الحقيقة أن الدكتور هشام قنديل رجل فاضل ولديه من دماثة الخلق ما يجعلك متحرجاً فى انتقاده.. لكن الواقع يؤكد يوماً بعد يوم أن أحد أخطاء الرئيس مرسى الكثيرة حتى الآن هو اختياره ل«قنديل» رئيساً لحكومته.. عندما جاء «قنديل» إلى موقعه ورغم عدم تفاؤل الكثيرين به فإن آخرين توسموا فيه الخير واعتقدوا أنه ربما يكون «القنديل» الذى سيضىء الظلام الدامس الذى يعيشه الرئيس مرسى منذ صعوده إلى سُدة الحكم، لكن الحقيقة تؤكد أن رئيس الوزراء لم يكن حتى «قنديل أم هاشم» بعد أن ازداد الظلام «حلكة» باختفاء السولار وانقطاع الكهرباء.. وحتى فشل مشروع «وطن نظيف» الذى لم يحققوه. الدكتور قنديل غيَّر شكل وزراء مصر الذى اعتدنا واعتادت مصر عليه طوال تاريخها، فهذا الرجل تراه دائماً على عكس توقعك فهو شديد التواضع، فتراه مرة ب«الترننج سوت» والكوتشى، أو تراه بقميص وبنطلون جينز، أو بدلة بدون كرافتة، وممكن أن تراه فى أى مكان وأى شارع أو على باب أى مسجد، يصافح هذا ويبتسم لهذا ويربت على كتف آخر فى ود شديد.. ربما هدوء «قنديل» وبشاشته تجعلانه يصلح لأى عمل أكاديمى آخر أو يكون رجل علاقات عامة أو حتى عمل اجتماعى، لكن أظن وكثيرون مثلى يعتبرون أن السياسة والكياسة هما أبعد ما يكون عنهما رئيس الوزراء.. وللأمانة فإن «قنديل» بارع فى شىء واحد هو عملية «التفقُّد» حيث يبادر «قنديل» دائماً بزيارات مفاجئة إما لأحد المخابز لمتابعة رغيف العيش أو يتفقد «التحرير» يومياً بعد ذهاب المتظاهرين عقب ليلة دامية من العراك والتراشق بين المتظاهرين والأمن، أو ربما يذهب لمكان عقار منهار لمواساة المنكوبين وأهالى الضحايا، وهذا تصرف يبدو عفوياً ومحموداً لا غبار عليه.. لكن الحقيقة أو غير المحمود أن السيد قنديل يغيب عن مصر أثناء ذكرى ثورة 25 يناير، رغم الأجواء المشحونة التى سبقت الذكرى، وكل مصرى كان يضع يده على قلبه مرعوباً مما قد يحدث.. وقد حدث. وطبعاً ذكرى الثورة معروفة مسبقاً ولم يطرأ على موعدها أى تعديل يجعله يتحجج بأن موعد سفره للخارج كان محدداً سلفاً، وكذلك فلم يكن لدى «قنديل» من الجرأة أو الشجاعة أن يذهب إلى بورسعيد ليتفقد الأوضاع هناك فى بلد أصبح منكوباً، ولم يصدر أى تعليق حكومى أو رئاسى بشأن إعلان دولة بورسعيد المستقلة، ولم يذهب «قنديل» لأى من مدن القناة «السويس أو الإسماعيلية وطبعاً بورسعيد» لمواساتها فى شهدائها أو قرار الطوارئ وحظر التجول، رغم أن هذه الأماكن كانت الأولى بزيارة «قنديل»، فضلاً عن مناطق حوادث القطارات المنكوبة.. وعلى رأى فيلم «استاكوزا» بأن «عباس العنتيل لم يعد عنتيلاً» فإن الدكتور هشام قنديل لم يكن ولم يعد «قنديلاً».