في مشهد غريب بدا السيسي متجهما، وكأنه ينطق الكلام بصعوبة، خائفا من أن يغضب أسياده بأسرائيل، ودون أن يذكر تحرير أرض سيناء من يد إسرائيل التي كانت تحتلها، زعم عبد الفتاح السيسي، أن "تحرير شبه جزيرة سيناء عام 1982 لم يكن مجرد عودة للأرض، وإنما كان تأكيدا على قدرة الشعب المصري في تحقيق المستحيل، والحفاظ على مقدراته". ولم يشر السيسي إلى منطقة "أم الرشراش" على البحر الأحمر، والتي حولتها إسرائيل إلى مدينة إيلات، والتي باتت تمثل منفذا لإسرائيل على البحر الأحمر، ورغم ثبوت ملكيتها لمصر، جرى التفريط بها لصالح إسرائيل. بل الأدهى من ذلك، فرّط السيسي نفسه في جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، واللتين حققا مصالح استراتيجية كبيرة لإسرايل ، حيث فقدت بالتنازل عنهما مصر مياهها الإقليمية وتحولت لمياه دولية، في منطقة المضايق الاستراتيجية التي كانت تتحكم بها مصر بالدخل الجنوبي للبحر الأحمر. وأضاف السيسي، في كلمة له بمناسبة الذكرى ال42 لتحرير سيناء، أمس الخميس، أن هذه الذكرى محطة لتجديد العهد على مواصلة بناء الوطن، وتعزيز وحدته، والعمل على رفعة شأنه بين الأمم، ونتذكر تضحيات شهدائنا الأبرار، وبطولات جنودنا البواسل، الذين أعادوا للوطن كرامته وسيادته على أرض سيناء الحبيبة". ونسي السيسي أن أهالي سيناء ملتاعون من التهجير القسري من أراضيم وديارهم، والاستيلاء على تلك الأراضي وعرضها على شركات العرجاني للاستثمار لصالح بارونات السلطة والفساد، وقد يكون ستارا لاصدقائه الصهاينة، أما أهل سيناء من يطالب بالعودة لأراضيهم فمصيرهم السجون والاعتقال والمحاكمات العسكرية، رغم مناشدات كافة الجهات المحلية والدولية باحترام خصوصية أهالي سيناء. وتابع: "نحتفل اليوم بذكرى تحرير سيناء، تلك البقعة الغالية من أرض مصر الطاهرة، إنه يوم يعكس قوة الإرادة المصرية، وصلابة عزيمتنا في استرداد كل شبر من أرضنا". ولعل ما يتصادم مع كلام السيسي عن كل شبر من أراضي مصر، هو التفريط في مساحات شاسعة في جزيرتي تيران وصنافير، واللتين حكم القضاء المصري بتبعيتهما وملكيتهما الثابتة لمصر طوال التاريخ ، ورغم ذلك فرط فيهما السيسي. رفض تهجير الفلسطينيين وقال السيسي "نرفض تماما أي تهجير للفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء، أو إلى أي مكان آخر، حفاظا على القضية الفلسطينية من التصفية، وحماية لأمن مصر القومي"، كلمات السيسي تلك كانت ملفوظة لدى المصرييين الذين يتابعون بناء مدن فارغة من سكانها في رفح، بصورة متسارعة، وتلقي دعم يزيد على 50 مليار دولار، من أجل تمرير مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، أو إلى مدن مصرية أخرى ، بتفاهمات سرية مع إسرائيل، إذ تعددت زيارات رئيس الأركان الصهيوني ورئيس الشاباك إلى مصر، كما قام وزير مخابرات السيسي، عباس كامل بزيارات سرية مكوكية إلى إسرائيل ، لبحث ترتيبات احتياح رفح الفلسطينية، والذي تصر عليه إسرائيل. وزاد: "نؤكد موقفنا الثابت بالإصرار والعمل المكثف لوقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ودفع جهود إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة ليحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة". وذكر أن "سيناء المصرية تحررت بالحرب والدبلوماسية، وستظل شاهدة على قوة مصر وشعبها وقواتها المسلحة ومؤسسات دولتها، ورمزا خالدا على صلابة الشعب المصري في دحر المعتدين والغزاة على مر العصور". واعتبر السيسي أن تنمية سيناء وتعميرها هو واجب وطني مقدس، واليوم تشهد جهودا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة في الصحة والتعليم والبنية الأساسية، وجميع مقومات العمران والصناعة والزراعة، في إطار مشروع قومي ضخم يستحق أن يقدم المصريون التضحيات اللازمة من أجل تنفيذه، حماية وصونا لأمن الوطن كله وسلامته". وكان محافظ شمال سيناء، اللواء العسكري محمد عبد الفضيل شوشة، قد قال في تصريحات متلفزة: إن "المحافظة ترفض توطين أي فلسطيني على أرضها، ولن تتركها لأحد من غير المصريين نهائيا، معترفا بوجود قرابة ثلاثة آلاف فلسطيني في شمال سيناء، من العالقين والمصابين والمرافقين لهم، ومن المقرر إعادتهم مرة أخرى إلى غزة في القريب العاجل". ولم يشر السيسي ومحافظ شمال سيناء، أن الغزيين الذي خرجوا من المعبر دفعوا أموالا ضخمة ، باعوا كل مصوغاتهم وأملاكهم من أجل أن يدفعوها لبارونات الفساد على المعبر، الذي تسيطر عليه شركة هلا ورجل الأعمال المقرب من نجل السيسي، إبراهيم العرجاني، وباتوا لا يجدون ثمن طعامم أو إقامتهم بمصر، وفق شهادات مراسليي الصحف الأجنبية، كالجارديان وغيرها. وفوجئ سكان مدينة رفح المصرية مؤخرا بوضع أكثر من لافتة إعلانية، كُتب عليها مدينة السيسي ترحب بالسادة الزائرين، في أكثر من مكان بمنطقة العجراء، أقصى جنوب رفح. وحسب مصادر أهلية، فقد وضعت مجموعة العرجاني للتطوير المتخصصة في المقاولات والتطوير العقاري، تلك اللافتات الاسترشادية، التي تؤدي إلى ما وصفوه بتجمع تنموي، تقول إنه سيجري إنشاؤه بمنطقة العجراء في رفح. وتقع منطقة العجراء إلى الجنوب من مدينة رفح بشمال سيناء، وتكاد تلامس الحدود مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وغالبا ما صُنفت بأنها ممر للتهريب، قبل أن يدخلها الجيش بالاشتراك مع ما يعرف ب"اتحاد قبائل سيناء"، الذي يرأسه العرجاني. ومع مواقف السيسي من الاحتلال الإسرائيلي، تبقى كلمات السيسي مجرد أوهام وترهات، بعيدة عن أرض الواقع، إذ لم يجرؤ السيسي أن يعلن رفضه الممارسات الإسرائيلية على الحدود، بل ومخطط إسرائيل للسيطرة على محور فلادليفيا وهو الأمر الذي يتعارض مع اتفاقية السلام ، وغيره الكثير من الانتهاكات الصهيونية للسيادة المصرية.