الداعشية لم تعد تقتصر على سلوك العنف والإرهاب الذي يتسم به رجال ما عرف إعلاميا بالدولة الإسلامية، بل أصبحت فكر وأسلوب حياة انتشر بيننا بشكل أو بآخر وإن كانت أقل حدة وقسوة من داعشية الشام والعراق، لكنها لا تقل خطورة عنها بأي حال من الأحوال، خاصة أن الكثير منا يحمل نبته التطرف والتعصب - داخل تكوينه السيكولوجي والأيديولوجي - والتي إذا توفرت لها الظروف المناسبة لنمت وترعرعت وشقت طريقها إلى النور لتتشكل على هيئة أفعال وتصرفات داعشية، ولهذه النبتة إرهاصات بدأت تظهر بالفعل في الآونة الأخير على سطح الأحداث وأصبح لكل مجال ومهنة دواعش يدينون بدين المصلحة، عقيدتهم المنفعة ووطنهم المال والشهرة ومن أبرز هذه النماذج:- دواعش الإعلام:- يمثل دواعش الإعلام خطرا شديدا نظرا لامتلاكهم النافذة التي تهيئ لهم قدرة التأثير على الرأي العام، وتشكيل الوعي الجماهيري عن طريق لي عنق الحقيقة، ونشر الأكاذيب وترويج الشائعات والعبث بمقدرات الأوطان، وعدم مراعاة متطلبات الأمن القومي، دواعش الإعلام تخلوا عن مهنيتهم ومواثيق الشرف، ولم يعد هناك ثمة خط أحمر يلتزمون به، ولا يتورعون في توجيه سهام النقد الهدام للمؤسسات التي تعتبر بمثابة عمود خيمة الوطن بقصد التشكيك في مصدقتيها ونزاهتها. دواعش السياسة:- من الآكلين على جميع الموائد والمتلونين حسب ما تقتضيه المصلحة، فلا مبدأ ولا ضمير يجتمعون علي الإثم والعدوان وبيع الأوطان، ويسبحون بحمد الريال والدولار، يرتدون قناع الثورية تارة وتارة أخرى قناع الناصرية أو الاشتراكية وغيرها من المذاهب السياسية، ولا ضير لديهم في استبدال كامل جلودهم لتحقيق أطماعهم في المال والسلطة. دواعش النخبة:- خوارج الفكر والثقافة الذين يظنون أنفسهم امتلكوا الحقيقة المطلقة، يتعاملون بعنصرية مع الأخر ويتعصبون لآرائهم ولا يقبلون إلا بفرض وجهة نظرهم، لا يحترمون قانونا ولا نظاما، يثرثرون عبر الفضائيات ويغلفون سموم أفكارهم في بونبوناية سكر يتناولها القارئ عبر المقالات والتصريحات وصفحات التواصل الاجتماعي، وقد رأينا بعضهم وقد وصل به العمر أرذله ولا يزال يمارس هوايته في التنفيث عن أحقاده ضد الدولة ورئيسها ويتهم هذا وذاك بالفساد رغم أن فلذة كبده مطلوب على ذمة أكبر قضية فساد!! المجتمع المصري يعيش الظاهرة الداعشية والتي تحتاج قبل أن تستفحل إلى اجتثاثها والقضاء عليها عن طريق التوحد والاصطفاف خلف مصلحة مصر، والعمل على الخروج من شرنقة التطرف الفكري والسياسي إلى رحاب أوسع للحوار المجتمعي واحترام الحريات والبعد عن المغالاة في الرأي أو المعتقد، كما ينبغي أن نعلي صوت الضمير ونفعل القيم الإيجابية في حياتنا وليس هذا فحسب بل علينا جميعا مسئولية احترام القانون وأن تتخذ المعارضة من القنوات الشرعية سبيلا لتوصيل صوتها دون اللجوء للفوضى والتحريض أو استغلال الطبقات الفقيرة لتحقيق مآرب سلطوية.