قال الكاتب عبده الزراع، إن الحكاية الشعبية، من المأثورات التي لها وضع خاص في المجتمعات المصرية، وبالذات في المجتمع الريفى أو القروي، ممثلًا في عاداته وفنونه وخبراته اليومية والمتوارثة.. والبيت هو المكان الذى يكاد يكون ملتقًا رسميًا للحكي أو القص كما كان في الماضي القريب والبعيد، حينما كانت الحكاية هي الوسيلة الوحيدة التي تجمع الأسرة كل ليلة قبل النوم وبخاصة الأطفال والصبية، لقد كادت أن تكون الحكاية بمثابة المادة العلمية التي يتعلمها أو يتلقاها الأطفال وهم فى سن مبكرة والأم أو الجدة أو الأب هو المعلم والمدرس والمربى، والبيت هو المدرسة والمعهد والكلية والجامعة. وأضاف، لذلك تعتبر الحكاية الشعبية تأصيلًا حقيقىيًا للشخصية المصرية، لأن فيها مزاجه النفسى والفكرى والعقائدى، يبرز من خلالها عاداته وسلوكه التى اكتسبها من خبرة الآباء والأمهات نتيجة أفعال أجيال سابقة، امتدت إلى جيله الحالى، كما تقول الدكتورة فاطمة حسين فى كتابها "الشخصية المصرية" إن أبرز الصفات التى تتضح فى القصص الشعبى البطولة والشهامة والشجاعة والكرم والدفاع عن الوطن أو الجماعة وحماية الضعيف والمرأة، هذه الصفات التى أبرزتها الحكاية الشعبية، هى التى لمستها الجماعة الشعبية. وتابع قائلا إن الحكاية الشعبية تكاد أيضا أن تمثل كل طموحات ورغبات الراوى تأكيدًا على إبراز التشابه وتربيته وعشقه للأرض التي وجد نفسه يحيا عليها، ويطعم من خيراتها، ويشرب من مائها، وبالتالى اكتسب صفات هذا العشق والحب، فكانت فيه صفات الكرم والشهامة والشجاعة وحب الوطن والأرض والتدين حيث الإيمان المتعمق منذ القدم، وعرفها الإنسان منذ أن عرف الكلمة وسيلة للتواصل ونقل الخبرات لذلك لم يكن الحكى كاملا بلا هدف.. بل كان وسيلة للمعرفة والدرس والتثقيف، لذلك أطلق على الإنسان أنه "حيوان حكاء" يجيد السرد والحكي، يمارسه بشغف، ويتوارثه باعتباره ميراث الحضارة، والثقافات، وأحد أساليب تناقلها والحفاظ عليها. فالحكى كان للإنسان ومازال أداة المعرفة الوحيدة التى عرفها، ومن خلاله صاغ فكره الدينى والثقافى، والعلمي، واستطاع من خلاله أن يعبر عن الخبرات الحياتية، ويشكل من خلاله الوعى الإنسانى، وإدراك الحياة فهمها، وذلك من خلال ما ابتدعته عقليته من أشكال التعبير القولى، والتى عُرفت بالأدب الشعبى بدايةً من الأساطير ونهايةً بالنوادر.