تشهد الأسواق بمختلف مناطق الجمهورية موجة ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية والأساسية، رغم قرارات حكومة الانقلاب ومبادراتها لخفض الأسعار خاصة بالنسبة للسلع الأساسية ومنها الأرز والسكر والمكرونة وزيت الطعام. الخبراء أرجعوا استمرار أزمة ارتفاع أسعار السلع إلى غياب الرقابة الفعالة على السوق، وارتفاع سعر الدولار الجمركي، ما يؤدي إلى استمرار التجار في رفع الأسعار بحجة استيراد المنتجات بسعر دولار عالي، وارتفاع معدلات التضخم التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل عام مع فقد المنتج المحلى قوته الشرائية. كانت الأسواق قد شهدت عقب انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك، ارتفاع أسعار عدد من السلع الغذائية ومنها السكر والزيوت، رغم قرار وزير تموين الانقلاب بخفض أسعار هذه السلع، وأيضا ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 20%. الدولار حول أسباب ارتفاع الأسعار أكد الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة التجارة الأسبق ، أنه لم تظهر أية مؤشرات لتراجع أسعار السلع الأساسية رغم إطلاق مبادرات حكومية لخفض البعض منها، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى سبب أساسي يتمثل في غياب الرقابة الفعالة على الأسواق سواء السوبر ماركت أو الهايبرات التي تتوجه إلى شرائح معينة في بعض المناطق التجارية. وقال عبد المطلب في تصريحات صحفية: إن "العبرة في توفير السلع الغذائية والأساسية من حكومة الانقلاب لمواجهة ارتفاع أسعارها في السوق المحلية، مؤكدا أن مبادرة خفض أسعار سلع أساسية لم يظهر لها أثر حتى الآن، وينبغي توفير السلع في المنافذ". وأشار إلى أن أسعار السلع مرتبطة بسعر الدولار وقت الاستيراد، وهو ما يتحجج به التجار، وارتفاع سعر الدولار الجمركي أيضا لأن هناك سلعا أساسية مرتبطة به. رسوم أو ضرائب وقال الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر: إن "هناك عدة أسباب لارتفاع أسعار السلع بالسوق المحلي، منها استيراد كميات من السلع بسعر دولار عال منذ شهور، وأيضا ندرة المنتج أو وزيادة الطلب عليه". وأضاف خضر في تصريحات صحفية ، أن سياسات حكومة الانقلاب قد تكون من ضمن الأسباب من خلال تدخلها في تحديد الأسعار عن طريق فرض رسوم أو ضرائب إضافية على المنتجات، ما يؤثر على تكلفتها النهائية. وأوضح أن تدفق الدولار له تأثير على الأسعار في السوق، لأن توفير الدولار في الأسواق يساهم في زيادة الاستيراد للسلع المرتفعة أسعارها مما يخلق المنافسة في الأسواق، وكذلك عملية إغراق السوق بالسلع مما تساهم في انخفاض أسعار السلع على المستوى البعيد. وأكد خضر أن فقدان الرقابة الصارمة على أداء السوق الداخلي سبب رئيسي لعدم السيطرة على أسعار السلع وعدم انخفاض معدلاتها الطبيعية في السوق. أسعار الثوم وكشف حسين عبدالرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، أن هناك ارتفاعا ملحوظا في أسعار الثوم بكافة أصنافه خلال هذه الأيام، مؤكدا أن سعر كيلو الثوم وصل ل 50 جنيها في المدن و40 جنيها في القرى. وقال أبو صدام في تصريحات صحفية : "فيما يتعلق بأسباب القفزة في الأسعار، أن الفترة الحالية هي موسم الثوم والذي يتم حصاده مرة واحدة في العام وهي في شهر أبريل، لذا يُقبل عليه الناس لتخزينه، وهو ما ساهم في رفع سعره بسبب كثرة الإقبال على شراءه". وأوضح أن كميات التصدير هذا الموسم كبيرة جدا مقارنة بالمساحات المنزرعة، لافتا إلى قلة مساحات زراعة الثوم العام الحالي . وطالب أبو صدام بتقنين عملية التصدير الموسم الحالي للسيطرة على هذا الارتفاع، مؤكدا أنه في حالة استمرار عملية التصدير سيصل سعر الكيلو ل 100 جنيه. الرقابة وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، أن الخطوات التي اتخذتها حكومة الانقلاب خلال الفترة الماضية لإعادة الاستقرار للأسواق بعد أن شهدت قفزات سعرية حادة على وقع اعتماد التجار والمصنعين على السوق الموازية للعملة واتخاذها كمعيار لعملية التسعير لم تحقق أي نتائج . وقال الشافعي في تصريحات صحفية: إن "قرار تعويم الجنيه الأخير رغم أنه ساهم في القضاء على تعاملات السوق الموازية، وكان من المفترض أن يسهم ذلك تدريجيا في خفض معدلات التضخم بصورة ملحوظة وتراجع الأسعار، إلا أن هذا لا وجود له على أرض الواقع". وشدد على ضرورة أن تقوم حكومة الانقلاب بالرقابة على حركة الأسعار جنبا إلى جنب مع استدامة مبادرات خفض الأسعار وعمليات الإفراج الجمركي عن شحنات البضائع دون تأخير لتعزيز المعروض السلعي في الأسواق والضغط باتجاه استقرار الأسعار. وحذر الشافعي من أن التوترات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط والتصعيد الأمني في البحر الأحمر عوامل قد تؤثر سلبا على جهود خفض التضخم خلال الفترة المقبلة، كونها ترفع أسعار الشحن البحري والوقود وبالتبعية ترفع أسعار السلع.