لعب المال دورًا كبيرًا في كتابة تاريخ بعض الأندية، التي كان أقصى أمانيها التواجد ضمن المربع الذهبي في الدوريات المحلية والمشاركة في البطولات القارية؛ للوصول إلى عشاق اللعبة حول العالم، وعلى رأس تلك الأندية فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، فلم يكن يعلم الكثير في وطننا العربي عن النادي الباريسي شىئًا قبل عام 2011، حتى قرر جهاز قطر للاستثمار شراء النادي الفرنسي، فجعله قوة لا يستهان بها في فرنسا خلال سنوات قليلة. تأسس فريق العاصمة الفرنسية في 12 أغسطس 1970 بعد دمج كل من نادي باريس الذي تأسس في عام 1969 ونادي استاد سان جيرمانوا الذي تأسس في عام 1904، يقع مقره في مدينة باريس، ووصل الفريق للدوري الممتاز بعد 4 أعوام من تأسيسه، ومنذ 1970 وحتى قدوم القطري ناصر الخليفي، ليتولي رئاسة النادي، لم يفز باريس سان جيرمان ببطولة الدوري إلا في مناسبتين فقط، الأولى عام 1986، والثانية في عام 1994. وحقق النادي الفرنسي مع القطري ناصر الخليفي، خلال 7 سنوات، ما لم يحققه الفريق طوال ال40 عامًا، التي سبقت قدوم الخليفي وجهاز قطر للاستثمار لشرائه. عامان فقط احتاج إليهما النادي الباريسي من أجل حصد الثمار، ملايين الدولارت أنفقها رجل الأعمال القطري من أجل فرض كلمته وهيمنته على الكرة الفرنسية والتواجد على خريطة كرة القدم العالمية. بطولتا دوري فقط فقدهما باريس سان جيرمان منذ قدوم رجل الأعمال الثري لرئاسته، حيث توج بالدوري الفرنسي الممتاز لكرة القدم، نسخ 2013، 2014، 2015، 2016، وأخيرًا 2018 ليتوج الفريق بلقبه السابع في تاريخه، وحقق أمس باريس سان جيرمان انتصارًا كبيرًا على نظيره موناكو، بنتيجة 7/1، في المباراة التي جمعتهما على ملعب «حديقة الأمراء»، ضمن منافسات الجولة 33، ليتوج رسميًّا باللقب قبل نهاية المسابقة بخمسة أسابيع. ما حدث للفريق أثبت أن المال قادر على صناعة أندية وكتابة تاريخ لها، ولكن محليًّا فقط، حيث فشلت مخططات الرجل القطري حتى الآن في الوصول لمبتغاه الأكبر، وهو التتويج بدوري أبطال أوروبا، البطولة التي أثبتت أن الأندية التاريخية مهما احتاجت للمال يظل اسمها وتاريخها قادرين على صناعة المجد الأوروبي، وأن المال قادر على صناعة مجد محلي فقط. أنفق باريس سان جيرمان، خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية على صفقتي البرازيلي نيمار دا سيلفا والفرنسي كيليان مبابي، أكثر من 400 مليون يورو، من أجل تحقيق حلمه بالظفر بالأميرة الأوروبية، والنتيجة الخروج من دور ال16 بدوري الأبطال، في المقابل تأهلت أندية تمتلك من التاريخ ما يكفي لكتابة مؤلفات وكتب، ولكنها تفتقد للمال، مثل ليفربول الذي يجد نفسه مضطرًّا لبيع نجومه من أجل المال، ونفس الحال ينطبق على فريق روما الإيطالي الذي سطر ملحمة تاريخية أمام نجوم برشلونة، وتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. لا يختلف الأمر كثيرًا عن مانشستر سيتي الإنجليزي، ولكن يرجع تأسيس النادي الإنجليزي إلى عام 1880، وعلى الرغم من ذلك فإن تاريخه المحلي لم يتخطَّ حاجز البطولتين، حيث توج السيتيزين، قبل شرائه في أغسطس 2008 من قبل مجموعة أبوظبي الاتحاد للتنمية والاستثمار، ببطولتين في 1937 و1968، ورغم وجود العديد من الأندية التي تمتلك المال والتاريخ في إنجلترا مهد كرة القدم، إلا أن أموال الخليج جلبت للنادي 3 بطولات دوري، الأولى في عام 2012، والثانية في عام 2014، وأخيرًا 2018، البطولة التي توج بها الفريق رسميًّا قبل نهاية المسابقة بخمس جولات، وهي البطولة الخامسة في تاريخ الفريق الإنجليزي. ورغم الأموال الكبيرة التي أنفقت على الصفقات خلال السنوات الماضية، ورغبة إدارة النادي الإماراتية في كتابة تاريخ أوروبي، ودفعها ذلك إلى تغيير العديد من المدربين للوصول لمبتغاها، إلا أن الفريق دائمًا ما يفشل في الوصول بعيدًا والمنافسة على الأميرة الأوروبية، وبعدما كان السيتي أبرز المرشحين للظفر باللقب هذا الموسم، ودع المسابقة من الدور ربع النهائي، وأثبتت الأندية العريقة أن التاريخ وحده قادر على صناعة الأمجاد الأوروبية، بعدما تأهل روما وليفربول إلى جانب ريال مدريد وبايرن ميونيخ الكبيرين، اللذين يمتلكان التاريخ والمال.