فى ظل غياب الدعم الدولى والإقليمى لإقرار السلام الشامل فى السودان، تتصاعد أعمال العنف فى دارفور وولايات النيل الأزرق وكردفان، وهو ما خلف عشرات الآلاف من النازحين والقتلى.. وإزاء تلك التفاعلات، أعلنت الحكومة السودانية -على لسان نائب رئيس الجمهورية الدكتور الحاج آدم يوسف، الخميس الماضى- عن عدم تخليها عن شبر واحد من أراضيها، وأن "الحكومة لن تقبل بأية حال من الأحوال انفصال شبر واحد من السودان"، مضيفا: "إن وافقنا على انفصال الجنوب حقنا للدماء فإننا لن نفرط فى شبر آخر من أرض السودان". يأتى هذا فى وقت شن فيه نائب رئيس المؤتمر الوطنى الدكتور نافع على نافع، هجومًا غير مسبوق على تحالف المعارضة، واعتبر أن المرحلة المقبلة "تمايز صفوف بين الحق والباطل والخيانة والارتزاق"، متهمًا وفد المعارضة الذى زار جوبا بشهادة الزور. وأكد نائب الرئيس أن الحكومة سترغم "الجبهة الثورية" على السلام، مشيرا إلى أن مطالب الجبهة لا تتوقف على السلطة والثروة وإنما يريدون كل السودان، وفى إشارة ضمنية إلى دور إسرائيل قال نائب الرئيس: "إسرائيل دائمًا تخشى استقرار السودان، لأنه إذا استغل موارده سيكون دولة قوية وتوقع ألا يُترك السودان هادئًا". إفشال مسار الدوحة ولعل جريمة قتل قيادات العدل والمساواة الموقعة على "الدوحة"، فى منطقة بامينا بتشاد، وعلى رأسهم محمد بشر أحمد رئيس الحركة ونائبه أركو سليمان ضحية، نورين بشر أحمد عبد الرحمن، إبراهيم هارون بركة، زكريا سليمان بغيره، وعوض إبراهيم نور، حمادة أحمد محمد، واختطاف نحو 34 من قيادات الحركة المشاركين فى مفاوضات السلام، ليعبر عن مخطط إقليمى دولى تتخفى وراءه إسرائيل لإفشال الجهود القطرية فى تحقيق أمن واستقرار إقليم دارفور والتى تدعمها مصر والدول العربية بقوة. ويشير المراقبون إلى تصاعد التضييق على حكومة الخرطوم على أرض الواقع بعد أن أنجزت السلام مع الجنوب، وفق مخطط تمزيق الأطراف وتسخين المركز، كما حدث فى كردفان مؤخرا وما زالت آثاره تتفاعل فى مواجهات عسكرية فى ولايات النيل الأزرق وشمال كردفان، والذى كان قد تفجر فى يونيو 2011 بين الحركة الشعبية "فرع الشمال"، بالتحالف مع بعض المعارضة الشمالية وفصائل دارفور الرافضة لمبادرات السلام. ولوقف تلك المخططات تسعى الخرطوم لاستخدام كافة الوسائل لحفظ السلام ووحدة أراضيها، ما بين القوة العسكرية لمواجهة الجبهة الثورية فى كردفان والنيل الأزرق، والحوار مع المجتمع الدولى؛ حيث وافقت السودان على المبادرة الثلاثية لتوصيل المساعدات الإنسانية لولايتى النيل الأزرق وجنوب كردفان، والتى رفضتها دولة جنوب السودان، دون مواجهة من المجتمع الدولى الذى اكتفى بالإدانة فقط، الأمر الذى اعتبرته الخارجية السودانية غير كاف. يأتى ذلك فى الوقت الذى تتصدر أخبار وتقارير المنظمات الإنسانية المشهد الدولى، وكان آخرها تقرير منسقة الشئون الإنسانية فى الأممالمتحدة "فاليرى آموس"، الأربعاء الماضى، والتى أوضحت أن 300 ألف شخص فروا من ديارهم فى إقليم دارفور هذا العام بسبب تصاعد القتال، وأنهم يعيشون فى ظروف وصفتها بالمروعة بسب نقص الغذاء. وأمام تلك التحديات تبقى الساحة السودانية مفتوحة على مزيد من التصعيد المسلح فى كردفان ووسط السودان، بجانب التصعيد السياسى من قبل الحركة الشعبية بدولة الجنوب.. فيما تراهن القيادات السياسية فى الشمال على إطلاق حوار وطنى يرأب الصدع لمواجهة مخططات إقليمية ودولية لا تريد للبلاد الاستقرار والتنمية.