القرار التاريخي الذي اتخذه حزب الله في الموقف من الأوضاع السورية يمثل تعبيراً عن طليعية هذا الحزب وموقعه التاريخي المتقدم في حركة التحرر العربية التي تعيش أزمة ومخاضاً مصيرياً وهي تواجه فرزاً بين الوطنيين الحقيقيين والعروبيين الحقيقيين وبين المترهلين المتحللين من مسئولياتهم القومية والقابعين في علب الخطاب اللفظي والشعارات الفارغة. أولاً: إن ما تواجهه سوريا هو حرب استعمارية تقودها الولاياتالمتحدة وإسرائيل وغايتها الأبعد تصفية جميع مواقع المقاومة في الوطن العربي، باستعمال عصابات التكفير الإرهابية التي يدعمها الحلف الغربي التركي الخليجي واستهداف منظومة المقاومة هو المدخل الذي يراد منه إطلاق التصفية النهائية لقضية فلسطين وإقامة نظام عربي خاضع كليا للهيمنة الإسرائيلية ينفذ عبر جامعة حمد بن جاسم خطة توطين الفلسطينيين وتصفية حق العودة، ويرعى شبكات النفط والغاز والتجارة الإقليمية بناء على مركزية الدور الإسرائيلي وسيطرة الصهيونية العالمية على كل شاردة وواردة في الواقع العربي الاقتصادي والسياسي والأمني. ثانياً: إن هذا المخطط يجعل من المقاومة السورية التي يقودها الرئيس بشار الأسد دفاعاً عن وجود الأمة العربية ومستقبلها وهو ما يجعل الحزم في الوقوف إلى جانب سوريا بالأفعال لا بالأقوال تعبيراً عن وحدة المعركة وعن وحدة مسرح المواجهة مع المخطط الاستعماري، وهذا هو المبدأ الذي دفع قيادة حزب الله إلى اتخاذ قرارها الاستراتيجي الثوري الذي أملته موجبات التصدي لمخطط استهداف المقاومة في المنطقة والشراكة العضوية مع الدولة الوطنية السورية في إفشال جميع المشاريع الاستعمارية الصهيونية التي تحركت في المنطقة ردا على الانتصار الكبير للمقاومة في العام 2000 والذي كان بفضل الاحتضان والدعم الذي قدمته إيران وسوريا لشعب لبنان ولمقاومته بقيادة حزب الله. ثالثاً: على المستوى اللبناني والفلسطيني والأردني بصورة خاصة يمثل الانخراط في المقاومة السورية للعدوان الاستعماري أقل واجبات الالتزام الوطني والقومي، وعلى جميع الأطراف الوطنية والعروبية أن تتصرف وفقاً لما يمليه الواجب في هذه اللحظة المصيرية لأن انتصار سوريا سيكون إيذانا بانقلاب كبير في معادلات القوة الإقليمية والدولية وسيكون هزيمة لمشاريع التفتيت الاستعمارية الإسرائيلية، وتعبئة الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج على هذا الأساس هو المهمة الراهنة ولا مجال لقبول أي ذريعة يتلطى أصحابها خلف حجج واهية فقد سقط كل التضليل والدجل عن أزمة سورية داخلية قدمت الدولة الوطنية وقدم الرئيس بشار الأسد كل ما هو مطلوب في احتواءها ومعالجتها بالحوار وبالإصلاحات بينما التصميم الاستعماري على إدامة العنف ودعم عصابات الإرهاب وتصعيد التدخل الإسرائيلي والأجنبي والخليجي يكشف حقيقة ما يدور وهي حقيقة اكتشفتها غالبية الشعب السوري فحسمت خيارها خلف الرئيس الأسد والجيش العربي السوري. إن جميع القاعدين وخصوصا من القوميين والعلمانيين واليساريين المتخلفين عن ركب المقاومة سياسياً وإعلامياً ونضالياً والمتفرجين على مبادرة حزب الله الطليعية يواجهون ساعة الفرز الحقيقية التي ستحدد مواقعهم من تاريخ المنطقة ومن الصراع على هويتها ومن مستقبلها فالغد الذي يرتسم على الأرض السورية لن يجد فيه المتخاذلون لهم مكانا.