مدبولي مهنئا السيسي بعيد الأضحى: أعاهدكم على استكمال مسيرة التنمية والبناء    «التعليم» تحدد حالات الإعفاء من المصروفات الدراسية لعام 2025 الدراسي    «المجتمعات العمرانية» تُحذر من شراء وحدات في كمباوند بيوت بالمنصورة الجديدة    ارتفاع معدل التضخم في ألمانيا إلى 2.4% في مايو    إي اف چي هيرميس تنهي صفقة طرح «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار    رئيس جهاز السويس الجديدة تتفقد تنفيذ وحدات "سكن لكل المصريين" والخدمات والمرافق    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 12 يونيو 2024    التفاصيل الكاملة لحريق مبنى في الكويت.. الشرطة تتعرف على الجثامين بالبصمة    أ ف ب: لجنة تحقيق أممية تتهم إسرائيل و7مجموعات فلسطينية مسلحة بارتكاب جرائم حرب    رئيس الوزراء اليوناني: تيار الوسط الأوروبي لديه الزخم للتغيير بعد انتخابات البرلمان الأوروبي    يونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    ميدو: على حسام حسن الابتعاد عن الأزمات.. ولسنا أقل من المغرب    سر البند التاسع.. لماذا أصبح رمضان صبحي مهددا بالإيقاف 4 سنوات؟    بيراميدز يرد على مطالب نادي النجوم بقيمة صفقة محمود صابر    «التعليم» توجّه بتفتيش دورات المياه في لجان امتحانات الثانوية    التأمين الصحي بالغربية: غرفة طوارئ لتلقي أي شكاوى خلال امتحانات الثانوية    الذروة 3 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة حارة تضرب البلاد في عيد الأضحى    والدة طالب الثانوية الذي مُنع من دخول امتحان الدين ببورسعيد: «ذاكروا بدري وبلاش تسهروا»    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العمرانية    مناسك (6).. الوقوف بعرفات ركن الحج الأعظم    المهن السينمائية تنعي المنتج والسيناريست الكبير فاروق صبري    دعاء اليوم السابع من ذي الحجة.. فضل وثواب واستجابة    توقيع بروتوكول تعاون ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومجموعة معامل خاصة في مجالات تطوير المعامل الطبية    البورصة المصرية تطلق مؤشر الشريعة EGX33 Shariah Index    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    امتحانات الثانوية العامة 2024.. هدوء بمحيط لجان امتحان الاقتصاد والإحصاء بأسيوط    بايدن يدرس إرسال منظومة صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم لدولة غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    طفرة تعليمية بمعايير عالمية    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    مصطفى مدبولى يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى المبارك    بدأ مشوار الشهرة ب«شرارة».. محمد عوض «فيلسوف» جذبه الفن (فيديو)    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    رئيس إنبي: لم نحصل على أموال إعادة بيع حمدي فتحي.. وسعر زياد كمال 60 مليون جنيه    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    دار الإفتاء: يجوز للحاج التوجه إلى عرفات فى الثامن من ذى الحجة يوم التروية    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    انتظام لاعبي الأهلي الدوليين في مران اليوم    احذري تعرض طفلك لأشعة الشمس أكثر من 20 دقيقة.. تهدد بسرطان الجلد    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    تحويلات مرورية جديدة.. غلق كلي لكوبري تقاطع محور "محمد نجيب والعين السخنة"    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «الزمالك بيبص ورا».. تعليق ناري من حازم إمام على أزمة لقب نادي القرن    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تحاور 3 من الملحدين فى الجامعات
خادمة الكنيسة تركت المسيحية.. وسلفى رفض الإسلام.. وذات الخمار الملحدة سراً
نشر في الوطن يوم 04 - 12 - 2014

هل كان لوصول تيار الإسلام السياسى للحكم فى مصر بعد ثورة 25 يناير أثر فى انتشار ظاهرة الإلحاد فى الجامعات؟ وهل فشلت المؤسسات الدينية فى التعامل مع الظاهرة؟ «الوطن» فتحت الملف الشائك، والتقت 3 من الطلاب الملحدين فى الجامعات، بينهم من أعلن موقفه ومن اختار أن يحتفظ بسره حتى لا يتعرض لمضايقات، إحداهم كانت خادمة للكنيسة قبل أن تترك المسيحية، وآخر نشأ فى بيئة سلفية، قبل أن يعلن رفضه للإسلام.. وأخرى ترتدى الخمار وتخفى إلحادها. كما حاورت «الوطن»، فى هذا الملف، رجال دين مسلمين ومسيحيين، للتعرف على الدور الذى تتحمله المؤسسات الدينية فى انتشار الظاهرة وكيفية التعامل معها.
«الدين ميراث تتوارثه الأجيال كبناء قديم متهالك تركه الجد الأكبر لعائلة تتصارع فروعها لاحتكاره، فيموت من يموت، ويبقى من يبقى، ولا أحد ينتفع به، فقط هو ساحة للنزاع دائماً وللقتال أحياناً».. بهذه الكلمات بدأت «مارى»، الفتاة التى لم تكمل عامها العشرين، واعتبرت أن مهمتها تغيير اتجاه التفكير الدينى الذى دام آلاف السنين، حسب كلامها. وأضافت: «وُلدتُ فى أسرة مسيحية متعصبة، معظم أقاربى من الكهنة، كنت أخدم فى الكنيسة إلى وقت قريب، ولم أبالغ فى الممارسات الدينية، لكنى كنت ملتزمة إلى حد كبير بكل ما تعلمته داخل الكنيسة طيلة سنوات حياتى».
«مارى»، طالبة الفرقة الثانية بقسم التاريخ بآداب سوهاج، بدأت رحلتها فى عالم الإلحاد عام 2012، عامها الأخير بالمرحلة الثانوية، كانت وقتها مسيحية أرثوذكسية، حتى تمكنت منها الأفكار اللادينية، وكانت الخطوة الأولى لها على طريق الإلحاد، تقول: «تطوعت للخدمة بالكنيسة بعد انتهائى من امتحانات الثانوية العامة، وكان لزاماً على الخدام بالكنيسة دراسة العهد القديم، بداية من سفر التكوين مروراً بعادات الخدام، ومن خلال دراستى بالكنيسة وجدت كثيراً من التناقضات لم أستطِع تجاوزها؛ ففى سفر أعمال الرسل وجدت أن الله قال عن داود: (وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسِّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِى، الذِى سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي)، وداود نفسه من وجدت له الكثير من جرائم القتل فى العهد القديم».
بدأ الشك يتسرب إلى عقلها فتقول: «عندما سألت الكهنة بالكنيسة أجابونى أن العهد القديم يصعب على الصغار فهمه، وأن الكتب الموجودة هى ترجمات وليست الأصل».
«مارى»، الفتاة التى تبدو كأن إرادتها فى يدها، عاشقة المطربة فيروز، كبرى أخواتها، طالبة منعزلة عن زملائها بالجامعة، الذين يطلق بعضهم عليها «فتاة لها عقلان»، بعد أن ظهرت أفكارها الإلحادية على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، أخذ زملاؤها المسلمون يحاولون استمالتها، بينما زميلاتها المسيحيات عمدن إلى استفزازها، الأمر الذى وصل إلى الاشتباك بالأيدى، تقول: «جاءتنى فتاة مسيحية، كانت من أقرب صديقاتى، تقول لى: لما كنتى بنت متدينة كنتى محبكاها وعاملة فيها العذراء مريم، ودلوقتى بقيتى مصدر لسخرية المسلمين من ديننا، وبقيتى عار لينا. ولم أتمالك أعصابى وضربتها بالقلم على وشها».
كانت هذه الواقعة فاصلة فى مسار «مارى»، فتقول: «لم أذهب للجامعة بعدها، حتى جاءتنى مكالمة من شئون الطلبة تستدعينى فوراً، وعندما ذهبت أبلغونى أن زملائى يتهموننى بسب الأديان، وأن هناك اتجاهاً لتحرير محضر ضدى، ولكنهم تراجعوا خوفاً على مستقبلى، وتوعدونى بفصلى حال تكرار انتقادى للأديان».
مهّدت محاولات الفتاة لرفض واقعها الدينى والتوجه إلى فصيل «الملحدين» فى موسم رواج أفكاره، الطريق لتقبل من حولها فكرة رغبتها فى الهجرة بلا عودة عن مصر: «لا أجد لى مكاناً بالجامعة، أذهب فقط فى الموعد المحدد للمحاضرات وأنصرف فوراً بعد انتهائها، وهذا لن يستمر كثيراً، أخاطب جامعات بالخارج وقريباً سأسافر، بلا عودة، إلى أى بلد يحترم الإنسان لأنه فقط إنسان».
«عُمر» لم يغير اسمه مثل غيره، تمسك به على غير عادة الملحدين الجدد، انتظر كثيراً حتى يعلن عصيانه، وحين وصل لسن ال19 اتخذ القرار، ترك الصلاة، امتنع عن قراءة القرآن، أخذ يلهث خلف معتقدات غربية تمكنت من السيطرة على عقله، انتهت إلى قناعته بأنه لا يوجد إله أو رسل.
«عمر»، طالب كلية الطب بإحدى الجامعات الخاصة، كان ينتمى إلى التيار السلفى، ويقول: «كنت متديناً جداً، أُصلى بانتظام، وأحافظ على الورد اليومى من القرآن قبل النوم، وأصوم شهر رمضان، ولكن كان هذا بحكم التعود، ومجاراة العادات الأسرية والدينية، وفى يوم ما قرأت فى المصحف بعقلى وليس بعينى، فوجدت أننى أقرأ قصصاً، ليس بها من الإعجاز شىء، وصلت إلى قناعة أنه لا يوجد ما يسمى المعجزات فى وجود العلم».
ترك «عمر» المصحف وكُتب الأحاديث الشريفة وخطب كبار شيوخ السلفية ليتوجه إلى دينه الجديد: «بعد أن توسعت فى البحث فى الأديان السماوية الثلاثة، عجزت عن تقبل القصص التى جاءت بها تلك الكتب السماوية ورسلها، ورُحت أبحث فى الفلسفة والمنطق، فقرأت لرموز العلم والأخلاق، منهم: كارل ساجان وبرتراند راسل، وغيرهما ممن عمقوا بداخلى أفكارى الإلحادية، حتى أصبح عدم تقبلى للأديان وإعلان عصيانى لها على أساس عقلى ومنطقى».
رحلة طالب كلية الطب مع الإلحاد جلبت له اعتراضات الأسرة والزملاء والمعارف، استند إلى الطريقة الأكاديمية فى الجدل: «العلم يكذب كل ما جاءت به الأديان، ويمحو الأساطير التى تنامت حولها، ومن أهم ما جاء به العلم نظرية داروين للنشوء والارتقاء، التى تفيد بأن الإنسان جاء متطوراً من مرحلة الحيوانية شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى السلالة التى هو عليها الآن، أما القرآن فيقول إن الإنسان خُلق بعمل تخليقى فى يوم معلوم ثم انتشرت منه البشرية، وهذا مثال على التناقض بين بيان القرآن وما جاء به العلم».
بعد أن بات ابن التيار السلفى منبوذاً من قِبل معارفه وأصدقائه، قرر أن يتخذ من ال«فيس بوك» وسلية للترويج لأفكاره، لم يدرك وقتها أن سره سيذاع بالجامعة: «لم أجد من أتكلم معه، الجميع تعامل مع اعتقاداتى على أنها تخاريف مراهقين، ومن هنا بدأت أكتب على صفحتى الخاصة على الفيس بوك ما توصلت له من حجج تفيد بأن الأديان وهم، لكن فى يوم ذهبت كعادتى إلى الكلية، وجدت عدداً من زملائى فى انتظارى، طلبوا منى الكلام معهم، وسألونى عن معنى ما أكتبه على الفيس بوك، وعندما أخبرتهم وشرحت لهم ولم يتمكنوا من الرد على كلامى، اعتدوا علىَّ بالضرب، حتى وصل الأمر إلى أمن الكلية الذى توعدنى بالفصل إن لم أتراجع عن أفكارى».
فى السر كما فى العلن، موقف اتخذته «سجدة»، طالبة الفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة القاهرة، تقول: «عائلتى لا تعرف عن معتقدى الإلحادى شيئاً، وأنا لا أهتم بالحديث عن أفكارى مع أحد من المسلمين، فقط أنا لم أعد مسلمة، وهذا شأن خاص، وغير مطروح للنقاش».
لم يتبقَّ لها من الإسلام سوى حروف اسمها: «الدين بالنسبة لى كان مجرد تقاليد ورثتها عن أسرتى المسلمة، وكان من المستحيل أن أتحول من مسلمة ملتزمة جداً إلى ملحدة مرة واحدة، بدأ الأمر بشكل تدريجى بسبب شكوك راودت ذهنى فى بداية عامى الأول بالجامعة، استغفرت كثيراً كلما كان يتساءل عقلى: أين الله؟ ولماذا يجب علىَّ أن أصدق أن محمداً رسول وأن القرآن من عند الله؟ استعنت بالإنترنت للبحث والتقصى عن حقيقة الدين، ومن خلاله استطعت التواصل مع أحد الشباب الملحدين، الذى كان يرسل لى الكتب العلمية التى تبرز أنه (ليس هناك خالق للكون ولا رسل ولا معجزات)».
تملك الشك عقل «الفتاة المحجبة»، التى يدل مظهرها على التزامها الدينى؛ حيث ترتدى «الخِمار» الذى لا يُظهر منها سوى وجهها وكفيها: «اكتشفت فى فترة بحثى عن تفسيرات للقرآن والسنّة أن الدين أفسد علىَّ الاستمتاع بالحياة وجمالها فى مقابل طقوس دينية شاقة ومجهدة، صلاة تتكرر فى اليوم الواحد 5 مرات، وامتناع عن الطعام والشراب طيلة نهار شهر كامل، حينها توقفت لأفكر لماذا علىَّ الامتناع عن كل مصادر السعادة لمجرد أنى مسلمة؟».
«سجدة»، التى لم تسجد لخالقها منذ فترة طويلة، كانت مدركة تمام الإدراك خطورة إلحادها، فتعمدت إخفاء سرها عن زميلاتها بالجامعة حتى لا يؤثر هذا على مستقبلها. ويرى راجى يوسف إبراهيم، الباحث فى قضايا الملحدين، أن الشاب الملحد يدخل فى دوامات فكرية ومعاناة قد تصل إلى اكتئاب، وفى النهاية إما أن يثبت على أفكاره القديمة وينسف الأفكار الجديدة ويلفظها كلياً، أو يلغى القديمة ويتسق مع وضعه الجديد أو يلجأ لضرب من التأويل أو التلفيق أو صياغة المعلومة القديمة فى ثوب جديد، والجدال فى هذه المرحلة مع هؤلاء الشباب يكون غير مُجدٍ؛ لأن المخ يصبح فى حالة تمرد ولن يقبل الطعن فى معلوماته الجديدة.
«الأسباب التى تجعل أى إنسان مسلم أو مسيحى يعلن إلحاده متعددة»، ويتابع «يوسف»: «هناك أسباب تدفع المسلم أو المسيحى للإلحاد، أهمها: عجزه عن وصوله إلى بعض الدلائل الدينية، بعد البحث، فيكفر بها جميعاً، أما اتباع المنهج العلمى التجريبى الذى أثبت تفوقه على المنهج العقلى التأملى، فهو السبب الثانى للإلحاد؛ لأنه منهج لا يتعامل مع الغيبيات، والسبب الثالث: سلوك كهنة وشيوخ الأديان ومتبعيها، مما أعطى انطباعاً سيئاً عن الأديان، ويتمثل السبب الرابع فى اصطدام العلم ببعض النصوص الدينية، مما يشير إلى بعض التناقضات بين ما جاء به العلم وما جاءت به الأديان».
انتقد «يوسف» ردود فعل رجال الدين، قائلاً: «شيوخ الإسلام وعلماؤه لم يقفوا بدقة على موضع الداء فانخرطوا فى إلقاء التهم بالمؤامرة والعمالة والغزو الثقافى ومحاولة الاستعانة بالدولة كى تتبع سياسة العصا الغليظة مع المخالفين وكأنهم يحيون العصور الوسطى»، مضيفاً: «فى حال استمرار علماء الإسلام وشيوخه على نفس الطريقة الهجومية وتدريس مواد كارثية دون محاولات تنقية جادة ومفصلية، سيدقون بذلك المسمار الأخير فى نعش الدين ولن يجدوا مصيراً أفضل من مصير الكنيسة الكاثوليكية التى تستجدى شعبها وتقدم تنازلات قوية كمحاولة للبقاء على قيد الحياة، أما الملحدون فأقترح عليهم أن يكفوا عن الرهان على زوال الدين، بل عليهم استنطاق عقلانية الدين ومضامينه الإنسانية والأخلاقية».
«عمر»: عجزت عن تقبل قصص «الكتب السماوية».. و«كارل ساجان وبرتراند راسل» عمَّقا عصيانى للأديان
«سجدة»: الدين بالنسبة لى كان مجرد تقاليد ورثتها عن أسرتى المسلمة.. وأفسد علىَّ الاستمتاع بالحياة وجمالها
وكيل «الأوقاف»: «الإسلام السياسى» سبب زعزعة اليقين الدينى عند بعض الشباب
قال الشيخ صبرى عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، إن بروز تيارات الإسلام السياسى فى أعقاب ثورة 25 يناير أحد أهم أسباب الإلحاد، وإن بعض الشباب يتصورون أن الإسلام متمثل فى هذا التيار وسلوك وأخلاق أعضائه. وأضاف «عبادة» فى حوار ل«الوطن»، أن الإلحاد ينتشر بشكل كبير بين الشباب المثقف والمُرفه، لما لديهم من مساحة فى الحرية الفكرية والعقائدية، وأشار إلى أن الاختلاف فى الآراء الفقهية حول تطبيق حد الردة على الملحدين ينتهى غالباً إلى اختيار الحكم الأيسر، مؤكداً أن الملحد ليس شخصاً سيئاً ولكنه مبتلى من الله.
■ هل يرتبط الإلحاد بالمستوى الاجتماعى أو التعليمى للشباب؟
- من خلال عدد من الدراسات، والأبحاث الميدانية، التى أجراها الأزهر الشريف، توصلنا إلى أن الإلحاد منتشر أكثر بين الشاب المثقف، حيث إنهم الأكثر تفكيراً ورفاهية، ولديهم مساحة من الحرية الفكرية والعقائدية.
■ ألا يتحمل رجال الدين مسئولية ما وصل إليه الشباب؟
- بالطبع هناك مسئولية، فنحن نلاحظ أن الإلحاد انتشر بصورة غير عادية بعد أعقاب ثورة 25 يناير، حيث تصور بعض الشباب أن الإسلام متمثل فى تيار الإسلام السياسى، واعتبره الصورة الحقيقية للدين، ووضعوا الإسلام فى خندق أخلاق وتصرفات وسلوكيات أعضاء هذا التيار، ما أدى إلى زعزعة اليقين عند بعض الشباب.
■ كيف تثبت للملحد أنه على خطأ؟
- قصور الفهم، والوصول إلى المادة العلمية لدى الشباب هو أساس المشكلة، وحتى نستطيع التعامل معها لا بد أن نعرف أنواع الملحدين، فمنهم من لا يؤمن بوجود الإله، ومنهم من يؤمن بوجود إله ولكنه لا يتصرف فى الكون، ومنهم من يؤمن بأن هناك الإله ولكن لا توجد ديانات ولا رسل، ومن هذه الأنواع الثلاثة نبدأ فى الحوار مع الملحد، فإذا كانوا لا يؤمنون بوجود الله، نثبت لهم بأدلة مادية من العلم الذى يستندون إليه أن الكون له خالق، وليس هناك تناقض بين آيات القرآن والعلم، حتى يعود الشاب إلى الفهم الصحيح لوجود الله، أما منكر رسالة الأديان أو الرسل بعد قطعية ثبوت أن هناك إلهاً فنتحاور معه عن كيفية أن يكون هناك رسول أو نبى.
■ هل هناك خطة يتبعها الأزهر لإعادة هؤلاء الشباب؟
- الأزهر ينظم قوافل دعوية كثيرة، لكن المشكلة تكمن فى أن الملحدين لا يفصحون عن أنفسهم وليس لهم كيان أو مكان ثابت نستطيع من خلاله الوصول إليهم، هم مبعثرون وسط الشباب، قد يلتقون ببعضهم ولكن يحدث هذا بشكل سرى، ولكن الأزهر يصدر فتاوى توعية حول القضايا المختلف عليها.
■ هل حد الردة جائز على الملحد؟
- حد الردة فى الإسلام مختلف عليه من قبل الفقهاء، فهناك من يجيز قتل أى مسلم بتغير ديانته أو الخروج منها، ويستشهد هذا الرأى بحديث رسول الله: «من بدل دينه فاقتلوه»، وهناك رأى ثان يكفل لكل شخص حرية العقيدة، ويستند هذا الرأى إلى قول سبحانه وتعالى فى سورة البقرة: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ»، وفى حالة الاختلاف بين آراء الفقهاء يجوز العمل بالرأى اليسير.
راعى كنيسة القديس كيرلس: حكم الإخوان ضاعف أعداد الملحدين فى مصر
قال الأب رفيق جريش، راعى كنيسة القديس كيرلس بالكوربة مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية فى مصر: إن الإلحاد سحابة سوداء تمر من حين لآخر فوق موروث العادات والأديان التى يتمسك بها المجتمع المصرى، وسرعان ما تنقشع، مؤكداً أن الحوار المفتوح مع الملحدين هو السبيل الأول لمواجهة أفكارهم، والمؤسسات الدينية هى المعنية بالتعامل معهم. وأضاف، فى حواره مع «الوطن»، أن أعداد الملحدين زادت خلال فترة حكم الإخوان لمصر باسم الدين، ونتيجة للممارسات العنيفة التى تحدث حالياً تحت راية الأديان مثل القتل والذبح، مطالباً بابتعاد المؤسسات الأمنية والقانونية عن التعامل مع «قضية الإلحاد» لأنها دينية بحتة.
■ من الشخص الملحد؟
- الملحد هو شخص لديه مفاهيم مغلوطة عن صحيح الدين، ينكر بوضوح وجود الله، وهنا نصطدم بالإلحاد فى صورته العدائية؛ إذ يتجرأ الشخص على حقيقة وجود الله مستغلاً البراهين العلمية والفلسفية الضعيفة لتأكيد عدم إمكانية ذلك، بل عدم ضرورة وجوده، ويرجع ذلك إلى ضعف الإيمان؛ حيث يعتبر الملحد الدين عائقاً بالنسبة لحريته الشخصية والاجتماعية.
■ كيف ظهر الإلحاد فى مصر؟
- الإلحاد فى مصر ليس بجديد؛ حيث يعود تاريخه إلى أوائل القرن العشرين مع بداية ظهور الشيوعية، التى أسست أحزابها على أساس لا دينى (إلحادى)، وانحصرت هذه الموجة فى الستينات، إلا أنها عادت للظهور مرة أخرى مع بداية الاشتراكية، ونجح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى محاربة هذا النوع من الأفكار.
■ إذن لماذا عادت موجة الإلحاد للظهور فى مصر فى هذا الوقت؟
- بعد ثورة 25 يناير، فقد كثير من الشباب المصريين الثقة والقدوة فى رجال الدين، خصوصاً خلال السنة التى حكم فيها «الإخوان» البلاد باسم الدين، إضافة للممارسات العنيفة التى تحدث الآن تحت راية الأديان كالسرقة والعنف والقتل، الذى جعل البعض من الشباب يهربون من السلطة الدينية، سواء كانت الكهنوتية أو الإسلامية، فضلاً عن أن الكثير من الشباب يعيشون حالة من اهتزاز الإيمان وعدم التوازن النفسى.
■ كيف ترى تعامل الإعلام مع قضية الشباب الملحدين؟
- اهتم الإعلام اهتماماً مريباً بظاهرة إلحاد الشباب التى انتشرت فى مصر فى الآونة الأخيرة، وتسارع نجوم البرامج التليفزيونية فى استضافة هؤلاء الشباب، ولكن غالباً ما كان الحوار يفتقد الرأى الآخر، رأى الدين، المتمثل فى الكنيسة أو المسجد، وبدلاً من أن يرشد رجال الدين والإعلام هؤلاء الشباب، شرعوا فى السخرية منهم والتهكم عليهم.
■ ماذا عن المؤسسات المنوط بها مواجهة هذا الفكر الخاطئ لدى الشباب الملحدين؟
- يجب أن تبتعد المؤسسات الأمنية والقانونية عن التعامل مع هذا الأمر؛ لأنه أمر دينى بحت، خاصة المؤسسات الدينية، التى عليها مسئولية إعادة هؤلاء الشباب إلى مسارهم، وعليها أن تجد الخطاب الدينى المناسب للشباب للتواصل معهم، وشرح صحيح الدين لهم بعيداً عن استخدام «أسلوب الحلال والحرام والنواهى والثوابت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.