعراض الناس ولا ذكر عيوبهم لأن فيه من العيوب ما يكفيه الإسلام يدعو للستر وصيانة الأعراض وعدم تتبع عورات الناس والتشهير بهم‏..‏ فالله عز وجل ستير يحب الستر ويأمر عباده به‏..‏ ولقد جعل الله عز وجل الجزاء من جنس العمل‏..‏ فمن ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة‏, ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته‏..‏ والستر واجب حتى لا تشيع الفاحشة وحتى لا يعم ذكرها بين الناس‏..‏ والإسلام أمرنا بأن نحافظ علي أعراض الناس ولا نتتبع عوراتهم.
ولقد جعل الله عز وجل العذاب الشديد في الآخرة في انتظار الذين يخوضون في أعراض الناس‏.‏‏ فستر هذا الشخص يعتبر عونا له على الشيطان‏. ويجب ألا نفضح أمر ذوي الهيئات وهم الذين اشتهر فضلهم بين الناس والذين كثر خيرهم. لحديث عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:(‏ أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود‏)..‏ فإذا وقعت لهم عثرة يجب أن تقال عثرتهم‏,‏ وألا تكشف سوأتهم‏,‏ لئلا تنعدم قدوتهم عند الناس. ..‏ فالمؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير‏..‏ ويجب أن تكون في السر لأن النصيحة علي الملأ فضيحة‏..‏ قال الإمام الشافعي‏:'‏ من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه‏,‏ ومن وعظه علانية فقد فضحه وخانه‏'هناك أناس ماتت ضمائرهم ولم يرعوا لحرمة المجتمع إلا ولا ذمة وأخذوا يعيثون في الأرض فسادا ولم يخشوا الله في السر ولا في العلانية بل أخذوا يجاهرون بالفسق والمعاصي ويتفاخرون بل ويسعون لنشر الرذيلة والفساد في المجتمع‏..‏ فهؤلاء هتكوا الستر الذي بينهم وبين الله وأحلوا للناس أعراضهم وينبغي أن يعاملوا بما يليق بهم لأنهم اسقطوا من أعينهم حرمة الله وحرمة الدين وحرمة المجتمع.
يجب علي المجتمع من خلال قانون رادع بالتصدي لمروجي الفاحشة حتى لا ينتشر الفسق في المجتمع لأن شيوع هذه الأمراض وانتشار هذه الأوبئة في جسد الأمة وعدم إنكارها ومحاربتها نذير بانهيار المجتمع‏..‏ فهذه سنة الله في كونه‏.وتلك سنة الله‏,‏ ولن تجد لسنة الله تبديلا‏.‏فالمؤمن يعظم شعائر الله والفاسق يستخف بحدود الله وشرعه وشرائعه‏.
‏أن قيام بعض الأشخاص الذين يحترفون التجارة بأعراض الناس بالجهر بجرائمهم الأخلاقية من خلال تصوير من يقع فريسة لهم في أوضاع مخلة علي شرائط وتوزيعها علي الناس لا يمكن تفسيره إلا في إطار أن أصحابه مصابون بأمراض نفسية أو أمراض عقلية أو لديهم عقد دفينة أو نزعات عدوانية مكبوتة.
فلا يمكن لعاقل أن يرتكب مثل هذه الآثام التي هي من الكبائر والتي يعاقب الله صاحبها في الدنيا والآخرة‏..‏ أما بالنسبة لمن يحصلون علي شرائط تمثل فضائح وآثام ومنكرات لأناس آخرين مشهورين أو غير مشهورين ويتباهون بحيازتهم لهذه الأشرطة ويتبادلونها مع الآخرين أو ينشرونها علي الإنترنت فهذه أيضا جريمة كبري في الإسلام‏.‏ وهؤلاء الناس مصابون أيضا بأمراض نفسية وعقد نقص يحاولون الفكاك منها من خلال ما يرتكبونه من آثام‏.‏
أن قيام بعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنت بالترويج للفاحشة وذلك من خلال اتخاذ أعراض الناس وسيلة للابتزاز ولتحقيق الشهرة.
وذلك بنشر فضائحهم وإظهار عوراتهم والاستطالة في أعراضهم تارة وبتلفيق آثام وأخطاء لم يقترفوها والتشهير بهم تارة أخري‏..‏
و أن هذه الأشياء من الأمور المحرمة في الإسلام وهؤلاء الأشخاص من المجرمين الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا؟؟.
إذ يقول الحق سبحانه وتعالي في سورة النور‏:(‏ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون‏)..‏ كما أن الإسلام جعل استطالة الإنسان في عرض أخيه المسلم باحتقاره أو قذفه أو سبه جريمة أشد من جريمة الربا وأشد تحريما منها لأن العرض أعز وأغلي علي النفس من المال.
أما مسائل الأعراض فهذه الجرائم لا يجوز نشرها من باب الحفاظ علي العورات وعدم التشهير بالناس‏.
وعن الأسباب التي تؤدي إلي قيام البعض بنشر فضائح وأخطاء الآخرين والتشهير بهم الخوض في أعراض الناس له أسباب عقدية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية‏..‏ فالسبب العقدي يرجع لضعف الإيمان في القلوب والبعد عن منهج الله عز وجل وقلة الشعور بمراقبة الله للعبد فالإنسان لا يخوض في أعراض الناس إلا بسبب نسيانه لذنوبه وعيوبه ولو نظر إلي نفسه ما خاض في أعراض الناس لأن فيه من العيوب ما يكفيه عن النظر إلي عيوب الآخرين‏..‏فالإنسان يبصر القذي في عين غيره وينسي الجبء في عينه‏,‏ والسبب الأخلاقي‏:‏ أن نشر أخطاء الناس ثمرة لسوء السريرة ووجود النفس المريضة‏..‏ فبعض الأشخاص أصحاب النفوس الخبيثة عندما تقع بينه وبين أحد الأشخاص خصومة فإنه يطعن في أعراضهم ويظهر عيوبهم وأسرارهم لينتقص من قدرهم‏..‏ فإن لم يجد لهم أخطاء لفق له بعض الفضائح والتهم حتى يشفي غيظه ويبرد صدره‏ ..‏ ومنها الحسد... فالنفس بطبيعتها جبلت علي حب الرفعة علي الآخرين‏,‏ والإنسان الحسود عندما يري أحدا علا عليه واشتهر بين الناس فإنه يكره ذلك فيسعي لإزالة هذه المكانة بالقدح فيه في المجالس والخوض في عرضه لإلصاق العيوب به حتى تزول مكانته ووجهته‏.
والسبب الاجتماعي‏:‏ أن الإنسان الذي يفضح الآخرين غالبا ما يكون صاحب مكانة دنيا في المجتمع ويريد لفت الأنظار إليه فيظن أنه بإشاعة الفضيحة سيرفع مكانته وأن القوم سيقدرونه وسيكثر من معارفه وأصدقائه‏,‏ ومنها المداهنة والمجاملة لأصدقاء السوء‏..‏ ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس وهذا الإنسان توعده رسول الله صلي الله عليه وسلم بالويل‏..‏
‏‏وللتوبة شروط :
‏..‏ وإذا أراد الإنسان أن يتوب إلي الله ويكفر عما ارتكبه في حق الناس من تشهير وخوض في أعراضهم يقول الشيخ عماد مالك إمام وخطيب بالأوقاف‏:‏ من فضل الله علينا أن جعل باب التوبة مفتوحا علي مصراعيه فهو يعرف ضعفنا وتسلط الغرائز علينا ووسوسة الشيطان لنا‏,‏ فالله عز وجل يغفر الذنوب كلها صغيرها وكبيرها فاسمه الغفار فمن شأنه أن يغفر واسمه العفو فمن شأنه أن يعفو فلا يعظم عليه ذنب‏,‏ فمهما عظم الذنب فإن مغفرته أعظم منه‏..‏لذلك يجب علي الإنسان ألا يقنط من رحمة الله مهما بلغت ذنوبه قال تعالي‏:(‏ قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم‏).(‏ الزمر‏:53)...
‏ فالله عز وجل يحب التوابين ويفرح بعبده المؤمن حينما يقبل عليه ويقف بين يديه ويعترف لمولاه بذنوبه وخطاياه قال تعالي‏:(‏ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين‏).(‏ البقرة‏:222)..‏
وحتى تكون هذه التوبة صادقة فيجب أن يقلع الإنسان عن هذه المعصية وأن يندم علي فعله ويعزم ألا يعود إليه أبدا ويطلب العفو والصفح ممن مظلمته ويرد إليه مظلمته أو يتحللها منه‏,‏ فقد روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال‏:(‏ من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه‏)..‏ فإن كان طلب العفو والصفح سيؤدي إلي وقوع مفسدة أعظم كحدوث بغضاء وشحناء وعداوة بينهم فعليه أن يكثر من الدعاء والاستغفار له وأن يذكره بين الناس بما يحب أن يذكر به لكن لابد للحقوق أن ترد‏).
حكم الجهر بالمعصية :
المجاهرة بالمعاصي وهتك ستر الله من استتر عن أعين الخلق لعمل المعصية فأنه لا يستطيع التستر عن عين الخالق أبدا لأنه يرى مكانه ولا يغيب عن عمله فإذا عمل المعصية والحال هذه دل ذلك على أنه لم يوقر الله حق التوقير وهناك أمر آخر وهو أن هذا العبد قد ستره الله تعالى لكن بعض الناس يهتك ستر الله عليه ويجاهر بالمعصية ويحدث الناس بما فعل في الخفاء!! فهذا أقبح من الأول لأنه لو وقر الله حق التوقير لتاب من معصيته واستغفر الله بدلا من المجاهرة بها كما قال صلى الله عليه وسلم « كل أمتي معافى إلا المجاهرين.. وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول: عملت البارحة كذا وكذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه »متفق عليه قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالح المؤمنين .. وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير أن لم يوجب حدا .. وإذا تمحص حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه فلذلك إذا ستره الله في الدنيا لم يفضحه في الآخرة والذي يجاهر يفوته جميع ذلك... الفتح 10-503.
وقد ورد في السنة الأمر بالستر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن الم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله» رواه الحاكم والبيهقي وجاء في السنة أن المجاهرة في المعصية والإعلان بها يوجب سخط الله تعالى لأنها دليل على عدم مبالاة صاحبها بالله تعالى أو أن فاعلها لم يوقر الله حق التوقير فعاقبه على شؤم معصيته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ولم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا » رواه ابن ماجه ومن الأمثلة الحية الواقعية المنتشرة في بلاد المسلمين على هذه النقطه ما يأتي :
أ- أكل الربا والتعامل به جهاراً نهاراً.
ونشاهد الإعلانات والدعوات الكثيرة التي تدعو الناس إلى ذلك المنكر العظيم إضافة إلى عرض صور للفائزين في المشاركات الربوية .. ولا يدرون إن هذا إيذان بحرب من الله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله فهل يبقى بعد ذلك كله وقار لله؟!.
ب- المرأة المتبرجة.
المرأة المتبرجة التي تظهر زينتها ومفاتنها للناس فتأثم وتؤثم غيرها .. والعجب أنها تلبس العباءة أو ( الغطوة ) على رأسها وقت تقديم التعازي فقط! بل سمعنا عن فرق غنائية نسائية في بلاد المسلمين وثالثة تقول بملء فيها: أنا بحمد الله أصلي وأتصدق واقرأ القرآن.. ولكنني لن أترك الفن!! والمعلوم من نصوص القرآن أن كل عاص لله فهو جاهل وإن كان عالماً بالتحريم. كما قال تعالى { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } النساء 17 قال ابن عباس: ذنب المؤمن جهل منه وقال قتادة : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل شيء عصى الله به فهو جهالة عمداً كان أو غيره.
ومن الأحاديث العظيمة مما له تعلق بهذا الموضوع قوله صلى الله عليه وسلم: « ضرب الله تعالى مثلا صراطا مستقيما.
وعلى جنبتي الصراط سوران .. فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة .. وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس! ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعوجوا وداع من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه فالصراط الإسلام .. والسوران حدود الله تعالى والأبواب المفتحة محارم الله تعالى وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم » رواه احمد.. أنه في حال كان «الستر على الفتاة» يدعو لمزيد من الفساد فإنه «غير جائز».: «الستر الذي حث عليه القرآن والسنة إنما هو فيما كانت المصلحة في ستره مما مضى من المعاصي فإذا وصلت الأمور إلى جهات الاختصاص فيجب النظر والموازنة بين المصالح المترتبة على الستر والمفاسد الناجمة عنه كما يجب ألا يغفل عن النظر إلى نوع الجرم وجنسه وخطره وضرره».
أن الشرع يفرض المساواة في العقوبة بين الجنسين في حال العلاقة المحرمة من ناحية تطبيق الحد؛ سواء ما كان متعلقاً بالعقوبة الجسدية من الرجم في المحصن أو الجلد في البكر ومثله أيضاً العقوبة المعنوية كالتشهير.: «يمكن أن يقال هذا أيضاً في العقوبات التعزيرية على العلاقات المحرمة وهو أن الأصل في العقوبات التعزيرية التسوية بين الجنسين فيها ولا يخرج عن هذا الأصل إلا لمصلحة راجحة أو مفسدة غالبة ومن ذلك عقوبة عدم الستر فإذا كان ستر الفتاة مدعاة لمزيد من الفساد فإنه لا يجوز الستر حينئذ».
أنه مما ينبغي ألا يغيب في موضوع التسوية بين الجنسين في العقوبة ملاحظة الضرر الناجم عن عدم الستر للفتاة غالباً ما يكون أكبر بكثير من تضرر الشاب ولهذا لا يمكن أن يسوى بينهما فالآثار الاجتماعية والنتائج المترتبة عن عدم الستر على الفتاة غالباً ما تكون قاسية ومؤلمة كما أنها قد تكون مؤثرة على حياتها ومستقبلها.
مع هذا فإنه من غير المقبول أن يساوى في عدم الستر بين المتمرس في الفساد والإفساد وبين المتورط في علاقة لنزوة عارضة كما لا يقبل أن يساوى في عدم الستر بين فتاة دفعت إلى العلاقات المحرمة دفعاً تحت وطأة ابتزاز أو غيره وبين فتاة تلهث وراء كل علاقة فاسدة وكذلك الأمر بالنسبة لعدم الستر على متلوثة بهذه العلاقات المحرمة وبين مبتدئة لا سوابق لها.
أن أسرار الناس من شئونهم الخاصة التي ينبغي حمايتها وعدم انتهاكها ومن أؤتمن على سر فإنه يجب عليه أن يراعي هذه الأمانة فإنه إفشاء عد خائنا...كاذبا...غادراً...فاجرا لمن آمنه عليه.
وقال تعالى" يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " سورة الانفعال آية 27"إن الله لا يحب الخائنين"..
حكم إفشاء السر في الإسلام :
هناك نهي مغلظ عن أشياء معينة تدور كلها حول كشف سر المسلم وهتك ستره. من تلك الأشياء: تتبع عورة المسلم التجسس عليه رميه بالسوء الغيبة والنميمة عدم ستره فيما يفضحه وينزل به الكرب والمهانة.
فأما عن ستر المسلم وحفظ سره فيما يفضحه وينزل به الكرب سواء عرف الإنسان هذا السر من أخيه عن طريق معين أو من صاحب السر نفسه فقد وردت في ذلك آثار تحتم كتمه وتؤكد عليه وترغب فيه منها: قول الرسول: من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " وفي رواية: " ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة " رواه مسلم وقوله : " لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة " رواه مسلم وقوله : " من ستر عورة فكأنما استحيا موؤدة في قبرها " رواه أبو داود والنسائي.
الحرص على تلمس العورات والأسرار من الذنوب التي تمحوا الإيمان من القلوب وتستجلب غضب الله وتهديده وفضحه لصاحب هذا الجرم. ولهذا حذرنا الله من ذلك ونهانا عنه وتوعدنا إن اقترفناه فقال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)-19 سورة النور- وهذا وعيد شديد لمن يحرص على إفأو الفاحشة؟وقد يكون العذاب في الدنيا من الله تعالى أن يفضحهم وأن يظهر مساوئهم التي يكيدون بها للمسلمين وقد يعاقبهم الله تعالى بعقوبات ظاهرة في الدنيا إما بمرض أو فقر أو فاقة أو شلل أو فقد البصر أو... أو...أو ... عقوبة لهم على فعلهم هذا.ومن العذاب الأليم موت الفجأة لا يعلم متى و كيف وَأين. ألم يتعظُ أحدكم ؟؟ ألم تكفوا من إشاعة الفاحشة في المنتديات؟؟؟.
فاسأل نفسك أيها المسلم: (ما الفائدة من إشاعة الفاحشة بأخيك المسلم في الدنيا؟؟ وهل نسيتَ الآخرة التي يدخل فيه عذاب القبر... بَيْتُ الظُّلْمَةِ.. بَيْتُ الْوَحْشَةِ.. بَيْتُ الدُّودِ ؟؟؟. وما يكون بعد الموت من عذاب البرزخ وأنواع العذاب.؟؟؟ ألا وإن وراء ذلك اليوم يوما أشد من ذلك اليوم يوما يشيب فيه الصغير ويسكر فيه الكبير من يحرص على الشر؟؟؟؟ لا يسلم؟؟؟ والنفس مجبولة على الشر أمّارة بالسوء فيتخذها ذريعة إلى الانتقام وتتبع الأغراض الفاسدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.