طرح 3 أصناف من تقاوي الذرة أمام المزارعين بالوادي الجديد    واشنطن تبلغ تل أبيب بقرار هام بشأن التصعيد مع حزب الله    نجم منتخب فرنسا يتعرض لإصابة قوية قبل يورو 2024    حيثيات محكمة النقض بإلغاء إدراج أبوتريكة وآخرين بقوائم الإرهاب    شهيد الشهامة في الشرقية، أنقذ أطفالا وغرق في المياه    إقبال جماهيري كبير لحفل آمال ماهر بالكويت (فيديو)    مفوضية الأمم المتحدة تحتفل باليوم العالمي للاجئين.. وتؤكد أن مصر أوفت بإلتزاماتها    النمسا.. 29 سبتمبر موعدا لإجراء انتخابات البرلمان    كين: منتخب إنجلترا يشارك فى يورو 2024 لصناعة التاريخ ولكن الطريق صعب    البيت الأبيض: نعمل على خطة ملموسة لاستخدام الأصول الروسية لصالح كييف    موعد التقديم للالتحاق بمدرسة مياه الشرب بمسطرد في القليوبية 2024    يورو 2024| البرتغال تبحث عن إنجاز جديد في عهد رونالدو «إنفوجراف»    بديلا ل ناتشو.. نجم توتنهام على رادار ريال مدريد    «التايمز 2024»: جامعة طنطا ال4 محليًا.. وبالمرتبة 66 عالميًا في «الطاقة النظيفة بأسعار معقولة»    «رحلة عزيزة».. انطلاق احتفالية «حماة الوطن» بذكرى دخول العائلة المقدسة أرض مصر    جهود مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثتين فى المعادى    عمال مصر: مؤتمر الأردن سيشكل قوة ضغط قانونية وسياسية على إسرائيل    سارة عبدالرحمن تشارك في فيلم المصيف إخراج سليم العدوي (خاص)    «العناني»: مصر تتميز بمقومات أثرية وتاريخية تجعلها قبلة للسياح الأجانب    أحمد جمال سعيد يستعد لتصوير مسلسل «وتر حساس» (تفاصيل)    رئيس هيئة دعم فلسطين: تقرير الأمم المتحدة دليل إدانة موثق على جرائم الاحتلال    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    وكيل «صحة الشرقية» يتابع التشغيل التجريبي لوحدة تفتيت الحصوات بمستشفى كفر صقر    5 فئات ممنوعة من تناول لحمة الرأس في عيد الأضحى.. تسبّب مخاطر صحية خطيرة    الانفصال الأسرى زواج مع إيقاف التنفيذ    وزير الاقتصاد الألماني يعول على المفاوضات لتجنب فرض عقوبات جمركية على الصين    الأطفال يطوفون حول الكعبة في محاكاة لمناسك الحج بالبيت المحمدي - صور    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة يتم وفقا للمعايير الدولية    أكاديمية الشرطة تناقش الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع    بقيادة رونالدو.. 5 نجوم يخوضون كأس أمم أوروبا لآخر مرة في يورو 2024    الهروب من الحر إلى شواطئ مطروح قبل زحام العيد وارتفاع نسب الإشغال.. فيديو    أسعار فائدة شهادات البنك الأهلي اليوم الاربعاء الموافق 12 يونيو 2024 في كافة الفروع    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    الدنماركي بريسك يخلف سلوت في تدريب فينورد    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    راية أوتو تطلق سيارات إكس بينج الكهربائية لأول مرة في مصر    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    اتحاد الكرة يرد على رئيس إنبى: المستندات تُعرض أثناء التحقيق على اللجان وليس فى الواتساب    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    "يورو 2024".. البرنامج الكامل من الافتتاح حتى النهائي    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    هيئة الدواء تعلن تشكل غرفة عمليات لمتابعة وضبط سوق المستحضرات الطبية في عيد الأضحى    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    رئيس الأركان يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي بالمنطقة الشمالية    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    مسؤول إسرائيلى: تلقينا رد حماس على مقترح بايدن والحركة غيرت معالمه الرئيسية    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    رئيس جامعة أسيوط يفتتح صيدلية التأمين الصحي لمرضى أورام الأطفال    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    «الخدمات البيطرية» توضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    نجم الأهلي السابق: مجموعة منتخب مصر في تصفيات كأس العالم سهلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تنشغل بعيوب الناس
نشر في الفجر يوم 18 - 09 - 2012

لو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس ؛ لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أولا وسيسأل عنها قبل غيرها، وقد قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}... (المدثر:38). وقال: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}.. (الإسراء : 15). وقال سبحانه : {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.. (الأنعام : 164).

قال الشاعر:
المرء إن كان عاقلا ورعا أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم أشغله عن وجع الناس كلهم وجعه

وإذا كان العبد بهذه الصفة مشغولا بنفسه عن غيره ارتاحت له النفوس، وكان محبوبا من الناس، وجزاه الله تعالى بجنس عمله، فيستره ويكف ألسنة الناس عنه، أما من كان متتبعا عيوب الناس متحدثا بها مشنعا عليهم فإنه لن يسلم من بغضهم وأذاهم، ويكون جزاؤه من جنس عمله أيضا؛ فإن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته.

يقول الشاعر:
لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا فيهتك الله ستراً عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ولا تعب أحداً منهم بما فيكا

وقد يكون انشغال العبد بعيوب الناس والتحدث بها بمثابة ورقة التوت التي يحاول أن يغطي بها عيوبه وسوءاته، فقد سمع أعرابي رجلا يقع في الناس، فقال: "قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس؛ لأن الطالب لها يطلبها بقدر ما فيه منها".

يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم حفظه الله تعالى: [والشخص الذي يرى صورة نفسه صغيرة جداً تجده دائماً يضخم عيوب الآخرين، ولذا تبرز شخصية الإنسان من خلال نصيبه من هذه القضية، فإذا عُرف بأنه مشغول بتضخيم عيوب الآخرين والطعن في الناس، فهذه مرآة تعكس أنه يشعر بضآلة نفسه وبحقارتها وأن حجم نفسه صغير؛ لأنه يعتقد أنه لن ينفتح إلا على أنقاض الآخرين، فدائماً يحاول أن يحطم الآخرين، ولذا يكثر نقد الناس وذكر عيوبهم، وهذه مرآة تعكس أن إحساسه وثقته بنفسه ضعيفة، وأنه في داخل نفسه يحس أنه صغير وحقير، فلذلك يشتغل بعيوب الآخرين. يقول عون بن عبد الله رحمه الله: لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة قد غفلها عن نفسه. وعن محمد بن سيرين رحمه الله تعالى قال: كنا نحدث أن أكثر الناس خطايا أفرغهم لذكر خطايا الناس. وكان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول: كفى بالمرء إثماً ألا يكون صالحاً، ثم يجلس في المجالس ويقع في عرض الصالحين. وقال ابو عاصم النبيل: لا يذكر الناس فيما يكرهون إلا سفلة لا دين لهم].

وقال بكر بن عبد الله: " إذا رأيتم الرجل موكّلا بعيوب الناس، ناسيا لعيوبه فاعلموا أنه قد مُكِرَ به".

والإنسان لنقصه يتوصل إلى عيب أخيه مع خفائه، وينسى عيب نفسه مع ظهوره ظهورا مستحكما لا خفاء به.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينه".

قبيح من الإنسان أن ينسى عيوبه ويذكر عيبا في أخيه قد اختفى
ولو كان ذا عقل لما عاب غيره وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى

إن الانشغال بعيوب الناس يجر العبد إلى الغيبة ولابد، وقد عرفنا ما في الغيبة من إثم ومساوىء يتنزه عنها المسلم الصادق النبيل.

كما أن الانشغال بعيوب الناس يؤدي إلى شيوع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع ، فحين يتكلم المرء في الناس فإنهم سيتكلمون فيه ، وربما تكلموا فيه بالباطل

إذا أنت عبت الناس عابوا وأكثروا عليك، وأبدوا منك ما كان يُسترُ

وإذا رجعت إلى السلف الصالح رضي الله عنهم لوجدت منهم في هذا الباب عجبا؛ إذ كانوا مشغولين بعيوب أنفسهم عن عيوب غيرهم، بل ينظرون إلى أنفسهم نظرة كلها تواضع مع رفعتهم وعلو شأنهم رضي الله عنهم، بل كانوا يخافون إن تكلموا في الناس بما فيهم أن يبتلوا بما ابتلي به الناس من هذه العيوب كما قال الأعمش: سمعت إبراهيم يقول: "إني لأرى الشيء أكرهه، فما يمنعني أن أتكلّم فيه إلا مخافة أن أُبتلى بمثله".

وبالإضافة إلى هذا كانوا يوقنون ويعملون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

وقد لقي زاهد زاهداً فقال له: يا أخي! إني لأحبك في الله، فقال الآخر: لو علمتَ مني ما أعلم من نفسي لأبغضتني في الله، فقال له الأول: لو علمتُ منك ما تعلم من نفسك لكان لي فيما أعلم من نفسي شغل عن بغضك.

فيا أيها الحبيب لك في نفسك شغل عن عيوب غيرك ؛ ففيك أضعاف أضعاف ما تراه في الآخرين ، فلا تفتح على نفسك باب الغيبة وسوء الظن وهتك أستار الناس بالانشغال بعيوبهم ، ولا تفتح على نفسك باب شر لا يسد بالكلام عن الناس فيتكلموا عنك:
متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم عيوبا ولكن الذي فيك أكثر
فسالمهم بالكف عنهم فإنهم بعيبك من عينيك أهدى وأبصر

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.