نقلة نوعية شهدها قطاع الصناعة فى مصر مع تطور هائل خلال السنوات الأخيرة، وزادت مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى من 18% فى عام 2010 إلى 31% فى عام 2023. وارتفع حجم الصادرات الصناعية المصرية من 12 مليار دولار فى عام 2010 إلى 30 مليار دولار فى عام 2023. تسعى الحكومة المصرية لجعل مصر مركزاً صناعياً متقدماً فى المنطقة بحلول عام 2025. وتسعى الدولة إلى زيادة حجم صادرات الصناعة إلى 100 مليار دولار وزيادة عدد المصانع إلى 100 ألف وحدة لتوفير مليون فرصة عمل فى قطاع الصناعة. وهذه آمال طموحة لا تستطيع أى دولة تحقيقها إلا إذا كانت دولة جبارة مع قيادة مؤمنة بأمل وطن، إلا من خلال مبادرات متعددة منها على سبيل المثال بالتحديد فى 29 أكتوبر 2022، بالإعلان عن مبادرة «ابتكار» لتطوير القطاع الصناعى المصرى بتوجيه ودعم كامل وبرؤية وطنية خالصة من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بهدف ربط الشباب المصرى وقياداته بتطوير وتعزيز الصناعة وتعزيز الموارد البشرية، إلى جانب تحقيق التمكين للشباب للعمل فى مجال الصناعة. ولم تكن هذه هى المبادرة أو الخطة الوحيدة، وإنما رؤية انطلقت بها مصر، دولة وحكومة وقطاع خاص إلى تعزيز القطاع الصناعى بجدية، من خلال تطوير البنية التحتية، وتحسين بيئة الأعمال، وتطوير مهارات القوى الصناعية والإنفاق على المهارات والابتكار على الرغم من الإشكاليات الدولية وعلى رأسها جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية. ثم بعدها وللأسف الحرب الشرسة على قطاع غزة، وما تبعها من تأثير على حركة الملاحة فى قناه السويس، إلا أن الدولة تواصل العمل نحو تحقيق رؤيتها لصناعة وطنية متينة ومستدامة باستخدام المعايير الدولية واستناداً إلى تحويل الأزمات العالمية التى تتحول إلى فرص للاستثمار فى الاقتصاد المصرى، خاصة فى القطاع الصناعى، بسبب الاستقرار السياسى وضمان سلاسة سلاسل الإمداد الوطنية المصرية وتوافر كل العوامل الوطنية لنمو القطاع الصناعى، بما فى ذلك المواد الخام والقوى العاملة الماهرة. بالإضافة إلى وجود سوق استهلاكية كبيرة فى مصر والعالم العربى وموقع جغرافى استراتيجى يمنح مصر طرقاً للوصول إلى الأسواق الخارجية من خلال الاستثمار على طرق النقل وأهمها الموانئ المصرية العريقة والمتعددة وتوفير أراضٍ فى السنوات الأخيرة متميزة فى عدة قطاعات صناعية. لم تقصر الدولة المصرية والحكومة بتوفير حزمة من الفرص الاستثمارية المتميزة فى قطاعات الصناعة وأتاحت التوسع والاستثمار فى قطاعات الطاقة والأسمدة والكيماويات وتطوير البنية التحتية الرقمية وتهيئة المجال لصناعة الإلكترونيات والصناعات التكنولوجية والتى تحدث عنها السيد الرئيس منذ يومين فى خلق فرص واعدة للشباب لخلق فرص جديدة فى قطاع الصناعات الرقمية. مع هذا كرّست مصر العمل فى دعم الصناعة الثقيلة بإطلاق استراتيجية صناعة السيارات وهو القطاع الذى يمكن لمصر أن تكون أحد النمور العالمية. مصر لم تنسَ التنمية المستدامة فى ظل توجه الحكومة نحو استراتيجية مواجهة التغيرات المناخية بتوفير الاستثمار فى الصناعات الخضراء وقطاع الصناعات النسيجية وإطلاق الدولة محاور دعم الصناعات النسيجية، فى شركات الغزل والنسيج، وتطوير محالج القطن، وتشييد مجمع الغزل والنسيج بمدينة الروبيكى، وافتتاح أكبر مدينة لصناعة المنسوجات والملابس فى الشرق الأوسط، وإطلاق منظومة جديدة لتداول القطن. وهناك جهود جبارة بذلتها مصر فى دعم قطاع الصناعات الدوائية فى ظل أزمة جائحة كورونا التى سلطت الضوء على ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات للنهوض بهذا القطاع منذ عام 2016، ومنها استحواذ مصر على أكبر عدد من مصانع الأدوية والمستحضرات الدوائية والطبية فى المنطقة العربية بعدد 158 مصنعاً عام 2019. ومعها شهد العام 2021 افتتاح السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أكبر مدينة دوائية فى منطقة الشرق الأوسط لإحلال محل الواردات لتلبية فجوة الطلب البالغة نحو 15% من إجمالى الاستهلاك المحلى للمقيمين. ومع تعدد المناطق والفرص الاستثمارية فى مصر، تأتى المناطق الاقتصادية واحدة من أهم الفرص الواعدة التى توفر للمستثمرين مجمعات صناعية، وتيسر الوصول لسلاسل التوريد ذات القيمة المضافة على المستوى العالمى. وتمثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة توفر الكثير والكثير من الفرص الصناعية فى مجال تجميع قطع غيار السيارات، وصناعة الأغذية، والصناعات الصغيرة والمتوسطة، والأجهزة المنزلية فى الإلكترونيات، والأدوية، والأنشطة اللوجيستية، وخدمات الشحن السريع، وصناعة الكيماويات والبتروكيماويات، والصناعات الثقيلة، والمنسوجات والملابس الجاهزة، ومكونات الطاقة ومنتجات التكرير، ومواد البناء والتشييد. مستقبل القطاع الصناعى فى مصر واعد بالتوسع فى نهج الشراكات الإقليمية والدولية، والانضمام لتكتلات اقتصادية، الأمر الذى أدى إلى تعدد روابط التعاون بين مصر وكافة أنحاء العالم، وأتاح عدداً من المكاسب والفرص الاقتصادية للدولة، لا سيما فيما يتعلق بفرص جذب الاستثمار الصناعى ونقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة والمتقدمة، وفتح آفاق جديدة لنفاذ المنتجات المصرية للأسواق الخارجية. مرة أخرى تثبت مصر أنها قادرة على تحقيق آمال طموحة لا تستطيع أى دولة تحقيقها إلا إذا كانت دولة جبارة مع قيادة مؤمنة بأمل وطن لتتوالى آمال تحديث الصناعة المصرية من التطوير إلى الانطلاق.