أنقذها من مطارديها وأطعمها وسقاها واعتني بها ورعاها حتي استردت عافيتها.. ولما أقبل الليل انقضت عليه بقرت بطنه ونهشت لحمه وشربت من دمه!! صارت القصة مثلاً في الجحود ونكران الجميل.. لكنها تحتاج إلي شيء من التأويل والتحليل. ولا بأس أن نمر علي أحوال هذا الحيوان العجيب وموته الغريب الذي يجمع بين الضحك والنحيب. خرجت جماعة للصيد في الصحراء. واعترضت طريقهم أنثي ضبع. وكان اليوم شديد الحرارة. وكانت تترنح من شدة العطش والإجهاد حتي أشرفت علي الهلاك. دخلت بيت أعرابي ووقف الصيادون علي الباب وسألهم صاحبه: - ما خطبكم؟! - قالوا: نريد صيدنا وطريدتنا. - استجارت بي وهي من الآن في حمايتي ودونكم سيفي فانصرفوا. رق قلب الرجل الشهم لحالها سقاها وأطعمها وقدم لها لبن ناقته حتي ارتوت. واستمر في رعايتها حتي استردت صحتها. ظن صانع المعروف أنها ستحفظ الجميل.. لكن فقد حياته ثمناً لشهامته. لما تقدم الليل دخل الرجل لينام مرتاح الضمير لإنقاذه حياة الحيوان البائس. انقضت عليه أم عامر.. وقفت عليه في لحظات.. جاء ابن عمه في الصباح وشاهد الجريمة وتتبع أثرها وأدركها وأصابها بسهم ارداها قتيلة وأنشد ابيانتا صارت مثلاً يضرب في صنع المعروف لمن لا يستحق. ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي الذي لاقي مجير أم عامر أدام لها حين استجارت بقربه طعاماً وألبان اللقاح الدرائر وسمنها حتي إذا ما تكاملت فرته بأنياب لها وأظافر. فقل لذوي المعروف هذا جزاء من بدا يصنع المعروف في غير شاكر. واللقاح: النوق الحلوب. والضبع حيوان مفترس يعيش في الصحاري والغابات في "افريقيا وغرب آسيا" وغيرهما.. معروف بالمكر والدهاء يتربص لفريسته ليلاً وينقض عليها ويطحن عظامها ويأتي علي لحمها. كما يأكل مخلفات الضواري الأخري. وتسيطر الأنثي علي القطيع بذكوره وإناثه بقوة فكها وشراستها. ظن البعض أن الضبع يجمع صفات الذكورة والأنوثة بل قالوا إنه يعيش ذكراً في عام وأنثي في عام آخر وجاء اللبس من التشابه الكبير بين الذكر والأنثي في هذا الأمر. وفي وقت التزاوج يبحث أفراد القطيع عن مأربة في قطعان أخري مدة الحمل من 70 - 90 يوماً تقريباً حسب أنواعه. منها المخطط والمرقط والأسود وغيرها. تضع الأنثي صغيرين وأحياناً ثلاثة ونادراً أربعة وزن الواحد كيلو جرام تقريباً. يتراوح وزن الضبع من 45- 80 كيلو جراماً وارتفاعه من 60 - 80 سم. الأرجل الأمامية أطول من الخلفية والرأس كبير والرقبة غليظة. يكني الذكر بأبي عامر وأبي كلدة وأبي الهنبر والجعار. والأنثي بأم عامر وأم حنور وأم طريق وأم القبور. وقيل إن الضبع والذئب إذا اجتمعا علي قطيع سلمت أعناقه. تصب أنثي الضبع في دماء جنينها هرمون الذكورة بقوة لتجعله أكثر شراسة وضراوة. وضبع الرجل ظلم وأجار أو كان له خلق الضبع. والضبع المسافة بين الإبط ومنتصف العضد يطلق اسم الضبع علي الذكر والأنثي والجمع ضباع ويسمي الذكر ضبعان علي وزن سرحان "ذئب" والجمع ضناعين والأنثي ضبعانة والجمع ضبعانات سرعته 65 كيلو في الساعة وتوسط عمره 25 عاماً وهو من الحيوانات القليلة التي يتحاشي الأسد مواجهتها. والضبعة مركز ومدينة بمحافظة مطروحخ شمال غرب مصر منطقة سياحية وزراعية يقام علي أرضها المشروع النووي ومدينة الضبعة الجديدة. يحدها من الشمال البحر المتوسط ومن الجنوب العلمين وسيوة والجيزة ومن الشرق مركز العلمين ومن الغرب مركز مطروح.. تضم 13 وحدة قروية وعدة تجمعات والضبعة قرية سورية بمحافظة حمص والضبع اسم عائلات مصرية وعربية. يقول المفسرون إن الضبع في المنام كشف أسرار أو تدخل في أمر لا يعنيه ومن ركبه نال سلطاناً "والله أعلم". وللضبع صوت غريب يجمع بين النباح والعواء والضحك والبكاء. يستطيع الضبع أن يلتهم قطعة لحم وزنها 14 كيلو جراماً دفعة واحدة. ويلتهم حماراً وحشياً خلال ربع ساعة. له معدة تهضم العظام. طول جسمه 120 سم أو أقل قليلاً وذيله 25 سم وحفير الضبع يسمي عامر والفرعل والبرعل. تعود الناس أن الحيوان المفترس يرعي الجيل أو المعروف وفاتهم أنه يتصرف بدافع من فطرته الكلب يحرس والذئب يفترس والسلعوة تعقر إلخ. وقد دفع العربي الطيب حياته ثمناً لحسن ظنه أو عدم معرفته بطبيعة الأشياء. وكان عليه أن يكون أكثر حيطة وحذر. روي الأصمعي عالم اللغة قصة العجوز "رجل في بعض الروايات" التي عثرت علي ذئب رضيع ماتت أمه فحملته إلي شأنها فأرضعته وشب الصغير علي الطوق وذات يوم فوجئت برضيع الأمس قد نهش الشاة التي أرضعته فأنشدت أبياتها: بقرت شويهتي وفجعت قلبي وكنت لشانتنا ولد ربيب غذيت لبانها وربيت معها فمن أدراك أن أباك ذيب إذا كان الطباع طباع سوء فلا أدب يفيد ولا أديب.