مع بدء عرض فيلم Aloha هذا الأسبوع في السينمات العالمية، شُنت حملة انتقادات واسعة ضد مخرج العمل بسبب اختياره لممثلة بيضاء البشرة لتجسيد شخصية فتاة من أصول أسيوية، الأمر الذي أثر بشدة على إيرادات الفيلم في شباك التذاكر، مما أدى في النهاية إلى تراجع أرباحه، لكن الجدل حول هذا الفيلم فتح الباب مجددا نحو اصرار هوليوود على اختيار فنانين ذوي بشرة بيضاء لتجسيد شخصيات ذات أصول متباينة، مما يعد نوعا من العنصرية الواضحة ومحاولة من هوليوود للهيمنة على صناعة الفيلم واقصاء المواهب الحقيقية بسبب اللون أو الأصل العرقي. بالنسبة لفيلم Aloha، وقعت الممثلة الشابة ايما ستون تحت ضغط جماهيري شديد نتيجة اختيار المخرج كاميرون كرو لها لتجسيد شخصية فتاة ذات أصول أسيوية نشأت في هاواي، لكن الممثلة الجميلة بملامحها القوقازية لم تقنع الجمهور بهذا الأمر رغم موهبتها الشديدة في التمثيل لأن ملامحها الشكلية ببساطة لا تشبه العرق الآسيوي بأي حال، مما جعل سكان هاواي يهاجمون كاميرون كرو ، لأنهم اعتبروا ذلك اهانة لهم ولأصولهم العرقية، ورأوا أن إصرار المخرج على عدم الاعتماد على ممثلة ذات أصول أسيوية يعد عدم احترام لتراثهم الثقافي. وهو ما جعل المخرج كاميرو كرو ينشر اعتذارا كتابيا، يعرب فيه عن أسفه لشعور مواطني هاواي بخيبة أمل، مؤكدا أن شخصية الفتاة التي تجسدها ايما ستون لا تحمل أية ملامح أسيوية ضمن الأحداث وأنه تم التنويه عن ذلك ضمن أحداث الفيلم ولهذا اختار ايما ستون لتجسيد الدور. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها توجيه التوبيخ لفريق فيلم بسبب اختياراته القائمة على أساس عنصري، فقد تعرض المخرج ريدلي سكوت العام الماضي لهجوم شديد تزامنا مع طرح فيلمه Exodus: Gods and Kings، وذلك لأن الفيلم الذي يرصد فترة تواجد النبي موسى في مصر الفرعونية لم يعتمد ضمن أبطاله على أي فنان ذي أصول عربية أو حتى تركية أو شرق أوسطية، وإنما تعمد سكوت اختيار نجوم قوقازين ذات بشرة بيضاء، مكتفيا فقط بحصولهم على بعض السمرة بالجلوس تحت أشعة الشمس مع الماكياج الذي يعتمد على بودرة تسمير البشرة، وهو الأمر الذي سخر منه المشاهدون بشدة، ملمحين إلى أن هوليوود لا تريد منح الفرصة لممثلين من ذوي الأصول الشرقية حتى في الأدوار التي تنتسب لبلادهم جغرافيا وتحتاج لهيئتهم الشكلية. وقد وصل الأمر وقتها إلى تدشين حملة لمقاطعة الفيلم عبر موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، حيث تساءل الجمهور لماذا لم تتم الاستعانة بممثلين مصريين؟، ورأى أن الاستعانة بالبريطاني كريستيان بيل لتجسيد شخصية النبي "موسى" و الاسترالي جول ادجرتون في شخصية "فرعون الخروج" يشبه تماما مشاهدة جورج كلوني في شخصية المناضل الأسمر "مالكوم اكس". وشكا المشاهدون أيضا من أنه لا تتم الاستعانة بممثلين ذوي بشرة سمراء سوى في أدوار "العبيد" و "اللصوص"، ووقتها دافع ريدلي سكوت مخرج الفيلم عن اختياراته بأنه لا يستطيع اختيار ممثلين شرقيين بدون خبرة لتجسيد شخصيات أساسية في فيلم ذات ميزانية ضخمة مثل فيلمه. أما أسخف حالة وأكثرها اثارة للغضب، فهي الحملة التي شنها البعض ردا على الشائعات التي انتشرت بأن صناع سلسلة أفلام "جيمس بوند" بصدد الاستعانة بالممثل البريطاني الأسمر ادريس إلبا في الفترة القادمة بعد أن ينتهي الفنان دانيال كريج من تجسيد الشخصية في المرحلة الحالية، ليكون إلبا هو جيمس بوند المقبل، نظرا لما يتمتع به من وسامة ولياقة بدنية مناسبتين تماما للشخصية، لكن الكثيرين انتقدوا هذا الاختيار مؤكدين أن جيمس بوند لابد أن يظل "أبيض البشرة"، وهو ما رد عليه إلبا بنوع من السخرية عبر حسابه على تويتر قائلا: "أمن المفترض أن يكون جيمس بوند وسيما؟ شكرا لأنكم ترون أن لدي فرصة". وقد بدأت الأزمة عندما تم تسريب إحدى رسائل البريد الالكتروني الخاصة بمسئولي شركة "سوني" المنتجة لسلسلة الأفلام، حيث ذكرت ايمي باسكال مديرة الشركة في الرسالة أن ادريس إلبا يجب أن يكون جيمس بوند المقبل. ورغم أن إلبا أعلن أنه لن يرفض تجسيد الشخصية اذا عرضت عليه إلا أن الأمر بالطبع تم تجميده بعد الهجوم الذي تعرض له إلبا دون سبب سوى لون بشرته. فمتى تنتبه هوليوود للمواهب الحقيقية وتتخلى عن نظرتها العنصرية الضيقة حتى لا تحرم جمهور السينما من الاستمتاع بفن يعشقه بسبب اختياراتها المستفزة؟!