«مرتبات المدرسين من أفضل الأجور في الدولة»، كانت هذه هي الجملة التي رددها رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال، تزامنًا مع إقرار قانون يقضي بزيادة رواتب الوزراء والمحافظين ومعاشاتهم بما يطابق الحد الأقصى للأجور، لتثير جدلًا واسعًا وصخبًا كبيرا من قبل المدرسين. وخلال الجلسة العاملة لمناقشة مشروع تعديل قانون زيادة رواتب السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم 45 لسنة 1982، والذي سيتم تطبيقه بأثر رجعي ليونيو 2015، جاء تصريح عبد العال، بشأن رواتب المدرسين تعقيبًا على حديث النائب هيثم الحريري، بأن المدرس يتقاضى بعد مرور 28 عامًا على بداية عمله 2500 جنيه، ليرد رئيس المجلس بأن زيادات أجور الموظفين بموازنة الدولة في السنوات الأخيرة، لم تحدث في تاريخ مصر. في الجلسة نفسها وافق مجلس النواب، نهائيا على مشروع قانون بتعديل القانون رقم 100 لسنة 1987 بشأن تحديد مرتبات نائب رئيس الجمهورية ورئيسي الوزراء ومجلس الشعب والوزراء، والذي يقر زيادة رواتب الوزراء ومعاشاتهم، اعتمادًا على الحد الأقصى للأجور، الممثل ب35 ضعف الحد الأدنى، بمبلغ 42 ألف جنيهًا. رئيس مجلس النواب لم يذكر أن آلاف المعلمين العاملين بالإدارات والمديريات التعليمية منذ أكثر من 4 سنوات، لا زالوا يتقاضون 50 جنيهًا؛ بحجة عدم تخصيص ميزانية تعتمد تثبيتهم أو نقلهم على بند 2/3 –عقد مؤقت، إلى جانب آلاف المعلمين العاملين بعقود مؤقتة مازالوا يتقاضون رواتب من 120 إلى 370 جنيهًا، في حين يتقاضى المثبتون حديثًا مبلغ 1140 جنيهًا –تحت الأدنى- وذلك بعد خصومات تندرج تحت بنود تأمينات الصحة والمعاش. ففي محافظة الغربية يعمل 7 آلاف معلم منذ عام 2011 بنظام المكافأة الشاملة، بعد أن تم تحرير عقود مميزة لهم لمدة 3 سنوات، ثم صدر لهم في 20/10/2016 من الوزير قرار تعيين رقم 354 وقرار رقم 355، إلا أنهم لم يحصلوا على الدرجة المالية الخاصة بهم، رغم موافقة محافظ الغربية على منح الدرجات. وفي محافظة المنيا يعمل قرابة 3 آلاف معلم بنظام عقد ال50 جنيهًا، ولم يتم نقلهم إلى العقود المؤقتة أو بند 2/3، تمهيدًا لتثبيتهم، رغم مرور 4 سنوات على عملهم، إضافة إلى عمل أكثر من 6 آلاف معلم بنظام العقد الشامل، منذ عام 2013، ولم يتم تثبيتهم أيضًا. في الوقت نفسه لم يتجاوز راتب المثبتين مجددا 1140 جنيهًا، ليندرج بذلك تحت مستوى الحد الأدنى للأجور، والمقرر بمبلغ 1200 جنيهًا، في حين يتقاضى قدامى المعلمين ممن مر على بداية عملهم أكثر من 30 عامًا مرتبات لا تتعدى مبلغ 3 آلاف جنيهًا، وقال مدير مدرسة تله الإعدادية بنين بمركز المنيا ل"البديل" إن راتب المعلم في آخر عام دراسي يسبق خروجه على المعاش لا يتجاوز 4 آلاف جنيهًا، إلا في حالة وحيدة وهي توليه إدارة المدرسة وهنا يصل إلى 5 آلاف جنيهًا. الأوضاع المادية المتدنية للمعلمين يمكن كشفها عند ربط الراتب كدخل شهري والمصروف منه على العملية التعليمية ذاتها، ويتضح ذلك كما أشار مدير "تله الإعدادية" بأن غالبية المعلمين يعملون داخل قرى ومراكز تبعد أماكن سكنهم، ومع ارتفاع تعريفة وسائل المواصلات، يضطر المعلمون لإنفاق ما يقارب نصف رواتبهم، كما أن المعلمات خصيصًا ينفقن أكثر، وضرب المثل بمعلمة تنتقل يوميًا من قرية "تله" إلى قرية "طهنشا" والتي تضطر لاستقلال وسيلة مواصلات تنقلها إلى مدينة المنيا، بعدها إلى "طهنشا"، لعدم وجود وسيلة مباشرة، كما أنها تضطر لاستقلال "توك توك" يقلها من موقف القرية إلى مدرستها.