في واقعة سياسية تبدو هي الأغرب، وتحمل العديد من علامات الاستفهام، قام حزب النور مؤخرًا بسحب عدد من مرشحيه في الانتخابات البرلمانية على مقاعد الفردي، بالإضافة إلى الاكتفاء بقائمتين بدلاً من أربع، الأمر الذي جاء مغايرًا لمنهجية الحزب ومرجعيته الدينية. وقال أشرف ثابت، نائب رئيس حزب النور، إن حزبه سيخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على جميع المقاعد، كما أشار ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية من قبل إلى أن حزب النور أصبح الحزب الأول في مصر حاليًّا، وأنه قادر على تحقيق الأغلبية في البرلمان المقبل، خاصة أن جميع قواعده بالمحافظات مستعدة لأي عملية انتخابية، قائلاً إن هناك حروبًا خفية لمنع النور من السيطرة على الانتخابات المقبلة، على حد قوله. وفي تطبيق سريع لتصريح برهامي بأن هناك حروبًا خفية لمنع النور من السيطرة على الانتخابات المقبلة، قام حزب النور بالمشاركة في تلك الحرب لمنع سيطرته علىالبرلمان، حيث أعلن دمج قائمتى الصعيد والدلتا فى قائمة واحدة وخوض الانتخابات بقائمتين بدلاً من أربع، لتفوز قائمة "في حب مصر" بالتزكية قبل بدء الانتخابات؛ نظرًا لأن الساحة الانتخابية أصبحت شاغرة في تلك المناطق بعد انسحاب النور. كما انسحب المرشح أبو زيد متولي فودة، أحد مرشحي حزب النور عن دائرة كفر الدوار، من سباق الانتخابات نهائيًّا، معللاً ذلك بأن خوضه الانتخابات البرلمانية سيشغله عن الدعوة، ولهذا السبب قرر الانسحاب من الانتخابات البرلمانية المقبلة. كما أعلن محمد العليمي، أمين لجنة العمل الجماهيري بأمانة حزب النور بالقليوبية، انسحابه من مارثون الانتخابات البرلمانية معللاً ذلك بما وصفه ب «المناخ غير المناسب». وبالأمس فقط أعلن حزب النور أمانة الوادي الجديد في بيان رسمي صادر من الحزب عن سحبه أحد مرشحي مركز الخارجة، بحيث يتم سحب أوراقه في فترة الطعون؛ لينافس الحزب على مقعد واحد فقط من أصل مقعدين في الدائرة. وفى آخر أيام فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية، أمس، أعلنت أمانة حزب النور فى البحر الأحمر عدم الدفع بمرشحين عن دوائر المحافظة. وبالنظر إلى سلسلة الانسحابات التي أعلن عنها حزب النور في الانتخابات، وتفضيله أن تكون تلك الدوائر مفرغة دون وجود منافسة من جانب تيار الإسلام السياسي الوحيد الذي يخوض الانتخابات أمام منافسيه، نجد أن الأمر منافٍ لعقيدة السلفيين التي وضعت في المقام الأول لتبرير دخولهم الحياة السياسية،حيث إن ياسر برهامي في 24 نوفمبر 2014، خلال مؤتمر جماهيري عقده حزب النور بالمنصورة قال "إن دخول المرأة السلفية البرلمان خير وأولى من دخول علمانى حقود يدعو إلى حرية الردة والزندقة، ويريد أن يفرض ديمقراطية الكفر والردة والزندقة، أو من يريد أن يفرض الليبرالية كما ينادى بها الغرب بلا ضوابط من الشرع". أما عن رد الحزب على الانسحابات، فقال محمد إبراهيم منصور، عضو المجلس الرئاسي للنور، إن الحزب يرى حتمية توسيع دائرة تحمل المسئولية؛ فقد كانت رؤية حزب النور أن الواجب على الإسلاميين حين شكلوا أغلبية البرلمان توسيع دائرة تحمل المسئولية؛ بحيث يشارك فيها القوى السياسية الوطنية والكفاءات من كل الاتجاهات. وأضاف أن الاستفادة من الكفاءات الوطنية وإشراكها في بناء الدولة يعطي رسالة واضحة بأن الإسلاميين ليسوا إقصائيين وأنهم جاذبون للكفاءات لا طاردون لها، خاصة وأن التركة ثقيلة لا يستطيع الإسلاميون تحملها وحدهم ولو كانوا مجتمعين، فكيف إذا انفرد فصيل منهم بذلك؟ موضحًا أن اتباع هذه السياسة يُشعِر الجميع بالانتماء وبدورهم في بناء دولتهم؛ مما يسهم في الإسراع بتحريك عجلة الإنتاج والتقدم بالبلاد. ومن جانبه قال محمود عباس، عضو الهيئة العلية لحزب النور سابقًا، إن ما قام به حزب النور من انسحابات وسحب للقوائم تحت تبرير أن مشاركتهم فى الانتخابات ليست من باب المغالبة ولكى يؤكد لنا فى تصريحاته أنه مختلف عن الإخوان الذين سعوا للسيطرة على البرلمان، ما هو إلا تمثيلية هابطة من حزب النور. وأضاف "عباس" أن سحب "النور" لقائمة شرق الدلتا فى اللحظات الأخيرة أدى إلى أنه لم يتبقَّ فى المنافسة إلا قائمة واحدة "فى حب مصر"؛ ليقفل باب الترشح، وتفوز القائمة بالتزكية؛ ليدخل أول 15 نائبًا للمجلس دون أى انتخابات، ونفاجأ بأن القائمة تضم عددًا من فلول نظام مبارك، وكأن حزب النور يريد أن يوصل رسالة: إما أنا أو الفلول. وتساءل عضو الهيئة العلية لحزب النور سابقًا: هل إنسحاب حزب النور للأسباب التى ذكرها، أم أن هناك صفقة تمت فى الخفاء للإفساح لقائمة "فى حب مصر"، خصوصًا أنها تحوى عددًا من رجال الأعمال أصحاب المليارات؟ وهل النور يتنازل عن 15 عضوًا كان يمكن له فى ظل منافسة قائمة واحدة أن يصل بهم إلى المجلس فى ظل ضعف فرص المنافسة فى الفردى؟ وأشار إلى أن هناك تساؤلات كثيرة أظهرها فوز قائمة بالتزكية بعد انسحاب قائمة حزب النور؛ مما يبين لنا أن الصفقات بدأت مبكرًا، وظهرت فى الأفق.