* السيسي وأولاند ناقشا الملفات التجارية والأمنية بين القاهرة وباريس * أولاند: * استقرار مصر ضمان لاستقرار الشرق الأوسط * لابد من دعم مصر سياسياً واقتصاديا لمواجهة التنظيمات الإرهابية * يوسف بن علوي: مصر هي "العكاز" الذي تقف عليه الأمة العربية * زيارات الوفود الأجنبية تفتح آفاقًا استثمارية جديدة وتصحح صورة مصر تأتي زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند الحالية لمصر ومباحثاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتؤكد أن مصر باتت ساحة استراتيجية مهمة للمشاورات السياسية الإقليمية والدولية في خضم التجاذبات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. فقد تناولت المباحثات مسألة الأمن في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ملفات تجارية مهمة بين القاهرة وباريس، ويرافق أولاند وفد كبير يضم نحو 30 من رؤساء شركات فرنسية يشاركون في "منتدى الأعمال" المصري- الفرنسي، وتم توقيع عدة اتفاقات في قطاعات مختلفة، خصوصا في مجالات النقل والطاقة المتجددة والتدريب المهني. وأكد الرئيس الفرنسي أولاند أن استقرار مصر هو استقرار لمنطقة الشرق الأوسط برمتها، وأنه لابد من دعم مصر سياسيا واقتصاديا لمواجهة أخطار التنظيمات الإرهابية التي باتت المهدد الرئيس لاستقرار وأمن العالم. هذه الزيارة الفرنسية لم تكن سوى محطة من سلسلة محطات مهمة لنجاح السياسة الخارجية والدبلوماسية المصرية، عكستها زيارات مسئولين ووفود من دول أخري لمصر في الآونة الأخيرة، لعل أبرزها: أولاً: زيارة نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زيجمار جابريل إلى مصر، ومباحثاته التي استغرقت نحو ساعتين مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أكد أن مصر أخذت الطريق الصعب في التحول إلى الديمقراطية خطوة خطوة، وقال في مؤتمر صحفي :"أرى أن لديكم رئيسا مؤثرًا". ثانياً: زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للقاهرة، والتي حملت دلالات معينة، أهمها أنها دفعت في الاتجاه نحو تأسيس العلاقات بين القاهرة والرياض، كما أنه من المرجح أن تعزز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية من تسوية القضايا الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط، ويأتي في مقدمتها الأزمة السورية، والتي شهدت توافقاً مصريا سعوديا على مساندة الجهود الدولية الرامية لتسوية الأزمة السورية بما يحفظ وحدة الأراضي السورية ويصون كيان الدولة ومؤسساتها، ويدعم إرادة وخيارات الشعب السوري، ومنع تقسيمها على أسس مذهبية ومناطقية. ثالثا: زيارة الفريق أول لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأمريكية، ومباحثاته مع الرئيس السيسي بحضور الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أشاد خلالها بالنجاحات والخطوات الثابتة التي تخطوها مصر على صعيد التقدم السياسي والاقتصادي، منوهًا بأن الولاياتالمتحدة تعتبر مصر شريكًا رئيسيًا لها وتحرص على تعزيز علاقاتها الاستراتيجية معها. من جانبها، أكدت مصر اعتزازها بعلاقاتها الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة، في جميع الجوانب التي يُعد شقها العسكري مُكونًا رئيسيًا فيها يدفع بإيجابية نحو تعزيزها وتنميتها، موضحة أن الظروف التي تمر بها المنطقة تعد استثنائية وغير مسبوقة، وهو الأمر الذي يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي من أجل التغلب على مختلف التحديات. وفي تعبير بالغ الدلالة والأهمية، أكد أوستن أن مشاركة الرئيس في منتدى المنامة للحوار الذي استضافته العاصمة البحرينية في أكتوبر 2015، يعكس اهتمام مصر وحرصها على مستقبل المنطقة وإرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها. رابعا: اكتسبت زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، إلى القاهرة في الأسبوع الأول من أبريل الجاري، أهمية كبيرة، باعتبارها أول زيارة لرئيس موريتانيا إلى مصر منذ أكثر من أربعين عامًا. دلالات ورسائل مهمة تحمل هذه الزيارات إلى مصر وغيرها الكثير من الدلالات والرسائل، يأتي في مقدمتها أن مصر أصبحت قبلة المشاورات والمباحثات المهمة في الشرق الأوسط سواء المتعلق منها بالجانب الإقليمي، أو المتصل بالشأن الدولي، أو كليهما معا. تجسد هذه الحالة من الحراك السياسي، ثقل المكانة التي تتمتع بها مصر، ليس في الإقليم فحسب، إنما في بنية النظام الدولي، خاصة بالنظر إلى حالة السيولة السياسية وانفراط عقد الدولة في النظام الإقليمي العربي في الدول المجاورة في سوريا والعراق وليبيا واليمن ولبنان التي تعاني فراغا رئاسيا منذ فترة طويلة. ومن هنا باتت مصر هي "العكاز" الذي تقف عليه الأمة العربية، كما وصفها يوسف بن علوي، الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بسلطنة عُمان، ملخصا رؤية بلاده لمصر، في الكلمة التي ألقاها في أعمال اللجنة المصرية العمانية المشتركة العام الماضي، مشددا على أن مصر ستظل منارة الأزهر الشريف. وتعكس هذه الزيارات استقرار الأوضاع فى مصر واستعادتها لمكانتها إقليميا ودوليا، خاصة أن العديد من دول المنطقة تعانى من تطورات سلبية، ومن هذه الدول سوريا والعراق واليمن وليبيا، وتتزامن الزيارات مع تصاعد حدة التهديدات التي تواجهها دول منطقة الشرق الأوسط، سواء لجهة اتساع نطاق تدخلات بعض القوى الإقليمية في الشئون الداخلية للدول الأخرى، أو لجهة تزايد نشاط التنظيمات الإرهابية، التي تسعى إلى الانتقال لمناطق جديدة في المنطقة بعد الضربات التي تتعرض لها في سوريا والعراق، من قبل "التحالف الدولي" وبعص الأطراف الأخرى. وتتيح هذه الزيارات توثيق وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية مع دول العالم كما تفتح آفاقًا استثمارية جديدة، فضلاً عن أن زيارات الوفود الأجنبية لمصر، تعمل ليس على تصحيح صورة مصر لدى الغرب فقط، إنما تمنح هذه الوفود فرصة التعرف على التجربة الديمقراطية المصرية من خلال فتح باب لحوار مستمر بين البرلمان المصري والبرلمانات الأجنبية الأخرى.