مفاجأة في أسعار الذهب اليوم 9-6-2024 بعد الارتفاعات الأخيرة    أسعار الفراخ والبيض اليوم 9 يونيو "خيالية".. الكل مصدوم    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    حزب الله ينفذ 11 عملية ضد إسرائيل في أقل من يوم    البحرية البريطانية: حريق شب في سفينة نتيجة قذيفة أطلقت من اليمن    مصرع 6 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب سيارة محملة بالعمالة بالبحيرة    اليوم .. طقس حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 36 درجة    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    أخبار غزة.. مسيرات تدد بمجزة النصيرات والاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدات جديدة    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    عاجل.. اتحاد الكرة يحسم مصير إمام عاشور من المشاركة أمام غينيا بيساو    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 ونيو 2024    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    طرح البرومو الدعائي لفيلم عصابة الماكس: في كل خطوة كمين (فيديو)    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    وزير الصحة يتفقد مستشفيي رأس الحكمة والضبعة المركزي بمطروح (صور)    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية القوانين سيئة السمعة
نشر في الجمعة يوم 17 - 06 - 2012

هؤلاء المشرعون وأساتذة القانون الذين سخروا علمهم وخبرتهم القانونية ضد الشعب وفى خدمة السلطان، القوانين سيئة السمعة هى تلك القوانين التى تصادر الحقوق السياسية للإنسان المصرى، وتفرض القيود على الحريات. تهدر المبادئ القانونية المستقرة فى التشريع المصرى وفى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتسهل للسلطة خرق الضمانات المنصوص عليها فى قانون الإجراءات الجنائية، وتُنشأ محاكم استثنائية، وتسمح بمحاكمة المواطن أمام قاضٍ غير قاضية الطبيعى، وتهدر درجات التقاضى، وتؤسس لسلطة الاستبداد وللدولة البوليسية, والقوانين سيئة السمعة قد تكون تعديلا فى مادة أو مواد فى قانون العقوبات أو قانون الإجراءات الجنائية، وقد تكون تشريعا مكتملا يضرب المنطق الذى يقوم عليه النظام القانونى ويطيح به تحت دعاوى مختلفة تروج دائما لأن الهدف من مثل هذه التشريعات حماية أمن الوطن والمواطن بين الهدف الحقيقى دوما كان، وسيظل حماية الحاكم واستبداده وتسلطه. وكثيرا ما يرتبط صدور مثل هذه القوانين والتشريعات بإنهاء حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية كما كانت تسمى قديما، وهى الحالة التى عاشت مصر فى ظلها على مدى المائة عام الأخيرة إلا قليلا، والتى سمحت بانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان فى مصر، راح ضحيتها آلاف المواطنين، وكانت هذه الانتهاكات سببا مباشرا من أسباب الثورة فى يناير 2011.
وإذا كان مصطلح القوانين سيئة السمعة وترزية القوانين قد ظهرا فى عصر الرئيس السادات واتسع نطاق استخدامهما فى عصر مبارك، فإن مصر عرفت هذا النوع من القوانين كما عرفت هؤلاء الترزية طوال تاريخها الحديث، ويبدو أن الأمر لم يتغير بعد ثورة 25 يناير 2011، وإننا مازلنا بحاجة إلى ثورة فى العقول وثورة فى الضمير لنتخلص من هذه الآفة البغيضة التى ترجع لسنوات بعيدة إلى الوراء. قبل أن تعرف مصر النظم الدستورية الحديثة كانت السلطات تباشر انتهاك حقوق الناس دون رادعٍ إلا من حركات الاحتجاج والانتفاضات الشعبية، ورغم بداية العصر الدستورى فى مصر فى عهد الخديو إسماعيل فقد شهد ذلك العصر قرارات نفى وإبعاد عن البلاد بحق عدد من المعارضين، كما شهد موجة من مصادرات الصحف السياسية التى واكبت صعود الحركة الوطنية المصرية، ربما كان أولها صحيفة وادى النيل التى أنشأها الشاعر عبد الله أبوالسعود سنة 1867، وقد أوقفتها الحكومة سنة 1872، وكان الخديو إسماعيل قد عطل قبلها جريدة نزهة الأفكار الأسبوعية التى أصدرها إبراهيم المويلحى بعد صدور عددين فقط من أعدادها، بناء على نصيحة شاهين باشا ناظر الجهادية، وكانت المصادرة مصيرا لعدد من الصحف التى صدرت فى عصر إسماعيل وتبنت خطا وطنيا معارضا. وفى عام 1881، أثناء الثورة العرابية، صدر قانون المطبوعات الذى يمنح لنظارة الداخلية حق إنذار الصحف وتعطيلها مؤقتا أو نهائيا دون حكم قضائى، وقد توقف بهذا القانون عام 1894، وبين عامى 1908 و1910 أصدرت حكومة بطرس باشا غالى، ومن بعدها حكومة محمد باشا سعيد مجموعة من التشريعات المقيدة للحريات العامة، وقد وجهت تلك التشريعات ضربات قاسية للحريات فى مجالات الصحافة والمسرح والشعر، بهدف محاصرة الحركة الوطنية المتصاعدة بعد حادثة دنشواى، فقد أدركت سلطات الاحتلال والخديوى والحكومة مدى تأثير الصحافة فى التحريض السياسى ضد الاحتلال وسياسته وضد الحكومة المنفذة لتعليماته وضد المواقف الجديدة للخديوى عباس حلمى الثانى الذى تحول من مصادمة الاحتلال إلى التحالف معه، كما لمس الجميع دور الفن والأدب فى شحن الوجدان الوطنى، ومن هنا كان إصدار الحكومة لتشريعات رقابية تقيد حرية الإبداع، وإحياء قوانين مهجورة للمطبوعات تسمح للحكومة بحبس الصحفيين، وتعديل مواد فى قانون العقوبات تحاسب الناس على نواياهم، ففى 25 مارس 1909 أعاد مجلس الوزراء العمل بقانون المطبوعات الصادر سنة 1881، وكانت حجة الحكومة فى عودة العمل بهذا القانون بعد توقف طويل، رغبة أبدتها الجمعية العمومية سنة 1902، وأخرى أبدها مجلس شورى القوانين سنة 1904، بوضع حد للقدح فى الأعراض الذى ينشر فى بعض الصحف.
ولم تمض أسابيع قليلة على إعادة قانون المطبوعات إلى الحياة إلا وكانت الحكومة قد بدأت فى ملاحقة الصحف والصحفيين بالمحاكمة والحبس والتعطيل والإغلاق، وكان النصيب الأكبر بالطبع لصحف الحزب الوطنى وصحفيها، وفى يوليو من نفس العام صدر قانون النفى الإدارى الذى كان يعطى السلطة الإدارية حق نفى من تره خطرا على الأمن العام إلى جهات نائية بالقطر المصرى.
وعندما تشكلت وزارة محمد باشا سعيد فى فبراير 1910 عقب جريمة اغتيال بطرس باشا غالى، واصلت إصدار التشريعات المعادية للحريات، فأصدرت فى يوم 16 يونيو من نفس العام قانونا يقضى بإحالة قضايا الصحافة إلى محاكم الجنايات بعد أن كانت من اختصاص محاكم الجنح، لأن الحكومة رأت أن محاكم الجنح تتهاون مع الصحفيين فى أحكامها، كما أن التعديل كان يسلب الصحفى حقه فى درجة من درجات التقاضى، مما يسهل مهمة الحكومة فى ملاحقة الصحافة الوطنية. كما أصدرت فى نفس اليوم قانونا آخر بتعديل قانون العقوبات يقضى بمعاقبة المتهمين بالاتفاق الجنائى حتى ولو لم يتوافر فيه ركن الاشتراك فى ارتكاب الجريمة، أى أنها شرعت محاكمة الناس على نواياهم وضمائرهم، الأمر الذى وصفه عبد الخالق باشا ثروت فى إحدى مرافعاته قائلا: «كان شديدا علينا يوم أن جر على البلاد ما فعله السفهاء من ضرورة سن قانون الاتفاقات الجنائية، ذلك القانون الاستثنائى الذى فى وجوده سبة على أمن الديار، وحجة دائمة على أننا دائما تحت خطر الاضطراب والهياج»، كما فرضت التعديلات قيودا على حرية الصحف فى نشر المرافعات فى القضايا الجنائية، وأقرت للمرة الأولى المسئولية الجنائية على مديرى الصحف بالنسبة لما ينشر فيها، حتى لو لم تتوافر أركان الاتفاق الجنائى فى وقائع النشر، وأضاف التعديل عقوبة جديدة لجريمة من أغرب الجرائم أسماها التهديد بالكتابة أو بالقول ولو لم يكن مقرونا بطلب، ويرى المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعى أن الغرض الحقيقى من وراء هذا التعديل الأخير كان معاقبة الشبان الوطنيين الذين كانوا يطوفون على أعضاء مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية، لدعوتهم لمناصرة الأمة فى مطالبها. كما وضعت الحكومة قانونا جديدا يقضى بإحالة تهم الصحافة إلى محكمة الجنايات بدلا من الجنح، كما عدلت نصوص قانون العقوبات لمعاقبة من ينشر المرافعات فى القضايا الجنائية، واعتبرت مديرى الصحف مسئولين بالاشتراك الجنائى عما ينشر فى صحفهم، وأكملت الحكومة تقييدها للحريات بوضع لائحة للمسارح تجرم تمثيل الروايات التى تدعو للحرية والاستقلال.
إذا كان هذا الحال مفهوما فى ظل السلطة المطلقة للاحتلال البريطانى فهل تغير الأمر بعد ثورة 1919 وصدور دستور 1923، لانتهاك الحريات بقية.
نقلا عن الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.