انتشرت هذه الأيام موجة جديدة يطلق عليها «أغانى الإفيهات»، ويصفها الموسيقيون بأنها أغانٍ قصيرة الأجل، لأنها تعتمد على نجاح لحظى ل«إفيه» من فيلم، أو برنامج، أو حتى تصريح لسياسى، أو جزء من أحد خطابات الرئيس، حيث يتم توظيف «الإفيه» داخل أغنية غالباً ما تكون ضعيفة المستوى، ولا تُرضى الذوق العام، وهذه الظاهرة الجديدة بدأت تنتشر فى الوسط الغنائى مؤخراً، وقد نسمع قريباً كلمات من نوع «هاتولى راجل»، و«أهلى وعشيرتى»، و«أحبوش»، و«لا أى اندهاش»، فى بعض الأغانى فى الفترة المقبلة. فى هذا التحقيق نرصد تأثير موجة أغانى «الإفيهات» على مستقبل الأغنية، وتأثير ذلك على الذوق العام. يقول الشاعر هانى عبدالكريم: «فى رأيى الشخصى أن الأغنية فكرة ومضمون فى الأساس، ومن الممكن أن يكون فيها (إفيه) غير مبتذل، كما أن (الإفيه) يُعتبر من (بهارات) الأغنية التى تلفت انتباه الناس سريعاً لسماعها، ولكن المشكلة أن بعض الشعراء يبنون الأغنية على (الإفيه) دون أى مضمون، وأصبحوا يتهافتون ويتسابقون لاختيار الكلمة (الإفيه) فى أغنياتهم، وكأن هناك سباقاً لمن يلحق أن يأخذ (الإفيه) ويكتبه فى أغنية حتى لا يسبقه شاعر آخر، وهذا ما أدى إلى تحول أغانى (الإفيهات) إلى مونولوجات كوميدية لحالة يعيشها الناس حالياً». أما المطرب والشاعر والملحن عزيز الشافعى، الذى قدّم عدداً من الأغانى بها «إفيهات» وحقّقت النجاح، فيرى أن الأغانى التى تعتمد على «الإفيه» فقط لا تعيش إلا أسبوعاً واحداً فقط، ولكن هناك بعض الأغانى التى تُبنى على أساس حالة معينة، ويضاف إليها «الإفيه» وتنجح وتستمر لفترة طويلة، أما عن موجة الإفيهات التى انتشرت مؤخراً، فسببها ما يحدث من الشعب المصرى بعد الثورة للخروج بطريقته من الأحداث ب«إفيهات» سياسية ورياضية وغيرها، على عكس الماضى حين كانت الأغنية «الإفيه» موجودة فى المسلسلات والأفلام فقط، إضافة إلى أن الأغنية «الإفيه» لافتة لغرابتها، وأصبحت تجذب جيل الشباب. ويتفق معه فى الرأى الملحن محمود الخيامى، الذى قام بتلحين عدد من الأغانى لكبار نجوم الوطن العربى، وكانت آخرها أغنية راغب علامة «أنا مابهزرش»، والعديد من الأغانى التى قد تعتمد على «الإفيه»، يقول: «الشعب المصرى دائماً يصنع النكتة و(الإفيه) من زمان، ولكن الموضوع أصبح ظاهرة [Image_3]اليوم، لأننا نعيش الآن حالة من الاكتئاب و(النكد) بسبب الأحداث السياسية، ولهذا يستثمر الشعراء الكوميديا السياسية التى تحدث هذه الأيام، وغباء السياسيين فى تصريحاتهم، كما أن أغنية (الإفيه) تعتبر أغنية شعبية، ولذلك تحقق النجاح سريعاً، والطريف أن العديد من نجوم اليوم يخافون من غناء هذا اللون الذى أصبح مسيطراً على سوق الغناء، ولم يعد أحد يشعر بأغانى النجوم، والدليل أنه لم تنجح أى ألبومات لنجوم كبار، مثل (عمرو دياب ومحمد حماقى وتامر حسنى وشيرين) فى آخر عامين لبعدهم عما يعيشه الناس الآن، ولو نتذكر ماذا فعل (عبدالحليم) عندما وجد أن (محمد رشدى وأحمد عدوية) أصبح لهما جمهور كبير بسبب نوعية الأغانى التى قدّماها، فاتجه (العندليب) إلى غناء نفس نوعية الغناء الشعبى، وقدّم (على حسب وداد)، وحقق نجاحاً كبيراً، ولكن نجوم اليوم لا يملكون الجرأة على تقديم أغانى (الإفيه)، رغم أنها الأقرب إلى الناس فى هذه الفترة».