البابا تواضروس يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى    برلماني: تنسيقية شباب الأحزاب نجوم ساطعة في مصر    بتخفيض50% لأبناء العاملين.. "التعليم" تحدد قيمة المصروفات الدراسية 2025| مستند    الرئيس السيسى يهنئ الملك تشارلز الثالث بذكرى العيد القومى    مدبولي يشهد توقيع عقود مشروعات في إدارة وتشغيل الموانىء .. بعد قليل    البورصة تستقبل أوراق قيد شركة بالسوق الرئيسى تعمل بقطاع الاستثمار الزراعى    محافظ الغربية يتفقد مشروعات الرصف والتطوير المقترح في جولة ببسيون    الهجرة: نسعى لتأهيل وتدريب الشباب للعمل في أوروبا وخلق الفرص البديلة    تنفيذ أعمال رفع الكفاءة وتطوير الطرق بمدن الشروق وبني سويف وأخميم والمنيا الجديدة    عقب إطلاق 100 صاروخ من لبنان..الجيش الإسرائيلي يشن سلسة غارات جوية على الجنوب    مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح: إسرائيل تواصل تعنتها وتمنع دخول المساعدات لغزة    نقابة الصحفيين المصريين توقع بروتوكول مع نظيرتها الفلسطينية    العمل العربية: الجرائم التي ترتكب في حق أطفال غزة وصمة على جبين المجتمع الدولي    خبير علاقات دولية: مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة جاء في توقيت مهم    مدرب جنوب إفريقيا يعلن إصابة بيرسي تاو    مدرب برشلونة يحرض كيميتش ضد بايرن ميونخ    دورة الترقى المؤهلة للدورى تدخل أيامها الحاسمة.. حرس الحدود في ضيافة السويس من أجل الاقتراب خطوة مهمة نحو التأهل.. الترسانة في مواجهة نارية مع سبورتنج للحفاظ على الآمال    تأكد غياب لاعب وسط ألمانيا عن لقاء الافتتاح    يورو 2024 - كليمون توربان حكما للافتتاح بين ألمانيا واسكتلندا    بيطري المنيا يضبط نصف طن لحوم غير صالحة بالأسواق    وفاة شاب من كفر الشيخ أثناء أداء فريضة الحج    إصابة شخصين في حريق منزل بالبارودية بالفيوم    مازن الغرباوي يجري البروفات النهائية ل"انتحار معلن"    ل برج الأسد والحمل والقوس.. ماذا يخبئ شهر يونيو 2024 لمواليد الأبراج الترابية؟    قبل رفعها من دور العرض.. الإيرادات الإجمالية لأفلام موسم عيد الفطر السينمائي    بدأ مشوار الشهرة ب«شرارة».. الفنان الراحل محمد عوض «فيلسوف» جذبه الفن    حقيقة وفاة طفل أثناء أداء مناسك الحج    رئيس جامعة أسيوط يفتتح صيدلية التأمين الصحي لمرضى أورام الأطفال    الصحة تنظم ورشة عمل لتعزيز قدرات الإتصال المعنية باللوائح الصحية الدولية    تنظيم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة في بني مزار بالمنيا    وكيل «صحة الشيوخ»: الرئيس السيسي وجه تحذير للعالم من مغبة ما يحدث في غزة    دعاء رد العين نقلا عن النبي.. يحمي من الحسد والشر    رئيس الأركان يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي بالمنطقة الشمالية    أبرزهم راقصي السامبا.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    رئيس إنبي: سنحصل على حقنا في صفقة حمدي فتحي "بالدولار"    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    مدبولي يتابع جهود توطين صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات    تدريب وبناء قدرات.. تفاصيل بروتوكول تعاون بين مركز التدريب الإقليمي للري والمعهد العالي للهندسة بالعبور    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    عصام السيد يروي ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    عاشور يشارك في اجتماع وزراء التعليم لدول البريكس بروسيا    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    احتفالًا بعيد الأضحى.. السيسي يقرر العفو عن باقي العقوبة لهؤلاء -تفاصيل القرار    البورصة: مؤشر الشريعة الإسلامية يضم 33 شركة بقطاعات مختلفة    «متحدث الصحة» يكشف تفاصيل نجاح العمليات الجراحية الأخيرة ضمن «قوائم الانتظار»    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    غياب أسرة سفاح التجمع الخامس عن جلسة محاكمته    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    المجتمعات العمرانية تحذر من إعلانات عن كمبوند بيوت في المنصورة الجديدة: لم يصدر له قرار تخصيص    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    مسئول أمريكي: رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار يحمل استفسارات    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضويني: منتدى «اسمع وتكلَّم» سلسلة أزهرية مهمة لحماية الشباب من حملات الاستقطاب الفكري
نشر في صدى البلد يوم 08 - 05 - 2024

أكد فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أن النسخة الثالثة من ملتقى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بعنوان «اسمعْ وتكلَّمْ» تمثل حلْقةً جديدة في سلسلةٍ متَّصلةٍ بدأت نسختُها الأولى في شهرِ مايو عام 2018م، وتتأكَّدُ أهميَّةُ هذا الملتقى في ظلِّ عالمٍ مشحونٍ باشتباكاتٍ فكريَّةٍ، واستقطابٍ حادٍّ، ومحاولاتٍ مستميتةٍ لتدميرِ دولٍ وشعوبٍ باستخدامِ أساليبَ متنوِّعةٍ، تستهدفُ المادَّةَ الصُّلبةَ للوطنِ، وهم الشَّبابُ، وتسعى إلى قطعِ الشَّبابِ عن عقيدتِهم، وتاريخِهم، وهويَّتِهم.
وأضاف وكيل الأزهر، اليوم الأربعاء، خلال كلمته بالملتقى الذي عقد بمركز الأزهر للمؤتمرات، أنه وإذا كانَ لكلِّ أمَّةٍ ثروةٌ تعتزُّ بها، ورصيدٌ تدَّخرُه لمستقبلِها وقوَّةٌ تبني عليها مجدَها ونهضتَها، فإنَّ في مقدِّمةِ هذه الثَّروةِ الشَّبابَ الَّذي يعدُّ الدُّعامةَ الأساسيَّةَ في المجتمعِ، والثَّروةَ الحيَّةَ الحقيقيَّةَ فيه، والأملَ المرتجى على الدَّوامِ. وإنَّ مِن مظاهر التَّحضُّرِ والرُّقيِّ لدى الأممِ أن تُعنى بالشَّبابِ، وأن تهيِّئَ لهم ما يجعلُهم رجالًا أكفاءَ أقوياءَ تقومُ الأوطانُ على سواعدِهم.
وقال فضيلته إن عنوان الملتقى يُنبِّه الجميعَ إلى مهارةٍ حياتيَّةٍ أوشكت أن تُفقدَ من حياةِ النَّاسِ على اختلافِ درجاتِهم ومستوياتِهم، وهي مهارةُ الكلامِ والاستماع؛ وعلومُنا الأزهريَّةُ تخبرُنا أنَّ الكلامَ هو اللَّفظُ المفيدُ على حدِّ تعبيرِ جمالِ الدِّينِ ابنِ مالكٍ في قولِه: كلامُنا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ *** وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ.
وأشار وكيل الأزهر إلى أنَّ الكلامَ ليس مجرَّدَ حركةِ اللِّسانِ في فمِ الإنسانِ، فما أكثرَ المتكلِّمين إذًا، وإنَّما الكلامُ الَّذي نعنيه هو على حدِّ قولِ الحسنِ البصريِّ رحمه الله تعالى: «لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ تَفَكَّرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ، فَإِنْ هَمَّ بِالْكَلامِ تَكَلَّمَ لَهُ وَعَلَيْهِ»، وهو المعنى هو الَّذي اختصره الأخطلُ في قولِه: إِنَّ الْكَلَامَ لفي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا *** جُعلَ اللِّسَانُ على الْفُؤَادِ دَلِيلًا
وتابع فضيلته أن وراءَ الكلامِ قلبٌ يَقِظٌ والألسنةُ مغارفُ، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ووراءَ الكلامِ عقلٌ مدركٌ لمعاني الكلامِ ومراميه، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ومع الكلامِ إدراك لزمانِ الكلامِ ومكانِه، أو هكذا يجبُ أن يكون، وأيَّ متكلِّمٍ لو راعى مثل هذه الضَّوابطِ قبل أن ينطلقَ لسانُه بما يعرفُ وما لا يعرفُ، وبما ينفعُ وما لا ينفعُ لتخلَّى عن كثيرٍ من الكلامِ، ولجنَّبَ مجتمعاتِنا وشبابَنا ويلاتِ الانحرافِ الفكريِّ والأخلاقِّي.
وبين فضيلته أن الاستماع كذلك له آدابُه الَّتي تنتجُ مع آدابِ الكلامِ حوارًا إيجابيًّا راقيًا، وعنوان لقائنا اليوم «اسمعْ وتكلَّمْ» وليس «تكلَّمْ واسمعْ» فالأصلُ أن تسمعَ أوَّلًا، وأن تتعلَّمَ أولًا، وأن تفهمَ أوَّلًا ثمَّ تتكلَّم فيأتي الكلامُ مستندًا إلى ركنٍ ركينٍ من العلمِ والفهمِ والحكمةِ والأدبِ.
واستشهد وكيل الأزهر بواقعة من السيرة النبوية قبلَ ألفٍ وأربعِ مئةِ سنةٍ يوم أن قامَ عتبةُ بنُ ربيعةَ في أصحابِه الَّذين يصدُّون النَّاسَ عن دعوةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ويبذلون في ذلك ما يستطيعون؛ فقال لهم: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا أَقُومُ إلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمَهُ وَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُورًا لَعَلَّهُ يقبلُ بعضَها فَنُعْطِيهِ أَيَّهَا شَاءَ، وَيَكُفُّ عَنَّا؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا أَبَا الْوَلِيدِ، قُمْ إلَيْهِ فكلمْه؛ فَقَامَ إلَيْهِ عُتبة حَتَّى جَلَسَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أَخِي، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ علمتَ مِنْ السِّطَة فيِ الْعَشِيرَةِ، وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ أَتَيْتَ قومَك بِأَمْرِ عَظِيمٍ فرَّقت بِهِ جَمَاعَتَهُمْ وسفهتَ بِهِ أحلامَهم وعِبتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ وكفَّرت بِهِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ، فَاسْمَعْ مِنِّي أعرضْ عَلَيْكَ أُمُورًا تَنْظُرُ فِيهَا لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنْهَا بَعْضَهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قُلْ يَا أبا الوليد، أسمع»، قال: يا ابنَ أَخِي، إنْ كنتَ تُرِيدُ بِمَا جئتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، حَتَّى لَا نَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلكًا مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رَئِيًّا تَرَاهُ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْ نفسِك، طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، وَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا حَتَّى نُبْرِئَك مِنْهُ، حَتَّى إذَا فَرَغَ عُتْبَةُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ قَالَ: «فَاسْمَعْ مِنِّي»؛ قَالَ: أَفْعَلُ. فَقَرأ عليه من سورةِ «فصِّلت»، وأمَّا عُتْبَةُ فقد أَنْصَتَ لَهَا، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خلفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ؛ ثمِ انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى السَّجْدَةِ مِنْهَا، فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك.
وأكد وكيل الأزهر أن هذه الواقعة يظهر ما فيها من سموٍّ أخلاقيٍّ وجمالٍ سلوكيٍّ وصفاءٍ قلبيٍّ ودعوةٍ إلى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ونتوقف عن هذه العباراتِ: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟»، «فَاسْمَعْ مِنِّي»، وأخيرًا قال له: «قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك». فأيُّ لغةٍ تلك الَّتي تصف هذا الجمال والجلال؟!
وتحدث فضيلته عما حوته هذه الواقعة في فنَّ الإصغاءِ، ذلك الفنُّ الَّذي لا يحسنُه كثيرٌ من الشَّبابِ، ولا يصبرُ عليه كثيرٌ من العقلاءِ، وإن أحسنه بعض النَّاسِ أدبًا فإنَّهم لا يحسنونه فنًّا، فالإصغاءُ أدبٌ وفنٌّ في آنٍ واحد، لافتا إلى أن عتبة تكلَّمَ وعرَّضَ بالتُّهمِ في سياقِ كلامِه عمَّا يعدُّه فرصةً طيِّبةً لصاحبِ الدَّعوةِ، وجمعَ كلَّ حُججِه وبراهينِه، وقدَّم بين يدَي عرضِه واقعًا مبالغًا فيه، في محاولةٍ تزييفٍ وإقناعٍ.
وعقَّب فضيلته بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قاله عتبة، فاستقبل صلى الله عليه وسلم كل هذا بالإنصات والإصغاء والاهتمام والإقبال، وهذا الأدب وهذه العناية وهذا الذَّوقَ حين يقولُ، وهو الرَّسولُ المؤيَّدُ بالوحيِ: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟»، «فَاسْمَعْ مِنِّي»؟ فهل نجدُ هذا الأدَب العظيمَ، والخلَق الكريمَ، في واقعِنا ومجالسِنا ومنتدياتِنا، واجتماعاتِنا العامَّةِ والخاصَّةِ؟!.
وناقش فضيلته أهمية الإصغاء في حياة كل الناس فقال إنَّ الطَّبيبَ لن يحسنَ تشخيصَ المرضِ إذا لم يحسن الاستماعَ إلى المريضِ، وإنَّ التَّاجرَ قد يخسرُ عملاءَه إذا لم يحسن الاستماعَ إلى وجهاتِ نظرِهم، وإنَّ المسئولَ قد لا يحسن توظيفَ قدراتِ موظَّفيه إذا لم يحسن اكتشافَ مواهبِهم، وأمَّا الدُّعاةُ والمصلحون الَّذين يحرصون على هدايةِ النَّاسِ، فهم أحوجُ ما يكون إلى فنِّ الإصغاءِ والاستماعِ.
ورأى وكيل الأزهر أن هذه اللِّقاءاتِ الَّتي تجمعُ الشَّبابَ، وتتيحُ الفرصةَ للاستماعِ منهم، والكلامِ إليهم ضرورةٌ؛ حتَّى يكونَ شبابُنا على معرفةٍ واعيةٍ بما يدورُ حولَهم في هذا العالمِ سريعِ التَّغيُّرِ، وأيضًا حتى نستفيدَ من رُؤيتهم، ونتفهَّمَ احتياجاتِهم، وخصوصًا تلك القضايا الحسَّاسةُ الَّتي يعملُ مرصدُ الأزهرِ الشَّريفِ على مواجهتِها، والَّتي تُعرضُ في هذا المنتدى من قِبَلِ متخصِّصين، آملين أن تَجِدَ الإشكالِّياتِ جوابًا معرفيًّا يَبُثُّ في النَّاسِ الأَمَلَ ويبعثُهم على الرُّقيِّ والحضارةِ، وهذا هو منهجُ الأزهرِ الشَّريفِ.
وبيَّن وكيل الأزهر أن الإسلامَ عقيدةٌ صافيةٌ تنيرُ قلبَ المؤمنِ، وشريعةٌ تنبضُ بما يُصلِحُ حالَ الإنسانِ في حياتِه ومعادِه، ومنظومةٌ أخلاقيَّةٌ ساميةٌ تُعطِّرُ حياةَ المجتمعِ؛ فيفوحُ منها أريجُ السَّلامِ والطُّمأنينةِ، ولقد ظلَّتِ الأمةُ الإسلاميَّةِ وشعوبُها المؤمنةُ في كلِّ بلدٍ وعصرٍ وجيلٍ متمسِّكةً بإسلامِها محافظةً على دينِها ومقدَّساتِها، معتزَّةً بقيمِها وأصالتِها عاملةً على اجتماعِ شملِها وكلمتِها واعيةً برسالتِها مقدَّرةً لمكانتِها الحضاريَّةِ بين الأممِ، فلم تنطفئ أنوارُ الإِيمانِ فيها، بل كانت الأمَّةُ الإسلاميَّةُ تتمتَّعُ دائمًا بعقولٍ مستنيرةٍ تدركُ النَّصَّ وتستوعبُ الواقعَ فتربطَ برباطٍ وثيقٍ بين الأصالةِ والمعاصرةِ، فتزدادَ الأمَّةُ إيمانًا ويقينًا بربِّها وتمسُّكًا بمبادئِ دينِها وأخلاقِه.
وحذر وكيل الأزهر الشباب من خطر المغرضين الذين يحاولون تقبيحَ الحسنِ، وتحسينَ القبيحِ، ويحاولون تشويهَ القدواتِ والإساءةَ إلى الرُّموزِ، ويحاولون تهوينَ الشَّرِّ في نفوسِكم حتَّى لا يكونَ لكم هويَّةٌ ثابتةٌ تعصمُكم وتحفظُكم، وكلنا وكل مسؤول أمين يدرك أنَّ المسئوليةَ الملقاةَ على عاتقِ مؤسَّساتِ الدِّينِ وعلمائِها كبيرةٌ في ضرورةِ قراءةِ واقعِ النَّاسِ وما فيه من تحدِّياتٍ في كلِّ مجالاتِ الحياةِ: سياسةً واقتصادًا واجتماعًا وتربيةً وغير ذلك، وضرورةِ تقديمِ خطابٍ موازٍ يقابلُ الخطابَ المنحرفَ، فيصونُ عقيدةَ النَّاسِ وإيمانَهم بربِّهم، ويحفظُ عليهم مقدَّراتِ مجتمعاتِهم، ويبقيهم آمنين مطمئنِّين.
وفي ختام كلمته، دعا وكيل الأزهر الجميع إلى التكاتف أفرادًا ومؤسَّساتٍ، شعوبًا وحكوماتٍ، أممًا ومجتمعاتٍ، كي نواجهَ هذا التَّيَّارَ الجارفَ الَّذي يُريدُ أن يَفقدَ أبناؤنا فيه هُويَّتَهم وأن يَتحلَّلوا مِن قيمِ دينِهم، وأن يتنكَّروا لمبادئهِ وقيمهِ وأخلاقهِ، وإنَّ ما يَتعرَّضُ له الشَّبابُ من استهدافٍ خطرٌ يوجبُ أن تُسخَّرَ كلُّ الإمكاناتِ لمواجهتهِ والقضاءِ عليهِ، لِمَا فيه من نتائجَ سلبيةٍ، وإنَّ واجبَ الوقتِ يحتمُ علينَا جميعًا أن نستمعَ للشَّبابِ قبل أن نتكلَّمَ معهم، فلديهم السُّؤالُ وعلينا الإجابةُ والتَّوجيهُ والنُّصحُ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.