بشرى سارة للموظفين المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات بشأن خدمات التأمينات    البنك الدولي: مصر قطعت خطوات جيدة في تطبيق مبادئ الحياد التنافسي    كلية الطب البيطري بجامعة أسيوط تنظم ندوة الإضافات العلفية وأهميتها في الحيوانات والدواجن    «القاهرة الإخبارية»: الطيران الأمريكي البريطاني يستهدف منطقة الجبانة في اليمن    الصحة الفلسطينية في غزة تصدر بيانها بعد "مجزرة إسرائيلية وحشية" في مخيم النصيرات    يلا شوت الآن.. بث مباشر مشاهدة مباراة تونس وناميبيا اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    عاجل.. إلغاء المؤتمر الصحفي لمباراة مصر وغينيا بيساو في تصفيات كأس العالم    الصحف الأوروبية.. الصن: يونايتد يستهدف ضم جاراد برانثويت وسكاي سبورت: مانشستر سيتي يرفض التفريط في ألفاريز    تجهيز 24 استراحة للمٌشاركين في امتحانات الثانوية العامة 2024 بكفر الشيخ    عمرو أديب عن واقعة عمرو دياب: هستيريا التصوير مع المشاهير بالإجبار مش مقبولة    ياسمين عبد العزيز تعود بقوة في رمضان 2025    فضل يوم عرفة وأحب الأعمال إلى الله فيه    وكيل "صحة مطروح": قافلة طبية مجانية لعلاج أهالي قرية الجفيرة.. غدًا    قصف أمريكي بريطاني يستهدف منطقة الجبانة في الحديدة غرب اليمن    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    البورصة تخسر 45 مليار جنيه بختام تعاملات أولى جلسات الأسبوع    جانسن مصر تشارك في المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي الثالث 2024    محافظ الشرقية يهنئ لاعبي ولاعبات الهوكي لفوزهم بكأس مصر    «الأخبار» تطلع على خرائط 100 عام من طقس مصر ..    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    ماذا تقدم بي إم دبليو M3 موديل 2025 لتباع ب4.8 مليون جنيه؟    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكليتي الحاسبات والذكاء    وزيرة الثقافة: كثير من المبدعين والمصممين يشتكون تعرض إبداعاتهم للسطو    تحت رعاية رئيس الجمهورية.. الداخلية تنظم الملتقى الخامس لشباب وطلائع المدن الجديدة بالسويس ( فيديو)    ما حكم الأضحية عن الميت؟    اجتماع بالجامعة العربية لتقييم منتديات التعاون مع الدول والتجمعات الإقليمية    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    بروتوكول بين «التأمين الاجتماعي» وبنك مصر لتفعيل آليات التحصيل الإلكتروني    مايا مرسي: إنشاء متحف المرأة المصرية داخل متحف الحضارة    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    «صورة أرشيفية».. متحف كفر الشيخ يعلن عن قطعة شهر يونيو المميزة    منورة يا حكومة    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    الكويت تدين الهجوم الهمجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    استقالة الحكومة لن تلغى المشروع الجديد خطة تصحيح مسار الثانوية العامة    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    طريشة تلدغ مسنا بواحة الفرافرة في الوادي الجديد    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    سر تصدر شيرين رضا للتريند.. تفاصيل    انتهاء جلسة التحقيق مع رمضان صبحي في أزمة المنشطات    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن.. التصالح مع الأسد استعداداً لمواجهة «داعش»
نشر في الوطن يوم 27 - 08 - 2014

منذ أن قتلت «داعش» الصحفى الأمريكى جيمس الفولى الذى أسرته فى سوريا وأذاعت على العالم الفيديو الذى سجل عملية إعدامه، والضغوط تزداد على إدارة أوباما من الرأى العام الأمريكى والصحافة وجنرالات البنتاجون الأمريكى كى تغير سياساتها التى تقوم على محاولة احتواء «داعش»، وتقليم أظافرها إذا خرجت عن حدود دورها المرسوم داخل الأراضى السورية والعراقية واقتربت من حدود كردستان العراق، مع الإبقاء عليها فزاعة تحت السيطرة تكبح جموح شيعة العراق المتزايد إلى تهميش مصالح عشائر السنة التى تسكن محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين فى منطقة الوسط، وتعطيل إدماجهم فى الحياة السياسية، كما تبقى عليها عامل تهديد لأمن الخليج تلزم دوله الاعتماد فى ضمان أمنها على قوى الخارج! فضلاً عن منافع أخرى تتمثل فى أن «داعش» تشكل عامل ضغط قوياً على نظام بشار الأسد، خاصة أن الرئيس أوباما لا يتحمس كثيراً للتدخل العسكرى الأمريكى المباشر فى الأزمة السورية!
التزمت واشنطن هذه السياسات، وتلكأت كثيراً فى تنفيذ عمليات القصف الجوى لقوات «داعش»، التى نجحت فى مد سيطرتها من حدود محافظة الرقة السورية والاستيلاء على الموصل ثانى مدن العراق، فى معركة لا تخلو من شبهة تواطؤ، ترك فيها الجيش العراقى مواقعه وعتاده لقوات «داعش»، التى واصلت زحفها آمنة مطمئنة فى مناطق مكشوفة داخل الأراضى العراقية دون أى غطاء جوى! لتستولى على محافظات ديالى والأنبار وصلاح الدين التى تسكنها عشائر السنة، وتصبح على مسافة 55 ميلاً من العاصمة بغداد! ويعلن قائدها أبوبكر البغدادى نفسه أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين من فوق أكبر جامع فى الموصل تحت بصر وسمع الأمريكيين، الذين تحركوا فقط عندما أصبحت قوات «داعش» على مسافة 30 ميلاً من أربيل عاصمة كردستان، وتمكنت من أن تسيطر على سد الموصل الذى يمثل ذخراً استراتيجياً مهماً ينظم الزراعة والرى فى كردستان العراق، لكنه يمثل خطراً على العاصمة بغداد يهددها بالغرق إن تعرض للنسف أو التدمير.
وبرغم أن «داعش» فى زحفها الآمن على هذه المساحات الشاسعة والمكشوفة من الأراضى السورية والعراقية وصولاً إلى أسوار العاصمة بغداد، تمددت وكبرت وزاد عتادها العسكرى وامتلأت خزائنها بالأموال وابتلعت كثيراً من منظمات الإرهاب الصغيرة التى كانت تتبع تنظيم القاعدة وغيرت ولاءها لصالح «داعش»، وأصبحت باعتراف الأمريكيين شيئاً مهولاً لا نظير له فى كل تنظيمات الإرهاب تتميز بوحدة التنظيم وصلابته، ويتميز جيشها بالانضباط والكفاءة القتالية العالية - التزمت إدارة أوباما سياسة واضحة معلنة تؤكد أن القصف الجوى الأمريكى لقوات «داعش» لن يمتد خارج مناطق كردستان العراق، بدعوى أن الدخول فى مجابهة مع «داعش» يمثل معركة طويلة الأمد، ينبغى أن تقع مسئوليتها على عاتق العراقيين أولاً، وساعتها يمكن أن تقدم الولايات المتحددة الدعم والمساعدة، لكن ذلك لن يشمل عودة الجنود الأمريكيين إلى العراق.
لماذا التزم الرئيس أوباما بحماية أربيل عاصمة كردستان العراق ولم يلتزم بحماية بغداد رغم وجود قوات «داعش» على مسافة أقل من 40 ميلاً من العاصمة العراقية؟! ولماذا تباطأ فى قصفه الجوى وترك قوات «داعش» تزحف آمنة وسط هذه المساحات المكشوفة دون أن يتعرض لها، وانتظر طويلاً إلى أن كبرت «داعش» وأصبحت وحشاً يصعب ترويضه؟! وسواء كان السبب فى ذلك رغبة أوباما وإصراره على إسقاط حكومة رئيس الوزراء العراقى السابق نورى المالكى، لعناده وغروره واستبداده ونزوعه الطائفى المتزايد ضد عشائر السنة الذى أفشل دولة العراق، أم أن الولايات المتحدة لا تزال تصر على إضعاف العراق وتقسيمه وعلى حصار بشار الأسد وتقليم أظافره فى سوريا، وجاءت «داعش» كى تحقق الهدفين معاً وتغير خريطة العراق وسوريا بما يزيد العالم العربى انقساماً وتفتيتاً - فإن النتائج الواضحة على الأرض لهذه السياسات تمثلت فى ظهور قوة تخريب وفساد جديدة فى منطقة الشرق الأوسط، تتذرع بالخلافة الإسلامية سبيلاً لإقامة سلطة متخلفة مستبدة خارج سياق التاريخ، تحكم بالسيف وترفض الآخر، وتعمل القتل فى المسلمين تحت دعاوى الجهاد، وتطرد المسيحيين فى العراق وتطاردهم إلى أن هاجر معظمهم إلى كردستان، وتحاصر اليزيديين فى جبل سنجار وتلزم زوجاتهم معاشرة مقاتليها! وتنتصر للدولة الدينية على حساب الدولة المدنية، وتتمسك بالاستبداد رفضاً للديمقراطية، وتنصب من أحد قياداتها أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين له السمع والطاعة!
وأظن أن السؤال المهم الآن: هل تفلح الضغوط المتزايدة على إدارة أوباما بعد مقتل الصحفى الأمريكى جيمس الفولى فى إخراجه من تردده، وإلزامه الدخول فى مواجهة حاسمة مع «داعش» تلحق بها هزيمة قاصمة، خاصة أن أوباما وصف «داعش» بأنها سرطان ينبغى التخلص منه، كما أن عدداً من خبراء البنتاجون الأمريكى يرون أن «داعش» تعانى رغم تضخمها من نقاط ضعف عديدة تلزم أوباما بأن يسارع بضربها وتمزيقها، تتمثل فى طول خطوط إمداداتها من محافظة الرقة السورية إلى بغداد جنوباً، ووجود قواتها فى مناطق مكشوفة دون أية حماية جوية؟
صحيح أن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أكد فى تصريحات معلنة أن «داعش» ينبغى أن تتحطم وتلقى هزيمة منكرة، كما أن وزير الدفاع هاجل أكد أخيراً أن الولايات المتحدة تبحث كل الاحتمالات، وتدرس الموقف من جميع جوانبه لوقف امتداد قوات «داعش»، وتحاول حشد الأطراف الدولية والإقليمية والشركاء المهمين فى الشرق الأوسط فى تحالف ضد «داعش»، لكن الأمر المؤكد أن الإدارة الأمريكية لم تتخذ بعد قراراً بتوسيع نطاق ضرباتها الجوية لتشمل خطوط إمدادات «داعش» وأماكن تمركز قواتها فى الأراضى السورية والعراقية. والواضح أن المعضلة الأساسية كما حددها رئيس الأركان الأمريكى الجنرال ديمسى تتمثل فى أن هزيمة «داعش» التى تحتل شرق سوريا بأكمله ابتداءً من حلب إلى دير الزور إلى محافظة الرقة، كما تحتل المحافظات العراقية الثلاث ديالى والأنبار وصلاح الدين التى تسكنها عشائر السنة - تتطلب ثلاثة أمور أساسية:
أولها: عمل عسكرى يمتد على الجبهتين السورية والعراقية، لأن هزيمة «داعش» لا يمكن أن تتحقق دون تدمير شامل لبنيتها العسكرية فى الأرض السورية، الأمر الذى يلزم واشنطن بضرورة فتح حوار مع الرئيس بشار الأسد! والسعى إلى ضمه ضمن تحالف إقليمى قوى يشارك فى هذه الحرب، وهو قرار يصعب على إدارة أوباما التى رفضت طويلاً التدخل العسكرى الأمريكى المباشر فى الأزمة السورية، ولا تزال تطالب بإسقاط بشار الأسد، وترفض الاعتراف بالانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة، لكن خبراء البنتاجون يساندهم مسئولون بريطانيون كبار فى الجيش البريطانى يرون أن بشار الأسد باعتباره عدواً ل«داعش» يمكن أن يكون صديقاً للإدارة الأمريكية على أساس أن عدو عدوى يصبح بالضرورة صديقى!
وثانيها: السعى إلى فض التحالف بين عشائر سنة العراق و«داعش»، من خلال حكومة عراقية جديدة تخلف حكومة نورى المالكى، تجتهد لاستيعاب سنة الوسط وتسعى مخلصة لإدماجهم فى الحياة السياسية، بحيث يمتنع على قوات «داعش» أن تجد ملاذاً آمناً داخل قرى السنة يحميها من القصف الأمريكى الجوى.
وثالثها: تشكيل تحالف دولى واسع يضم كل الأضداد، تشارك فيه بريطانيا وفرنسا وكردستان العراق وسوريا وقوى إقليمية أخرى مثل السعودية ودول الخليج، يمكن أن تقدم العون فى الحرب على «داعش».
فهل تنجح سياسات واشنطن فى فصل «داعش» عن عشائر السنة فى العراق؟ وهل تتمكن من إنجاز هذا التحالف الذى يضم كل الأضداد؟ وهل يقبل أوباما التنازل عن مطلب إبعاد بشار الأسد ليعقد تحالفاً معه ضد «داعش»؟ أسئلة لا تزال تنتظر إجابات حاسمة يجرى إعدادها الآن فى كواليس السياسة الأمريكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.