يعتقد بعض المتقدمين للوظائف أن دوره انتهى عند كتابة سيرته الذاتية وإرسالها للشركات المعنية بعد أن ملأها بالدورات التدريبية والشهادات الجامعية، لكن الحقيقة أن كل ذلك أولى خطوات التقدم للوظيفة، وأن الخطوة الأهم والأكثر حسما هى خطوة "المقابلة الشخصية"، التى يتوجب على كل متقدم لوظيفة ألا يستهين بها، فهى الدقائق الحاسمة والمقررة لجدوى التعيين، وهى الفرصة الوحيدة لتكوين انطباع أولى جيد لدى الشركة أو المؤسسة. كن مستعدا من المهم أن تكون لدى المتقدم فكرة عن التوصيف الوظيفى للوظيفة ومهامها وطبيعة الشركة ونشاطها وعدد فروعها، وهذا يتوفر بالبحث على الإنترنت أو السؤال عنها بالتليفون. ويقول د. أشرف الصفتى -استشارى فى الإدارة والإستراتيجيات-: "من المتعارف عليه أن يستعد المتقدم للوظيفة بارتداء ملابس رسمية تضفى عليه الجدية والالتزام، لكن الحقيقة أن كل ذلك شكليات لها بالفعل أثر فى تكوين انطباع أولى عن المتقدم للوظيفة، لكن الأهم من الشكل هو المضمون بالتأكيد؛ فتراكم الخبرات، تعدد القراءات، عدد الدورات التدريبية الحاصل عليها، القدرة على التعلم والتطوير، القدرة على إدارة فريق عمل كلها مؤهلات تزكى مرشحا للوظيفة عن غيره، وكما أن الملابس تعطى انطباعا بالالتزام، فمن الأولى أن تعطى انطباعا عن شخص وثقافة مرتديها، فبعض المقابلات تشترط إجراء المقابلة بشكل رسمى وبعضها لا يشترط، فإن لم تشترط فمن الممكن إجراؤها ببنطلون وقميص مثلا، وربما بالزى الوطنى كملابس النوبة، وأحيانا تتم بشكل "كاجوال"، لكن الأهم من كل ذلك أن يوضح المرشح للوظيفة وجهة نظره فى ارتداء ملابس كهذه للجنة المقابلة". المتقدمون أنواع ويتابع الصفتى: "ينقسم المتقدمون للوظائف لشقين؛ أولهما أن يكون المتقدم للوظيفة طالبا جامعيا والثانى أن يكون خريجا جامعيا، وفى الحالة الأولى يختار الطالب واحدا من ثلاثة اختيارات؛ إما أن يختار وظيفة أقرب لشخصه وثقافته، أقرب لدراسته، والاختيار الأخير أقرب لمشروع أو تخصص الكلية، وفى الاختيارات الثلاثة فإنه لا بد أن يستعد بشكل جدى للمقابلة، فيبرر اختياره، ويظهر الكثير من الاهتمام والجدية بالوظيفة، مع ضرورة إبداء رغبته وإصراره للعمل كشخص فعال للمجتمع ولذاته، ومن المهم أن يذكر أحلامه وطموحه فى المقابلة، وإن كان عضوا بإحدى الجمعيات الخيرية أو الأنشطة الاجتماعية لأنها تصقله بالذكاء الاجتماعى والإنسانى، وبالطبع لا بد أن ينضبط بالوقت". أما إن كان موظفا ولديه خبرة متراكمة، فيضيف الصفتى على ما سبق أن يقوم المرشح للوظيفة بعرض إنجازاته وخبراته، كما يوصى المتقدمين للوظائف بالشفافية والوضوح فلا داعى لادعاء اكتساب خبرة معينة لم ينلها؛ لأن التجربة كفيلة بكشفه، وليلتزم بالهدوء والدقة فى المعلومات مع إكساب حواره الكثير من الحماس والاحترافية. ويؤكد أهمية أن يظهر إنسانياته وروحه الاجتماعية وقدرته على التواصل، التى تعكس بالطبع مرونته وقدرته على التكيف، وليتحلى بالصبر والهدوء، فبعض أعضاء اللجنة قد تكون مهمتهم استفزازه لقياس مدى قدرته للعمل تحت ضغط، وليقدم نفسه بطريقة مبدعة مبتكرة، ولا يعتمد على تقديم نفسه بطرق تقليدية كتقديم سيرته الذاتية، ولكن فليقدم نفسه بشكل جديد وموثق، كأن يرسم صورته على لوحة ويسجل فيها خبراته ولو بشكل كاريكاتيرى، إن كان مهندسا مثلا فيحمل معه "ماكيت" لآخر مشروعاته، وربما قدم للجنة تقييمه فى آخر عمل لحق به حتى لو كان سيئا، لكن ليذكر معه أيضا أنه تعلم من تلك التجربة أن يبذل قصارى جهده حتى لا يكرر التقييم نفسه مرة أخرى، وإن ذاك التقييم السيئ كان حافزا له أن يُعد نفسه لوظيفة أفضل بمتطلبات أعلى". أسئلة متوقعة غالبا ما يتم اختبار المتقدم من قبل لجنة تتفاوت فى عددها من شخصين لأربعة تفوضها الشركة لاختباره، وغالبا ما تتكون من (مسئول فى الموارد البشرية- رئيس القسم المعنى- وأحد المدراء)، يطرحون فيها عدة أسئلة شخصية وتخصصية ويكتشفون خبرات المتقدم العملية وأحلامه وطموحه المهنى؛ حيث يقيسون من خلالها مدى كفاءة، مرونة، حماس المتقدم للوظيفة. ومن أشهر الأسئلة التقليدية: (ماذا تعلم عن الشركة؟- حدثنى عن نفسك- ما سبب رغبتك فى العمل فى هذه الشركة؟- ما دورك فى عملك السابق؟ ولماذا تركته؟- ألا ترى أن تأهيلك أعلى مما هو مطلوب فى الوظيفة؟- ما الذى تحب أن تصل إليه بعد عدة سنوات من الآن؟- كيف يمكنك معالجة ضغط العمل؟- ما أصعب موقف واجهته فى حياتك العملية؟ وكيف اجتزته؟- هل ترأست أو عملت مع فريق عمل؟- ما الأهداف التى تسعى إليها مهنيا؟ وما الذى أنجزته منها؟- ما الأهم بالنسبة لك: نوعية الوظيفة أم الراتب؟. وتتنوع وتزداد الأسئلة وفقا لطبيعة الشركة ومتطلبات الوظيفة نفسها، لكن تبقى إجابات المتقدم للوظيفة هى الحاسمة، لذا وجب التنويه على 6 نقاط مهمة فى أثناء المقابلة الشخصية: - تذكر أن أعضاء اللجنة تعرضوا لنفس موقفك، ومر عليهم من هم أسوأ وأفضل منك، ومن ثم هم مقدرون صعوبة الموقف. - حاول أن تظهر بشىء من الثبات والثقة والصراحة أمام اللجنة؛ لأنه سيتم تقييمك من قبلهم جميعا. - ركز على خبراتك السابقة ومؤهلاتك العلمية والتعليمية، ومهاراتك الشخصية. - أكد على بحثك عن التطوير وتنمية خبراتك. - حاول الإثناء على الشركة، فهذه هى فرصتك لخلق انطباع جيد لتظهر فهمك للعمل والمهارات الأساسية التى يتطلبها. - لا تذكر أى انتقاد سلبى عن شركتك السابقة، ولكن أكد بحثك عن التطوير والإضافة، مثل أنك "استنفدت كافة إمكانات التعلم من الوظيفة السابقة"، أو أنك "وصلت لهدفك وتبحث عن التطوير". أسئلة للجنة المقابلة ويؤكد د. أشرف الصفتى: "من حق المتقدم للوظيفة أن يسأل بشكل لطيف ومهذب عن سيناريو المقابلة، فهل ستقوم اللجنة بطرح أسئلتها أولا أم العكس؟ وإذا كانت اللجنة ستبادر فمن حقه أن يسأل هل هناك مساحة لأسئلتى؟ مع التأكيد على أسلوب طرح السؤال بشكل لائق غير متعالٍ.. كأن يسأل: ما الخطوة التالية للمقابلة؟ هل يتيح العمل التدرج الوظيفى؟ إن كان للشركة فروع فمن حقه أن يسأل عن الوظيفة فى أى فرع؟ ومتوسط الراتب". وعن أسئلة الموظف للجنة المقابلة، فتذكر بعض مواقع الإنترنت عدة أسئلة يمكن أن يطرحها هو مثل: (ما التدريب الذى أحتاجه؟- متى سأتلقى جوابكم على طلب التوظيف؟- ما التدريب الذى يتم توفيره؟- ما المسئوليات التى سأناط بها؟- ما الأهداف التى تريد منى تحقيقها فى وظيفتى؟- كيف سيتم تقييم أدائى الوظيفى؟ يذكر د. الصفتى أنه من الأخطاء الشائعة التى تعطى انطباعا سلبيا للمرشح للوظيفة أن يتعنت فى إتمام بعض الإجراءات الضرورية للمقابلة، مثل تسجيل بياناته من جديد فى استمارة طلب وظيفة، متعللا بأنه أرسلها من قبل، أو أن قدره ومكانته أعلى وأكبر من تسجيلها؛ لأن هذا يعطى انطباعا بالغرور، أو أن يذكر مساوئ عمله السابق.