تتوجه أنظار العالم إلى جنوب أفريقيا حيث يوجد الزعيم نيلسون مانديلا بأحد المستشفيات في حالة خطرة ،على الرغم من أن التقارير تؤكد انه يعاني من التهاب رئوي ،لكن من الواضح أن عامل السن له تأثير ووفقا للبيان الذي صدر عن الرئاسة بجنوب أفرييا فإن حالة مانديلا الصحية مستقرة لكنها حرجة وكان مانديلا البالغ من العمر 94 عاما قد نقل إلى المستشفى بالعناية المركزة يوم السبت الماضي ،لتكون هذه هي المرة الثالثة التي يتعرض فيها لوعكة صحية خلال هذا العام ونظرا لشعبيته الجارفة تزايدت المطالب بتلاوة صلاة من أجله وبالفعل تلا المصلون في كنائس جنوب أفريقيا صلوات من أجل شفاء مانديلا واهتم مانديلا بمتابعة ما يحدث من حوله في العالم رغم تقاعده منذ سنوات والتفت بقوة إلى ثورة 25 يناير وباقي ثورات الربيع العربي حيث نشر رسالة وجهها للثوار بدأها بالاعتذار بالتدخل في الشأن الداخلي ،مشيرا إلى أنه وجد ان من واجبه توجيه النصح ولفت مانديلا إلى سنوات السجن التي قضاها ظلما وأنه عندما خرج وجه لنفسه سؤالا وجد انه ما يقلق الثوار حاليا حيث أنهم خرجوا لتوهم من سجنهم الكبير هو كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلا؟ مشيرا إلى أن إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم. وأضاف مانديلا أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التي تصلني عن تفاصيل الجدل السياسي اليومي في مصر وتونس تشي بأن معظم الوقت هناك مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظامين البائدين وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفي والإقصاء، كما يبدو لي أن الاتجاه العام عندكم يميل إلى استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة. ذاك أمر خاطئ في نظري،أنا أتفهم الأسى الذي يعتصر قلوبكم وأعرف أن مرارات الظلم ماثلة، إلا أنني أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من مجتمعكم قد يسبب للثورة متاعب خطيرة، فمؤيدو النظام السابق كانوا يسيطرون على المال العام وعلى مفاصل الأمن والدولة وعلاقات البلد مع الخارج. فاستهدافهم قد يدفعهم إلى أن يكون إجهاض الثورة أهم هدف لهم في هذه المرحلة التي تتميز عادة بالهشاشة الأمينة وغياب التوازن. أنتم في غنى عن ذلك، أحبتي. إن أنصار النظام السابق ممسكون بمعظم المؤسسات الاقتصادية التي قد يشكل استهدافها أو غيابها أو تحييدها كارثة اقتصادية أو عدم توازن أنتم في غنى عنه الآن عليكم أن تتذكروا أن أتباع النظام السابق في النهاية مواطنون ينتمون لهذا البلد، فاحتواؤهم ومسامحتهم هي أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة، ثم إنه لا يمكن جمعهم ورميهم في البحر أو تحييدهم نهائياً، ثم إن لهم الحق في التعبير عن أنفسهم وهو حق ينبغي أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة. أعلم أن مما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه التي كانت تنافق للنظام السابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة، لكن الأسلم أن لا تواجهوهم بالتبكيت إذا مجدوا الثورة، بل شجعوهم على ذلك حتى تحيدوهم وثقوا أن المجتمع في النهاية لن ينتخب إلا من ساهم في ميلاد حريته إن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير إنها سياسة مرة لكنها ناجحة. أرى أنكم بهذه الطريقة– وأنتم أدرى في النهاية- سترسلون رسائل اطمئنان إلى المجتمع الملتف حول الديكتاتوريات الأخرى أن لا خوف على مستقبلهم في ظل الديمقراطية والثورة، مما قد يجعل الكثير من المنتفعين يميلون إلى التغيير، كما قد تحجمون خوف وهلع الدكتاتوريات القائمة من طبيعة وحجم ما ينتظرها. تخيلوا أننا في جنوب إفريقيا ركزنا – كما تمنى الكثيرون- على السخرية من البيض وتبكيتهم واستثنائهم وتقليم أظافرهم؟ لو حصل ذلك لما كانت قصة جنوب إفريقيا واحدة من أروع قصص النجاح الإنساني اليوم. أتمنى أن تستحضروا قولة نبيكم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". ولد نيلسون مانديلا في 18 يوليو 1918 في قرية صغيرة بجنوب أفريقيا تسمي ميزو وكان والده زعيم القبيلة إلا انه توفي عندما كان صغيرا ،وتم انتخابه من قبل اهالي القرية ليخلف والده فتدرب على الزعامة منذ صغره ،وفي سن السابعة كان أول عضو بأسرته يذهب للمدرسة وأسماه معلمه "نيلسون "وهو الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب أفريقيا وأحد أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري التي كان يعاني منها سكان جنوب أفريقيا ويلقب مانديلا ب"ماديبا" وهو لقب قبلي يعني العظيم المبجل ويمنحه أهالي القرية لكل شخص يجدون فيه الصفات العظيمة ويعتبر مانديلا الزعيم الهندي مهاتما غاندي مصدر إلهامه حول نبذ العنف والمقاومة السلمية ومواجهة المصائب عندما وصل مانديلا 19 سنة انتقل إلى مدينة هيلد تاون ، ليدرس بكلية ويسليان في فورت بيوفورت، كما مارس رياضتي الملاكمة والجري. وحصل بعد ذلك على ليسانس الآداب في جامعة فورت هير،وفر مانديلا من قبيلته إلى جوهانسبرج ،ليعمل بالتعدين كعامل لكن بعد فترة أصبح موظفا ثم عمل بعد ذلك في المحاماه وبدا مانديلا في ممارسة العمل السياسي بعد أن لاحظ سياسة التمييز العنصري من قبل البيض الذين كانوا يسيطرون على الحكم في جنوب أفريقيا ،فقرر الانضمام إلى المجلس الإفريقي القومي الذي كان يدافع عن حقوق الأقلية السوداء في جنوبالسنغال عام 1942 وفي عام 1948 حصل الحزب القومي في الانتخابات العامة بجنوب أفريقيا ،وكان لهذا الحزب الذي يسيطر عليه البيض خطط وسياسات عنصرية ،ومنذ ذلك الحين أصبح مانديلا زعيما للمعارضة كان مانديلا في البداية يدعو للمقاومة الغير مسلحة ضد سياسات التمييز العنصري، لكن بعد إطلاق النار على متظاهرين عزل في عام 1960، وإقرار قوانين تحظر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة. وأصبح مانديلا قائدا للجناح العسكري في المجلس القومي الإفريقي ،وفي فبراير 1962 تم اعتقاله لمدة 5 سنوات بتهمة السفر غير القانوني والتحريض على الإضراب وفي عام 1964 حكم عليه بالسجن مدى الحياة بعد اتهامه بالتخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى ،ليصبح النداء بتحرير مانديلا رمزا لرفض سياسية التمييز العنصري وفي 10 يونيو 1980 تم نشر رسالة استطاع مانديلا أن يرسلها من السجن للمجلس القومي اففريقي قال فيها " اتحدوا وجهزوا وحاربوا فبين سندان التحرك الشعبي ومطرقة المقاومة سنسحق الفصل العنصري وفي عام 1985 عرض على مانديلا التحرير في مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة لكنه رفض ،وبقي في السجن حتى 11 فبراير 1990 ،حيث خرج بضغط من المجتمع الدولي على رئيس الجمهورية فريدريك ويليام دي كليرك ،الذي أعلن رفع الحظر عن المجلس القومي الإفريقي ،ليحصل بعدها مع مانديلا على جائزة نوبل للسلام عام 1992 وبعد خروجه من السجن تولى مانديلا رئاسة المجلس الإفريقي في الفترة من 1991 وحتى 1997 ،كما أصبح أول رئيس أسود لجمهورية جنوب أفريقيا عام 1994 وبعد أن أنهى فترة رئاسته تفرغ مانديلا منذ عام 1999 للعمل مع الجمعيات والحركات المنادية بحقوق الإنسان حول العالم ،كان له آراء عارضت الغرب في سياستهم حيال القضية الفلسطينية ،كما عارض بشدة سياسات الرئيس الأمريكي جورج دابيلو بوش وبعد ان بلغ سن 85 عاما في عام 2004 قرر مانديلا التقاعد وترك الحياة العامة ،بسبب صحته التي لا تسمح له بالتحرك والانتقال ،مفضلا قضاء المتبقي من عمره بين عائلتهوفي عام 2005 اختارته المم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة ،ووفي عام 2008 قرر الرئيس المريكي جورج بوش رفع اسم مانديلا من قائمة الإرهاب الخاصة بالولايات المتحدة بمناسبة عيد ميلاده