دخول جامعة العريش لأول مرة تصنيف THE العالمي لمؤسسات التعليم العالي    لطلاب الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بالكلية العسكرية التكنولوجية ونظام الدراسة    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    بنك مصر و"سي آي كابيتال" يحصدان 19 جائزة ومركزًا متميزًا عن أفضل العمليات التمويلية والاستثمارية    مستشار الأمن القومي الأمريكي: سنعمل مع مصر وقطر لسد الفجوات في اقتراح الهدنة    أبو الغيط يدعو إلى هدنة فورية في السودان خلال عيد الأضحى المبارك    بروكسي ل في الجول: تفاجئنا بموعد مواجهة الزمالك في الكأس.. ولاعبون انتهت عقودهم    معسكرات داخلية وخارجية للاتحادات الرياضية استعدادا لأولمبياد باريس    ريال مدريد يختار موعد تقديم مبابي    الثانوية العامة 2024..غياب 6 طلاب فى اليوم الثاني ولا شكاوي من الامتحانات بالوادي الجديد    عقب تبادل إطلاق النار مع الأمن .. تفاصيل مقتل عناصر إجرامية خطيرة في أسيوط    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب توك توك بالدقهلية    انطلاقة مبكرة لموسم عيد الأضحى السينمائي.. المنافسة تبدأ الليلة    بالتزامن مع موسم الصيف وعيد الأضحى..محمد الشرنوبي يطرح "إستغنينا"    استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    اتحاد الكرة يرد على تصريحات رئيس إنبي    ضبط تشكيل عصابي انتحل صفة ضباط شرطة بأكتوبر    "يورو 2024".. بطولة تحطيم الأرقام القياسية    وزير الخارجية الأمريكي: لن نسمح لحماس بتقرير مصير غزة بعد انتهاء الحرب    وزارة الصحة تتابع مشروع تطوير مستشفى معهد ناصر وتوجه بتسريع وتيرة العمل    يورو 2024| ألمانيا يبدأ المغامرة وصراع ثلاثي لخطف وصافة المجموعة الأولى.. فيديوجراف    السبت أم الأحد..الإفتاء تحدد موعد وقفة عرفة رسميًا    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    البنك الأهلي يحصل على شهادة ISO 9001 في الامداد اللوجيستي من المواصفات البريطانية    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    مجدي البدوي: «التنسيقية» نجحت في وضع قواعد جديدة للعمل السياسي    المدارس المصرية اليابانية: تحديد موعد المقابلات الشخصية خلال أيام    حملات مكثفة بالإسكندرية لمنع إقامة شوادر لذبح الأضاحي في الشوارع    7 نصائح للوقاية من مشاكل الهضم في الطقس الحار    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    10 آلاف طن يوميًا.. ملياردير أسترالي يقترح خطة لإدخال المساعدات إلى غزة (فيديو)    "سيبوني أشوف حالي".. شوبير يكشف قرارا صادما ضد محترف الأهلي    مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح: إسرائيل تواصل تعنتها وتمنع دخول المساعدات لغزة    وفاة الطفل يحي: قصة ونصائح للوقاية    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    إصابة 3 طلاب في الثانوية العامة بكفرالشيخ بارتفاع في درجة الحرارة والإغماء    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    مسؤول إسرائيلى: تلقينا رد حماس على مقترح بايدن والحركة غيرت معالمه الرئيسية    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيارات الغرب للتعامل مع موسكو بعد ضم القرم
نشر في صدى البلد يوم 20 - 03 - 2014

يمثل ضم روسيا لشبه جزيرة القرم إلى أراضيها بعد يوم من إعلان استقلالها عن أوكرانيا، نقطة تحول إستراتيجية في العلاقات بين الشرق والغرب منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، ويدشن البداية الحقيقية لفترة الحرب الباردة الثانية، إذ وقع الرئيس فلاديمير بوتين معاهدة تاريخية ألحقت القرم بروسيا.
على أن تدخل على الفور حيز التنفيذ، متحديا العقوبات الغربية التى تم إعلانها ضد موسكو، وبعد خطاب في قصر الكرملين وصفه محللون غربيين بأنه يمثل المشكلة الجيوسياسية الأكثر أهمية منذ الحرب الباردة، وقع بوتين مع قادة القرم الجدد الموالين لروسيا اتفاقا يؤيد انضمام منطقتين جديدتين إلى روسيا الاتحادية، هما القرم ومدينة سيباستوبول التي تتمتع بوضع خاص فى شبه الجزيرة.
والواقع أنه منذ اندلاع الأزمة السياسية في أوكرانيا والتي أطاحت برئيسها فيكتور يانوكوفيتش وموسكو مصممة على التدخل بقوة في هذه المنطقة رغم التحذيرات والتهديدات الأمريكية والأوروبية لها من مغبة التدخل العسكري في منطقة تعتبرها واشنطن إحدى مناطق نفوذها لمواجهة المد الروسي.
وثمة دوافع حقيقية وراء ضم بوتين لشبه جزيرة القرم، أول الدوافع، أهميتها الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية بالنسبة للأمن القومي الروسي على المديين القصير والبعيد، لأنها توفر لها موطئا على البحر الأسود والبحر المتوسط القريب، فيما تشكل أوكرانيا عنصرا رئيسيا في طموحات بوتين لإعادة بناء تحالف ما بعد الاتحاد السوفيتي قادر على منافسة الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي معا.
وأما الدافع الثاني، فيتمثل في نظرة القادة الروسيين إلى عملية انهيار الاتحاد السوفيتي السابق بأنها كارثة جيوسياسية كبيرة، وبالتالي فبوتين يسعى إما لإعادة إحياء الاتحاد أو إلى "روسيا أعظم"، مما يتطلب توسعها لتضم شبه جزيرة القرم، وربما لتضم جنوبي وشرقي أوكرانيا على حد سواء.
ولكن طموحات الدب الروسي الأبيض في تقوية نفوذه انهارت بإسقاط حليفه فيكتور يانوكوفيتش رئيس الوزراء الأوكراني السابق، وبذلك خرجت أوكرانيا من فلك الكرملين بعد أن عبرت الحكومة الجديدة في كييف بوضوح عن إرادتها إخراج البلاد من التبعية لموسكو وتقريبها من الغرب.
خيارات المشهد السياسي:
أمام هذا المشهد السياسي المعقد، بعد قرار الضم الروسي لشبه جزيرة القرم، باتت خيارات الغرب في التعاطي مع روسيا بوتين، متعددة ومتنوعة وإن كان الخيار العسكري مستبعدا، بعد أن دخلت العلاقات الغربية الروسية في منعطف الحرب الباردة الثانية، ومن هذه الخيارات:
أولا: خيار العقوبات الاقتصادية والتشكيك في جدواها: بعد قرار الضم الروسي لشبه جزيرة القرم، صدرت قرارات لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعقوبات اقتصادية شملت مسؤولين روسا وأوكرانيين بالمنع من دخول دول الاتحاد وأمريكا وتجميد أموالهم، بل إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما استخدم ما هو أكثر من التهديد بالعقوبات الاقتصادية، إذ هدد بعزل روسيا دولياً، ولم تقف موسكو مكتوفة الأيدي تجاه هذه التصريحات والقرارات الأوروبية والأمريكية، إذ صرح أليكس لنغاتشيف نائب وزير الاقتصاد الروسي بأن بلاده ستفرض عقوبات اقتصادية على الاتحاد الأوروبي وأمريكا إذا ما نفذا العقوبات الاقتصادية، وأنه يفضل أن تكون العقوبات سياسية.
ولكن السؤال المطروح هو: هل ستكون آلية العقوبات الاقتصادية ناجعة في التعامل مع روسيا؟
إن العقوبات الغربية على روسيا ستجعل موسكو تدفع بثقلها نحو المحور الآسيوي، وقد تسرع في بذل الجهود الرامية إلى تعزيز علاقاتها الصناعية والاقتصادية في آسيا، وخاصة مع الصين.
كما قد تستفيد روسيا من التجربة الإيرانية الطويلة في مواجهتها للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي وأمريكا، ولكن هل ستنتهج روسيا سياسة إيران نفسها وهي "النفط الرخيص"، بحيث تسوق نفطها لدى آخرين مثل الصين والهند ودول آسيوية أخرى بسعر منخفض؟ الملاحظ أن أسواق النفط العالمية لم تتأثر بشكل كبير بالأزمة الأوكرانية، وذلك بسبب استمرار الطلب على النفط في الدول الصاعدة.
وقد يساعد روسيا على هذا الأمر عضويتها في مجموعة بريكس للاقتصادات الصاعدة والتي تضم أيضا البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا، إذ يستهدف هذا التجمع زيادة التعاملات الاقتصادية والتجارية بين أعضائه، وبالنظر إلى وجود أزمة الطاقة لدى الدول الصاعدة فسيكون من السهل على روسيا تسويق نفطها لديه.
وإذا كان من السهولة بمكان أن تصعد أمريكا عقوباتها الاقتصادية على روسيا بسبب ضآلة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، فإن الوضع في الاتحاد الأوروبي مختلف، إذ إن الروابط الاستثمارية والمصالح الاقتصادية المتبادلة أعمق، فهناك شركات أوروبية عديدة تعمل في السوق الروسية حيث تنشط فيها 6000 شركة ألمانية، كما قدرت الوظائف المرتبطة بعلاقات ألمانيا بروسيا اقتصاديا بنحو 400 ألف وظيفة. ولكن في حالة تصعيد هذه العقوبات بحيث تؤثر على طبيعة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى، فإن اقتصاد الطرفين لا شك أنه سيتضرر.
ثانيا: خيار الدعم الأوروبي والغربي لأوكرانيا: إذ يتوقع المراقبون أن يبرم الاتحاد الأوروبي والقادة الأوكرانيين في بروكسل في الأيام المقبلة الشق السياسي لاتفاق الشراكة بين الاتحاد وأوكرانيا والذي أدت العودة عنه في نوفمبر الماضي إلى انطلاق حركة الاحتجاجات التي آلت إلى عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، كما سيبحث الغربيون خطة مساعدة للاقتصاد الأوكراني الضعيف من أجل مقاومة تعليق القرض الكبير الذي وعدت موسكو بتوفيره.
ومن ناحية أخرى، فإن الغرب الذي يريد مساعدة حلفائه في حكومة أوكرانيا المؤقتة في الفوز بالانتخابات العامة في 25 مايو المقبل لابد أن يتحول في استراتيجياته من تطبيق سياسة التقشف على أوكرانيا إلى تذكير صندوق النقد الدولي بأن الأولوية القصوى لابد أن تكون للاستقرار السياسي، وليس مجموعة من الإصلاحات الطارئة المثيرة للجدال، لأن صندوق النقد الدولي سعى طويلا لفرض مجموعة من "الإصلاحات" الاقتصادية على أوكرانيا، مثل خصخصة معاشات التقاعد، التي تم تنفيذها قبل ذلك في بلدان أخرى ولم تنجح.
وينبغي لصندوق النقد الدولي والحكومات الغربية منح أوكرانيا فرصة لالتقاط الأنفاس، ويتعين على المؤسسات المالية الدولية حينئذ أن تحول انتباهها إلى صياغة حزمة مساعدات لا تتطلب ضبط الميزانية على حساب الفقراء. فبدلا من خفض إعانات دعم الاستهلاك، يستطيع صندوق النقد الدولي أن يساعد أوكرانيا لتحسين عملية تحصيل الضرائب.
ومن هنا يمكن القول إن إستراتيجية الغرب في التعامل مع أوكرانيا تتلخص في تحفيز الاقتصاد الأوكراني حتى انتخابات مايو ثم التفاوض على حزمة إصلاحات مع الحكومة التي ستأتي بها الانتخابات.
ثالثا: خيار الضربة العسكرية: وهذا الخيار مستبعد، ليس فقط بسبب الاستراتيجية الأمريكية الجديدة والتوجه نحو آسيا لمواجهة القوى الآسيوية الصاعدة بقوة اقتصاديا وسياسيا، وإنما بسبب المشكلات التي يواجهها حلف الناتو على خلفية الانتقاد الأوروبي الواضح للموقف الأمريكي منذ بداية الأزمة، إذ اعتبر عدد من الحلفاء الأوروبيين أن سياسة أمريكا المتهورة هى التي دفعت بالمعارضة الأوكرانية إلى الانقلاب على اتفاق 25 فبراير وبالتالي قادت للمواجهة المباشرة مع روسيا في القرم، وها هي سياسة واشنطن تدفع أوروبا إلى جحيم حرب جديدة على غرار الحرب اليوجوسلافية خلال التسعينيات أو على الأقل ظهور دولة جديدة في القرم تابعة لروسيا.
وفي النهاية كانت واشنطن ترى أن الأزمة الأوكرانية فرصة ذهبية للدفاع عن مصالحها عبر استعادة النفوذ على الحدود الغربية لروسيا وتعطيل مشروعات الغاز الروسي العملاقة في شرق أوروبا ودفع دول المنطقة المجاورة إلى التراجع عن التودد إلى موسكو والعودة لحضن البيت الأبيض الدافيء، ولكن أوباما لم يضع فى حساباته أن الدب الروسي لن يسمح بجرج كرامته وتهديد مصالحه في منطقة البحر الأسود خاصة وأنه يدرك جيدا أن أمريكا ليست هي أمريكا التسعينيات المبادرة والقوية بل أمريكا ضعيفة استراتيجيا في مشاكل الشرق الأوسط.
ويبقى تفضيل أحد الخيارات على الآخر أو الأخذ بأكثر من خيار في وقت واحد مرهون بطبيعة ومعطيات البيئة الدولية والمصالح الاستراتيجية لكل أطراف الأزمة من جهة، ومصالح القوى الآسيوية الأخرى من جهة ثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.