منذ أكتوبر 2022م، أصدرت دوائر الإرهاب بمحكمة الجنايات (4) قرارات بمد إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب لمدة خمس سنوات، بخلاف عشرات القرارات بوضع أكثر من (1500) من قيادات وعناصر الجماعة على قوائم الإرهاب خلال نفس الأمر؛ الأمر الذي يبعث رسالة واضحة في مضمونها ودلالتها وتوقيتها. القرار الأخير صدر من الدائرة الأولى جنوب برئاسة المستشار مصطفى أحمد معوض رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين حسين زهران ومحمد مشرف الرئيسين بمحكمة استئناف القاهرة، وحضور المستشار محمد صبري رئيس النيابة، وأمانة سر ياسر عبد العاطي، وقضى بإدراج الجماعة وشركتين و56 مصريا من رموز وعناصر الجماعة والمقربين منها. وهو الحكم الذي صدر بتاريخ 11 مايو وتم نشره الخميس 18 مايو 2023م، في جريدة الوقائع المصرية (الرسمية). ووفقاً للحكم، فإنه صدر في طلب الإدراج رقم 6 لسنة 2023، بقرارات إدراج إرهابيين المقيد برقم لسنة 2023 قرارات إدراج كيانات إرهابية في شأن القضية رقم 282 لسنة 2017 حصر أمن الدولة العليا، والخاصة بقضية "طلائع حسم". وفي 11 مايو أيضا نشرت الجريدة الرسمية (الوقائع المصرية) قرارا كانت قد أصدرته محكمة الجنايات في 12 إبريل 2023م بالموافقة على مد الطلب رقم 5 لسنة 2018؛ بإدراج 1526 شخصا في قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات إضافية، أغلبهم في القضية رقم 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا. وضمت القائمة رموزا وطنية وافتها المنية كالرئيس الشرعي الشهيد محمد مرسي الذي استشهد في سجون الطاغين في يونيو 2019م، والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، الذي توفي في سبتمبر 2022م بالعاصمة القطرية الدوحة. وكانت جنايات القاهرة قد أصدرت في يناير 2017 قراراً بإدراج غالبية هؤلاء الأشخاص وآخرين في قوائم الإرهاب، وفي إبريل 2018 أعيد إدراجهم من قبل المحكمة نفسها، بناء على القضية 620 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا. القرار الثاني، نشرته صحيفة الوقائع المصرية الخميس 27 إبريل 2023م، حيث تشير الصحيفة الرسمية إلى أن الحكم صدر في 19 إبريل (2023) عن محكمة جنايات القاهرة الدائرة (13 جنوب) المنعقدة في غرفة المشورة برئاسة ياسر أحمد الأحمداوي، وعضوية محمود يوسف محمود، وسامح السيد حسين. ووفقاً للحكم، فإنه صدر بشأن الطلب رقم 1 لسنة 2023، إدراج كيانات إرهابية ورقم 5 لسنة 2023، قرارات إدراج إرهابيين، والصادر في القضية رقم 590 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا. نص الحكم على أمرين: أولاً، مد إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الكيانات الإرهابية. وثانياً، إدراج 82 مصرياً على قائمة الإرهاب، على أن يكون قرار مد الإدراج والإدراج لمدة 5 سنوات جديدة تبدأ من نهاية القرار السابق، والإدراج بدءاً من صدور الحكم. وأمرت المحكمة بنشر قرار مد الإدراج في الوقائع المصرية، مع ما يترتب بقوة القانون على النشر، وطوال مدته من آثار قانونية. وضم قرار الإدراج معظم الإعلايين المحسوبين على المعارضة بالخارج (معتز مطر محمد ناصر حمزة زوبع أسامة جاويش يوسف حسين "جوشو" وغيرهم. القرار الثالث، نشرته صحيفة "الوقائع المصرية" الخميس 16 مارس 2023م، وينص على مدّ إدراج جماعة الإخوان المسلمين لمدة "5" سنوات على قائمة (الكيانات الإرهابية) رقم 4 لسنة 2018 في شأن القضية رقم 444 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا، على أن تبدأ من نهاية مدة الإدراج السابقة، وفقاً لمنطوق الحكم. صدر الحكم، بحسب جريدة الوقائع المصرية، يوم 7 مارس/آذار "2023"، من محكمة جنايات القاهرة الدائرة الأولى (جنائي بدر)، وصدر برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني وعضوية المستشارين غريب عزت ومحمود محمد زيدان. كما تضمن القرار أيضا مد إدراج 20 مصريا على قوائم قائمة الإرهابيين لمدة 5 سنوات أخرى تبدأ من تاريخ نهاية مدة الإدراج السابقة. وحسب عضو بهيئة الدفاع فإنهم لم يخطروا بالحكم ولم يحضروا الجلسة ولم يعلموا عنها شيئا. القرار الرابع، صدر من جنايات القاهرة في أكتوبر 2022م حيث أدرجت جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة خمس سنوات، كما أدرجت "277" من قيادات الجماعة على قوائم الإرهاب لمدة "3" سنوات في القضية رقم 316 لسنة 2017 (حصر أمن الدولة) تحت مزاعم اتهامهم ب"تشكيل جناح عسكري للجماعة، وتمويل أعمال العنف، واستهداف الشرطة والجيش والقضاة". ضمت القائمة وقتها العلامة الراحل الدكتور يوسف القرضاوي رغم وفاته قبل ذلك بشهر. كما ضمت القائمة الدكتور محمود عزت والدكتور محمود حسين والأستاذ إبراهيم منير، ومحمد عبدالرحمن المرسي وجمال حشمت وعلي بطيخ وأمير بسام وحلمي الجزار والسيد نزيلي غيرهم. إدانة حقوقية من جانبها، استنكرت ثماني منظمات حقوقية مصرية هي (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ولجنة العدالة، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية)، قرار الدائرة 10 بمحكمة جنايات القاهرة، بتمديد إدراج 1526 مصرياً في قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات إضافية؛ وقالت إن هذا القرار بالتمديد، والذي يشمل نشطاء سياسيين وحقوقيين، يعكس "استمرار المساعي لتوظيف قوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة في سلب حقوق المصريين، بما في ذلك الحق في حرية السفر والتنقل وحرية التصرف في الأموال والممتلكات؛ فضلاً عن مصادرة حقوقهم السياسية ووصمهم مجتمعيا. الأمر الذي يدحض ادعاءات الحكومة المصرية بشأن انطلاق حوار وطني حقيقي يتسع لجميع الأصوات الناقدة ويتقبل الخلاف مع المعارضين من السياسيين والحقوقيين". وقالت المنظمات، في بيانها المشترك الخميس: "يأتي هذا القرار الأخير ضمن سلسلة من القرارات التعسفية الصادرة أخيرا عن محاكم الجنايات، بطلب من النائب العام، بإدراج الأشخاص في قوائم الإرهاب؛ بناء على تحريات أمنية ودون تحقيق، استنادا للقانون رقم 8 لسنة 2015 الخاص بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية، والذي يقضي بمصادرة حق الشخص المدرج ضمن هذه القوائم في تقديم دفاعه أو إخطاره بالقرار، ويهدر حقه في محاكمة عادلة ومنصفة، فضلاً عما يسلبه قرار الإدراج من حقوق أساسية". وأشارت المنظمات إلى أن "قرارات الإدراج استندت في معظمها لتحريات الأمن الوطني، وتضمنت ادعاءات بتورط بعض المدرجين في تمويل جماعة الإخوان المسلمين، بينما استندت في حالات أخرى إلى أحكام قضائية نهائية صدرت بحق بعضهم في قضايا تنطوي على اتهامات تتعلق بالإرهاب، الأمر الذي يعكس استمرار نيابة أمن الدولة العليا في توظيف قوانين مكافحة الإرهاب، بتعريفاتها الفضفاضة في ملاحقة الآلاف من المعارضين السلميين بشكل متكرر، وتعطيل ضمانات المحاكمة العادلة؛ بينما تتقاعس النيابة عن فتح تحقيقات جادة حول جرائم الإخفاء القسري والتعذيب، وتستند في المحاكم لاعترافات تم انتزاعها تحت التعذيب وسوء المعاملة". وفي فبراير 2020، وافق مجلس النواب على تعديل قانون الكيانات الإرهابية رقم (8) لسنة 2015، بما يسمح بإدراج الشركات والنقابات والجمعيات والمنظمات وغيرها من الكيانات في قوائم الكيانات الإرهابية، وما يترتب على ذلك من إجراءات، مثل تجميد الأموال أو الأصول المملوكة للكيان أو لأعضائه أو حصته في أي ملكية مشتركة؛ الأمر الذي أعرب خبراء بالأمم المتحدة عن قلقهم حياله، معتبرين أن هذا القانون وتعديلاته تهدّد الصحفيّين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأحزاب المعارضة وعمال القطاع العام، كما تتسبب في تنامي الاحتجاز القسري وتفاقم خطر التعذيب، وغياب المراقبة القضائية والضمانات الإجرائية، وتقييد حرية التعبير، والحق في حرية تكوين الجمعيات والحق في حرية التجمع السلمي. وطالب البيان برفع أسماء جميع النشطاء الحقوقيين والسياسيين من قوائم الإرهاب، والتوقف عن إدراج المزيد منهم عليها كإجراء انتقامي للتنكيل بهم. كما طالبت السلطات المصرية بإلغاء أو تعديل قانون الكيانات الإرهابية بما يتّسق مع المعايير الدولية ويضمن حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب.